1
**الفصل الأول**
طق، طق.
أحدثت الكعب العالي صوتاً حاداً وهي تخطو فوق أرضية الرخام المصقولة. المرأة ذات الحذاء الأبيض كانت تملك من الجمال ما يجعل عشرة من أصل كل عشرة عابرين يلتفتون إليها.
عيناها حمراوان كالياقوت تلمع تحت ضوء الشمس، وشعرها الأشقر الأبيض خفيف كخيوط الحرير يتماوج في الهواء. ذقنها الرقيق، وعيناها التي تنحدر زاويتهما بأسى، ورموشها المرتعشة كريش طائر – كل ذلك شكّل ملامح جمالٍ آسر.
خلفها، كان يتبعها رجل يبدو من موظفي الفندق، وعلى وجهه علامات التوتر.
“هاه…”
أطلقت تنهيدة مرتجفة وهي تقف أمام باب الغرفة، بنبرة تختلف تمامًا عن خطواتها الحازمة على الرخام.
رموشها المرتجفة انسدلت قليلاً وهي ترفع يدها نحو الباب، ثم، وكأنها لا تقوى على فعل ذلك، أعادت يدها إلى صدرها وقبضت عليها.
عيناها كانت تحدق كأنها تتخيل ما سترى عند فتح الباب، ولكنها اختبأت سريعًا خلف جفنيها المرتجفين.
ولأن الردهة كانت ساكنة، فقد بدأت أصوات خافتة تتسلل من داخل الغرفة وتداعب سمعها.
“آه، جايس…”
“روينا… يا لكِ من…”
أصوات شهوانية، تكاد تشعر بدفء أنفاسها، مليئة بالشغف.
من الواضح أن من في الداخل لم يدركوا وجود أحد خارج الباب، وكانوا منغمسين في شهواتهم.
فتحت عيناها فجأة، يكاد الصدمة تتجسد فيهما، وشعاع أحمر كالياقوت يلمع فيهما.
عضّت شفتيها السفلى بوجهٍ على وشك البكاء، وقالت لموظف الفندق بصوت مرتعش مبلل:
“افتح الباب، أرجوك…”
نظر إليها الموظف بحزن، ثم أخرج المفتاح من خصره، وفتح القفل.
وما إن فُتح القفل، حتى دفعت الباب دفعة واحدة بكل قوتها.
**دوي!**
اصطدم الباب بالحائط، وصدر صوت مرتفع.
داخل الغرفة، التفت رجل وامرأة مذعورين نحو الباب. كانت المرأة عارية، والرجل شبه عارٍ، تجمّد كلٌّ منهما مكانه عند رؤية من دخلت عليهم.
“أنتِ… كيف…؟”
قالتها المرأة الأخرى وقد ارتجف صوتها.
أما الرجل – جايس – فاندفع قائلاً:
“ح-حبيبتي! هذا ليس ما تظنينه…!”
أسرع يجمع ثيابه ويقوم عن السرير، لكن المشهد كان واضحًا، لا مجال للإنكار.
مئة وردة حمراء موضوعة على الطاولة تخبرك بمدى شغفهم، والرائحة العطرة المنتشرة في المكان تنبئ بعمق مشاعرهم.
“أه…!”
انهمرت الدموع من عينيها الحمراء، وأدارت وجهها راكضة مبتعدة عن ذلك المشهد الذي لم تعد تحتمل رؤيته.
“حبيبتي…!”
ناداها جايس من خلفها، لكنها لم تتوقف.
تعثر خلفها وهو يحاول ارتداء سرواله، بينما كانت تهرع خارجة من الردهة، نازلة الدرج مسرعة.
“كيف استطعت أن تفعل بي هذا؟!”
انحدرت دمعة على خدها الأبيض.
توجهت أنظار بعض نزلاء الفندق إليها عند سماع صرختها، وارتسمت على وجوههم نظرة شفقة وكأنهم يقولون: “ليس مجددًا…”
“أه… هه…”
بوجه مبلل بالدموع، توجهت إلى مكتب الاستقبال في بهو الفندق، وأخرجت منديلاً تمسح به دموعها وقالت بصوت مختنق:
“…أعطني بطاقة حجز الغرفة 706.”
“نعم، سيدتي فيرداندي.”
أجابها الموظف بعينين مشفقتين وهو يناولها البطاقة.
كانت البطاقة تُستخدم في فنادق الإمبراطورية، وتُبيّن اسم صاحب الحجز.
“كوني قوية هذه المرة أيضًا…”
كانت هذه المعلومات تعتبر من الخصوصيات، لكن العلاقة الزوجية تخترق الحواجز.
إذا كان زوجها قد حجز الغرفة باسمه، فستكون هذه البطاقة دليلاً دامغًا في المحكمة على خيانته.
لذلك ناولها الموظف البطاقة دون تردد.
أمسكت البطاقة بيد مرتجفة، وخرجت من الفندق دون أن تفكر في مسح دموعها.
أما الموظف، فقد نظر إلى الدرج بنظرة خاطفة.
جايس، زوجها، لم يظهر.
ربما يشعر بالخزي من الظهور بعد هذا كله.
“كم مرة تكرر هذا؟”
“الرابعة…”
همس موظفو الفندق لبعضهم.
الواقع أن اسمها كان معروفًا في أرجاء الإمبراطورية – ولكن ليس بالمعنى الجيد.
وجهها جميل، قلبها نقي، لكنها كانت مشؤومة في زواجها.
كانت هذه المرة الرابعة التي يُضبط فيها زوجها وهو يخونها.
وهذا يعني:
“السيدة… لا، الليدي آيريس، على وشك خوض طلاقها الرابع.”
“لابد أن إله الحب يكرهها بشدة…”
تلاشت همسات الموظفين في البعيد، بينما صعدت آيريس إلى عربة تنتظرها بوجه مبلل بالدموع.
وانطلقت العربة بسرعة، وكأنها تشعر باضطراب قلبها.
—
**دق! دق! دق!**
كان الحكم في المحكمة متوقعًا:
الطرف المخطئ – جايس فيرداندي.
الخيانة – مؤكدة.
رفع القاضي مطرقته، وأصدر الحكم لصالح آيريس:
“يحكم على جايس فيرداندي بدفع تعويض مالي قدره 100 مليون غولد لطليقته آيريس فيرداندي.”
أخيرًا، حصلت على ما تريد.
“حبيبتي! أعطني فرصة أخيرة، أرجوك!”
“أنت تخرق النظام، الرجاء مغادرة القاعة!”
صرخ جايس وراءها، لكن الحراس منعوه من الاقتراب.
خرجت آيريس من المحكمة، ووجهها الحزين لا يزال مبللاً بالدموع.
**طق، طق.**
رغم أن خطواتها بدت مرهقة، إلا أنها تابعت سيرها بثبات.
وما إن اختفى الناس من حولها، حتى…
**نق، نق. نق.**
بدأت تمشي بخفة، كأنها ترقص في ضوء الشمس.
كانت قد ساعدت زوجها والبارونة – التي أصبحت صديقتها مؤخرًا – على تمضية الوقت معًا “عن طريق الصدفة”.
عرفت أن لديهما نفس الاهتمامات، فأهدتهما تذاكر الأوبرا التي كان من المفترض أن تذهب معها، فقط “بدافع النية الطيبة”.
أما إرسال الورود الحمراء باسم زوجها إلى البارونة؟
فقط “مقلب بسيط”.
“في النهاية، هما من وقعا في الغرام، أليس كذلك؟”
ومع المفتاح الذي وجده كل منهما في الرسالة، توجها إلى الفندق دون تردد.
غرفة مُعَدّة مسبقًا، مئة وردة، شموع معطرة، كل شيء كان مثالياً…
وكأن الأجواء دفعتهم إلى حلم حلو – قبل أن تظهر آيريس فجأة.
ركبت العربة التي كانت تنتظرها بالقرب من المحكمة.
كان هناك رجل يجلس بداخلها بالفعل، شعره أحمر، عينيه حادتان، وندبة كبيرة على خده – مظهره لم يكن يوحي بشيء سوى الخطر.
“ما نتيجة الحكم؟”
سأل الرجل بنبرة باردة.
أخرجت آيريس البطاقة التي كُتب عليها اسم صاحب الحجز، ولم تكن قد قدمتها للمحكمة.
والسبب؟
لأن الاسم عليها كان:
**آيريس فيرداندي.**
“ما النتيجة برأيك؟”
قالتها بابتسامة ترتسم ببطء على شفتيها التي كانت قبل قليل ترتجف من البكاء.
ملامحها الجميلة اتخذت هيئة ساخرة فجأة.
“كما هو دائمًا – حسب الخطة.”
“أنتِ شيطانة بحق.”
“وأنت، دائن حقير، لا يحق لك الكلام.”
مزقت البطاقة وألقتها من نافذة العربة، ثم ضحكت بصوت مرتفع.
آيريس فيرداندي.
الكونتيسة السابقة، والمطلقة حديثًا من الكونت جايس فيرداندي.
“ليست المبلغ المثالي، لكن على الأقل سأتمكن من سداد نصف ديوني.”
كانت محترفة في الطلاق – هذه رابع مرة.
ربما حين تُكشف حقيقتها سيصفها الناس بأنها شريرة العصر.
لكن…
من يعرف الحقيقة؟ لا أحد.
مرحبًا، أنا آيريس.
موهبتي: الطلاق.
ما أجيده؟ أن أُخدع في الحب.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"