بعد أن فرغت من غسل وجهها وتنظيف أسنانها، عادت غوي تينغ يوي إلى سريرها واستلقت فوقه. أخذت عيناها تتعلقان بسقف الغرفة فيما ذهنها ينساب بهدوء، كأنها تطفو في كتلةٍ واسعة من حلوى المارشميلو الناعمة؛ قوامها وثير، وحلاوتها الوردية تلتفّ حولها برفق، كغلالةٍ خفيفة تعزلها عن العالم.
ارتفعت زوايا شفتيها ثم استقرت، وتكرر هذا صعودًا وهبوطًا، إلى أن استسلمت أخيرًا، وأرسلت رسالة إلى تشن شي:
“هل وصلت إلى البيت؟”
جاء الرد سريعًا:
“أنتِ تسألين للمرة الثانية.”
ابتسمت بخفة، تعود إلى سجل المحادثة:
“آه، نسيت.”
سألت بعد ذلك:
“هل استحممت؟”
ردّ:
“نعم.”
ثم أضاف:
“وأنتِ؟”
أجابت:
“استحممت.”
ثم بدأت تشتكي:
“عندما عانقتني كنت متعرّقًا بالكامل، عدتُ للبيت مباشرة واستحممت.”
ضحك تشن شي قليلًا:
“إذًا العناق عملٌ شاق بدنيًا أيضًا.”
احمرّت وجنتاها قليلاً:
“نعم، ربما سأشعر بآلام في الظهر والخصر غدًا صباحًا.”
قال:
“هل هو بهذا المبالغ فيه؟”
ابتسمت ابتسامة عريضة لدرجة أن وجهها كاد يجمّد:
“نعم.”
ثم هدأت ابتسامتها فجأة، بعدما جاءتها رسالة الشكر المفاجئ:
“غوي تينغ يوي، شكرًا لك.”
حدّقت في الشاشة، وملأت عينيها الدفء:
“لماذا فجأة تشكرني؟”
أجاب:
“الكثير.”
لم يوضح كل التفاصيل، لكن شعرت بأنها وصلت إلى جوهر هذا “الكثير”.
ثم أضاف:
“خصوصًا شخصًا مثلك.”
أمسكت هاتفها:
“ماذا بي؟”
ردّ:
“شخص هش بطبعه.”
رمشت عيناها بخفة، وقالت مازحة:
“كذلك نحن إذًا~”
ثم احمرّت أذناها خجلًا:
“لكن… اليوم فجأة احتضنتني، كانت مفاجأة كبيرة جدًا بالنسبة لي.”
قال:
“أنا أيضًا فوجئت.”
تساءلت:
“؟؟؟”
تجاهل علامات الاستفهام المتكررة، وقال:
“في الواقع، كل ما حدث الليلة كان مفاجئًا.”
كتبت بغضب:
“هل ستنكر ذلك الآن؟”
سأل:
“أخبرتك بذلك؟”
أشارت:
“أنت تقصد هذا.”
قال:
“ماذا أقصد؟”
خدشت جبينها بخفة:
“الخطوة التالية كانت لتقول: غوي تينغ يوي، هذا مجرد عناق لطيف من معجب لأيقونته المحطمة القلب، لا تفكري كثيرًا.”
قال:
“شكرًا، حفظت عناء التفكير.”
جلست على السرير، وكتبت بأسلوب تهديدي:
“أنت تجرؤ!”
فما كان منه إلا أن بدأ بنفس البداية مرة أخرى:
“غوي تينغ يوي…”
ارتبكت، وقالت بسرعة:
“أطفأت هاتفي، قطعت الاتصال، سقطت من الشبكة، الواي فاي معيطل.”
لكن جمله لم تكن كما توقعت، بل قال:
“أنت قلتِ سابقًا إنك من معجبات العاشقات، أليس كذلك؟”
شعرت بموجة واضحة من الحلاوة، وجلست في مكانها، ملامسًا جبينها ركبتها، تتظاهر بالحياء:
“ربما قلت… لا أتذكر بالضبط.”
ثم اقتبس رسالة قديمة، وأضاف:
“ماذا لو أزلنا معجبة؟”
ارتعشت، وقامت فجأة ثم جلست مرة أخرى بصوت داخلي متحمس. لو لم يكن الليل متأخرًا وكان أحد في المنزل، لصرخت بصوت عالٍ ثلاثمائة مرة، عوضًا عن ذلك حولت السرير إلى كيس مصارعة.
ضحكت حتى كادت تمزق وجهها، ولكن تظاهرت بالوقار:
“يمكنني مشاركة أغنية ‘حلم المجنون’؟”
هذه المرة جاء الرده كتهديد:
“أنصحك بعدم ذلك.”
رفضت الانصياع:
“لقد بحثت عنها في قائمة الأغاني.”
صمت في المحادثة.
ضحك تشن شي بغير حيلة، وكأن هذه هي المرّة الثانية التي يُردّ إليه فيها ذلك الكاراميلُ الرِّقائقي الذي يُثير في الرأس حكةً لطيفة.
انتظر بصبرٍ نادر، وبعد دقيقة أرسلت رسالة تحتوي على أغنية…
لكنها لم تكن “حلم المجنون”، بل كانت:
أغنية “أنا مستعد” لـ “وانغ في”.
ضحك بخفة، وفتح الأغنية لتكون خلفية المحادثة القادمة.
على الرغم من لحنها الحالم، ضحك بخفة وهو يعلق:
“أغنية حزينة.”
اعترضت:
“غيرها.”
أرسلت هي:
[Girlfriend – Avril Lavigne]
قالت:
“من الليلة ستكون هذه هي الأغنية الرسمية لعلاقتنا.”
“موافق.”
وقال من القلب:
” الأغنية رائعة.”
وافقت:
“رائعة حقًا.”
ثم، بشكل عفوي، سأل:
“هل نخرج غدًا؟”
أمسكت الهاتف كأنها تمسك بآيس كريم بنكهة الفراولة:
“إلى أين؟”
قال:
“لنستمع لعروض مباشرة.”
أرسل صورة للشاشة:
“تحققت، فرقة سالتي لديها عرض غدًا.”
فتحت الصورة، وتسارع قلبها:
“لم أذهب مطلقًا إلى قاعة عروض مباشرة.”
قال:
“إذن يجب أن نذهب، فهي أقرب مكان للموسيقى.”
ابتسمت:
“حسنًا.”
نظر للوقت:
“متأخر جدًا، حان وقت النوم.”
قالت:
“حسنًا.”
ثم وضع الهاتف جانبًا، وما زالت غوي تينغ يوي عائمة في شعور شبه خيالي، كأنها على سطح بحيرة وردية تحت ضوء الغروب.
استلقت تدور ذهابًا وإيابًا، غير قادرة على النوم، وأمسكت الهاتف لتتأكد مرة أخرى:
“لقد أصبحنا حبيبين رسميين، صحيح؟”
أجاب:
“نعم.”
أضاءت ابتسامة على وجهها:
“قال تشن شي نعم، إذن الأمر رسمي.”
ضحك تشن شي من روح الدعابة الباردة لحبيبته.
فرحت جدًا، وابتسمت بفخر:
“لدي حبيب الآن… يا له من شعور!”
وفجأة خطر لها شيء كبير لتفعله…
بعد لحظة صمت، كان هناك شعور متبادل غامض، دفع تشن شي للنهوض، وفتح نافذته دون تردد.
في ظلام الغسق، توقفت الفتاة على شرفة المبنى المقابل فجأة.
توقفت لثوانٍ، ومدت يديها، كأنها تعبر عن الدهشة والامتعاض.
ابتسم”تشن شي، وأضاء كل أنوار غرفته، ثم عاد إلى مكانه.
أما غوي تينغ يوي، فكما في المرة السابقة، أشعلت ضوء الهاتف بأقصى سطوع، وهي تلوّح بالهاتف.
تبادلا النظر طويلاً.
في بحر الليل، كانت نافذته كمنارة، وهاتفها كنجمة في السماء، لم يعد العالم جزيرة منعزلة، بل كان دافئًا وهادئًا.
التعليقات لهذا الفصل " 17"