“يا لورد!”
كان صوت الشرطي ينادي إيفان من الخلف وهو يركض خلفه، لكن إيفان دخل القصر بسرعة لم يستطع أحد اللحاق بها، واتجه مباشرة نحو القبو.
باب القبو كان مفتوحًا، وأمام مدخله يقف عدد من رجال الشرطة يتبادلون البلاغات عبر أجهزة اللاسلكي، في مشهد ينبئ بأن كارثة قد وقعت.
أخذ إيفان نفسًا عميقًا. الهواء كان مشبعًا برائحة الدم.
وما إن دخل حتى تجمّد في مكانه.
المشهد أمامه كان مروعًا بما لا يوصف.
والده أورلاندو كان ملقى على الأرض، مصابًا برصاصة في رأسه. والدته، إليزابيث، أصيبت في صدرها ورأسها. ليديا، كذلك، كانت مصابة في صدرها، وقد تجمدت أجسادهم جميعًا بلا حياة.
الأرضية كانت مغطاة ببقع دم متناثرة بوحشية، مشهد مريع وفوضوي.
رغم رؤيته لهذا بأم عينه، لم يستطع إيفان أن يصدق ما حدث. لكنه لم يرتجف، لا قلبه ولا يده اهتزّا.
بل كان متماسكًا إلى حدٍّ مرعب.
ذلك الإحساس البارد الذي اعتاد عليه في ميادين القتال عاد ليسري في دمه من جديد.
دار بنظره نحو أحد رجال الشرطة القريبين، وقال بنبرة باردة حادة:
“قل لي كل ما تعرفه عن هذه الجريمة.”
تردد الشرطي قليلًا، متفاجئًا من هدوء إيفان المخيف، ثم استجمع نفسه وقال:
“أول من اكتشف الحادث هو كبير الخدم، السيد ديبيلو هاينر. نُقدّر وقت الوفاة قبل ساعة تقريبًا. السلاح المستخدم يُعتقد أنه مسدس مزوّد بكاتم صوت. لم نجد أي آثار اقتحام خارجي، أما الزائر الوحيد اليوم فكان…”
“من؟” قاطعه إيفان.
“اسمه برامس لوميير.”
في تلك اللحظة، تصلب وجه إيفان بوضوح. الشرطي كان يتوقع هذا الردّ، فأكمل دون توقف:
“بعد مغادرة برامس لوميير، اختفى السيد أورلاندو، السيدة إليزابيث، والآنسة ليديا من القصر، وتم العثور على جثثهم بعد وقت قصير في هذا القبو.”
مرر إيفان يده على جبهته، ثم سأل بصوت حاد:
“أين هو الآن؟”
“نحن نبحث عنه.”
في هذه الأثناء، كان إيفان يتأمل الأرضية الملطخة بالدماء، عابس الوجه. لم تكن هناك أي علامات تدل على وجود مقاومة. ما يعني…
وقبل أن يكمل تفكيره، اندفع أحد رجال الشرطة إلى القبو صارخًا:
“ألقينا القبض على برامس لوميير في الغابة قبل لحظات!”
✦✦✦
كان المفتش هانسنت في طريقه إلى قصر براكسيتَر داخل سيارة الشرطة، وبجانبه في المقعد الخلفي كانت جولييتا، منهارة تمامًا.
كان يراقبها عبر المرآة، وقد بدت شاردة كليًا، تهمس لنفسها كلمات غير مفهومة.
“لي… ليديا…”
كانت تكرر اسم ليديا، إحدى الضحايا التي قُتلت بالرصاص. ومنذ أن علمت بالأمر وهي على هذه الحال.
تنهد هانسنت بهدوء. لم يكن من السهل استيعاب أن تلك العائلة العريقة، آل هارتفيلد، انتهت بهذه الطريقة المأساوية.
لكن ما أزعجه أكثر، أن المتهم الرئيسي في الجريمة هو والد خطيبة إيفان… برامس لوميير.
تم إلقاء القبض عليه بالقرب من الغابة. عندما داهمه رجال الشرطة، قاومهم، ثم أنكر معرفته بأي شيء عن الحادثة، مدعيًا أنه لم يلمس أحدًا من عائلة هارتفيلد.
في البداية، ظن هانسنت أن برامس يتظاهر بالبراءة بدهاء، ليبعد الشبهة عنه. لكنه أكد مرارًا أنه جاء فقط ليأخذ ابنته من براكسيتَر، وأنه لا علاقة له بالحادثة.
وضع المحققون أيضًا كبير الخدم ديبيلو وبعض العاملين في القصر في دائرة الاشتباه، لكن جميعهم كانوا في اجتماع جماعي وقت الجريمة، ولديهم دليل يؤكد غيابهم.
في المقابل، لم يكن لدى برامس أي دليل يثبت براءته.
الأدهى، أنه تم العثور على مسدس في المقعد الخلفي لسيارته.
وبذلك أصبح برامس لوميير المشتبه به الأول في القضية.
لكنها تبقى حتى الآن قرائن فقط، لا أدلة دامغة.
قرر هانسنت إرسال الجثث للتشريح بهدف استخراج الرصاصات ومقارنتها بالمسدس الذي عُثر عليه. فإذا ثبت تطابق السلاح، فسيتم القبض على برامس رسميًا، وحتى حينها، سيبقى تحت المراقبة داخل القصر.
أما جولييتا، فلم تشأ أن يُترك والدها وحيدًا، فأصرّت على مرافقة الشرطة إلى مسرح الجريمة بعد انتهاء التحقيق المبدئي.
صرف هانسنت نظره عنها وألقى نظرة عبر النافذة.
كانت غابة براكسيتَر في الليل تبدو كبحر مظلم لا نهاية له، وبدأت ندف الثلج تتساقط.
في البداية كانت كحبيبات المطر، ثم سرعان ما تحولت إلى ثلج كثيف يغطي كل شيء.
✦✦✦
في المقعد الخلفي، كانت جولييتا تنظر من النافذة بعينين غائمتين. روحها شُلت عن الحركة، وما زالت صدمة المأساة تسيطر عليها بالكامل.
“كيف يمكن لمثل هذه الفاجعة أن تحدث؟!”
في لحظة طرفة عين، احمرّت عيناها بالدموع. لم تستطع جولييتا أن تُبعد صور آل هارتفيلد عن مخيلتها.
المركيز أورلاندو، الصارم لكنه طيب القلب. زوجته الحنونة إليزابيث. وصديقتها المقرّبة ليديا…
راحت تتذكّرهم واحدًا تلو الآخر، وتتخيّل لحظة موتهم المروّع.
لم تستطع أن تنطق بكلمة واحدة، لقد خانتها الكلمات.
وفي النهاية، لم تستطع المقاومة أكثر، فانفجرت بالبكاء. دموعها انسابت بغزارة حتى حجبت رؤيتها، وفي وسط تلك الغشاوة، خطرت في بالها صورة والدها.
ما أخبرها به المفتش هانسنت لا يزال يتردد في أذنها: والدها، برامس، هو المشتبه به الرئيسي.
لكن جولييتا رفضت تصديق ذلك. لم تصدق لحظة واحدة أن والدها هو القاتل.
ومع ذلك، عندما علمت أنه اعتُقل قرب قصر براكسيتَر، شحب وجهها وفقدت لونها.
“والدي لا يمكن أن يؤذي أحدًا من آل هارتفيلد… والدي ليس بهذا الشكل.”
كانت تؤمن بوالدها، برامس، إيمانًا مطلقًا.
كانت علاقته بعائلة هارتفيلد جيدة للغاية، وكان دائم الامتنان لهم بسبب دعمهم السخي له في أبحاثه. صحيح أنه لم يزرهم كثيرًا بعد وفاة والدتها، داندير، لكنه ظل يحافظ على علاقة طيبة معهم من خلال جولييتا.
قبل وفاة والدتها، لم يكن برامس قادرًا حتى على إيذاء حشرة صغيرة. كان يقدّس الحياة، وكان يؤمن بقيمتها أكثر من أي شخص آخر. حتى القنبلة الصوتية التي اخترعها، اخترعها بغرض منع اندلاع الحروب الكبرى، لا لخلقها.
لهذا السبب، كانت جولييتا مقتنعة ببراءته.
كانت تتمسك بهذا الإيمان لتهدئة قلبها القَلِق.
وبينما كانت غارقة في أفكارها، بدأ القصر المألوف يظهر في الأفق. رغم أن الوقت كان متأخرًا من الليل، كانت المنطقة المحيطة بقصر براكسيتَر تضجّ برجال الشرطة والأنوار الساطعة.
قال هانسنت، موجّهًا كلامه إليها:
“الآنسة جولييتا، يُرجى البقاء في السيارة لبعض الوقت.”
أومأت برأسها ببطء، جسدها لا يزال متيبّسًا من التوتر، ثم راقبته وهو يترجّل من السيارة مع الشرطي الآخر، ويتوجّهان نحو الحراس عند مدخل القصر.
كانت جولييتا تتابعهم بعين قلقة، تلاحظ كيف كانوا يرمقونها بين الحين والآخر وهم يتحدّثون بجدية تامة.
وأخيرًا، بعد حديثٍ طال، عاد المفتش هانسنت واقترب من السيارة.
فتح الباب وقال:
“يمكنكِ النزول الآن.”
وبينما نزلت، أضاف بنبرة هادئة لكن حازمة:
“لا يمكنكِ مقابلة السيد برامس لوميير في الوقت الحالي. كونه المشتبه به الرئيسي، سيتم احتجازه داخل إحدى غرف الضيافة في القصر تحت المراقبة. نتائج الفحص الجنائي والتشريح ستصدر غدًا بعد الظهر، وحتى ذلك الحين، من الأفضل أن تبقي هنا وتتابعي سير التحقيق.”
أومأت جولييتا له بانحناءة خفيفة، ثم أسرعت بالدخول إلى القصر.
شقّت طريقها وسط الجموع المتكدسة حتى وصلت إلى الداخل، وهناك، رأت إيفان يصعد من القبو.
وجهه كان متجمّدًا، يغلب عليه البرود، الأمر الذي جعل جولييتا تتوقف لوهلة لكنها تقدّمت نحوه.
لاحظ إيفان اقترابها. قبل ساعات قليلة فقط، عندما ودّعها، كان لقاءه بها سببًا للفرح. أما الآن، فكان النظر إليها مؤلمًا.
حدّق فيها ببرود، وجهه متجمّد لا يشي بأي شيء. لم تستطع أن تستشف منه أي شعور.
نظرت إليه جولييتا بقلق، ثم قالت بصوت خافت مرتجف:
“إيفان، ما الذي حدث بحق السماء…؟”
لكن قبل أن تكمل، رسم إيفان على شفتيه ابتسامة ساخرة، وقال:
“لا أدري… الكل يقول إن والدك هو من فعلها.”
الانستغرام: zh_hima14
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 5"