كانت كلماتها تحمل قلقًا ظاهريًا، لكنها في حقيقتها نبرة ساخرة.
عضّت جولييتا على شفتها السفلى وهي تحني رأسها إلى الأسفل وقالت:
“لستُ بخير، أشعر ببعض الغثيان…….”
وبينما كانت تتحدث، همس رنين في أذنها. كان جسدها بالفعل ضعيفًا ومنهكًا، كادت تعقد حاجبيها لكنها استطاعت السيطرة على تعبير وجهها بالكاد.
نظرت أوليفيا إلى جولييتا بابتسامة مرضية، ورفعت كأسها من النبيذ، وكأنها تستمتع بانتصارها بهدوء وطمأنينة.
أما لوكريتسيا، فألقت على جولييتا نظرة مليئة بالامتعاض، قبل أن تحول عينيها إلى أوليفيا.
حين همّت لوكريتسيا بالحديث إلى أوليفيا، ارتسمت على وجه الأخيرة ابتسامة عريضة وأومأت برأسها.
ظنّت جولييتا أنهما تتبادلان الحديث عنها، لكنها لم تستطع أن ترد أو تتفاعل، فكانت مجرد تخمينات.
أما إيفان فلم يبدو عليه أي انزعاج.
ثم شرعوا جميعًا—لوكريتسيا وأوليفيا وعدد من الضباط الجالسين على الطاولة المستديرة—في مناقشة شؤون الدولة الجدية.
‘لا تتركي نفسك تتأثرين… كنتِ مستعدة لهذا.’
حين انصرفت أنظارهم عنها، أطلقت جولييتا تنهيدة ثقيلة.
أمسكت بالسكين بيد مرتجفة، لكن قوتها كانت ضعيفة فلم تتمكن من تقطيع الستيك بسهولة.
في تلك اللحظة، اقترب منها النادل بهدوء.
مدّ النادل ورقة صغيرة لجولييتا بأناقة، وهمس في أذنها:
“هذه لكِ، سيدتي. استمتعي بوجبتك.”
نظر إيفان إلى النادل باستغراب للحظة، لكنه سرعان ما انشغل بمناقشة الضباط الجادّة حول الوضع الحالي.
أخذت جولييتا الورقة بين يديها وألقت نظرة سريعة عليها.
‘ما هذه الورقة……؟’
لم يكن هناك من يعرفها هنا، ولا من لديه سبب لإرسال رسالة لها. ومع ذلك، وُجهت إليها هذه الورقة.
خففت من توترها وأخفقت ببطء لفتحها.
“……!”
فوجئت جولييتا بشدة، حتى كادت تسقط الورقة من يديها.
كتب على الورقة بخط متسرع: “إذا أردتِ معرفة حقيقة وفاة والدك، اصعدي إلى السطح.”
بدأ قلبها ينبض بعنف، وغمرتها قشعريرة في ذراعيها، وابتعدت الأصوات المحيطة عنها فجأة.
نظرت حولها بدهشة، ولم ترَ سوى القاعة الكبرى الممتلئة بالحاضرين.
‘ما هذا……؟ هل هذا مجرد مزحة؟’
شككت جولييتا في محتوى الرسالة، لكنها كلما مضى الوقت، ازداد شعورها بالرغبة في النهوض والركض إلى السطح فورًا.
‘ماذا أفعل……؟’
لم يستمر صراعها طويلًا. قررت أخيرًا الذهاب إلى الحمام لفترة قصيرة، ونهضت من مكانها.
حاول إيفان النهوض معها، لكنه في اللحظة الحاسمة تمسكت به أوليفيا.
“قريبًا سيكون وقت نخب العشاء. لماذا لم يشارك العقيد في النخب هذه المرة؟ كان من الأفضل لو شارك معنا.”
“…….”
نظر إيفان إلى جولييتا نظرة خاطفة ثم حول بصره ليجيب على كلام أوليفيا.
أما جولييتا، فتجاهلت ذلك وانصرفت من القاعة.
تسارعت خطواتها وهي تصعد السلالم إلى السطح، وتنفسها أصبح متقطعًا، وفستانها الطويل كان يعيق حركتها، لكنها لم يكن لديها وقت للاهتمام بذلك.
كان قلبها يخفق بعنف وكأن أوعية الدم في جسدها ستنفجر، وحرارة شديدة انتشرت في جسدها كله.
مع النسيم البارد الممزوج برائحة البحر، وصلت أخيرًا إلى السطح. كان السطح الليلي رائعًا، فقد كانت النجوم تتلألأ في السماء بينما تتوهج الأضواء الذهبية حولها. لم يكن هناك أحد على السطح، فالجميع منشغلون في الحفل أسفل السفينة.
ولكن عند مؤخرة السطح، رأتها تقف شخصية ما.
فور أن لمحتها، شعرت جولييتا وكأنها مسحورة، فتقدمت نحو الشخص الذي يقف هناك.
إحساسًا بالحركة، بدأ الشخص الذي كان يدير ظهره ببطء بالاستدارة. توقفت جولييتا للحظة، ثم استأنفت خطواتها عندما كشفت له وجهها بالكامل، وخرج من فمها صوت مندهش:
“…س-سْتيفن؟”
التفت سْتيفن إليها، وعندما تلاقت عيناهما في الهواء، واصلت جولييتا السير نحوه.
كان سْتيفن صديق والدها، وهو لم يحضر جنازة والدها، وقد نسيته جولييتا تمامًا، لكنها أخرجت صورته من ذكرياتها.
لم يكن كباحث مثل والدها، بل كان أستاذًا في الفلسفة، لكنها لم تكن تعرف عنه أكثر من ذلك.
كان دائمًا يختبئ مع والدها في المكتبة لإجراء محادثات طويلة، ولم يكن لطيفًا جدًا مع جولييتا. هذه المرة أيضًا ألقى تحية جافة تتناسب مع طبيعته الجامدة:
“لقد مر وقت طويل، جولييتا.”
“…نعم، لقد مر وقت طويل، سْتيفن.”
كان لدى جولييتا الكثير من الأسئلة: لماذا لم يظهر طوال هذا الوقت؟ هل أرسل هو الرسالة الغامضة؟ كيف وصل إلى الحفل على متن السفينة؟ أم أنه هنا دون دعوة؟
شعرت بخوف غامض، لكنها اقتربت منه ببطء. فجأة صاح:
“لا تقتربي أكثر!”
“…ماذا؟”
توقف جولييتا مذهولة، بينما أخرج سْتيفن مسدسًا من معطفه.
“سْتيف…!”
صُدمت جولييتا عندما وضع سْتيفن المسدس فجأة على جانب رأسه.
“يا… يا إلهي…!”
لم تفهم جولييتا ما يحدث، ولم تستوعب ظهور سْتيفن المفاجئ أو سبب وضعه المسدس على رأسه.
“سْتيفن، ماذا تفعل؟ ضع المسدس أرضًا!”
حين حاولت الاقتراب، وجه سْتيفن فوهة المسدس نحوها:
“لا تقتربي!”
رفعت جولييتا يديها، متوقفة عند مكانها، فكانت اللحظة حرجة للغاية. كان عليها أن تهدئه أو تقنعه، لكن قلبها المتوتر أسرع من عقلها:
“…لماذا تفعل هذا؟ سْتيفن، ضع المسدس، لا تفعله!”
“أنا فقط سأخبرك بما كتب في الرسالة عن وفاة والدك.”
“…!”
حدقت جولييتا بعينيها المرتعشتين إلى سْتيفن:
“ماذا تقول؟ عن وفاة والدي؟!”
“جولييتا، قد يبدو الأمر خياليًا، لكن سأقول الحقيقة فقط، لذا استمعي جيدًا… والدك انضم إلى حركة ثورية متطرفة تُدعى جيرين.”
تسعت عينا جولييتا من الدهشة.
حركة ثورية متطرفة… جيرين…
لم تستوعب كلمات سْتيفن، ومع مرور نسيم البحر العنيف، تصاعدت الرياح وأشعثت شعورها. صرخت مجددًا:
“ماذا تقول؟!”
“والدك لم يكن القاتل لعائلة هارتفيلد. جيرين هو من قتل. لقد استغل والدك.”
“…ماذا؟”
تسع عينا جولييتا أكثر وأكثر، فقد كان من الصعب تصديق ما تسمعه.
أوضح سْتيفن، وقد بدا مضطربًا، بينما تقدمت جولييتا خطوة نحو سْتيفن.
“وأنا أيضًا… لقد استغلني جيرين.”
مع كل خطوة تقدمت بها، تراجع سْتيفن خطوة أخرى حتى وصل إلى حافة السطح قرب الدرابزين، فأوقفت جولييتا تقدمها.
مدّت يدها نحو سْتيفن، فالأهم الآن كان إنقاذه من السقوط.
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 30"