وفي خضم إنهاء الحرب التي استمرت أربع سنوات، برزت كرمز للسلام.
في مؤتمر الحرب، تمسك معظم أفراد العائلة الملكية والنبلاء والسياسيين بموقف متشدد، وهو الاستمرار في الحرب حتى يتحقق النصر، لكن أوليفيا كانت الوحيدة التي تحدثت عن السلام.
بعد ذلك، ألقت خطابًا تحدثت فيه عن معاناة المدنيين وإرهاق الجبهات، مؤكدة أنه لا بد من إنهاء الحرب سريعًا بطريقة سلمية.
تصريحاتها جذبت الأنظار، خصوصًا من الجنود والمواطنين الذين أنهكتهم الحرب الطويلة، وبدأت كلماتها تحظى بتركيز وإعادة اعتبار.
شيئًا فشيئًا، ازداد عدد الذين يصغون إليها ويؤيدونها.
وهكذا، بدأ الجنود المنهكون وسكان القرى الذين فقدوا بيوتهم بدعمها، وانتشر صيتها بين الناس كالنار في الهشيم.
ذلك التأثير وصل حتى إلى السياسيين المتشددين، فأخذوا يلينون أمام حجتها.
صحيح أن الحرب انتهت بهزيمة كاردين، لكن بعيدًا عن تلك النتيجة، انتشر فكرها السلمي بين عدد كبير من السياسيين الذين استمالوا النبلاء وأفراد العائلة المالكة.
ومع أصوات الجنود والمواطنين التي لم يعد ممكنًا تجاهلها، تبنّى كبار المسؤولين أفكارها الداعية للسلام، وتشكل رأي عام قوي مؤيد لها.
وبذلك أصبحت رمزًا للسلام، ونجمة صاعدة في عالم السياسة.
لكن طموحها لم يتوقف عند ذلك.
فهي لم تكتفِ بمكانتها الحالية، بل رغبت في خلفية أقوى وسند أعظم.
ولعل ذلك ما جعلها في الآونة الأخيرة تبدي اهتمامًا علنيًا بإيفان.
لقد كانت تطمع في انتزاع مكان جولييتا.
إذ كانت ترى أن جولييتا لا تليق بمقام زوجة مركيز هارتفيلد، فتصرفت بجرأة أكبر.
لكن إيفان لم يلقِ لذلك بالًا.
فالحقيقة أن النساء من حوله تضاعفن بعد الزواج، أكثر مما كان عليه قبل عقد الزواج.
ذلك أن كثيرين اعتقدوا أن زواجه من جولييتا، الذي بدا بلا منطق، لن يستمر طويلًا، وأنه يفكر في الطلاق.
غير أن إيفان لم تكن تراوده مطلقًا فكرة الانفصال عن جولييتا.
“…… حسنًا، ولأي غرض تواصلت الآنسة جيرارد؟”
“الأمر أنّ…… الليدي ترغب في لقائك شخصيًا. تقول إن لديها ما تسأل عنه بخصوص معاهدة السلام مع كاردين التي ستُبرم في حفل السفينة القادم.”
“هاه…… حجة لطيفة.”
أطلق إيفان ضحكة ساخرة قصيرة.
لو كانت تنوي استدعاءه، لكان الأجدر أن تجد سببًا أكثر إقناعًا.
“سيدي، كيف أنقل ردك؟”
المرافق سأله، فغرق إيفان لحظة في التفكير.
لم يكن هناك داعٍ ملحّ لمقابلة أوليفيا.
لكن بالنظر إلى علاقة هارتفيلد بالعائلة الملكية، لم يكن ممكنًا تجاهلها تمامًا.
العائلة المالكة تثق بأوليفيا ثقة كبيرة بلا شك.
وهم لا يعلمون أنها في الحقيقة تطمع بمقعد زوجة مركيز هارتفيلد.
إيفان كبح الضيق الذي تصاعد في داخله للحظة.
لم يكن راضيًا عن فكرة التعامل معها مباشرة، لكنه مضطر لذلك مراعاةً لعلاقة العائلتين.
“لا حيلة في الأمر. رتبوا موعدًا قريبًا.”
“نعم، مفهوم.”
“وهل انتهى كل شيء؟ أتمنى ألّا تزعجني مجددًا.”
دفع إيفان الكرسي ونهض من مكانه.
فالوقت التالي كان مخصصًا له ولجولييتا.
خرج من قاعة الطعام بلا تردد، متجهًا نحو غرفة النوم حيث كانت بانتظاره.
✦✦✦
صورة الصباح بعد الزواج لم تتغير قط.
فما إن يفتح إيفان عينيه، حتى يجذب جولييتا إلى حضنه.
حتى وهي لا تزال غارقة في النوم، كان يضغط بجسده الملتهب نحوها، فتُجبر على الاستيقاظ على مضض.
وبعد أن يستنزفها تمامًا، كان يتركها.
ثم ينهض قبلها بخفة ويختفي من الغرفة.
أما هي، فكانت تنهض بشق الأنفس لتتناول حبوب منع الحمل.
كان ذلك وصفًا طبّيًا سببه رغبة إيفان في تأجيل الإنجاب.
وجولييتا كانت حريصة على تناولها بانتظام.
ففي ظل المستقبل الضبابي، مجرد فكرة إنجاب طفل بدت لها كابوسًا.
مدّت يدها إلى الطاولة الصغيرة بجانب السرير لتلتقط علبة الدواء.
لكنها لمحت فوق الطاولة ملفًا لم تره من قبل.
“…….”
ارتدت جولييتا على عجل رداء النوم الملقى على أرض الغرفة، ثم التقطت الملف.
وكانت أول ورقة تقع عليها عينها عبارة عن لائحة أسماء.
حينها فقط تذكرت ما قاله لها بالأمس.
«سأعطيك معلومات عن الاجتماع الاجتماعي غدًا في وثائق، متضمنة غايته وأسماء الحاضرين.»
“همم…”
حدقت جولييتا في الأسماء باهتمام، محاولة أن تدرك أيّ الشخصيات ستكون الأهم في الاجتماع المرتقب.
لكنها لم تتعرف على أيٍّ منهم.
وفي تلك اللحظة، أيقنت بجهلها.
فهذا الاجتماع لم يكن عاديًا.
ومن ثم، فإن الأشخاص الواردة أسماؤهم في القائمة لا بد أنهم من أعلى مراتب المجتمع في كونوت.
وعلى الرغم من أنها تحمل لقب نبيلة، إلا أنها لم تعرف حتى أولئك الأشخاص، فأحست بمدى ضيق أفقها.
تنهدت جولييتا وهي تقلب الصفحة لتنتقل إلى الوثيقة التالية.
وهناك انكشفت أمامها تفاصيل غاية الاجتماع.
كان الموضوع معقدًا، إذ تعلق باتفاقية السلام مع كاردين.
ورغم صعوبة الفهم، بذلت جهدًا في إعادة قراءة العبارات مرارًا، لتستوعب المغزى جيدًا.
ومما أدركته أنّ كاردين، بعد هزيمته، سيصبح دولة تابعة لكونوت، وسيرتبط به ارتباطًا وثيقًا.
«كاردين ستسقط تمامًا في قبضة كونوت.»
قبضت جولييتا على الورقة بقوة، وقد أدركت أن الاجتماع الاجتماعي لم يكن مجرد سهرات أرستقراطية للتسلية، بل موضع نقاشات مصيرية.
فالهزيمة التي مُني بها كاردين كانت بفعل صناعة السلاح التي أطلقها مركيز هارتفيلد، وبفعل القنبلة الانشطارية التي ابتكرها والد جولييتا.
وذلك أمر لم يستطع أحد إنكاره.
لذلك، فإن بطلي الاجتماع الاجتماعي وحفل السفينة سيكونان بلا شك: إيفان وجولييتا نفسها.
وفي تلك اللحظة، ترددت في أذنها كلمات إيفان التي قالها البارحة:
«تصرفي كزوجة مركيز هارتفيلد.»
ربما قصد بها مجرد واجبات الزوجة، لكن الآن بدأت تشعر بثقل المعنى.
فكلماته لم تكن تعني مجرد الأفعال، بل كانت تشير إلى ضرورة أن تعي مكانتها، وأن تتصرف وكأن الجميع دونها مرتبة.
على الأرجح، لن يجرؤ أحد على انتقادها علنًا أو الهمس من وراء ظهرها.
فالمنصب الذي تحتله يردع أي لسان.
زوجة مركيز هارتفيلد.
لقب يكفي ليحميها من أي شائعة حتى النهاية.
ورغم أنها لم تشأ الاطمئنان لذلك، فإن قلبها شعر بالارتياح رغما عنها.
وهذا بحد ذاته أثار في نفسها ضيقًا وحسرة.
فأطلقت تنهيدة حزينة وأكملت تصفح الملف.
وفي تلك اللحظة، فُتح الباب ودخل أحد الخدم.
“سيدتي، الإفطار جاهز.”
أغلقت جولييتا الملف متنهدة بخفة.
لقد استوعبت كل ما ورد فيه تقريبًا.
أما ما تبقى، فعليها أن تناقشه مع إيفان مباشرة.
بعد أن تناولت فطورها على عجل داخل غرفة النوم، اغتسلت وتهيأت، ثم توجهت إلى مكتب إيفان.
وبينما كانت تهمّ بالطرق على الباب، سمعت صوته يتعالى من الداخل.
“……؟”
تجمدت جولييتا في مكانها، ونسيت حتى أن تطرق.
فقد كان يتردد من وراء الباب صوت ضحكة لإيفان.
ضحك منخفض، تخلله حديث مسترسل.
ولم تسمع أي صوت آخر، مما دلّها على أنه كان يجري مكالمة.
ترددت جولييتا واقفةً أمام الباب.
لم تعتد سماع ضحكات إيفان.
فهو رجل اعتاد أن يبقى باردًا، صارمًا، لا يبتسم.
«من عساه يكون ذاك الذي يضحك معه إيفان هكذا؟»
أرهفَت السمع، مثقلة القلب.
“نعم، أتمنى لليدي جيرارد يومًا سعيدًا كذلك. إذن، سنلتقي في ذلك اليوم.”
كان صوته رقيقًا، يحمل دلالة لا تخطئها الأذن.
لم يكن مجرد حديث رسمي.
وبمجرد أن أدركت أن الطرف الآخر امرأة، وأن الأجواء مختلفة تمامًا، تجمد جسد جولييتا.
وفي تلك اللحظة، تذكرت الاسم الذي كانت قد قرأته في قائمة الاجتماع والحفل.
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 16"