### الصّباح الأوّل

عندما استيقظت شيلا صباحًا، شعرت بالحيرة للحظة لعدم معرفتها أين هي. نظرت إلى السّقف الأسود ورائحة الخشب الرّطبة، فتذكّرت أنّها في غرفة إيف. 

نهضت بسرعة، فرأت إيف نائمًا على الأريكة. كانت تنام في وسط السّرير، مدركة أنّها سلبت مكانه. 
بسبب إصرارها على ليلة الزّفاف، تسبّبت في إزعاجه. 

“إيف…” 

نادته بصوت خافت، ففتح عينيه ونظر إليها. كانت عيناه الذّهبيّتان، كضوء القمر الذّائب، حادّتين لكنّهما جميلتان. 

“استيقظتِ، شيلا؟ صباح الخير. هل نمتِ جيّدًا؟” 

“صباح الخير. نعم، نمتُ جيّدًا بفضلك. لكن… اضطررتَ للنّوم على الأريكة، أليس كذلك؟” 

أطرقت شيلا رأسها آسفة، فضحك إيف وقام من الأريكة متّجهًا إلى السّرير. 

“إن نمتِ جيّدًا، فهذا يكفي. هيّا، عودي إلى غرفتكِ وغيّري ملابسكِ، ثمّ نأكل الإفطار معًا.” 

ربّت على رأسها، فتشابك شعرها المشعث أكثر. ضحكت شيلا بسعادة وأومأت. 

عند عودتها إلى غرفتها، استقبلتها إيلفي. لم تُعلّق على غيابها، فربّما أخبرها إيف. 

ارتدت شيلا ثوبًا ظريفًا بلون مختلف عن الأمس، فدورَت أمام المرآة بسعادة. كانت الأكمام والتّنورة تتماوج بلطف مع حركتها، مما جعل قلبها يرفرف فرحًا. 

في غرفة الطّعام، كان إيف يجلس بالفعل. لاحظت شيلا أنّ الطّاولة أصغر قليلاً من الأمس، لكنّها لا تزال فاخرة. عندما جلست، كانت المسافة بينها وبين إيف أقرب. 

أمام إيف، كان هناك قهوة تبدو مرّة، فانحنت شيلا متشوّقة. 

“هل تريدين تجربتها؟” 

“قليلاً… كنتُ دائمًا أرغب بتذوّق القهوة.” 

في الكتب التي قرأتها، ظهرت القهوة، لكن في لاغنوريا، كانت تُقدّم لها الماء أو حساء دوائي فقط. 

عبس إيف عندما أخبرته، لكنّه تنفّس ومدّ الكوب إليها. 

“جرّبي رشفة. إنّها مرّة، فاستعدّي. وحارّة، فاحذري الحروق.” 

“حسنًا!” 

أجابت بحماس، وقرّبت الكوب من فمها. رأت وجهها ينعكس على السّطح الأسود. استنشقت رائحة مرّة لكنّها ناعمة تشبه الفواكه، ثمّ تذوّقت كميّة صغيرة، فعبست وتجمّدت. 

“مرّة…” 

كانت مرارة مختلفة عن حساء الأدوية، بحموضة خفيفة، لكنّها ليست لذيذة. في الكتب، كانت تتخيّلها بشوق، وظنّت أنّها لذيذة لأنّ إيف يشربها بهدوء، لكنّها خيّبت آمالها. 

رأى إيف دموعها وضحك بهدوء. 

“ألم أقل إنّها مرّة؟” 

هزّ كتفيه وهو يكتم ضحكته، ثمّ أشار إلى ريجيس القريب. 

“أعدّها بكثير من الحليب.” 

“حاضر.” 

أحضر ريجيس سائلًا بنيًا فاتحًا برائحة قهوة خفيفة. 

“مع الحليب والسّكر، قد تستطيعين شربها.” 

شجّعها إيف، فقرّبت شيلا الكوب بحذر. كانت المرارة مخفّفة بالحليب والسّكر، تاركة نكهة قد تصبح ممتعة. 

“لذيذة!” 

ابتسمت بحماس، فأومأ إيف وريجيس بسعادة. نظرتهما كأنّهما يراقبان طفلة جعلتها محرجة. ‘

بالنّسبة للتنانين طويلي العمر، أنا كطفلة’، فكّرت وهي ترتشف القهوة المرّة قليلاً. 

كانت الأطباق المقدّمة فاخرة لدرجة أنّها بدت كثيرة للإفطار. كان هناك الكثير من اللّحم مرّة أخرى. 

“شعب التنانين يأكل كثيرًا منذ الصّباح.” 

تمتمت شيلا وهي تشعر بالشّبع من المشاهدة فقط، فاكتفت بقليل من الخبز والسّلطة. كان ذلك فاخرًا مقارنة بلاغنوريا، لكن إيف بدا غير راضٍ. 

“يجب أن تأكلي المزيد من اللّحم، شيلا. لن تكبري هكذا.” 

نظر إليها وهو يأكل اللّحم بسرعة، فأذهلها سرعته وكميّته. 

“أنا بالغة بالفعل، لا أظنّ أنّني سأطول أكثر.” 

“حتّى لو لم تطولي، يجب أن تكتسبي بعض الوزن. أنتِ نحيفة جدًا.” 

مدّ إليها قطعة لحم، فهزّت رأسها مشيرة إلى شبعها. أشار إيف إلى ريجيس، الذي أحضر كعكة حلوى. كانت إسفنجيّة مشبّعة بالشّراب، مغطّاة بصلصة توت حامضة حلوة، مبهرة المظهر. 

قطّع ريجيس الكعكة وزيّنها بالكريمة والشّوكولاتة، فصاحت شيلا بحماس لجمالها. رغم شعورها بالشّبع، أثارت الرّائحة الحلوة شهيّتها. 

“الحلويات لها معدة خاصّة، أليس كذلك؟” 

ضحك إيف بمكر، فشعرت شيلا أنّه يرى كلّ شيء. أومأت وأمسكت بالشّوكة. كانت حامضيّة التّوت تبرز حلاوة الإسفنجيّة، مما جعلها ترغب بتناول المزيد. 

كانت الحلوى التي تشاركتها سرًا مع مارييل لذيذة، لكن تناولها علانية أسعدها أكثر. 

“لذيذة… تناول الطّعام اللذيذ مع شخص آخر يجعلني سعيدة.” 

ضغطت على خدّيها المبتسمين، فضحك إيف بلطف وربّت على رأسها. نظر إليها ريجيس بابتسامة هادئة، فشعرت شيلا بدفء يملأ قلبها.

المترجمة:«Яєяє✨»