هرب إيف إلى غرفته بعد دعابات روبيريا، وجلس على الأريكة وهو يفرك جبينه المجعّد.
‘عادتي في ربت رأس شيلا دون تفكير كانت خطأ’، تذكّر تعبير روبيريا المبتسمة بنظرتها المرحة، فتنهّد. ‘لا شك أنّها ستسخر منّي لاحقًا.’
كلّما عرفتُ المزيد عن ماضي شيلا، شعرتُ بألمٍ في صدري. حياتها المكبّلة، التي عاشتها فقط لتصبح ضحيّة في يومٍ محدّد، تناسب وصف “عاشت فقط لتبقى على قيد الحياة”. عيناها المتلألئتان بكلّ ما تراه في دريجيا تُذكّرني بمدى القسوة التي عاشتها.
ومع ذلك، لا ترى شيلا نفسها أنّ هذا مشكلة، بل تميل رأسها متسائلةً عمّا قد يكون خطأ.
بل إنّها مستعدّة لتقديم جسدها من أجل موطنها، وهذا التهوّر يؤلم قلبي.
‘أنا رجلٌ عادي، وبالطبع لم أكن غير مبالٍ عندما طلبت مني شيلا ببراءتها أن أضمّها.’
لكنني شددتُ على نفسي ألّا أستسلم لهذا.
‘إن استسلمتُ لرغبتي وضممتها، سأكون أؤكّد فكرتها الخاطئة التي تربّت عليها: أنّها يجب أن تُؤكل كضحيّة من أجل بلدها.’
أريد حماية شيلا، التي أصبحت تبتسم ببراءة وتتأقلم مع الحياة في دريجيا.
‘أريد أن أعلّمها، التي نشأت محبوسة في غرفةٍ صغيرة، أنّ العالم واسع.’ لهذا أخذتها على ظهري إلى أماكني المفضّلة التي لم أُرِها لأحد، وأريد تحقيق كلّ ما تتمنّاه.
‘لكن عندما أخبرتها بذلك، طلبت مني الحياة الليليّة مرّة أخرى، وهذا أربكني.’
عندما أرى شيلا تبتسم دائمًا وتعبّر عن مشاعرها بصراحة، لا أستطيع إلّا أن أربت على رأسها. شعرها الناعم الذي يتداخل مع أصابعي ممتع، وابتسامتها الخجولة تُسعدني.
‘لكن هذا ليس حبًّا.’ بالنسبة لقبيلة التنانين، البشر كائنات يجب حمايتها.
كنتُ أقول لنفسي هذا دائمًا.
بينما كنتُ أفرك جبيني وأغطّي عينيّ بيدي مغمضًا إيّاهما، سُمع طرقٌ خفيف على الباب. كان الصوت لريجيس، الذي يبدو أنّه عاد من الخارج.
“يا إلهي، تبدو متعبًا بشكلٍ غير معتاد. هل أعدّ لك الشاي؟”
دخل ريجيس الغرفة وبدأ بتحضير الشاي دون انتظار ردّي. بعد سنوات من الصداقة، أدركتُ أنّه يريد الحديث، فتنهّدتُ وعدّلتُ جلستي على الأريكة.
“إلى أين ذهبتَ وتركتَ روبيريا تحرس المنزل؟”
“استدعاني الزعيم إلى قصر التنانين السوداء. كان الزعيم مهتمًّا بأحوال عروس لاغنوريا.”
“إن كان قلقًا إلى هذا الحد، لمَ أرسلها إليّ أصلًا؟”
تمتمتُ بنبرةٍ منزعجة، فوضع ريجيس كوبًا أمامي وهو يقول بهدوء “مهلًا”.
“عندما أخبرته أنّ السيّدة شيلا بخير، اطمأنّ الزعيم.”
الزعيم الحالي لدريجيا هو رئيس قبيلة التنانين السوداء. لقد ساعدني كثيرًا بعد وفاة والديّ مبكرًا بسبب المرض، ولا يزال يعاملني كحفيد ويهتمّ بي. هذا ممتنّ له، لكن كرجلٍ بالغ منذ زمن، يبدو الأمر مزعجًا أحيانًا.
“لو كانت شيلا تخاف منّي، ماذا كان سيقول الزعيم؟”
تمتمتُ، فتوقّف ريجيس، الذي كان يضع كميّة كبيرة من السكّر في كوبه، عن الحركة. تنهّد ثم بدأ يحرّك السكّر بالملعقة.
“لا داعي للقلق بشأن ما لم يحدث. السيّدة شيلا متعلّقة بك جدًّا، ولا تخاف منك أبدًا.”
“لكن، ماذا لو…”
“السيّد إيف.”
وضع ريجيس الملعقة بصوتٍ حادّ، ونظر إليّ بجديّة شديدة، فأغلقتُ فمي دون وعي.
“السيّدة شيلا ليست مثل *تلك* الفتاة. ألستَ أنتَ من يعرف هذا أكثر من غيره؟” “…!”
في تلك اللحظة، مرّت في ذهني صورة فتاة ذات شعرٍ أسود طويل يغطّي وجهها، فلا أرى تعبيرها، لكنّها بالتأكيد كانت ترتجف وتبكي.
‘تلك الفتاة التي لم أستطع حمايتها، والتي لا أزال لا أنساها.’
“أفهم أنّك لا تزال تربط بينهما، كما فعلنا جميعًا. لكن السيّدة شيلا بخير. إنّها تقبلك، أليس كذلك؟”
تحت كلمات ريجيس اللطيفة، غطّيتُ وجهي وأنّتُ بصوتٍ منخفض. ثمّ فتحتُ فمي ببطء وأنا أرتجف.
“أعرف. شيلا ليست مثل تلك الفتاة. لا تكتفي بعدم خوفها منّي، بل تقبل حتى هيئتي التنّينيّة.”
شيلا، التي ضحكت وقالت إنّني لستَ مخيفًا، لا تعرف كم أنقذتني ابتسامتها. حتى قشور صدري، التي لم أنوِ إظهارها خوفًا من إخافتها، قالت إنّها جميلة. عندما لمستها بأصابعها الناعمة، كدتُ أضمّها بقوّة لكنّني تماسكتُ بصعوبة.
“أجل، السيّدة شيلا التي تبتسم دائمًا قد أسرت قلوبنا جميعًا. ألبان يعشقها لدرجة أنّه قد يضعها في عينيه دون أن تؤلمه.”
ضحك ريجيس بهدوء ومال بكوبه بأناقة. بعد أن ارتشف رشفة، نظر إليّ مجدّدًا.
“رؤيتكما معًا بحميميّة تجعلني أفكّر أنّها قد تصبح عروسك حقًّا يومًا ما…”
“توقّف، ريجيس. لا أنكر أنّ شيلا متعلّقة بي، لكنني لا أريد تقييدها. لقد تربّت على فكرة أنّها يجب أن تكون ضحيّة من أجل بلدها. كلماتي، أو كلمات قبيلة التنانين، قد تصبح أمرًا لها لحماية موطنها. أريد فقط أن تعيش شيلا بحريّة. سأظلّ أعاملها كعروسٍ بالاسم فقط.”
نظر ريجيس إليّ بعيونٍ تحمل أسفًا للحظة، ثم أغمض عينيه وأومأ.
“حسنًا. لقد تجاوزتُ حدودي. لكنّنا نتمنّى سعادتك أيضًا، سيّد إيف.”
“أنا سعيدٌ بما فيه الكفاية الآن.”
قلتُ ذلك لأتهرّب، وشربتُ ما تبقّى من الشاي في كوبي.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 16"