استمتعوا
“الزواج؟”
كان نبلاء تيلّون يستطيعون الزواج دون إذن رئيس العائلة.
طالما كان الطرفان المعنيان بالزواج يرغبان فيه.
لذا، حتى لو عارض مركيز ترافيا الزواج،
فإن هيلّي وديلان كان بإمكانهما الزواج متى أرادا.
“نعم. لا أقصد شيئًا آخر. بعد أن تعتلي ديانا العرش، سيتم التخلص من سلطة المعبد والماركيز، وحتى ذلك الحين ستستخدمين اسم عائلة هايدل بدلًا من ترافيا.”
على الأرجح ستعتلي ديانا العرش خلال عام، لذا فكل ما عليهما فعله هو الاستمرار في هذا الزواج حتى ذلك الوقت.
أضاف ديلان هذا التوضيح بلطف.
ومن وجهة نظر هيلّي،
كانت هذه الطريقة المثالية للحصول على الحماية الكاملة.
كان بإمكانه أن يقترح عليها الزواج مؤقتًا من أحد الفرسان الذين يثق بهم بعد أن يتم حرمانها من المعبد.
لكن ديلان لم يفعل ذلك، بل عرض نفسه.
كعلامة على أنه سيبذل كل ما في وسعه في هذه الصفقة.
“لا مانع لدي، لكن ألا يشكّل هذا عبئًا على جلالتك؟”
“ليس كثيرًا؟ لا أعلم لماذا تعتقدين ذلك؟”
ولأنه لم يكن أمرًا مرهقًا حقًا، أمال ديلان رأسه مستغربًا.
‘حسنًا، كدوق هايدل، لن يكون من الصعب عليه الطلاق والزواج مرة أخرى.’
أومأت هيلّي برأسها مقتنعة بالمنطق.
لكن الزواج يجب أن يتم فقط بعد حرمانها من المعبد.
ما كانا يحتاجانه الآن هو طريقة تجعل المعبد يحرمها.
في تيلّون، كان بإمكان الكهنة الزواج وإنجاب الأطفال.
زواج هيلّي من ديلان بهذه الحالة سيُعدّ زواجًا بصفتها ‘القديسة’، لذلك لا بد أن يتم ذلك بعد حرمانها لتجنب تدخل عائلة الماركيز.
طريقة للحرمان من المعبد؟
فكر ديلان للحظة بطرق ممكنة، ثم عبس وجهه.
“لست ذكيًا جدًا، لذلك لا أستطيع التفكير في طريقة واضحة الآن. سأناقش الأمر مع ديانا وأعود بحل.”
“لا يجب أن أحمّل جلالتك كل العبء، سأفكر في طرق أيضًا. يمكنني تنفيذ شروط الحرمان التي لم أجربها بعد،
واحدة تلو الأخرى.”
“شروط لم تُجرب بعد؟”
… هل يعني ذلك أنها جربت بعضها بالفعل؟
توتر ديلان من كلام هيلّي ذي المعنى العميق.
“يقال إن ضرب البابا يؤدي إلى الحرمان،
لكن أعتقد أن هذا لا ينطبق علي.”
“قديسة… هل ضربتِ البابا؟”
“نعم.”
أومأت هيلّي برأسها.
تظاهرت أنها ارتكبت خطأ وضربته بالصينية على رأسه،
ولكنها لم تتلقَّ سوى إنذار فقط.
وكان البابا اكزافير قد صرخ قائلاً إنه يعلم أنها ضربته عمدًا.
“سأجرب هذه المرة تدنيس القربان المقدس. ربما سأُحرَم حينها-“
“لا، لا! قديسه، من فضلك فقط انتظري بهدوء.
سأجد طريقة أكثر أمانًا.”
رفع ديلان يده بسرعة، وجهه شاحب كالثّلج.
لو سمعت ديانا هذا، لكانت انفجرت ضحكًا،
لكن ديلان لم يكن من هذا النوع.
تدنيس القربان المقدس قد يؤدي إلى الإعدام.
حتى لو لم يحمّلها المعبد المسؤولية، فقد تغضب الحاكمة نفسها.
وبينما كان يقلق على هيلّي،
بدأت أفكار ديلان تسير نحو أسوأ الاحتمالات.
لطالما كان ديلان شخصًا جبانًا في داخله،
لذا كان دائمًا يتوقع أسوأ السيناريوهات.
‘قد يعاملها المعبد كميتة ويستغل قوتها بصفتها القديسه.’
ربما يدّعي المعبد أن القديسه أُعدمت سرًا…
بالطبع، لم يفكر أحد في المعبد بهذا السيناريو حتى الآن،
لذلك كانت مخاوفه لا أساس لها.
لكن ديلان، الذي كان يخاف كثيرًا على عكس ما يبدو عليه،
شعر أنه يجب أن يطلب من هيلّي أن تثق به وتنتظر بهدوء.
أومأت هيلّي برأسها على مضض،
وديلان الذي وعد بالعودة لاحقًا، استدار ليغادر.
وحين كانت هيلّي تراقب ظهره وهو يبتعد، استدار مجددًا.
“آه، صحيح.”
“ما الأمر؟”
“ديانا مهتمة بك كثيرًا.”
توجهت عيناه للحظة نحو السماء الفجرية من خلف النافذة.
كأنهما كانتا تبحثان عن القمر.
ثم عاد بنظره نحو هيلّي وابتسم.
“لذا، إن ظهرت شقيقتي فجأة في ليلة ما، لا تفزعي.
فقط أردت أن أُخبرك.”
“لا يوجد سبب للفزع عند رؤية القمر في الليل.
فقط سيكون الأمر سارًا.”
ديانا.
الأميرة التي تحمل اسمًا مشبعًا بضوء القمر.
شخصٌ كالأمل، يظهر كضوء وسط الظلام لمن يواجهون المحن.
لذا، لا يوجد سبب للدهشة عند رؤية القمر.
ضحك ديلان بصوت خافت على كلمات هيلّي تلك.
***
تحت أشعة شمس مايو التي انسكبت من خلال السقف الزجاجي، كان الغداء يجمع الإمبراطور آيغيل، وديانا، وديلان في القصر الفرعي.
كانت ديانا، ذات الشعر الأسود القصير المصقول، تقطع اللحم برشاقة.
لم يكن هناك أي شيء يمكن انتقاده في تصرفاتها.
آيغيل شعر بالنفور من كمالها، لكنه لم يُظهر ذلك.
فهي تتبع الإتيكيت تمامًا، فبمَ يعترض؟
ولو أظهر انزعاجه، لكان كمن يبحث عن أخطاء لا وجود لها.
وبالطبع، كانت ديانا وديلان قد لاحظا منذ فترة طويلة شعور الإمبراطور بالنفور، بينما هو نفسه لم يكن يدرك ذلك.
وأثناء مراقبتها له بطرف عينها، قالت ديانا:
“هناك حديث كثير هذه الأيام بين شعب الإمبراطورية عن بطل ما. هل سمعت به يا أبي؟”
“بطل؟”
بدأ الأمر حين ظهر مجرم خطير في كل من المناطق الشرقية الثماني لتيلّون.
في منطقة ما، كان القاتل يلقي ضحاياه في البحر.
وفي منطقة أخرى، يسرق أموالهم ثم يضربهم حتى الموت.
وفي منطقة ثالثة، يقطع ضحاياه حسب حجم السرير.
وبما أن كل قاتل كان يمثل منطقته،
كانت طرق القتل تختلف في كل منطقة.
تزايدت الضحايا، ولم يتم القبض على الجناة.
لذلك، سمحت العائلة المالكة بإصدار مكافآت في كل منطقة.
“أي شخص، فقط امسكوا بالمجرمين وتخلصوا منهم!”
مرت الأيام، والقلق لم يتبدد.
لأن الجناة لم يُقبض عليهم بعد.
حتى ظهر فجأة رجل شاب، وقضى على أحد القتلة.
وكان ذلك بداية القصة.
ثم انتقل إلى المنطقة التالية، وقضى على المجرم هناك.
واستمر على هذا النحو، حتى قضى على القتلة الثمانية الذين أفسدوا النظام في الإمبراطورية.
“ولذا، بدأ الناس ينادونه بالبطل ويُعجبون به كثيرًا.”
شاب يضع رقعة سوداء على عينه.
رفض المكافآت، ما زاد من شعبيته.
“أعتقد أن اسمه كان ثيسيوس.”
بعد أن أنهت ديانا شرحها عن البطل، تحدث ديلان:
“إذن، من الضروري منحه مكافأة مناسبة.
فقد فشلنا في القبض على هؤلاء رغم إرسال القوات.”
استدار آيغيل نحو ديانا وسأل:
“وما رأي الآخرين؟”
“الغالبية يقترحون منحه لقب فارس وإقامة حفل على شرفه.”
“… حسنًا، يبدو أنه اقتراح جيد.”
ابتسم الإمبراطور بهدوء وأومأ برأسه.
راقبت ديانا هذا المشهد،
ثم تناولت قطعة لحم باستخدام الشوكة ووضعتها في فمها.
صرير، صرير…
كانت أصوات مزعجة تصل إلى أذني ديانا.
مصدرها خلل ما في الانسجام العام.
لكن لا يوجد أي شيء في هذا القصر الفرعي المتناغم تمامًا يمكن أن يصدر هذا الصوت.
فالطاولة مستقرة، وأرجل الكراسي متساوية.
نظرت ديانا إلى الإمبراطور، ثم حولت نظرها إلى ديلان،
وأخيرًا رأت انعكاس وجهها على أدوات الطعام.
‘آه…’
أدركت ديانا مصدر الصوت.
***
استُؤنفت جلسات ‘مجلس الأرض’ بعد توقفها بسبب نوبة غضب البابا.
لكن طلب هيلّي بإرسالها إلى الشمال قد رُفض بشكل قاطع.
حدثت بعض الفوضى في قاعة الاجتماع، لكن دون تغيير في الأسماء التي ستُرسل إلى الشمال، وانتهى الاجتماع.
‘لا شيء يسير كما أريد.’
وحين فكّرت في الأمر، أدركت أن هذا هو الحال دائمًا.
منذ زمن بعيد…
حين بدأت تتذكر وفاة فريكسوس،
ظهرت ديانا فجأة وأدخلت وجهها أمام وجه هيلّي.
“جلالتك؟”
“ظننت أنك ستفزعين، لكنك لم تفعلي؟”
“الوقت يقترب من الغروب. حان وقت ظهور القمر.”
ابتسمت ديانا عندما فهمت أنها تشير إلى معنى اسمها.
وخلفها كانت تقف الحارسة المسماة كاليستو.
“قال لي الدوق مسبقًا ألا أفزع كثيرًا.”
“أحقًا؟ لكن…”
“همف!”
أمسكت ديانا بذقن هيلّي وأخذت تتفحص وجهها عن قرب.
“تبدين مرهقة اليوم. ما رأيك بالخروج لاستنشاق بعض الهواء؟”
نظرت هيلّي إلى المرأة أمامها كأنها مسحورة.
“اقتراح مغرٍ، لكن إن اكتُشف الأمر، سيكون مزعجًا.”
ولو عُرف أنهما خرجتا معًا، سيكون الأمر مزعجًا للأميرة أيضًا.
“سر صغير… يوجد فتحة خلفية في هذا الاتجاه.”
“فتحة؟ لم تكن هناك قبل أسبوع فقط…”
لو كانت موجودة، لكانت دخلت وخرجت من المعبد كما تشاء.
فلماذا ظهرت فجأة الآن…
“لم تكن موجودة، لذا صنعتها بنفسي.”
“؟”
في أول زيارة لها مع ديلان للقاء هيلّي سرًا،
بحثت ديانا عن فتحة قديمة كانت قد لاحظتها سابقًا.
لكنها وجدت أنها أُغلقت،
فغضبت كثيرًا وحفرت فتحة جديدة في نفس اليوم.
ولحسن الحظ، لم يلاحظها أحد بعد، لذا استخدموها بكفاءة.
ضحكت هيلّي بصوت عالٍ بعد صدمة قصيرة.
وسألتها ديانا:
“هل تعرفين ركوب الخيل؟”
“نعم.”
كان هذا الجواب القصير كافيًا ليمنح ديانا ابتسامة مشرقة.
ابتسامة كالقمر في السماء.
“صحيح. يجب أن نتحكم نحن بزمام حياتنا.”
لا يجب أن نترك ذلك للآخرين.
لأن ذلك يعني التنازل عن قرار اتجاه حياتنا.
لذلك، يجب أن تمسك بزمام حياتها وتحدد طريقها بنفسها.
وعندما قالت ديانا إنها تفكر في الخروج معًا لركوب الخيل،
تدخلت كاليستو:
“لكن جلالتكِ، لدينا حصانان فقط. واحد لك، وآخر لي.”
“أوه، كاليستو، فقط خذي حصانًا من المعبد.”
“آه، فكرة جيدة.”
بعد فترة، بالفعل، أخذت ديانا وكاليستو حصانًا من أحد فرسان المعبد، أو بالأحرى، استعاراه.
‘… كيف فعلت ذلك؟’
الأميرة الأولى، ديانا، كانت حقًا شخصًا متعدد المواهب.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 9"