5
استمتعوا
بالمناسبة، إذا كنا الآن في مارس،
‘…فإن جنازة فريكسوس قد انتهت بالفعل.’
بينما شعرت هيلي بالارتياح لكونها لا تزال على قيد الحياة،
غمرها الحزن لأنها لم تتمكن من إقامة جنازة توأمها بيدها.
كانت هيلي تقبض يدها بقوة ثم تفتحها، مرة بعد أخرى،
في إيماءة تعبر عن خسارة إنسان فقد شيئًا عزيزًا كان يتمسك به.
وفي تلك اللحظة،
تصاعد من أطراف أصابعها ضوء أزرق يشبه الضباب.
كان لونه مطابقًا للون عينيها الزرقاوين.
‘هذا…’
ذلك الضوء الذي شفى ساق هيلي التي كانت تعتقد أنها لن تُشفى أبدًا.
كان أضعف من قوة الحاكمة، وأقل نقاءً من مصدره.
لكن هيلي عرفت هذه القوة بالفعل.
‘هل هذه القوة المقدسة التي يمتلكها كهنة المعبد’
قوة قادرة على شفاء الجروح والأمراض،
كانت تتراقص على أطراف أصابع هيلي.
القوة المقدسة تأخذ لون عيون الكاهن.
لأن روح كل إنسان تتجلى في عينيه.
وهي تنظر إلى ذلك الضوء الأزرق المطابق لعينيها،
أيقنت هيلي أن هذه هي القوة المقدسة.
بعد أن أدركت طبيعة هذه القوة، غطت هيلي وجهها بيديها.
‘في الرواية، لم يُذكر أن ساقي وأذني قد شُفيا.’
ولم يُذكر أيضًا أنها اكتسبت القوة المقدسة.
أليس من الأفضل، إذا كانوا سيبيعون متعلقاتي في المزاد،
أن يضيفوا قصة معجزة كهذه؟
لكن المزاد تم كما لو أن هذه الحقائق غير موجودة.
في الرواية، ظلت هيلي تعرج على ساق واحدة،
ولم تكن تسمع بأذنها الأخرى.
‘لقد تغير شيء ما.’
ربما منذ تلك اللحظة،
عندما أضاء الضوء المنبعث من تحت السرير في ذلك اليوم.
منذ تلك اللحظة، بدأت قصة هيلي تتغير.
“حسنًا، أولاً، يجب أن أعرف أين أنا-“
في تلك اللحظة، بينما كانت هيلي تنهض من السرير،
طنين-!
تردد صوت صاخب عند الباب مع سقوط وعاء ماء.
‘كاهنة؟’
على ثوب أبيض،
كانت هناك تطريزات ذهبية تبدو كأنها براعم نابتة.
الثوب الذي كانت ترتديه المرأة التي فتحت الباب ودخلت كان ثوب كاهنة.
لكن انتباه المرأة لم يكن موجهًا إلى الفوضى التي تسبب بها الوعاء المكسور حولها، بل كان مثبتًا على هيلي وحدها.
ثم صرخت الكاهنة أمامها:
“لقد فتحت القديسة عينيها!”
“ماذا؟”
…من فتح عينيه؟
عند سماع كلمة ‘القديسة’ الغريبة،
ارتسمت على وجه هيلي تعبير كمن قضم حشرة.
كان هناك خطأ ما، بلا شك.
***
بعد استجواب كاهنة تُدعى أليكس بشدة،
تبين أن المكان الذي كانت هيلي مستلقية فيه هو سكن الكهنة في المعبد، وأن الوقت الآن هو بداية مارس.
أجابت أليكس على أسئلة هيلي بفوضوية،
ثم ركضت بسرعة لتستدعي البابا.
دخل البابا، يجر ثوبه الأبيض كمن يكنس الأرض.
“أخيرًا فتحتِ عينيكِ، يا آنسة هيلي.”
“نعم. لقد حدث ذلك بطريقة ما.”
توقف البابا للحظة عندما رأى عيني هيلي الباهتتين.
تلك العيون… كانت أقرب إلى عيون ميت منها إلى عيون حي.
عيون إنسان خسر جزءًا من روحه بعد تجربة خسارة هائلة.
لكن لم يكن هذا هو السبب الوحيد لدهشة البابا إكزافير.
فقد كانت القوة المقدسة الأكثر عظمة التي رآها على الإطلاق متأصلة في جسد هيلي.
هيلي ترافيا، التي كانت تعرج على ساق واحدة وفقدت السمع في إحدى أذنيها، نالت نعمة الحاكمة فشُفيت ساقها وأذنها.
وبينما كانت تعاني من الحمى،
اكتسبت قوة مقدسة قوية ونقية للغاية.
اليوم، استقرت تلك القوة المتقلبة أخيرًا في جسدها بشكل كامل.
‘قبل حوالي مئتي عام، حدث شيء مشابه.’
رجل استعاد بصره واكتسب أقوى قوة مقدسة.
أطلق الناس على ذلك الرجل لقب القديس.
كان الأمر نفسه الآن.
لذلك، لخص إكزافيير وأهل المعبد إلى أن الحاكمة قد أرسلت إليهم قديسة.
“يا حاكمتنا…”
أدرك إكزافيير المعنى العميق للحاكمة، فأمسك بيد هيلي.
وبينما كان يذرف دموعًا كدموع الدجاج، تلا صلاة البركة.
بعد أن ظل يبكي لفترة، نظر إلى هيلي بوجه مبلل بالدموع.
“آنسة هيلي، أنتِ قديسة إمبراطورية تيلرون. كما تعلمين بالفعل، تلك القوة التي استقرت في جسدك هي قوة مقدسة يمكنها شفاء الناس.”
“…”
بدلاً من الرد، أطلقت هيلي تنهيدة قصيرة.
هل أطلقت تنهيدة للتو؟
بعد أن نالت نعمة الحاكمة واكتسبت القوة المقدسة؟
أليس من الطبيعي أن تقفز فرحًا؟
“ألستِ سعيدة؟ أنتِ قديسة هذه الإمبراطورية!”
“إذا كان هذا جيدًا لهذه الدرجة،
فلماذا لا تكون أنت القديس…”
“ماذا؟”
“لا، لا شيء. ها…”
لم يستطع البابا فهم رد فعل هيلي على الإطلاق.
فجأة، كأنما تذكرت شيئًا، سألت هيلي بحماس:
“حسب ذاكرتي، أنا متأكدة أنني صُدمت بعربة… ما الذي حدث في تلك الحادثة؟”
الآن بعد أن فكرت في الأمر، لم يكن ذلك طريقًا يمر به الناس.
لقد اندفعت هيلي فجأة أمام عربة كانت تسير بسرعة.
“…حسنًا، يقولون إن العربة غادرت على الفور،
ولم يرَ أحد من كان فيها.”
“غادرت فقط؟”
“نعم. يومها، لم تكوني تبدين كالنبلاء. ربما اعتقدوا أنهم صدموا متسولة مختلة. لقد افترضوا أنكِ لن تنجي، فغادروا.”
“هه.”
حتى لحظة مضت، كانت هيلي تشعر بالأسف تجاه السائق وصاحب العربة، لكن ذلك الشعور تبخر على الفور.
انفتح الباب مرة أخرى، ودخلت أليكس، التي أسقطت وعاء الماء سابقًا عند رؤية هيلي، وهمست في أذن البابا.
“قداستك، لقد وصل الماركيز ترافيا.”
“…هل جاء والدي؟”
كان همسًا،
لكن صوت أليكس كان مدويًا لدرجة أن الجميع سمعوه.
أحرجت قوة صوتها معنى الهمس، فضحك البابا بحرج.
“لقد أخبرناهم سابقًا أنكِ استيقظتِ.
قال إن لديه الكثير لمناقشته معكِ، سأترككما لتتحدثا براحتكما.”
‘هل تعتقد أنني سأتحدث براحة؟’
“شكرًا، قداستك. في الواقع، كنت أريد أن أسأل والدي عن شيء.”
شعرت هيلي بالضيق من كلام البابا، الذي بدا متعمدًا،
وهو يعلم أن العلاقة بينها وبين والدها متوترة.
***
جلست هيلي مقابل الماركيز وفتحت فمها أولاً.
“هل مات إيدن؟”
أغمضت عينيها في نهاية ديسمبر،
وفتحتهما في الأسبوع الأول من مارس.
كانت هذه أول كلماتها لوالدها عندما رأته.
“…أجل.”
“أنا من قتلته. كما تعلم، لأنه هو من قتل فريكسوس.”
اعترفت هيلي بجريمتها بهدوء.
لكن بعد أن نطقت بالكلمات، شعرت بحلقها يضيق.
تناولت هيلي رشفة من الماء الساخن، ملأت فمها به، ثم ابتلعته.
“قالت إينو إنها لا تعرف شيئًا عن الأمر.
كان تصرفًا منفردًا من إيدن.”
كلا، إينو كانت تعرف كل شيء.
كانت تعلم ما سيفعله إيدن،
لذلك حاولت إبقاء هيلي في القصر الرئيسي.
ومع ذلك، كان سبب توجيه غضب هيلي نحو الماركيز وليس إينو هو-
“حتى في هذه اللحظة،
لا يزال والدي يعطي الأولوية للدفاع عن إينو.”
بسبب حب الأب المؤثر الذي يحمي إينو حتى بعد سماعه أن إيدن قتل فريكسوس.
ردًا على كلام هيلي، رفع الماركيز صوته.
“إذن، هل تقولين إنني يجب أن أطرد ميليكير وإينو،
اللذين لا يزالان على قيد الحياة، من أجل فريكسوس الذي مات؟
ميليكير هو الوحيد القادر على وراثة العائلة الآن!”
فريكسوس مات، وهيلي،
التي اكتسبت القوة المقدسة، أصبحت تابعة للمعبد.
النبلاء الذين يدخلون المعبد لا يُمنحون حقوق الوراثة في عائلاتهم.
لا يمكنهم المطالبة بأي حقوق متعلقة بالميراث،
إلا إذا منح الإمبراطور بنفسه لقبًا جديدًا.
لذلك، الشخص الوحيد القادر على أن يكون وريث ترافيا هو ميليكير، ابن إينو.
نظر الماركيز إلى هيلي، التي أدركت وضعها، وقال:
“هيلي، لا أنوي الطلاق من والدتك.”
“ماذا يعني ذلك…”
بعد فترة وجيزة من إحضار إينو،
طلب الماركيز الطلاق من زوجته نيفيلي.
بالطبع، رفضت نيفيلي ذلك حتى النهاية،
من أجل فريكسوس وهيلي.
“سأدعم عائلة بوزن ماليًا.”
كانت هيلي تعلم جيدًا أن الوضع المالي لعائلة بوزن،
عائلة والدتها، سيء.
فقد غرقت سفينة تحمل بضائعهم، مما أدى إلى انهيار أعمالهم.
لكن لماذا يقترح الماركيز هذا؟
‘والدي ليس من النوع الذي يقدم مثل هذه العروض دون سبب.’
بعد لحظات، فتح الماركيز فمه.
“إذا أنتِ، بصفتك القديسة، أديتِ واجباتك الموكلة إليك.”
كان يعني أن تكوني خادمة مخلصة للمعبد، تطيعين أوامرهم.
“ماذا ستفعلين؟”
سأل الماركيز، فضحكت هيلي بصوت عالٍ كمن فقد صوابه.
‘ليس لدي خيار.’
وهكذا، أصبحت هيلي ترافيا قديسة الإمبراطورية وانتقلت للعيش في المعبد.
أطلقت هيلي على هذه الفترة اسم ‘أحلك فترة في حياة هيلي ترافيا’.
***
كانت هيلي متدينة جدًا، تؤدي واجباتها الموكلة إليها بإخلاص.
شاركت في صلوات المعبد كل ساعة، وشفت المرضى بأمر البابا.
لقد أصبحت بمثابة رمز المعبد.
بعد مرور حوالي شهر،
عندما بدأ الجميع في المعبد يصدقون طاعتها المطلقة،
‘أريد رؤية والدتي.’
قُبل طلب هيلي باستدعاء نيفيلي إلى المعبد.
وصلت نيفيلي إلى غرفة هيلي داخل المعبد،
وقالت بوجه مكتئب:
“يبدو أنكِ أصبحتِ رهينة.”
لأن ذلك كان الحقيقة، اكتفت هيلي بإيماءة رأسها.
ثم غيرت موضوع الحديث.
“قال والدي إنه سيدعم عائلتك ماليًا، هل سمعتِ بهذا؟”
“نعم.”
“إذن، خذي تلك الأموال و-“
لم يكن في الغرفة سوى نيفيلي وهيلي.
لكن، كما يقول المثل، الكلام في النهار تسمعها الطيور، وفي الليل تسمعها الفئران، فخفضت هيلي صوتها وهمست في أذن نيفيلي.
“اهربي.”
“ماذا؟”
اتسعت عينا نيفيلي كأنها لا تصدق ما تسمع.
“غادري تيلرون فورًا. علاقتك بعائلتك سيئة،
فلماذا تعطينهم تلك الأموال؟ خذيها أنتِ.”
“…لكن، هيلي، كيف أترككِ وأذهب؟
تعالي معي. ستكون هناك طريقة.”
أمسكت نيفيلي بيد هيلي.
وهيلي، بهدوء، أزاحت تلك اليد.
“أنا أصبحتُ معروفة جدًا لأتمكن من الهروب سرًا.”
خلال الشهر الماضي، انتشرت صورة هيلي بين الناس كثيرًا.
بفضل دعاية المعبد المكثفة مثل ‘لدينا قديسة في بلدنا!’،
حتى الناس في البلدان المجاورة عرفوا وجه هيلي.
‘بل إنهم باعوا صورًا لي، أولئك الأوغاد.
إذا كانوا سيفعلون ذلك، ألا يجب أن يتقاسموا الأرباح معي؟’
لذا، إذا هربت هيلي مع نيفيلي إلى الخارج، كان هناك احتمال أن يلقي القبض عليها أشخاص من دول أخرى يطمعون في قوتها المقدسة.
حتى لو أُلقي القبض عليهما في تيلرون،
فإن الوضع سيكون سيئًا بنفس القدر.
فمن يختطف كاهنًا يمتلك قوة مقدسة يُحكم عليه بالإعدام.
وإذا أُلقي القبض على الاثنتين،
فسيتهم المعبد نيفيلي باختطاف هيلي.
حتى لو كان الهروب مع هيلي المعروفة وجهها مستحيلًا،
يمكن لنيفيلي أن تهرب بمفردها.
“لذا، لا تقلقي عليَّ وغادري.”
إذا بقيت نيفيلي في تيلرون، ستكون تصرفات هيلي مقيدة.
بل إن مغادرتها تيلرون ستكون بمثابة مساعدة لها،
قالت هيلي ببرود مقصود.
“…حسنًا. إذا بقيت هنا، سأضطر إلى ترك حياتي تحت سيطرة المعبد إلى الأبد.”
أدركت نيفيلي أن هيلي تتحدث ببرود عن قصد، فأومأت برأسها.
عند سماع رد نيفيلي، ابتسمت هيلي.
“إذا اختفت والدتي هكذا، ستنتشر شائعات أن والدي وإينو قتلاكِ، مما سيضعهما في موقف محرج للغاية.”
لم تعد هيلي مضطرة للتحرك بطاعة وفقًا لإرادة المعبد.
تذكرت اليوم الذي وبخت فيه ميليكير على آدابه، وضحكت.
‘الآداب وكل شيء آخر، سأعيش كما يحلو لي، أيها الأوغاد.’
وهكذا، قررت القديسة الوحيدة لإمبراطورية تيلرون أن تصبح المتمردة في المعبد.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات على الفصل " 5"