2
الفصل 2 :
كانت سو-لينا ترتدي معطفًا أبيض من الصوف، فاقتربت من المريض الممدد على الأرض، وقرّبت أذنها من أنفه لتسمع أنفاسه، ثم وضعت أصابعها على رقبته. عندها تنهدت أمها بارك يونغ-شين بعمق وهي تدفعها بخفة في جانبها.
“لقد اتصلوا بالإسعاف. لكن… لماذا أنتِ…”
تجاهلت لينا محاولات أمها لردعها، وأضاءت بهاتفها لتفحص حدقة المريض. وإلى جانبها كان أقارب المريض في حالة قلق شديد، ينادونه بفزع.
“ماذا نفعل؟ يا عزيزي، افتح عينيك! كنتَ تأكل بسرعة… آه، يا إلهي، ماذا نفعل؟ ها، هذه المياه، اشرب قليلاً.”
فتحت زوجة المريض زجاجة ماء وحاولت رفع رقبته لتسكبها في فمه، لكن لينا منعتها بحزم.
“لا، لا يمكن.”
“لماذا تمنعينني؟ لقد كان يريد شرب الماء قبل قليل ثم سقط!”
أمسكت لينا بيد الزوجة التي كانت تحاول إيقاف المريض بالقوة.
“اتركيه، تحريكه الآن خطرٌ جدًا.”
“ماذا؟ إذن يجب القيام بإنعاش قلبي رئوي! أنتِ طبيبة، كيف تتفرجين هكذا؟”
بل وبدأت عائلة المريض بتوبيخ لينا التي كانت تكتفي بفحص حالته، ثم شرعوا في فركه وهزّه بعنف، الأمر الذي جعلها تصرخ بخوف.
“قلت لا! على الأرجح هذا سكتةٌ دماغية، لكن يجب الفحص للتأكد.”
“سكتة دماغية؟ لا يوجد في عائلتنا أحدٌ أصيب بهذا! يا رجل! افتح عينيك!”
بدت الزوجة مصممة على تجاهل كلام لينا التي كانت تبدو صغيرة السن جدًا بالنسبة لهم.
“لا تلمسوه، ولا تدلكوه، فقط اتركوه.”
قالت لينا بلهجةٍ صارمة، فترددت الزوجة أخيرًا وتوقفت. ثم تفقدت المريض مجددًا، الذي كان فاقد الوعي لكنه يتنفس تلقائيًا.
“حتى تصل الإسعاف، أحضروا شيئًا لتغطيته وحفظ حرارة جسده. بسرعة!”
ثم خلعت معطفها الأبيض وغطت به المريض.
لكن، رغم تعليماتها، بدا أفراد عائلة المريض غير مقتنعين، وكأنَّ ما تفعله ليس كافيًا.
“أبي ليس عجوزًا، ربما هذه أزمةٌ قلبية؟”
“لكنه يتنفس، إذن ليست أزمة قلبية.”
“هل أنتِ حقًا طبيبة؟ لو كنتِ طبيبة لساعدته ليستعيد وعيّه.”
“مجرد فتاةٍ صغيرة… آه، لماذا الإسعاف بطيئةٌ جدًا؟”
وفجأة شق جاي-هيوك طريقه وسط الحشد.
نظرت إليه لينا وهي تتأكد أن ما تراه حقيقي، واتسعت عيناها أكثر.
“أستاذي.”
لكن جاي-هيوك لم يرد، بل انحنى ليتحقق من أنفاس المريض، ونظر إلى ساعته لقياس النبض عند معصمه.
“النبض حوالي 110، غير منتظم.”
“أوه! أنتَ طبيب، صحيح؟”
سأله أحد أقارب المريض، لكن جاي-هيوك انتصب واقفًا وألقى نظرة ازدراء عليهم. فتوسلوا إليه بعينين دامعتين.
“كاد هذا المريض يموت مختنقًا لأنكم أردتم سقيه ماءً وهو مصاب بسكتةٍ دماغية، وكدتم تسببون جلطاتٍ بتدليكه… هذه الطبيبة منعت كل ذلك، أنقذت حياته.”
قالها جاي-هيوك بصوتٍ عميق وحازم، فتلعثم أقارب المريض وتظاهروا بالسعال.
“ومع ذلك، ما زلتم لا تتبعون تعليمات الطبيبة؟ طلبت غطاءً، أين هو؟”
“حقًا سكتةٌ دماغية؟ يا إلهي، ماذا نفعل؟”
وقف جاي-هيوك شامخًا، وبصرامةٍ خاطبهم:
“ماذا تفعلون؟ يجب منع انخفاض حرارة جسده!”
صرخته جعلت العائلة تسارع بخلع ستراتهم لتغطية المريض.
وفجأة تقيأ المريض، فأمسكت لينا برأسه وفتحت مجرى التنفس. وبعد أن توقف، رفعت رأسها لتلتقي عيني ما جاي-هيوك.
“أستاذي.”
أدار جاي-هيوك نظره نحو السماء، حيث بدأت الثلوج البيضاء تتساقط بهدوء. ثم عاد ليخفض رأسه، ورأى رقائق الثلج تستقر على شعر لينا، فربت على كتفها مرتين وابتسم بخفة.
“أحسنتِ التقدير. أكملي حتى تسلمي المريض.”
“نعم.”
كانت صفارات الإسعاف تقترب، وهرع المسعفون حاملين النقالة، بينما كانت لينا تشرح لهم الوضع وهي ممسكة برقبة المريض. ابتسم جاي-هيوك وهو يراقبها.
***
اتسخ معطف لينا الأبيض من الصوف، وأمها بارك يونغ-شين تحاول تنظيفه بلهفة.
“آه، يا لك من فتاة! كنت سأرتديه غدًا في السوق!”
وبينما فارق السن بين الأم وابنتها لا يتجاوز 19 عامًا، كانت الأم تحب ارتداء ملابس ابنتها كأنها ملكها. اكتفت لينا بنظرةٍ خفيفة ثم هزت رأسها.
“ارتدي مثل خالاتي حتى لا يوبخكِ جدي مجددًا.”
“ماذا تقولين؟ أنا في السابعة والأربعين فقط!”
رفعت الأم كتفيها محتجة، لكن لينا هزت رأسها مرةً أخرى.
“قصدي ألا ترتدي شيئًا لافتًا جدًا.”
ثم بدأت يونغ-شين تتذمر من تعالي أطباء العائلة.
“يظنون أن الطبيب شيءٌ عظيم؟ زوجي طبيب، وابنتي طبيبة! لم يولدوا أطباء!”
قالت ذلك ثم خفضت عينيها، بينما كانت لينا تتقبل الأمر كشيء معتاد منذ طفولتها.
ثم أشارت الأم إلى مكان الحادث قائلة:
“لماذا تدخلتِ يا سو-لينا؟ كان هناك طبيبٌ آخر.”
“أنا رأيته أولاً، كيف أتجاهله؟”
فتحت لينا باب السيارة وجلست، بينما واصلت الأم اعتراضها.
“هل رأيتِ كيف لم يشكروكِ حتى؟”
“ربما لأنهم كانوا مرتبكين، ولم أكن أبحث عن الشكر.”
استلمت الأم مفاتيح السيارة من عامل الموقف، لكنها ظلت متجهمة.
“لا تتدخلي مجددًا خارج المستشفى، قد يرفعون قضيةً ضدك! بعد ثلاثة أسابيع لديك امتحان التخصص.”
“لا تقلقي يا أمي، سأجتاز الامتحان، والمريض وصل بسلام إلى الطوارئ، هذا يكفي.”
لكن الأم واصلت التذمر حتى وصلا إلى المنزل، بينما كانت لينا غارقةً في التفكير بـ جاي-هيوك.
‘غريب… أليس من المفترض أنه في أفريقيا للعمل التطوعي؟ لماذا كان في مطعمٍ كوري؟’
كانت متأكدةً أنه هو، حتى أنه ربت على كتفها. لكنها حين سلمت المريض للإسعاف، اختفى بهدوء.
‘مرّت سنوات… هذا غريب.’
خفق قلبها بقوة، لكن ما الرابط بينهما؟ سوى أنهما تخرجا من نفس كلية الطب، وعملت لفترةٍ قصيرة في قسمه حين كانت متدربة.
هو أستاذ جراحةٍ عامة، وهي طبيبة مقيمة في طب الأسرة في سنتها الثالثة، وبينهما ثماني سنوات.
‘كنت أحبه كثيرًا في الماضي.’
لم تعترف له يومًا، لكن رؤيته أيقظت مشاعرها القديمة.
أما الأم فكانت منهمكةً في موضوع آخر:
“غدًا لديك موعدٌ مع كيم وو-جين في المتحف، لا تنسي. مضى وقتٌ منذ خطوبتكما، ولا يزال يتواصل عبر سكرتيره!”
لكن لينا كانت في عالمٍ آخر، لا مكان فيه لخطيبها الذي اختارته العائلتان، بل لعقلها المشتعل بأسئلة عن ما جاي-هيوك.
حالما وصلت غرفتها، بدأت تتصل بكل من قد يعرف أخباره، لكن كل ما سمعته من زميل في الجراحة أنه في جنوب السودان في مهمة إغاثة، وهذا خبر قديم.
“آه، كم هذا محبط! أنا رأيته بعيني ولم أصدق.”
لا يمكن أن تخطئه، فهو رجل ذو حضور طاغٍ، وملامح جذابة، وجسم قوي، ومعطفه الأنيق يومها لم يخف شخصيته المميزة.
“آه!”
فجأة أدركت أن هناك شخصًا يعرف كل شيء عنه، فلماذا لم تتصل به أولاً؟ أسرعت بالبحث عن الرقم وضغطت على زر الاتصال.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 2"