**الفصل الاضافي الخامس *
كان عناقًا لطيفًا لكنه حازم. انزلقت تشيشا إلى أحضان كييرن.
نظر كييرن، الذي ضم تشيشا، إلى هيلرون بنظرةٍ كأنها ستقضي عليه، لكنه لم يجد ما يقوله.
ماذا يمكن أن يعترض عليه؟
كان هيلرون ملكًا مقدسًا لإمبراطورية هيلدرد. لم يكن هناك نقاش حول مكانته، وكانت مشاعره تجاه تشيشا عميقة.
بالطبع، ليست بعمق مشاعر باسيليان، لكن كييرن اضطر للاعتراف على مضض أنها تقترب من ذلك.
ففي الواقع، كان هيلرون قد اقتحم الماضي دون تردد من أجل تشيشا، مستعدًا للتضحية بحياته.
عند التفكير في مستقبل تشيشا، لم يكن هناك زوجٌ محتمل أفضل منه…
لكنه، ببساطة، لم يرغب في ذلك.
كان يريد الاحتفاظ بها في أحضانه إلى الأبد، فكيف له أن يقبل بزواجها؟ لن يسمح بذلك حتى لو غطته الأتربة، لا، حتى بعد أن يصبح ترابًا.
بحث كييرن في ذهنه بسرعة عن أسبابٍ للاعتراض، لكنه لم يجد عذرًا مقنعًا. لكن الإقناع المنطقي لم يكن دائمًا الحل.
ضيق كييرن عينيه فجأة، وأسند ذقنه على رأس تشيشا.
“تشيشا…”
متكئًا عليها، تذمر كييرن بنبرةٍ بائسة:
“أباك حزين…”
وضمها أكثر بعمق، وقال بنبرةٍ كئيبة:
“هل تقررين أمرًا بهذه الأهمية دون استشارة أبيك؟”
بسبب كثرة الأحداث التي اندلعت، كانت تشيشا مشوشة، فانتفضت وأمالت رأسها للخلف.
عينا كييرن الحمراوان، اللتين نظرت إليهما، كانتا مليئتين بالكآبة.
على الرغم من تحسن حالته العقلية مقارنة بالماضي، إلا أنها لم تكن كاملة. نظرت تشيشا إليه بعيونٍ مليئة بالقلق.
أغلق كييرن شفتيه بقوة، محدقًا في عينيها. بعد تبادل النظرات لفترة، أطلقت تشيشا تنهيدةً صغيرة.
***
كان من المتوقع أن يفرح كييرن، أو على الأقل يستمتع، لنجاحه المؤقت في منع خطبة هيلرون.
لكنه لم يبدِ أي إشارةٍ لذلك. على الرغم من تذمره بشعوره بالحزن، كانت عيناه الحمراوان غارقتين في الظلام.
منذ عودته من فجوة الزمن، تحسنت حالة كييرن العقلية بشكلٍ ملحوظ. لم تكن كاملة، لكنه على الأقل أصبح قادرًا على العيش مع ندوبه.
ومع ذلك، كان لا يزال غير مستقر، فكانت تشيشا توليه اهتمامًا خاصًا.
“…”
ألقت تشيشا نظرةً خاطفة على كييرن. كان غارقًا في أفكارٍ عميقة منذ قليل.
هدأت الضجة الليلية التي تسبب بها وصول الملك المقدس مؤقتًا. سمحت تشيشا لهيليرون بالبقاء في المنزل لليلةٍ واحدة.
كره رجال عائلة باسيليان هذا القرار، لكن بما أنهم منعوا الخطبة، ولم يكن بإمكانهم طرد الملك المقدس إلى الشارع في منتصف الليل، قبلوا على مضض.
توجه هاتا بثقة إلى غرفته في القصر، وتجمع الإخوة الثلاثة لمناقشة أمرٍ ما، يتهامسون فيما بينهم.
وكانت تشيشا الآن تجلس بمفردها مع كييرن في المكتبة.
“…أبي.”
نادته بحذر، فاستدار كييرن، الذي كان يحدق في حديقة الورود من النافذة.
“تشيشا.”
نهضت تشيشا، التي كانت تجلس مقابله، وجلست بجانبه. ابتسم كييرن قليلاً وهو ينظر إليها.
حدقت به وسألت:
“لماذا كنت صامتًا؟”
“…همم.”
ظهرت ابتسامةٌ محرجة على وجه كييرن. أجاب باختصار: “حسنًا”، ثم تمتم:
“لماذا فعلت ذلك…”
عندما تقدم هيلرون لتشيشا، لم يتدخل كييرن ولا الإخوة الثلاثة، بل انتظروا. حاول التوأمان التدخل قليلاً، لكن كييرن قيدهما بالظلال بسرعة.
لو كان يريد حقًا منع زواجها من هيلرون، كان يجب أن يكون أكثر شراسةً في تلك اللحظة. لكنه، على العكس، ساعد هيلرون.
لم يكن من الممكن أن تفوت تشيشا هذه الحقيقة.
“فقط، أبي…”
نظر كييرن إلى عينيها الورديتين. أجاب وهو ينظر إلى الزهرة التي تعكسه بوضوح:
“في تلك اللحظة، أردت ذلك.”
لأنه أدرك غريزيًا أنها لحظةٌ حاسمة في حياة تشيشا، وأن هيلرون شخصٌ عزيز جدًا عليها.
تحول الأفعى المكار إلى أحمق فيما يتعلق بتشيشا. على الرغم من علمه أنه كان يجب أن يتدخل في تلك اللحظة ليحقق رغبته، لم يستطع.
كان دائمًا هكذا. كانت تشيشا استثناءً بالنسبة لكييرن.
ذابت مشاعره الصلبة كالألماس كالزبدة تحت الحرارة، وأصبح عقله المنطقي الخالي من الإنسانية مخمورًا كمن شرب الخمر.
لكن كييرن لم يكره هذا التغيير. بل رحب به.
فقط روز وتشيشا هما من جعلاه أحمق.
تذكر حبه الذي كرس له حياته في ابنته الوحيدة، وقال كييرن وهو يشعر بأنه أغبى إنسان في العالم:
“…إنه شخصٌ عزيز عليكِ، تشيشا.”
كانت كلماتٍ مختلطة بالغيرة والاستسلام. غطى كييرن وجهه بيده وأطلق أنينًا.
“آه، لو رأتني روز هكذا. كانت ستمدحني بالتأكيد…”
لم تتوقع تشيشا أن يعترف كييرن بـهيلرون، ولا أن يذكر قصة أمها، فتجمدت وشفتاها مفتوحتان.
ضحك كييرن وهو ينظر إلى تشيشا المذهولة، وداعب شعرها.
“لقد وبختني روز كثيرًا. يبدو أنني أبٌ ناقص.”
كما لو كان يذكر ذكرى عادية، تحدث كييرن عن الوقت الذي قضاه مع روز في فجوة الزمن.
“حتى عندما غادرت هناك… وبختني بشدة.”
أظلمت عينا كييرن. لكن الظلال لم ترتعش بعنف أو تتوسع لتغطي المكان.
“لم أرد المغادرة. حقًا، ظننت أنه لا بأس بالبقاء هناك إلى الأبد، لكن روز…”
تشقق صوته المنخفض.
“تحدثت عنكِ، وعن التوأمين وبيلزيون.”
تذكر كييرن روز. كانت كل لحظة قضاها معها في فجوة الزمن محفورةً في ذهنه.
كانت ذاكرته الثاقبة نعمةً ونقمةً في آنٍ واحد. لن ينسى روز أبدًا…
توقف عن الكلام للحظة، كما لو أن أحدًا يخنقه، مستذكرًا لحظاتٍ لا تزال حية كأنها حدثت قبل دقائق. بعد تهيئة صوته المختنق، تابع:
“كنت دائمًا أبًا سيئًا. لم أرد أن أبقى أبًا سيئًا حتى النهاية. أردت أن أكون أبًا جيدًا لأطفالي، وزوجًا رائعًا لروز.”
ضحك كييرن. مبتسمًا بصدق، نظر إلى عيني تشيشا الورديتين، وشعرها الذهبي، وكل ما يشبه روز، وقال:
“لذلك عدت، تشيشا.”
نهض كييرن فجأة من الأريكة ومد يده إليها.
أمسكت تشيشا يده، وتقدما معًا إلى النافذة. فتحا النافذة على مصراعيها ونظرا إلى حديقة الورود. تدفق نسيم الليل البارد وعطر الورود.
“لن أكذب، إنه صعب. لكنني بخير لأن تشيشا معي.”
شد يده على يد تشيشا. برزت عروق يده تحت القفاز. أبعد نظره عن الورود ونظر إليها.
“إنه شخصٌ عزيز عليكِ، أليس كذلك؟”
شعرت تشيشا بثقل الخاتم في يدها اليسرى وأومأت برأسها. تنهد كييرن طويلاً.
“إذن… بعد عامين فقط. تحتاجين إلى وقت لتصبحي بالغة على أي حال. لتتزوجي. حسنًا؟ حتى ذلك الحين، ابقي تشيشا باسيليان.”
على أي حال، وعد هيلرون أيضًا بالانتظار حتى تنضج تشيشا إلى جسد بالغ. كان اقتراحه اليوم أقرب إلى خطبة.
لكن تشيشا لم تجب مباشرة بـ”حسنًا”. بل صححت له الحقيقة:
“أنا دائمًا باسيليان.”
استدعت تشيشا قوة الجنيات بيدها الحرة. صنعت وردةً وردية وقدمتها لكييرن، الذي يتصرف كما لو أن الزواج سيفصلها تمامًا.
“الآن، وفي المستقبل أيضًا.”
نظر كييرن إلى الوردة دون أن يرمش. ثم، وهو لا يزال ممسكًا بيدها بقوة، أخذ الوردة باليد الأخرى وابتسم.
“نعم، تشيشا.”
ربما لم يكن كذلك، لكن تشيشا فكرت في نفسها أن ابتسامته بدت سعيدةً جدًا.
─── ・ 。゚✧: *. ꕥ .* :✧゚. ───
حسابي عالانستا : annastazia__9
التعليقات لهذا الفصل " 205"