3
كان النصل في يده اليسرى يتلألأ بلونٍ أزرق بارد. فكرة أنّ ذلك الشيء قد لامس عنقها للتو… جعلت فيرا ترتجف مرةً أخرى وتسرع لتلحق بالرجل. إن خدش ذلك السيف الأحمق قطعة أثاث واحدة فستكون كارثة.
“فيرا، ما الأمر؟ كان هناك ضجيج…”
كان هارون قد همّ بالعودة إلى الغرفة، لكن عينيه اتسعتا عندما اعترض طريقه ظلّ ضخم.
الهالة القاتلة المنبعثة من ذلك الرجل جعلت أذني الأرنب الطويلتين عند هارون تنخفضان تمامًا.
“أين الأمير؟”
قالها وهو يوجه سيفه مجددًا دون مقدمات، فشهقت فيرا المصدومة.
‘حقًا… هل هو غير قادر على فعل شيء سوى التهديد؟! أليس في هؤلاء الوحوش الهجناء ذرّة من أدب الحوار؟!’
قبل أن يتهور الرجل أكثر، أشارت فيرا بسرعة إلى مكان الأمير:
“إنه هناك، على الأريكة. وتعلم أنّ جلالته يحتاج إلى راحة تامة الآن، صحيح؟”
كانت تعني بوضوح: “ضع سيفك جانبًا وتوقف عن الحماقات”. وبعد أن تأكد الرجل من أنّ الأمير الصغير نائم بسلام، أعاد سيفه أخيرًا إلى مكانه.
تنفّس براحة حين وجد الأمير بخير، ثم بدأ يستوعب أنّ جسده أيضًا ليس في أسوأ حال كما ظن. كان يظن قبل أن يفقد وعيه أنه لن يستيقظ أبدًا، لكنه كان يتنفس طبيعيًّا ويستطيع تحريك كتفه، بل وحتى كتفه الأيسر الذي يحمل به السيف لم يكن سيئًا كما توقع.
‘إذن، ما قالته عن كونها طبيبة بيطرية… لم يكن كذبًا.’
لكن فجأة، ارتفع جسده الضخم ثم ارتطم بالأرض. بدا متماسكًا للحظة، لكن الحُمّى التي اشتعلت من جروحه جعلته ينهار.
“آآه!”
“هَاه!”
صرخ هارون وفيرا وقفزا إلى الوراء من شدّة الفزع. لو سقط قبل ثوانٍ فقط، لربما أصاب أحدهما بسيفه.
“أوه يا إلهي…”
زفرت فيرا بقوة، متحيرة في كيفية التعامل مع هذا المريض العَنيد الذي لم يُبدِ أي تعاون منذ أن فتح عينيه.
وقف هارون بجانبها، وأذناه ترتجفان بقلق وهو يتأمل الرجل الملقى.
“على الأقل… عندما يستعيد وعيه، سيعود إلى العاصمة، صحيح؟”
“بالتأكيد. لو عرفوا أنّ الأمير تعرّض لحادث، سترتفع الإمبراطوية وتنقلب.”
“همم… لكن من مظهره، يبدو أنه يريد العودة حالًا.”
أبعد هارون السيف عن متناول الجميع أولًا، ثم حاول مع فيرا رفع الرجل إلى السرير من جديد. كان الأمر شاقًّا، لكنهما نجحا.
وفجأة، دوّى صوت هدير من غرفة المعيشة.
“لقد استيقظ الأمير!”
“ماذا نفعل الآن؟! أنا مغطاة بالدم من رأسي حتى قدمي!”
“غيّري ملابسك بسرعة. سأحاول أنا تهدئته.”
أومأت فيرا مسرعة ودخلت غرفة الملابس. كانت مئزرها الأبيض الجميل قد اتّسخ تمامًا بالدماء، ما جعله بلا فائدة بعد اليوم. آلمها الأمر، لكنها ارتدت فستانًا نظيفًا وغطته برداء آخر لتبدو كطبيبة محترمة قدر الإمكان.
تفقدت مظهرها في المرآة، ثم خرجت لتسمع صوت هارون يصرخ مذعورًا:
“فـ… فيرا!”
أسرعت إليه، لتشهد مشهدًا مذهلًا. الأمير الصغير ذو الشعر الذهبي كان يمسك بأذني الأرنب الطويلتين لهارون بكل قوّة، حتى شحب وجه الأخير وازرقّ من شدّة الألم.
لكن من يتجرأ على لمس الأمير لانتزاعه منه؟ هارون لم يملك سوى أن يتلوّى ويتوسل بعينيه.
“صاحب السمو تيو!”
تقدمت فيرا بسرعة، تناديه باسمه. فأدار الصغير أذنيه الدائرتين بفضول.
“أتعرفين تيو؟”
“بالطبع! فأنت الأمير الوسيم الذي يعرفه الجميع!”
“أنا… وسيم؟”
احمرّت وجنتا تيو، وارتسمت على وجهه ابتسامة حلوة جعلت فيرا وهارون يذوبان من روعتها، وإن كان هارون ما زال أسير قبضته.
اقتربت فيرا بابتسامة دافئة، محاولة تهدئته:
“ما رأيك أن تترك يدك أولًا، ثم نجلس ونتحدث معًا ببطء؟”
“همم…؟ لكنك غريبة. ليس عندك أذنان فوق رأسك.”
قطّب الصغير حاجبيه وهو يتأملها. فكل من يعرفهم لديهم آذان فوق رؤوسهم… إلا هذه المرأة.
ابتسمت فيرا بلطف أكبر:
“ذلك لأنني لست هجينة. أنا إنسانة.”
“إنسان…؟”
“نعم. ليس لدي دم حيوانات، لذلك لا أملك لا أذنين ولا ذيلًا.”
واستدارت قليلًا لتريه ظهرها الخالي. عندها اتسعت عينا الأمير باندهاش صادق. لم يلبث أن أفلت أذن هارون، ثم قفز من الأريكة واقترب من فيرا، ممسكًا بفستانها يفحصه بحماس.
بدأ يلمس أطراف الفستان ويقفز في مكانه مثل قط صغير يكتشف شيئًا جديدًا.
فيرا، التي درست عادات الكائنات المختلفة، فهمت فورًا: إنه سلوك القطط عند مواجهة أمر غريب.
فانحنت على ركبتيها ومدت أصبعها الصغيرة له.
“غريب… عندك رائحة زهور.”
قال ذلك بعدما شمّ يدها طويلًا. فابتسمت هي من فرحته البريئة، بينما بدأ توتر هارون يذوب قليلًا.
أخيرًا، حدّق الأمير في عينيها طويلًا، وعندما لم تهرب بنظرها، ابتسم ببراءة.
‘نجحت!’
ارتجف قلب فيرا وهي تدرك أنها اجتازت اختبار الأمير الصغير. مدّ يده وأمسك بيدها، يقوده الفضول للتجول في البيت.
“صغير… بيت صغير جدًّا. مثل أظافري.”
كلماته البريئة طعنت فيرا في كبريائها، فبيتُها الذي كانت تفخر به بدا للأمير ضيقًا حقًا.
وبينما كانت تغرق في الإحباط، غمغم تيو وهو يرمش ببراءة:
“لكن… أين راي؟”
“راي…؟”
“نعم! راي أبيض! يحمي تيو هكذا!”
وحرك ذراعيه في الهواء مقلّدًا المبارزة.
تذكرت فيرا فورًا الرجل الأبيض الذي تركتَه في غرفة العلاج، وتأكدت أنه الحارس.
“صحيح، راي الآن يستريح.”
“يستريح؟ ينام؟”
“نعم، ينام بعمق.”
ضم الأمير يديه الصغيرتين بجانب وجهه وأغمض عينيه، محاكيًا النوم. المشهد كان من شدة لطفه كأن ملاكًا صغيرًا نزل على بيت فيرا.
لكن هارون نكزها سريعًا ليذكّرها بطرح السؤال الأهم. فاقتربت فيرا وجلست القرفصاء أمام الصغير.
“صاحب السمو…”
“تيو.”
“… ماذا؟”
“ناديني تيو، لا تقل سمو الأمير.”
وبرزت شفتاه الصغيرة الحمراء بطفولة عنيدة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 3"