الحلقة 99
***
بعد أيام من الضجة مع رودريك.
ركبت العربة. لمَ أقول “بعد أيام”؟ لأن…
“من الأفضل ألا تذهبي إلى المتجر لبعض الوقت.”
“أتفق مع سمو الأمير.”
رغم أنني لم أُصب بكسر، كان قلق لوسيل وسوكيا مبالغًا فيه.
“يدي بخير. لا تؤلمني…”
“لكن…”
” الأميرة…”
“حسنًا، حسنًا! سأرتاح!”
أمام عيونهما الدامعتين، لم يكن لي خيار سوى الموافقة على الراحة.
‘وعلاوة على ذلك، قد يأتي رودريك إلى المتجر مجددًا.’
في المرة الأخيرة، منعني غايل وسوكيا من الظهور بمظهر سيء.
لكن ذلك كان صدفة. من يدري إذا عاد رودريك؟
‘لا يمكنني أن أظهر هذا المشهد للزبائن.’
لذا، استراحت لأيام، وكنتُ الآن أستعد للخروج.
‘…لكن…’
نظرتُ جانبًا.
كان الدوق ينظر إلى الأمام بوجه خالٍ من التعبير.
‘..لمَ َ الذهاب مع الدوق في عربة واحدة؟’
نعم، عندما خرجت من غرفتي، كان الدوق يقف عند الباب.
“… إلى أين أنتِ ذاهبة؟”
“أوه، لدي بعض المهام. سأعود سريعًا.”
قلتُ ذلك ببساطة. لكن الدوق، الذي كان يفترض أن يقول “حسنًا” كعادته…
“سأذهب معك.”
وخرج أولاً.
‘وهكذا انتهى بنا المطاف هكذا.’
لم أكن أكره الدوق، لكن، بصراحة، شعرت بالتوتر كما لو كنت أركب مع رئيس شركة كبرى.
“هل هناك شيء على وجهي؟”
سألني وهو ينظر إلى الأمام. أخفيت ارتباكي وابتسمت.
“لا، فقط… لم أرَ جدي يخرج منذ فترة. كنتُ أتساءل إلى أين ذاهب.”
“…فقط لدي بعض المهام.”
أجاب الدوق بحزم، كأنه يقطع شيئًا بسكين.
فهمتُ أنه لا يريد الكشف عن وجهته. أغلقت فمي بهدوء.
“فقط…”
فجأة، فتح الدوق فمه مجددًا.
“حدثت مصادفة أدت إلى خروجي. لا سبب آخر.”
“آه، حسنًا. إذن هكذا.”
يبدو أنه لم يكن يخفي شيئًا، بل لم يكن هناك سبب حقيقي.
بينما كنت أحدث قاموسي بطريقة حديث الدوق، سمعت ضحكة مكتومة.
كان هارلون، الجالس مقابلي، يحاول كبح ضحكته، وشفتاه ترتعدان.
عندما التقينا بالعينين، أنزل يده بسرعة وجلس بوضعية رسمية.
“صحيح. كان سيدي يعد لموعد مهم، وصادف أن التقى بالأميرة.”
تحدث هارلون بهدوء، كأنه لم يضحك أبدًا.
‘يضحك أكثر مما توقعت…’
“دافني.”
نظر الدوق إلى الأسفل وسأل. كان يركز على معصمي.
بالأحرى، على كورساج* الوردة الذي أرتديه.
«الكورساج: هو باقة صغيرة من الزهور تُعلّق عادةً على الصدر أو تُلبَس على المعصم، وتُستخدم في المناسبات الرسمية مثل الحفلات أو حفلات التخرج أو الأعراس.»
لم يكن الألم شديدًا، لكن العلامة الحمراء التي تركها رودريك استمرت طويلًا.
‘لو عرف الدوق أن رودريك كان هنا، ستقوم القيامة.’
لذا، بناءً على اقتراح لوسيل، ارتديت الكورساج.
‘زينة معصم! فكرة ذكية.’
“أوه، هذا؟”
نظرت إلى الشريط بلا مبالاة وقالت:
“سمعت أن هذا التصميم رائج هذه الأيام، فقررت تجربته.”
كان الكورساج، بشريط أبيض ووردة حمراء، أنيقًا ومناسبًا كزينة.
‘تصميم اقترحه لوسيل، وأحببته أكثر مما توقعت.’
بينما كنت أفكر، قال الدوق بوجه غامض
“…ليس هدية، أليس كذلك؟”
“ماذا؟ لا، بالطبع لا.”
في الحقيقة، كان هدية من لوسيل، لكنني لم أؤكد ذلك.
كان من الغريب أن تتلقى دافني كورساج فجأة.
ومع ذلك، بدا الدوق غير راضٍ.
“اللون يبدو…”
“ماذا؟”
“… .”
سألت مجددًا، لكن الدوق ظل عابسًا.
‘هل الزينة لا تعجبه…؟’
“دافني.”
تحدث الدوق فجأة بوجه جاد.
“الرجل الحقيقي ليس العنيف، بل اللطيف.”
“…ماذا؟”
رمشت بعيني من الكلام غير المتوقع.
‘لمَ يتحدث عن الرجال فجأة…؟’
لكن وجه الدوق ظل جادًا.
“الرجال ذوو اجساد الكبيرة يميلون إلى فرض قوتهم. يسببون المشاكل باستمرار، ويتركون وراءهم فوضى. هل تريدين رجلاً يجلب القلق بجانبك؟”
“أم… لا، بالطبع لا.”
“صحيح. هؤلاء الرجال متعجرفون وفاشلون كرجال.”
واصل الدوق حديثه بجدية، مطوي الذراعين.
“ليس هذا فقط. الرجال الذين يفهمون الإشارات، ويتوددون بلطف، ومخلصون هم الأفضل. هؤلاء من يستحقون التواجد بجانبك.”
أومأ الدوق لنفسه، كأنه ينطق بحقيقة، ثم نظر إليّ.
كأنه يسأل: ‘ما رأيك؟’
توقفت للحظة.
‘هذا السؤال مألوف جدًا.’
الرد بمخالفة رأيه هنا خطأ مبتدئ.
“نعم، صحيح. جدي على حق.”
أخفيت ارتباكي وابتسمت كأنني أوافق تمامًا.
أومأ الدوق راضيًا.
في تلك الأثناء، توقفت العربة ببطء.
كانت وجهتي، التي أخبرت بها السائق، مكتب البريد. سأل الدوق:
“ظننتك ذاهبة إلى المتجر الذي استثمرتِ فيه.”
“سأرسل وثيقة الفسخ مجددًا.”
“…وثيقة الفسخ؟”
“نعم.”
قلت بحزم:
“الرجل ذو جسد الكبير الذي يفرض قوته يجب أن أقطع علاقتي به بأسرع ما يمكن.”
“… .”
“إذا لم ينهِ الأمر من طرفه، سأذهب بنفسي لإنهائه. أنياب بيريجرين أقوى من أي شيء.”
استخدمت كلامه وشعار بيريجرين، الأفعى، للرد.
لأظهر عزيمتي على الفسخ.
بدأت زاوية فم الدوق ترتعد بشكل غريب، مثل هارلون الذي كان ينظر إلينا.
“صحيح، فكرة جيدة.”
أومأ الدوق راضيًا.
‘يبدو أنني أجبت بشكل مثالي.’
نزلت من العربة مطمئنة.
“إذن، سأراك لاحقًا في القصر.”
“حسنًا.”
أغلق الباب، وانطلقت العربة.
نظرت إلى العربة المبتعدة وتنهدت براحة.
‘كنت متوترة، لكنني نقلت نيتي للدوق جيدًا.’
الحياة مسألة توقيت. أومأت راضية.
‘بالمناسبة، لم أتوقع أن تكون معايير الدوق عالية هكذا. لهذا لم يحب رودريك.’
لا رجل سيلبي معاييره، وهذا افضل بالنسبة لي، لأنني لا أريد الزواج…
لكن لا يمكنني إنكار أن معاييره مرتفعة جدًا.
‘لكنه ليس مخطئًا.’
من يمكنه أن يطابق هذه المعايير؟
عند هذه النقطة، فكرت بشخص ما دون وعي.
شخص يترك المكان لأجلي، يبتسم بحرارة، ويهتم بحالتي قبل كبريائه.
‘…هل جننت؟ لمَ أفكر بهذا فجأة؟’
نفضت يدي في الهواء لأطرد الفكرة.
توقفت عند رؤية الكورساج الذي أهداني إياه لوسيل.
عندما ربطه لي، قال لوسيل:
“إذا كان هذا سيخفي أثر ذلك الوغد، فهذا يكفي.”
“… .”
“لو كان بيدي، لكنت…”
توقف لوسيل، وكأن عينيه اغتاظت للحظة.
“…آسف، سيدتي، على هذه الأفكار.”
اعتذر وربط الشريط تمامًا.
لم أقل شيء حينها، لكن كان له تأثير.
كلما نظرت إلى الشريط، لم أفكر بالعلامة الحمراء، بل بـ لوسيل.
ربما لهذا، شعرت بحكة حيث لمس الشريط.
“…”
حككت معصمي، وهربت إلى مكتب البريد كمن يفر من هذه الأفكار.
***
في قصر بيريجرين.
عاد الدوق، الذي قال إن له مهمة، مبكرًا خلافًا للتوقعات.
‘كان خروجه نادرًا، لذا بدا الأمر مهمًا…؟’
رحب الخدم بالدوق.
“أهلاً، سيدي الدوق.”
“… .”
تلقى الدوق التحية بوجهه المعتاد البارد.
في تلك اللحظة، دخل خادم آخر مهرولًا.
“كارثة! حادث على الطريق…!”
توقف الخادم عند رؤية الدوق.
“آسف، سيدي، لم أعلم أنك هنا…!”
“ما الأمر؟”
“أم… هناك حادث على الطريق المؤدي إلى إقطاعية أخرى، والطريق مغلق. قد يتأخر وصول الأعشاب.”
شهق الخدم داخليًا.
كون ريغارتا وجهة استشفاء، كانت حركة النبلاء مكثفة.
كانت العربات تتحرك معًا، والناس يعتبرون الطريق ممرًا لنقل بضائع النبلاء، لذا يتجنبه العامة.
وحادث على هذا الطريق؟
‘سيدي الدوق سيغضب…!’
ظهر القلق في أعين الخدم.
كما توقعوا، اغتاظت عينا الدوق. ثم تحدث ببطء.
“أمر كبير.”
“…!”
ابتلع الخدم أنفاسهم خائفين.
أن يتحدث الدوق القليل الكلام هكذا يعني أن الأمر خطير.
“سنحاول معالجة…”
“بما أن الطريق انهار، سيكون من الصعب دخول الغرباء.”
“ماذا… غرباء؟”
رمش الخدم مرتبكين.
لكن زاوية فم الدوق ارتفعت قليلاً، مثل هارلون.
في تلك اللحظة،
“كارثة!”
دخل خادم آخر، من المسؤولين عن المواد مثل السابق.
قال الأول:
“نعلم أن الطريق مغلق.”
“لا، ليس هذا! الطريق…!”
لوّح بيده وقال:
“حدث انفجار! الطريق انفتح تمامًا!”
“ماذا؟ انفجار؟”
“لا يمكن أن يحدث هذا بدون سحر…!”
“هل هناك إصابات؟”
“لا أحد، فقط الطريق انفتح.”
“يا إلهي، أمور غريبة تحدث…”
تضايق الخدم.
وسط الضجة، سأل دوق بيريجرين هارلون بهدوء.
“…لم أأمر بانفجار، أليس كذلك؟”
“لا أعلم، سيدي. المواد جاهزة مسبقًا، فلن تكون هناك مشكلة…”
انفجار فجأة؟ إجراء مناسب، لكنه مصادفة مذهلة.
“اليوم، نتحدث كثيرًا عن المصادفات…”
تمتم هارلون بدهشة.
التعليقات