الحلقة 95
تمايلت عينا رودريك بالذّعر.
كأنّه لا يصدّق أنّ دافني، تلك الفتاة، قد دفعته بعيدًا وتحدّثت إليه بلا تكلّف.
لكنّه سرعان ما أدرك الموقف، فتجهّم وجهه.
“من قال إنّ الفسخ يتمّ بمزاجك؟”
أمسك بمعصمي بقوّة وسحبني نحوه بعنف.
بسبب ذلك، سقطت وثيقة الفسخ والحلوى التي قدّمتها له على الأرض بلا حول ولا قوّة.
نظرتُ إليه بحدّة وقُلتُ:
“أطلق يدي.”
“لا أستطيع. أنا لا أقبل هذا الفسخ. بل لن أفعل.”
تمتم وهو يجزّ على أسنانه، وسحبني نحوه أكثر. مع ازدياد قوّة قبضته، تقلّص وجهي من الألم.
أطلقتُ ضحكة ساخرة.
“ها، والآن تستخدم العنف أيضًا؟ منذ متى أصبحت أخلاق إيفانز بهذا السوء؟”
“عنف؟ إنّه مجرّد محاولة للحلّ بطريقتي لأنّ الحوار لا يجدي.”
ضحك رودريك بسخرية وكأنّ الأمر لا يستحق. ثمّ سرعان ما جمّد تعبيره ونظر إليّ بنظرات باردة.
“لذا غيّري رأيك. إلغي كلامك عن الفسخ الآن.”
زادت القوّة في قبضته على معصمي.
‘هذا الوغد، لن يتركني حتّى أقول إنّني سألغي الفسخ.’
بل إنّ قبضته كانت تزداد قوّة.
عندما ظهر الألم على وجهي، قال رودريك بنبرة متعنّتة:
“لا تعقّدي الأمور بكبريائك. كلمة واحدة تكفي.”
“…”
“قولي إنّك ستلغينه. كلّه كذب. أليس هذا سهلًا؟”
همس رودريك بنبرة مغرية وهو يقرّب وجهه.
عند رؤية وجهه، تذكّرت فجأة كلام دوق بيريجرين قبل مغادرتي القصر.
“إذا ظهر أحدهم بتصرّفات غريبة، اركليه فورًا و بقوّة.”
وها هو ذلك الشخص الغريب أمامي الآن.
بصراحة، العنف ليس أسلوبي. لكن…
‘نشأتُ في بلاد الكونفوشيوسيّة، فلا يمكنني تجاهل كلام الكبار!’
جمعتُ قوّتي في طرف قدمي اليمنى.
ثمّ-
بام!
ركلتُ ساقه بكلّ قوّتي.
“آه…!”
تلوّن وجه رودريك بالألم على الفور، وخفّت قبضته على معصمي.
استغللتُ الفرصة ولويتُ جسدي لأهرب منه.
“دافني!”
‘هذا المجنون!’
لكنّ إصرار رودريك كان أقوى ممّا توقّعت.
صاح بغضب وهو يركض نحوي. ثم أمسك ذراعي بقوّة.
“إذا كنتِ ستواجهينني هكذا، فلن يكون أمامي سوى استخدام طريقتي…”
في تلك اللحظة التي سحبني فيها نحوه بعنف، توقّف كلامه فجأة.
وخفّت قبضته على ذراعي تدريجيًا.
استدرتُ ورأيتُ شخصًا هناك، فاتسعت عيناي.
كان لوسيل يمسك بمعصم رودريك.
“لم أكن أتوقّع أن نلتقي هنا مجدّدًا، سيد إيفانز.”
حيّا لوسيل بنبرة هادئة.
لكنّ عينيه لم تكونا تضحكان أبدًا.
***
قبل الوصول إلى الصالون، فرك لوسيل عينيه بتعب.
فسأله غايل، الجالس مقابله:
“سيّدي، ألم تنم جيّدًا البارحة؟”
“أجل، قليلًا…”
كاد لوسيل يجيب دون تفكير، لكنّه أغلق فمه مجدّدًا.
“لا، نمتُ جيّدًا.”
كان جوابًا منعشًا، لكن غايل لم يقتنع وأضيّق عينيه.
‘حسنًا…’
أنزل غايل بصره إلى الأسفل، وتبعه لوسيل بنظره.
كانت هناك كومة من الزجاجات البنيّة.
مؤخرًا، حقّق مُنتج استعادة الطاقة الجديد الذي أطلقه صالون أرتيميس، جنبًا إلى جنب مع “عصا الامتحان”، مبيعات عالية.
كشريك لها، كان من المفترض أن يفرح لزيادة المبيعات.
في الواقع، عندما خطرت الفكرة لدافني، كانت سعيدة جدًا.
‘كانت عيناها الخضراوان تلمعان، وابتسامتها مشرقة.’
عندما تذكّر دافني، ارتسمت ابتسامة لا إراديّة على شفتي لوسيل.
لكن…
“فكرة رائعة حقًا، بيكي. أنا محظوظة جدًا لأنّكِ بجانبي.”
“أنا، أنا من تشرف بالعمل معكِ، سيّدتي…”
عندما تذكّر كلام دافني ووجه بيكي المحمرّ ردًا عليه، تلاشت ابتسامة لوسيل ببطء.
“…”
كان أمرًا غريبًا. كالعادة، كانت دافني تبتسم بسعادة.
لكن عندما وجّهت تلك الابتسامة لشخص آخر… شعر بإحساس غامض.
كأنّ قلبه يُضيّق، وفي الوقت ذاته… شعور بالضيق.
شعر بالغضب، لكنّه لم يعرف من يغضب منه، فشعر بالإحباط.
لذا، لم يجد سوى أن يتناول مُنتج استعادة الطاقة بشراهة.
“ليس لأنّني أحاول معرفة مدى جودته، ليس شيئًا تافهًا كهذا.”
أجاب لوسيل بنبرة غير مبالية.
“من الطبيعيّ فحص فعاليّة الدواء وآثاره الجانبيّة. أنا فقط أقوم بواجبي.”
“…”
كان كلامه صحيحًا.
باستثناء أنّ السحرة في برج السحر سيواجهون صعوبة في التخلّص من تلك الزجاجات المتراكمة.
“أنا شريك اميرة، لذا يجب أن أكون دقيقًا في التقييم.”
“…”
“لا توجد أيّ نوايا أخرى. حقًا.”
عبّر لوسيل عن رأيه بحماسة.
“حسنًا، إذن… ما النتيجة؟”
لكن عند سؤال غايل، توقّف لوسيل لحظة.
ثم قال بنبرة كئيبة:
“…كان لا تشوبه شائبة.”
“هذا رائع!”
أجاب غايل بنبرة مندهشة.
أن يخرج مثل هذا التقييم من فم سيّده، كان أعلى تقدير ممكن.
لكنّ وجه لوسيل ظلّ كئيبًا.
لم يكن بسبب قلّة النوم.
ففي النهاية، لم يشعر بتعب يُذكر حتّى لو سهر ليالٍ.
لكن إذا فكّر في سبب هذا الشعور…
“…لماذا لم أفكّر في هذا؟”
“ماذا؟”
“زجاجة بنيّة. فكرة بسيطة جدًا.”
تمتم لوسيل بنبرة محبطة.
“لو أنّني فكّرت فيها قبل إيكي آيفورن، لكان ذلك أفضل.”
“…بيكي آيفورن.”
“أجل، بيكي آيفورن.”
“…”
“لو سبقتُ بيكي آيفورن، لكنتُ ساعدتُ اميرة.”
كنتُ سأرى تلك الابتسامة وأشاركها فرحتها.
ربّما سمعتُ منها أنّها محظوظة بوجودي.
نظر إليه غايل بحذر وقال:
“لكنّك، سيّدي، ألم تساعد سيّدتي كثيرًا بالفعل؟ لو عرف سحرة البرج مقدار مساعدتك، لأُغمي عليهم.”
كان كلام غايل صحيحًا.
في الحقيقة، ساعد لوسيل دافني كثيرًا.
لو حسبنا قيمة ذلك، لكانت تعادل ميزانيّة عائلة نبيلة لسنة كاملة.
بل إنّه أدّى دور وكيل سيد البرج، وهو أمر لا يُقدّر بثمن.
لكنّه لم يشعر بالأسف على الإطلاق.
بل إنّه، إذا استمرّ سيرى ابتسامتها، قد يفعل أكثر من ذلك.
أراد أن يحضر لها كلّ ما تحتاجه، وأن يشاركها همومها.
‘…وإن أمكن.’
أراد أن يكون الوحيد الذي تُعتمد عليه.
لم يعرف لوسيل كيف يُعرّف هذا الشعور.
كان يعلم أنّه شعور طفوليّ، لكنّه أراد تبريره بشدّة…
لذا، قضى الليل يقلّب في كتاب أوصى به غايل، لكنّه لم يجد إجابة واضحة.
بل أرهق عينيه من كثرة القراءة.
بصراحة، كان متعبًا.
ليس جسديًا.
بسبب تلك القوّة السحريّة المزعجة، لم يكن يهتم بمشاعر الآخرين، ولا حتّى بمشاعره.
‘كنتُ كذلك بالتأكيد.’
فلماذا أصبحتُ أهتم بمشاعرها لهذه الدرجة؟
بينما كان لوسيل يعبّس من الإحباط، قال غايل فجأة:
“أوه؟”
نظر خارج العربة وقال:
“إنّها السيّدة.”
في الحال، نظر لوسيل من النافذة. كما قال غايل، كانت دافني هناك.
لكنّها لم تكن وحدها. عندما رأى الشخص الآخر، جمّد لوسيل تعبيره.
“الرجل بجانبها… أوه، إنّه خطيب السيّدة.”
“…”
“أقصد، خطيبها السابق.”
صحّح غايل تسميته بسرعة.
“لكن بما أنّه جاء إلى هنا، هل يعني ذلك أنّ الفسخ لن يحدث؟”
“…”
لم يستطع لوسيل نفي ذلك بسرعة.
لأنّه هو نفسه لم يكن متأكّدًا.
بل إنّ…
“أوه، يبدو أنّ أجواء الحديث بينهما جيّدة.”
كانت العربة بعيدة بعض الشيء، فلم يسمع ما يتحدّثان عنه.
لكنّه رأى بوضوح أنّ دافني كانت تبتسم.
“لندعهما يتحدّثان براحة، يجب أن نمرّ بهدوء…”
“غايل، بصرك سيء جدًا.”
قاطعه لوسيل بحزم.
“ماذا؟ ماذا تعني…؟”
رفع غايل رأسه متعجّبًا. كان لوسيل يحدّق في دافني.
كما قال غايل، كانت دافني تبتسم بالفعل. لكنّه رأى بوضوح العداء والخوف على وجهها.
في تلك اللحظة، لم يعد هناك سبب للتردّد.
“غيّر نظارتيك.”
قال لوسيل بحزم وفتح باب العربة بعنف.
“بل ارمِهما.”
ثمّ نزل من العربة دون توقّف. لم يسمع نداء غايل.
التعليقات لهذا الفصل " 95"