فتحتُ عينيّ ببطء. كانت رؤيتي غريبةً ومشوّشةً بعض الشيء، لكنّ ذهني كان صافيًا كالسّماء المقشّعة، يملؤه شعورٌ بالانتعاش.
‘أين أنا…؟’
بعد أن رمشتُ بعينيّ مرّتين، بدأت رؤيتي تتّضح تدريجيًا.
سقفٌ مظلم، ستائر مغلقة بإحكام. ثيابٌ ممزّقة مبعثرة على الأرض بفوضى. و…
أنزلتُ بصري ببطء.
ذراعٌ قويّةٌ مشدودة العضلات كانت تلفّني بإحكام كالأفعى.
أدرتُ رأسي قليلًا، فرأيتُ وجه لوسيل النّائم بهدوء. وكذلك صدره العاري المكشوف تمامًا.
‘الآن تذكّرتُ…’
تدفّقت الذّكريات فجأة، فتوقّفتُ عن رفع يدي لتغطية وجهي عندما شعرتُ بوخزٍ مفاجئ.
كانت يداي مليئتين بعضّات الأسنان هنا وهناك، كما لو أنّ وحشًا يصطكّ أسنانه قد عضّني.
‘…وحشٌ بالفعل.’
“حلوة.”
كان يهمس وكأنّه سيعتني بي بحنانٍ لا نهائيّ، لكنّه لم يخفِ رغبته في التهامي بالكامل.
“هنا، وهنا أيضًا… حلوة جدًا…”
“لوسيل…”
“لا أستطيع التّوقف…”
غمرني شعورٌ بالتملّك ونشوةٌ لم أختبرها من قبل. شعرتُ أنّ عقلي سيتعكّر إن استمرّ الأمر هكذا.
توسّلتُ إليه أن يتوقّف، أنّني لا أستطيع تحمّل المزيد، لكنّه في كلّ مرّة كان يذرف الدّموع.
“أرجوكِ، دافني…”
جسدٌ مبلّل بالعرق والحرارة، وجهٌ متألّم من عدم إشباع رغباته، عينان حمراوان، وصوتٌ ينادي اسمي بحلاوة تجعل السّامع يتألّم… عندما كنتُ أنظر إليه، كنتُ أغرق في شعورٍ غريب.
شعورٌ مخيفٌ بالرّضا أنّ رجلًا بهذا الجمال يحتاجني بشدّة وعمى.
تحت تأثير هذا الفكر، استسلمتُ له مرّاتٍ ومرّات. في رؤيتي المحمومة، كان السّقف، وجسد لوسيل القويّ، والملاءة البيضاء .
كنتُ على وشك أن تغمرني أحاسيس أقوى من قبل. قلتُ إنّه لا يمكن، إنّني بلغتُ الحدّ، لكنّه كان قد فات الأوان. كان يترك علامات أسنانه على كاحلي، وينظر إليّ بنظراتٍ ثاقبة.
“أرجوكِ، انقشيني في عينيكِ.”
“لوسـ… ـيل…”
بعيونٍ غارقة في العاطفة ، جفّت دموعه بالكامل.
أن ينام مثل هذا الشّخص الآن بوجهٍ ملائكيّ، أمرٌ لا يُصدّق.
لكنّ الجيّد أنّ وجهه لم يعد يحمل أيّ أثرٍ للألم.
لهذا شعرتُ بالرّاحة، ولأنّه كان يبدو جميلًا، مددتُ يدي نحوه ببطء.
لمستُ شعره الفضيّ اللامع، وأهدابه الطّويلة، وأنفه الحادّ ببطء. وعندما وصلتُ إلى شفتيه…
ارتجفت شفتاه للحظة. لم تكن حركة نومٍ مضطرب، بل كانت واضحةً جدًا.
‘هل يمكن…؟’
توقّفتُ عن الحركة ونظرتُ إليه بثبات.
بعد لحظات، بدأ وجهه يحمرّ تدريجيًا، وارتجفت أهدابه الطّويلة.
“أعرف أنّك استيقظتَ.”
ارتجف لوسيل فجأة.
بعد قليل، فتح عينيه ببطء. ظهرت عيناه الحمراوان الصّافيتان الشّفّافتان، غير المعكّرتين بعد الآن.
“صباح الخير، سيّدتي.”
ابتسم لوسيل بعينين متورّدتين ببراءة.
“لماذا تظاهرتَ بالنّوم؟”
“أم، لأنّكِ ستستمرّين بلمسي إن فعلتُ…”
عندما سألته بنبرةٍ صلبة، تمتم لوسيل بدلال.
غطّت يده الكبيرة ظهر يدي بلطف، ثمّ ترك قبلةً صغيرةً على راحة يدي.
“هل نمتِ جيّدًا، سيّدتي؟”
“…على الأقلّ لم أرَ كوابيس.”
لم أعرف حتّى متى غفوتُ. رميته بكلامٍ لاذع بعض الشيء، لكنّ لوسيل تظاهر بعدم فهمه وفرك خدّه براحة يدي.
“ولوسيل، هل رأيتَ حلمًا جيّدًا؟”
“نعم. لم أنم بهذا العمق في حياتي من قبل.”
ابتسم وهو يستند براحة يدي بتكاسل.
“و… أن أستقبل الصّباح مع شخصٍ ما هكذا، هذه أيضًا المرّة الأولى.”
“…”
“لم أكن أعرف أنّه شعورٌ سعيدٌ لهذه الدّرجة.”
قال لوسيل ذلك وهو يحني عينيه.
ما قد يراه البعض أمرًا عاديًا، كان لوسيل يشعر به كسعادةٍ لا تُضاهى.
التعليقات لهذا الفصل " 182"