الحلقة 172

 

تنهَّد إيرين مرة أخرى.  

 

 

لم يدعُ لوسيل لتوبيخه.  

 

 

كان من المؤكد أن كافارويل تورطوا في أمر مشبوه، وكادت الأميرة أن تفقد متجرها الذي تديره بنجاح.  

 

 

دافني دافعت عن نفسها بأقصى ما تستطيع. لا يمكن تحميلها مسؤولية هذا الوضع.  

 

 

‘لكن…’  

 

 

“إنه خطأي.”  

 

 

“ماريا، ماذا تعنين؟”  

 

 

“كما تعلم، سموك… أنا من العامة. رغم خضوع الدواء لفحص المعبد والعلماء، كنت أعلم أن البعض لن يثق به. لذا طلبت من كافارويل مساعدتي، لكنني لم أتوقع هذا السوء فهم…”  

 

 

عضت ماريا شفتيها بوجه يعتريه الذنب.  

 

“لذا دعني أشارك في الخروج.”  

 

 

“هذا تصدُّع، وليس أمرًا عاديًا. قد تكون حياتكِ في خطر.”  

 

 

“لا يهم. لقد كنتُ ميتة مرة من قبل. الموت مرة أخرى لا يخيفني.”  

 

 

“…”  

 

 

“دعني أذهب معك.”  

 

 

لمعَت عينا ماريا بالعزيمة، كمن مستعد للموت أو أكثر. لا يمكن رفض شخص كهذا.  

 

لكن شعورها بالذنب كان بسببه.  

 

بسبب منصبه كولي عهد.  

 

 

أثقل هذا الفكر قلبه.  

 

 

لذا، لحماية ماريا، كان عليه الحفاظ على سلطة ولي العهد، لئلا يصبح مثل والده.  

 

 

“حسنًا، دعينا نتجاوز هذا. ليس خطأكِ.”  

 

 

واصل إيرين. 

 

 

“أنتِ تعلمين أننا نخرج اليوم لقمع التصدُّع في لوتوس، أليس كذلك؟”  

 

 

تظاهر لوسيل بالدهشة، كأنه يسمع الخبر لأول مرة.  

 

 

لكن التصدُّع يعني ولادة الوحوش، ولوسيل، الحساس للغاية للسحر، لا يمكن ألا يعلم.  

 

 

“حقًا؟ عدتَ للتو، وعليَّك الخروج مجددًا؟”  

 

 

تجاهل لوسيل الأمر، كأنه يعرف ما سيُقال. 

تنهَّد إيرين.  

 

 

“هذا التصدُّع كبير. عائلات الأبطال ملزمة بالمشاركة. لذا، أتمنى أن تنضم أيضًا.”  

 

 

ضيَّق لوسيل حاجبيه قليلاً، كأنه يفكر. لكن…  

 

 

“لن أذهب.”  

 

 

كان الرفض واضحًا وحاسمًا.  

 

 

كما توقَّع. لم يتوقع إيرين أن لوسيل، على وجه الخصوص، سيوافق بسهولة.  

 

 

“المشاركة لن تضرك. ربما… قد تُكرَّم وتُعترف به من الدوق بيريجرين، وربما الأميرة أيضًا.”  

 

 

“…”  

 

 

“لوسيل، هل أخبرتكَ الأميرة بمشاعرها تجاهك؟”  

 

 

توقفت ابتسامة لوسيل الرسمية فجأة.  

 

أدرك إيرين. 

 

 

‘كما توقعت، لم تعترف دافني بمشاعرها للوسيل.’  

 

 

ومع ذلك، كرَّس لوسيل نفسه لها.  

 

 

‘لماذا؟’  

 

 

لم يفهم إيرين لوسيل.  

 

 

كان الأمر غريبًا. لوسيل لديه نفور عام من البشر، لكنه لا يظهره علنًا، بل يحل الأمور سرًا.  

 

 

ومع ذلك، كان يظهر حبه لدافني بنظراته وتعبيراته.  

 

 

لكن دافني لم تكن كذلك. بالطبع، لا يعتقد إيرين أنها تستغله. لو كان الأمر كذلك، لما تبعها لوسيل.  

 

 

لكن الفارق في المشاعر كان واضحًا.  

 

 

“لوسيل، الناس لا يزالون يرونك خطرًا.”  

 

 

“…”  

 

“لكن إن نجحتَ في قمع التصدُّع، سينظرون إليك بإيجابية. لن يجد الدوق بيريجرين مبررًا لمعارضتك.”  

 

 

آمن إيرين بقوة الرأي العام. إعجاب الناس قوة لا تُضاهى. أراد إيرين أن يمتلك لوسيل هذه القوة.  

 

 

ابتسم لوسيل. 

 

 

“استراتيجية جيدة.”  

 

 

“إذن…”  

 

“ومع ذلك، لن أذهب.”  

 

 

كما توقَّع. تنهَّد إيرين. كان مصممًا على عدم التراجع دون إجابة مقنعة.  

 

 

أجاب لوسيل بنبرة متعبة. 

 

“أخي، لا أحتاج إعجاب الناس.”  

 

 

“لماذا؟ لقد ظهرتما معًا أمام الناس كثيرًا، لكن علاقتكما لم تُعترف رسميًا. يمكن استغلال هذا لتوضيح العلاقة.”  

 

 

“قد يكون كذلك. لكن هل ستكون تلك الضغوط قرارها الحقيقي؟”  

 

 

أغلق إيرين فمه.  

 

 

كان كمن طُعن من حيث لا يتوقع.  

 

 

نعم، فكَّر لوسيل في هذا أيضًا.  

 

 

ربما يمكنه استغلال الشائعات لتوضيح علاقتهما.  

 

 

لكنه تخلَّى عن الفكرة بسرعة.  

 

 

‘لأن ذلك سيضع دافني في موقف صعب.’  

 

 

بدأ هو الحب أولاً. لذا، كان راضيًا بأن تشعر دافني بمشاعر مشابهة.  

 

 

“أنا راضٍ بإذنها بالبقاء إلى جانبها.”  

 

 

“…”  

 

 

“هذا كل ما أريده.”  

 

 

بالطبع، لا ينوي التخلي عنها.  

 

 

ابتلع لوسيل كلماته الأخيرة وابتسم.  

 

فكَّر إيرين: حب لوسيل لدافني أعمى ومكرَّس أكثر مما تخيَّل.  

 

 

كان إيرين قلقًا قليلاً. لوسيل لا يعرف الحب بدقة، فخشي أن يتجاوز الحدود ويصبح مهووسًا بدافني.  

 

 

لكن يبدو أن هذا القلق غير ضروري.  

 

 

فماذا يمكنه قوله بعد؟ رفع إيرين يديه مستسلمًا. 

 

 

“بدلاً من التغلب عليك، أفضِّل مواجهة الوحوش.”  

 

 

“قرار حكيم.”

 

 

نهض لوسيل مبتسمًا. انتهى الأمر، ولم يعد هناك وقت للتأخير.  

 

 

بالنسبة للوسيل، كان لقاء إيرين يتطلب صبرًا كبيرًا.  

 

 

بالطبع، هذا كان بسبب اقتراح دافني. 

 

 

عندما كان يتجه نحو الباب، قال إيرين:

 

  

“لم تخبرها بذلك، أليس كذلك؟”  

 

 

توقف لوسيل ونظر إليه. 

 

 

“لماذا؟”  

 

 

“جرب أن تقول. سيكون أكثر فعالية من التملُّق العلني.”  

 

 

ضحك لوسيل.

 

  

“آه، هذا.”  

 

 

يبدو أن أخاه يظن أنه يتظاهر بالتملُّق عمدًا.  

فكَّر لوسيل للحظة، ثم ابتسم. 

 

 

“أفعل ذلك لأنني أحب ذلك.”  

 

 

“ماذا؟”  

 

 

“التظاهر بالتملق بكل الطرق أكثر فعالية لكسب إعجابها من التفاخر.”  

 

 

وعلاوة على ذلك…  

 

 

“التودد إليها أمامها… ممتع أكثر مما تتخيل.”  

 

 

مال لوسيل برأسه دون إخفاء غروره. ورغم ذلك، بدا مناسبًا، مما جعل إيرين يغمض عينيه.  

 

 

لوَّح إيرين بيده، كأنه يطرد الاشمئزاز.

 

 

“حسنًا، افعل ما تريد. لن أتدخل بعد الآن.”  

 

 

“شكرًا على الدعم.”  

 

 

على الرغم من نبرته المشمئزة، ابتسم لوسيل كأنه حصل على تشجيع، وغادر الغرفة مبتهجًا بتأكيد حبه.  

 

 

أمام القصر، تجمَّعت العائلات المستعدة للخروج.  

 

 

‘ومن بينهم بيريجرين.’  

 

 

بما أن الجد سيسافر بعيدًا، كان من الطبيعي توديعه.  

 

 

بينما كان لوسيل يدندن ويدور حول الزاوية، كاد يصطدم بشخص قادم. تراجع بسرعة.  

 

 

“آه…”

 

 

نظرت ماريا وخدمها إليه بمفاجأة.  

 

 

لكن للحظة، ضيَّق لوسيل عينيه.  

 

 

رغم انشغاله، لم يكن لدرجة ألا يشعر بحضور الآخرين.  

 

 

لكن مع هذا القرب، وهذا العدد من الأشخاص، لم يشعر بأي حضور.  

 

 

‘هل هذا صدفة؟ أم…’  

 

 

ضيَّقت عيناه أكثر.  

 

 

“آسفة، كنتُ مستعجلة…”  

 

انحنت ماريا بسرعة.  

 

ابتسم لوسيل. 

 

“لا بأس، لم نصطدم.”  

 

“شكرًا على تفهمك.”  

 

 

ابتسمت ماريا بحرارة كضوء الربيع.  

 

 

“بالمناسبة، هذه أول مرة نلتقي وجهًا لوجه. التقيتُ بجميع أفراد العائلة الإمبراطورية، لكن لم أرَ سمو الأرشيدوق من قبل.”  

 

 

ترددت ماريا، ثم سألت بحذر:  

 

 

“الآن وقت الخروج، لكن ربما لاحقًا مع سمو ولي العهد…”  

 

 

“…”  

 

 

“هل هذا ممكن؟”  

 

 

نظرت ماريا إلى لوسيل بعيون مليئة بالتوقع.  

 

تأمل الخدم بهدوء.  

 

 

ماريا هي الأبرز في الإمبراطورية حاليًا.  

 

 

ومع وجود الخدم، وطلب من حبيبة أخيه غير الشقيق، سيكون من مصلحة لوسيل قبول الطلب.  

 

 

‘إنها تفكر في علاقته مع أخيه.’  

 

 

‘الآنسة ماريا لطيفة حقًا…’  

 

أعجبوا بلطف ماريا داخليًا. 

 

“…”  

 

نظر لوسيل إلى ماريا بهدوء.  

 

 

بعد قليل، أصدر صوت “آه”، كأنه انتهى من التفكير، وظهرت ابتسامة صغيرة. ابتهجت ماريا، لكن… 

 

 

“آسف، آنسة أريا. هذا صعب.”  

 

“ماذا؟”  

 

 

“أنا مشغول قليلاً.”  

 

 

كان الرفض واضحًا وحاسمًا.  

 

 

بل إنه أخطأ في اسمها، قائلاً “أريا”.  

 

 

لكنه بدا واثقًا، كمن لا يدرك خطأه.  

 

 

‘لحظة، هذا يعني…’  

 

 

لم يكن يعرف حقًا.  

 

 

اسم حبيبة أخيه، التي التقاها مرات عديدة.  

علامة سيئة. ابتلع الخدم ريقهم ونظروا بهدوء.  

 

 

كما توقَّعوا، تصلَّب وجه ماريا بشكل ملحوظ.