الفصل 161
***
بالنسبة لشخص يدخل المجتمع الراقي لأول مرة، لا يوجد شيء أكثر إغراءً من عرض ريجي.
خاصة أنني أشرتُ بالفعل إلى تناقض ملابس ماريا وحذائها في ذلك اليوم.
من وجهة نظر ماريا، كان من المنطقي قبول عرض ريجي.
‘هل يجب أن أتدخل الآن؟’
بينما كنت أفكر بعبوس، ابتسمت ماريا.
كانت ريجي ترفع زاوية فمها، كأنها تقول “هذا متوقع”.
“لا بأس.”
لكن عند كلامها التالي، تجمدت ابتسامة ريجي.
“…آنسة ماريا، ماذا قلتِ؟”
“صحيح أن هناك سوء تفاهم بسيط مع الآنسة…”
خفضت ماريا عينيها للحظة، كأنها مترددة.
“لكنه أمر يمكن تجاوزه. لم يكن بالأمر الجلل، لكنني أنا من أخطأت بالحديث…”
“آنسة ماريا…”
“الآنسة لم ترتكب أي خطأ. لذا أرجوكم، لا تتحدثوا عنها بسوء…”
صرخت ماريا كأن الأمر يخصها، ثم توقفت فجأة.
لأن عينيها تقابلتا مع عيني مباشرة.
ارتجفتُ أنا أيضًا بشكل لا إرادي.
كان هناك حاجز بيننا، وكنت أرتدي قبعة عريضة.
‘ما لم ينظر أحدهم عن كثب، لن يعرف أنني أنا!’
لكن ماريا بدت متأكدة من هويتي.
غطت فمها بدهشة، وقامت من مكانها.
“الآنسة بيريجرين…!”
عند همستها، قامت النبيلات الأخريات أيضًا.
“الآنسة…؟”
“لماذا هي هنا…؟”
ابيضت وجوه الجميع.
بصراحة، كنت في موقف محرج لأنني كنت أتنصت.
‘لكن البقاء صامتة في مثل هذا الموقف لا يتناسب مع شخصية دافني.’
قمت من مكاني، وخلعت قبعتي، فتدفق شعري الوردي كالشلال.
مع تجاهل تنهيدات الدهشة، ناولت قبعتي لأحد الموظفين، الذي تلقاها مرتبكًا.
“نلتقي مجددًا.”
“لماذا الآنسة هنا…؟”
“آه، كنت فقط مارة، لكن أصواتكم كانت عالية جدًا.”
رفعت شعري وابتسمت.
في الحقيقة، لم تكن أصواتهم عالية، لكن من كان يتحدث عني بسوء ويُكتشف لن يجرؤ على الرد.
“…”
بينما كان الجميع يعضون شفاههم مرتبكين، قالت ريجي بسخرية.
“أليس هذا صحيحًا؟”
“ذهبت ماريا إلى المكان الذي أرشدتها إليه الآنسة وضلّت طريقها. أليس من المنطقي أن نفكر أنكِ أرشدتها خطأ؟”
“لا تتحدثي بطريقة ملتوية. أنتِ تريدين القول إنني أرشدتها خطأ عن عمد، أليس كذلك؟”
ضحكتُ دون تردد، فأجابت ريجي بعبوس.
“نعم، أعتقد أنكِ فعلتِ ذلك عن عمد.”
“وإن لم يكن كذلك؟”
“سأعتذر أمام الجميع إن استطعتِ إثبات ذلك.”
وقفت ريجي بثقة، متأكدة من أنني لن أستطيع الإثبات.
كذلك كانت النبيلات الأخريات، باستثناء ماريا التي بدت مرتبكة، تحث على عدم الجدال.
‘إذًا، يحاولون التغلب عليّ بالأعداد؟’
لهذا يجب دائمًا بناء شبكة علاقات.
بينما كنت أعبس بسبب نقص الأصدقاء، جاء صوت مألوف.
“أنا رأيت.”
كانت يورينا سيريويغ، التي عملت معي على العلاج في أكاديمية ريغارتا، وتكره الزواج.
وكانت الشاهد الوحيد الذي رأى ماريا معي.
“لكن لماذا هي هنا؟”
في دهشتي، قالت يورينا بنبرة منزعجة.
“الموعد النهائي يقترب، وهذا الضجيج لا يُطاق…”
تمتمت بشيء ثم قالت لريجي بعبوس.
“رأيتُ الآنسة ترشد ماريا بشكل صحيح. أليس كذلك؟”
“آه… نعم، صحيح.”
ترددت ماريا، متفاجئة، ثم أومأت.
“لكن…!”
تراجعت ريجي مرتبكة.
مع ظهور شاهد وتأكيد ماريا، إصرارها على عكس ذلك سيجعلها تبدو غريبة.
الطريقة الوحيدة للخروج هي التشكيك في علاقتي بيورينا، لكن للأسف، لم نكن مقربين، فليس لديها سبب لدعمي.
‘والأكثر من ذلك، هي مدعوة رسميًا من العائلة الإمبراطورية بسبب العلاج.’
التشكيك في شهادة يورينا قد يُعتبر معارضة للعائلة الإمبراطورية.
أغلقت ريجي فمها بعبوس غاضب.
عندما لم تتحرك، لوحت بمروحتي وتنهدت بصوت عالٍ.
“لا يمكن للمرء أن يظل صامتًا دائمًا. إذا لم توضح الأمور في حينها، تكبر سوء التفاهم.”
“لقد استنتجت بناءً على الموقف…”
“بالمناسبة.”
قاطعت ريجي بحزم وهي تحاول التبرير.
“تساءلت فجأة عن الماء المقدس الذي قلتِ إن رودريك أعطاكِ إياه.”
“!”
“ألم تتحققي من الأمر بعد؟ هناك من يعتقد أن رودريك أعطاكِ الماء المقدس، لكنكِ قلتِ لي إن ذلك لم يحدث.”
عبستُ كعالم يغرق في التفكير، فابيض وجه ريجي.
كان رد فعل طبيعي، لأنها لم تتلقَ الماء المقدس من رودريك أبدًا.
“إذا سألت المعبد مباشرة عما إذا كان ذلك صحيحًا؟”
المعبد، المشغول بقضية هيلا، لن يتجاهل هذا الأمر، بل سينفي بقوة أن ريجي تلقت الماء المقدس.
صرخت ريجي غاضبة.
“لماذا تذكرين هذا الآن؟ كنت مريضة بالفعل! وأنتِ متورطة في ذلك!”
كان لكلامها وجهة نظر. حتى لو تم تبرئتي، إعادة فتح القضية لن تفيدني.
“هذا صحيح…”
مددتُ كلامي، فأضاء وجه ريجي.
“لكنكِ تعلمين أن حلمي أن أصبح قديسة، أليس كذلك؟ إن لم أستطع، فعليّ تحقيق العدالة بهذه الطريقة.”
عبست ريجي مجددًا عند ابتسامتي.
“ماذا…!”
“كيف أتجاهل شيئًا قد يؤدي إلى الفساد؟ مع كل التبرعات التي قدمتها، يجب أن أحقق جيدًا.”
“لكن التبرعات الكبيرة لا تعني أن هذا شأن عام!”
“لا تقلقي. سأسأل إن كان شأنًا خاصًا أم لا. هل يمكنكِ التواصل مع المعبد؟ لدي سؤال…”
تصرفتُ كأنني سأنفذ الفكرة، فصرخت ريجي بسرعة.
“أنا…!”
توقفتُ، ورفعتُ حاجبي بهدوء، كأنني لم أبتسم بلطف من قبل.
عضت ريجي شفتيها، ثم قالت بهدوء:
“…لقد أسأت فهمك، آنسة.”
“غريب، لم أسمع جيدًا.”
ميلت رأسي بتكبر متعمد، فأمسكت ريجي تنورتها بذل وخفضت رأسها.
“…لقد أسأت فهمك. أرجوكِ، سامحيني.”
كانت نبرتها متظلمة، لكن موقفها مثالي.
“هذا يكفي.”
أومأت، فركضت ريجي خارج الصالون بوجه محمر.
شعرت النبيلات الأخريات بالخطر، فتفرقن مع اعتذارات.
بعد هذا العرض، لن يجرؤ أحد على ذكر ذلك اليوم مجددًا، لأنه سيؤدي إلى تشويه سمعتهم.
‘جئت فقط لفهم الوضع، لكنني حصلت على مكسب جيد.’
بينما كنت أحسب مكاسبي داخليًا، اقتربت ماريا ببطء.
“…آنسة، أعتذر. بسبب خطأي في الحديث في ذلك اليوم، وضعتكِ في موقف محرج مرارًا.”
“…”
“قد لا تصدقين، لكنني جئت إلى هنا لذلك. أردت توضيح أنكِ لستِ مخطئة، لكن الأمور تطورت هكذا.”
خفضت ماريا عينيها بحزن.
‘لا أعرف ماذا أقول حقًا.’
استمرت في الانحناء معتذرة.
على عكس ريجي، بدت نادمة حقًا.
‘لكن…’
نظرت إليها بهدوء، ثم ابتسمت وأومأت.
“لا بأس. لقد تم حل سوء التفاهم في ذلك اليوم.”
“شكرًا لتفهمكِ.”
“بل إذا استمررتِ بالاعتذار، سأبدو كشخص سيء أكثر.”
أنزلقت عيني إلى الجانب.
الأشخاص الذين كانوا ينظرون إليّ، أشاحوا بنظرهم عندما تقابلت أعيننا.
أنا من تضررت من الحقائق المغلوطة، وأنا من شعرت بالظلم، لكن الجميع ينظر إليّ كشخص سيء.
“آه… أفهم. كنت قاصرة التفكير.”
نظرت ماريا حولها، ثم قالت بهدوء.
“لكن… هل يمكنني الذهاب إلى ريجي؟ بدت وكأنها تبكي قبل مغادرتها.”
أومأت برفق، فابتسمت ماريا وقالت “شكرًا”
وغادرت الصالون بسرعة.
“هي سريعة جدًا، فلماذا تأخرت في الحفل المهم؟”
بينما كنت أنظر إلى ظهر ماريا المبتعد، قالت يورينا بسخرية.
“ربما كان هناك ظرف آخر.”
“هذا الظرف يستمر في إزعاجكِ.”
استمرت يورينا في التذمر بنزق. ضحكتُ.
“بالمناسبة، يورينا.”
استدرت لأنظر إليها
“هل كنتِ تساعدينني؟”
“!”
ارتجفت يورينا.
“لم أساعدكِ، كان الضجيج مزعجًا…”
صاحت بوجه محمر، ثم أغلقت فمها وتمتمت بهدوء.
“…شعرت ببعض الذنب.”
“بماذا؟”
“لو كنتُ في القاعة ذلك اليوم، لما وقعتِ في سوء التفاهم هذا.”
بدت يورينا تشعر بذنب طفيف لأنها، كشاهدة وحيدة، غادرت المكان.
“لقد تم حل الأمر الآن، فلا بأس. وعلاوة على ذلك…”
مددت كلامي ونظرت إلى الباب الذي خرجت منه ماريا.
“بفضلكِ، تمكنت من رمي طعم بسهولة.”
“طعم…؟”
سألت يورينا، لكنني فقط ابتسمت بخفة.
***
“اللعنة، اللعنة…!”
عضت ريجي شفتيها وهي تخرج من الصالون.
شريك الرقص، المرافقة… لم تستطع التغلب على دافني في شيء.
حتى لو كانت هيلا تستعد للعودة، لن تستعيد هيبتها السابقة.
لا يمكن أن تصبح مجرد أداة تُستخدم وتُرمى.
لذا، حاولت استغلال سوء سمعة دافني لكسب ماريا إلى صفها.
اعتقدت أن ماريا، الفتاة عاميّة من منطقة نائية، ستكون سهلة التأثير.
لكن دافني ظهرت وأفسدت خطتها.
“وفوق ذلك، أجبرتني على الاعتذار علنًا في صالوني…!”
كانت غاضبة لدرجة الجنون.
بينما كانت ترتجف وقابضة قبضتيها، جاء صوت ناعم من خلفها.
“ها أنتِ هنا.”
كانت ماريا، التي بدت وكأنها ركضت لتلحق بها، تنظر إليها بوجه متورّد.
“بحثت عنكِ كثيرًا.”
التعليقات