أستغفر الله العظيم واتوب اليه ⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
كان من المقرر أن تبدأ حفلة عيد ميلاد أرتيزيا روزان الثامن عشر بعشاءٍ مسائي.
قبل أربعة أيام فقط، كانت قلقة من أنها لن تستطيع النوم في هذا اليوم، لكنها بدلاً من ذلك نامت بعمق، بل واستيقظت متأخرة في الصباح.
“صباح الخير آنسة. أسرعي واغسلي وجهك. لدينا الكثير اليوم.”
“حسنًا.”
فركت عينيها ودخلت الحمام لتغسل وجهها أولًا، ثم تمددت قليلًا قبل أن تعود إلى غرفتها. قدّمت لها أليس كوبًا من عصير الخضار الطازج. ورغم أنها لا تزال رسميًا تعمل كخادمة، إلا أنها عمليًا أصبحت تقوم بدور سكرتيرتها مؤخرًا.
“اشربي شيئًا سريعًا. غالبًا لن تجدي وقتًا للإفطار لاحقًا.”
“حسنًا.”
“هذا الصباح من المقرر أن تلتقي بالممثل القانوني لمركيزية روزان ومدير أملاكها. وكذلك القيّم الجديد وكبير الخدم.”
“حسنًا.”
تثاءبت أرتيزيا وأخذت الكوب. لم تكن تشعر بالجوع حقًا، لكنها كانت تعلم أنها تحتاج إلى الطاقة مع كل ما ينتظرها اليوم. وبينما شربت نصف العصير، قدمت لها ماري قطعة صغيرة من الخبز مع الجبن والتين المجفف.
تناولت أرتيزيا الوجبة الخفيفة بسعادة وهي تبدّل ملابسها.
لم يكن بلوغ الثامنة عشرة مجرد تلقّي التهاني براحة؛ فقد كان سيدريك يستعد لتسليم كل أصول وموظفي مركيزية روزان التي كان يديرها إلى أرتيزيا. اليوم سيكون نهايةً وبداية في الوقت نفسه.
كانت قد عرفت النطاق العام لذلك فقط بالأمس. فقط الآن فهمت لماذا كان سيدريك منشغلًا جدًا منذ عودته من الشمال ولم يستطع قضاء الوقت معها.
ورغم أنها تمنّت لو أنه أخبرها مسبقًا، إلا أنها تذكرت أنها كانت تُبلَّغ منذ طفولتها بأن هذا سيحدث في عيد ميلادها الثامن عشر. لكنها لم تأخذ الأمر على محمل الجد، منشغلة بخطط الزواج.
عليها أن تغيّر ملابسها مرة أخرى بعد الظهر، لكن هذا الصباح كان أول ظهور لها أمام التابعين بصفة الوريثة الشابة لمركيزية روزان، لذا كان عليها الاهتمام بمظهرها.
ارتدت بلوزة مرتبة، وسترة، وتنورة مطوية اختارتها صوفي بعناية. ثم أسرعت للخروج حتى لا تتأخر.
كان تابعو مركيزية روزان، ومن بينهم الممثل القانوني ومدير الأملاك ممن يُعدون رؤساء الأقسام مجتمعين بالفعل في القاعة. ومع وجود نحو خمسين تابعًا، انشغل كبير خدم مقر دوق إفرون بترتيب الطاولات والكراسي وتقديم المرطبات.
حوالي 30% من المديرين كانوا مسؤولين عن إدارة أملاك روزان لأكثر من عشر سنوات، وقد تم تعيينهم من قِبل الإمبراطور نفسه، بينما تم توظيف البقية على يد سيدريك.
ومع ذلك، ظل بعض الخدم القدامى. معظم الزائرين اليوم كانوا من هذه الفئة.
منذ نحو عشر سنوات، بعد وفاة المركيز السابق، كان دوق إفرون يبحث عن الخدم السابقين والموظفين الذين غادروا العائلة، ويساعد المحتاجين منهم على إيجاد عمل ودعمهم.
ومنذ خمس سنوات، وبمكافأةٍ على ما قدمه من نصائح بشأن قضية لورانس، استعاد الدوق كل السلطات المتعلقة بمركيزية روزان وسمح لأي شخص يرغب بالعودة في الانضمام مجددًا للعائلة.
وكان توربن هانسون، الذي يدير مصنع النبيذ الخاص بمركيزية روزان، من بين العائدين في ذلك الوقت.
لكن كان هناك توتر كبير بين العائدين ومن بقوا. الذين غادروا اعتبروا الباقين خونة، والباقون اعتبروا المغادرين متخلين عن الأسرة.
وكان دوق إفرون على علم بهذا الصراع، لكنه اختار عدم التدخل.
[بصفتي وصيًا، أنا أحمل الأملاك مؤقتًا فقط ولا أملك حق تقرير مصير العائلة. أتفهّم مشاعركم، لكن آمل أن تتحلّوا بالصبر حتى تبلغ أرتيزيا سن الرشد.]
وبعد أن أرسل رسالة علنية بهذا المعنى، هدأت الصراعات مؤقتًا.
كما كان هناك توتر داخل عائلة هانسون نفسها.
فعلى الرغم من أن توربن آمن بنوايا الدوق وعاد، إلا أنه لم يستطع إقناع بقية أقاربه الذين توقعوا أن تنحاز الوريثة الشابة لوالدتها. وقد كان العائدون وغير العائدين متساوين تقريبًا في العدد.
وبعد خمس سنوات من استمرار هذا الوضع، ازداد القلق. كما أبدى عم توربن، ماركوس هانسون، موقفًا سلبيًا.
[من الطبيعي أن يكون دوق إفرون في مأزق. فحتى لو اتهم أحدٌ بالخيانة، فهم لم يضرّوا مباشرةً بالمركيز السابق أو الأقارب. ومن الصعب معاقبتهم.]
لذا لم تكن لدى ماركوس آمال كبيرة، ظنًا أن الوريثة الشابة ستتصرف بالطريقة نفسها.
ومع ذلك، قبل توربن دعوة عيد ميلادها الثامن عشر وجاء إلى العاصمة رغم انشغاله الشديد. لقد أراد رؤيتها بعينيه.
ولم يكن الوحيد. فالكثير من الحاضرين شاركوه نفس التفكير.
كان من السهل معرفة هويتها. فبالطبع الوريثة الشابة لمركيزية روزان، أرتيزيا، هي النبيلة الوحيدة الحاضرة. وحتى بعض الخدم القدامى تمكنوا من التعرف على ملامحها.
تذكر توربن صور أفراد العائلة الراحلين من ذاكرته. كان الورثة الذكور جميعهم ذوي بشرة فاتحة، وأجسام نحيلة، وشعر أشقر فاتح. لم تكن تشبه أيًا من والديها، لكنها حسب ماركوس كانت تشبه جدّها من جهة الأم، مايكل.
كما تذكر ملامح الدهشة على وجه ربّ الأسرة الراحل عندما رأى وجه المولودة لأول مرة، فقد كان توربن يعمل في إدارة شؤون الأسرة وقتها، قريبًا من ربّ البيت.
في ذلك الوقت، لم يستطع هو نفسه تمييز الشبه مع السلالة الأبوية من وجه الرضيعة، لكن لم يكن غريبًا أن ربّ الأسرة استطاع إدراك ذلك على الفور.
شعر توربن بشيء غريب.
فالورثة الذكور لم يكونوا أبدًا أشخاصًا صالحين. كانوا غير منضبطين، فاسدين، يفتقرون للسيطرة على النفس، ويتصرفون بتهور حتى مع خدمهم.
ولو أصبح أحدهم ربًا للعائلة، لكان مستقبل مركيزية روزان مظلمًا. ولما بقي معظم الخدم أوفياء. وكان توربن دائمًا يتساءل، عندما كان رأس الأسرة يشرب ويبكي شاكياً فساد أبنائه، هل كان طفل يستطيع أن ينشأ بصورة سليمة في مثل تلك البيئة؟
لكن الوريثة الشابة، بوجهها المألوف ذلك، كانت الدليل الأقوى على أنها الوريثة الواجبة لخط أسرة روزان المباشر.
وعلى عكس إخوتها الفاسدين المتهورين، وقفت هي بهدوء وأناقة، تحدّق بوقار في أولئك الذين سيخدمونها.
تقدّم الممثل القانوني ومدير الأملاك وهما من تعيين دوق إفرون نحوها باحترام وانحنيا أمام الوريثة الشابة.
“إنه لشرف عظيم أن نلتقي بك رسميًا يا وريثة آل روزان.”
“أظن أننا التقينا مرة من قبل. هل تتذكرني؟”
“تشرفنا مجددًا، السير مارِك، والسيد غارن.”
مدّت أرتيزيا يدها وصافحت الرجلين. ثم قال السير مارِك، ممثلها القانوني، بلطف:
“هناك عدة وثائق يجب أن توقّعي عليها اليوم. ووفقًا للعقود الحالية، ينتهي عقد السيد غارن وعقدي بنهاية هذا اليوم، لكننا نرجو تمديده لستة أشهر إضافية.”
“ولِمَ أفصلُكما فجأة وأبحث عن أشخاص جدد وأنا أعرف كفاءتكما؟ ولكن قبل ذلك…”
قالت أرتيزيا بنبرة هادئة، وهي تنظر إلى الخدم الواقفين خلف الرجلين:
“أودّ أن أحيّي أولئك الذين سيخدمونني.”
“بالطبع، عليك ذلك.”
ابتسم غارن وتنحّى ليتيح المجال.
اعتقد توربن أن التالي للوقوف أمامها سيكون كبير الخدم الجديد المسؤول عن موظفي عائلة روزان. لكن لم يكن هذا هو الحال. فقد أشار كل من غارن ومارِك نحوه مباشرة ليكون هو أول من يتقدّم.
Sel
للدعم :https://ko-fi.com/sel08 أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 92"