كانت المعلومات التي جلبتها آنا، للأسف، تقتصر على ما يستطيع مرتزق معرفته.
لكنها كانت كافيةً لتكون مفيدةً جدًا، فلا يمكن اعتبار النتيجة سيئة على الإطلاق.
“ظهر شخصٌ يدعى نوكس منذ حوالي سبع سنوات. بدأ يكبر وهو يدمر تجار العبيد ودور المزادات غير الشرعية واحدةً تلو الأخرى، ويبتلع المنظمات الكبرى… هكذا. أليس مسلكه، بالنسبة لسيدّ عالم الظلام في الإمبراطورية، أنه طيبٌ أكثر من اللازم؟”
حتى لو افترضنا أنه فعل ذلك فقط لإضعاف قوة المنظمات الكبيرة، فهذا غير مقنع.
لأنه بعد أن سيطر نوكس على الأزقة الخلفية، اختفى تجار العبيد ودور المزادات غير الشرعية تماما من العاصمة على الأقل.
حتى هنا، لم تكن هوية نوكس واضحةً بعد.
لكن لحسن الحظ، قال والد آنا إنه التقى بنوكس مباشرةً، فطلبت منه أن يستذكر ما استطاع، فكان الجواب:
“يده كانت نظيفةً جدا لتكون يد عامي…”
تمتمت يفغينيا بهدوء وهي تفرك ظهر يدها برفق.
في هذا العالم، أسهل طريقةٍ لمعرفة طبقة الشخص هي النظر إلى يديه.
حتى لو قضى سبع سنواتٍ يجوب عالم الظلام، فإنَّ السنوات التي عاشها قبل ذلك لم تُمحَ تماما.
“كنت أعتقد منذ أن ارتبط بستيلا أنه ليس إنسانًا عاديًا، لكن أن يكون نبيلاً…”
في الرواية الأصلية لم يُكشف عن هوية نوكس بشكل مختلف، لكن عادة ما يكون سادة عالم الظلام في الرومانسية الخيالية مِن عامة الشعب.
‘حسنًا، أحيانًا يكون أميرًا أو مِن العائلة الإمبراطورية… لكن الذكور من العائلة الإمبراطورية ثلاثةٌ فقط، وباستثناء الإمبراطور والأمير الأول، لا يوجد سوى الأمير الثاني المريض ذاك، فهذا مستحيل.’
…لكن، ألم يكن هناك إعدادٍ شائع بأن “الأمير الثاني المريض عادة” يطير في الخفاء؟
ولقد مرت سبع سنواتٍ تقريبًا منذ أن بدأ الأمير الثاني لإمبراطورية أتروكس يتغيب عن الحفلات بحجة المرض.
‘لا، مستحيل، أليس كذلك؟’
بدأ شعورٌ سيء يتسلل إليها.
ربما سترمي نفسها في نارٍ أكبر فقط للتخلص من ذلك الوغد رايموند.
هزت يفغينيا رأسها بقوة.
“لا؟ الزواج من ذلك الوغد هو القفز عاريًّا في النار، بالتأكيد.”
ربما يكون من الأسهل التفاوض إذا كان نوكس هو الأمير الثاني فعلا.
فركت ذقنها برفق ثم رسمت ابتسامةً مقصودة.
“سأقابله أولا وأختبر الأمر. هل البطل الثانوي في الرواية الأصلية عامي أم أمير.”
* * *
في غرفةٍ تفوح منها رائحة عطرٍ خفيفة كافيةٌ لتحسين المزاج قليلا.
هذا المكان المملوء فقط بأثاثٍ فاخر بشكلٍّ مريب هو غرفة استقبال نوكس في أعماق عالم الظلام.
لم تكن قد دخلت مكانا كهذا في حياتها السابقة والحاليًا معًا، حتى التنفس كان يبدو غريبًا.
‘متى سيأتي بالضبط. في الرواية الأصلية كان نوكس يظهر فورًا بمجرد قول كلمة السر…!’
هل هذا فرق البطلة عن الشريرة؟
في اللحظة التي كادت فيها أن تستسلم لليأس، فتح باب غرفة الاستقبال أخيرًا، وظهر رجل أسود الشعر.
“آه، يا للأسف. لقد كان هناك ضيفٌ حقًا.”
…وهو يجر بشيءٍ لا يُعرف إن كان كتلة دمٍ أم إنسان بيده.
“……!”
“عذرا. كان علي إنهاء عمل.”
حتى في الغرفة المظلمة نسبيًا، كان وجهه الأبيض بشكلٍّ خاص ملطخًا ببقع دمٍ حمراء هنا وهناك.
مهما نظرت، لا يبدو أنه دمه هو.
“يجب أن أنهي الأمر بسرعة قبل أن يهرب الضيف الثمين.”
كانت هذه أول مرةٍ تشعر فيها أن صوتًا يحمل لطفًا خالصًا يبدو غريبًا إلى هذا الحد.
‘هل أنا متأكدةٌ أنني جئتُ إلى المكان الصحيح…؟’
“هيا، ضع بصمتكَ هنا، واكتب توقيعك هناك. جيد.”
وضعت يدٌ ترتجف بشدة على الورقة التي قدمها نوكس.
كانت بلا قوةٍ ومغطاةٌ بالدم، لكنها على الأقل تتحرك بنفسها، فهو لم يجر جثةً على الأقل.
‘هل يجب أن أعتبر هذا حسنةً أم لا؟’
أمرٌ غير مفهوم.
الجثة… لا، الإنسان، كان يحرك يديه كما يأمره نوكس.
فقط بعد أن تلطخت أكثر من عشر ورقات بالدم، أطلق نوكس شعر رأس الرجل.
شعرت بقشعريرة من حركته التي بدت كأنه يرمي شيئًا.
يبدو أن مثل هذه الأمور تحدث كثيرا، فقد جاء الموظفون بسرعة وسحبوا الرجل الذي كان يزحف للخارج وهو يئن.
طخ.
بمجرد إغلاق الباب، أصبحا فعلا وحدهما.
رن صوت غسل اليدين في الغرفة.
“إذن… ما الذي جاء بضيفنا العزيز؟”
كان صوته الذي سأل وهو يدير ظهره ليفغينيا ناعمًا بشكلٍّ مذهل.
إلى درجةٍ لا ينبغي أن يصدرها شخصٌ جعل إنسانًا يحتضر يضعُ بصماته في كل مكان بالتهديد.
رفعت يفغينيا رأسها بعد تردد، فإذا بوجه نوكس الذي كان قد اقترب منها فجأةً يملأ ناظريها.
التعليقات لهذا الفصل " 3"