الفصل 16 :
بصراحة، لم أجد إجابة سريعة لسؤال لم أتوقعه أبدًا
وقفتُ مذهولةً أنظر إليه، ثم قلت متلعثمة:
“أتروكس هي التي أسست الإمبراطورية، والإمبراطور الحالي تولى الحكم منذ 31 عامًا، وأمم…”
“ليس هذه المعلومات السطحية.”
“ما عدا تلك… ‘القصة’ التي أخبرتني بها، لا أعرف شيئًا.”
نظر والدي في عينيّ كأنه يتحقق من صدق كلامي.
أمسكت يده الخشنة يدي بقوة.
“……هل التقتِ مؤخرً بغريب؟”
“أممم…”
“شاب، أو امرأةٌ مسنة.”
كادت أنفاسي تتوقف.
لو لم يذكر “امرأةً مسنة”، لظننتُ أنه كشف خطتي الضعيفة تمامًا
تظاهرتُ بالهدوء، وابتسمتُ قليلاً:
“يا أبي. أيُّ شابٍ مجنون سيجرؤ على الاقتراب مني؟”
“يفغينيا.”
“لا يستطيع أحدٌ بجرأةٍ عادية الاقتراب مني على بعد عشرة أقدام. تعرفُ هذا.”
والدي هو من يعرف جنون يفغينيا أكثر من أيٍّ أحد.
لو كانت مجرد مشاكسة، لما احتاج للتدخل، لكن حجم فضائح يفغينيا كانت دائمًا تفوق الخيال، فكان هو من ينظف وراءها.
لا داعي لذكر أي حادثةٍ معينة.
كلمة “تعرف هذا” كانت كافية.
تنهد والدي خفيفًا، أزال يده عن كتفي، واستقام.
“حسنًا، أولاً… سأتحقق من الأمر. حتى ذلك الحين، من الأفضل الصمت.”
“……ماذا؟! لماذا، كيف؟ هل ستذهب إلى المعبد؟”
رفعتُ رأسي مذهولةً من كلامه.
الاسم ليس وشمًا، استيقظتُ فاختفى – رغم أن “النوم” هنا وهناك مختلفان، لكن مهما كان – كيف سيحقق؟
لا يمكن أن يعرف والدي قدرة يولان التي يخفيها بسريةٍ تامة…
‘لا، قد يكون. ربما سمع شائعاتٍ من الأزقة ويريد التحقق.’
يجب أن أتواصل مع يولان فور انتهاء العشاء.
بينما أفكر، فرك والدي رأسي برفق وقال:
“إن لزم الأمر، سأذهب إلى المعبد، بل إلى الحاكم نفسه.”
كان في كلامه حبٌ وقلق ثقيلٌّ جدًا.
شعرتُ بدفءٍ يتسلل من أطراف أصابعه.
عضّت داخل خدي، وأمسكتُ يده بقوة.
“أبي، أخشى أن يتضخم الأمر. سيلومني الكثيرون على اختفاء الاسم…”
“جينيا.”
“لا أبرر ما فعلته سابقًا. استحققتُ العقاب، حقًا.”
“……”
“لذا أريد إنهاء الأمر بهدوءٍ تام.”
خفضتُ عينيّ، وتابعتُ بهدوء:
“بعد إلغاء الخطبة، سأذهب إلى الدوقية وأركز على دروس الوراثة. زوجٌ منزلي أيُّ أحد. فقط… أشعر بذنبٍ كبير تجاه رايموند، لا أستطيع…”
رموشي المرتجفة، هل رآها والدي؟
أردتُ إظهار صدقي قدر الإمكان…
“بالطبع إعلان الفسخ هكذا سيؤذي عائلة لارسن. لكن من أجل سعادة رايموند، سيفهمون بالتأكيد.”
“……”
“في الصباح لم أستطع تقبل الواقع، فحاولتُ إعادة رسمه بقلم الحبر فجرحتُ نفسي… لكن هذا الألم أيقظني. واجهتُ أن قدر رايموند ليس أنا.”
أضفتُ كلماتٍ مزخرفة لإخفاء هدفي الرئيسي – تجنب الزواج من رايموند – حتى جفّ فمي.
لو رأى والدي الجرح جيدًا، لأدرك أنه قديمٌ وعميقٌ نوعًا ما.
لكن والدي لم يشك في قصتي الملفقة.
صدمة اختفاء الاسم كبيرة، ورآه للحظةٍ قصيرة، والجرح مخفي تحت الاسم، فمن الصعب ملاحظته إلا بعين خارقة.
‘وأبي سياسيٌ حتى النخاع، بدأ يرتدي النظارات بعد البلوغ.’
انتهى دفاعي المثالي، بقي فقط حكم القاضي – والدي.
كنتُ أخفي توتري وأظهر الحزن، عندها:
“يفغينيا. أجبني على سؤالٍّ واحدٍ فقط.”
“نعم؟ ما هو…”
“قبل اختفاء الاسم، هل التقتِ حقًا بأيِّ غريب؟”
“……بالطبع لا، أبي.”
رغم إجابتي الحاسمة، ظل وجه والدي معقدًا.
ماذا يعرف والدي بالضبط؟
فضولي لما وراء عينيه الزرقاوين الدافئتين كبير، لكن من الواضح أنه شيء لا يجب أن أعرفه.
إن عرفتُ، قد تتعقد حياتي…
‘تظاهري بالجهل. لو كان شيئًا يجب أن أعرفه، لقاله والدي.’
انتظرتُ طويلاً دون أن أبتلع ريقي، ثم ربت والدي على كتفي بعد تفكير وقال:
“موضوع الخطبة، لنفكر فيه أكثر. الفسخ المباشرًا مبكرٌ جدًا.”
“ماذا؟! أبي، ما معنى…”
“حتى نعرف حقيقة اختفاء الإسم… نعم، من الأفضل أن تزيدي وقتكِ مع رايموند.”
اتسعت عيناي أكثر.
ما الخطة التي تجعله يصل إلى هذا الاستنتاج؟
وضعتُ يدي فوق يده على كتفي بسرعة.
خفتُ أن يخرج هكذا، أردتُ الإمساك به ولو هكذا.
“أ، أبي. لماذا يجب أن أقضي وقتًا مع رايموند…”
“إن كان الاسم اختفى فعلاً بمشيئة الحاكم، فلا بأس، لكن إن كانت يدًا بشرية، لا يمكننا اتباع نواياها بسهولة.”
توقفت أنفاسي دون إرادة.
هل يعرف والدي كل شيءٍ حقًا…
“أ، أبي. ما معنى هذا؟ كيف تمس يدٌ بشرية الاسم المقدس؟”
“قرأته في وثائق قديمةٍ فقط، لا يقين لدي. لكن بما أنه مدون، فقد يحدث الآن أيضًا، أليس كذلك؟”
“هذا، لكن…”
“لا تقلقي. يا يفغينيا، سأتحقق بهدوءٍ تام كما تريدين.”
فرك والدي رأسي برفق.
“عيشي كالمعتاد وكأن شيئًا لم يكن. فهمتِ؟”
“نعم، أبي…”
فقط بعد أن اختفى ظهر والدي خارج قاعة الطعام، انفرج جسدي.
استندتُ إلى ظهر الكرسي، وأمسكتُ رأسي المعقد وأصدرتُ صوت أنين خفيف “آه”.
كنتُ أريد الصراخ، لكنني كتمته بصعوبة.
“انتهى الأمر. الاسم مُحي ومع ذلك حفل الخطبة مستمر، مستحيل!”
إذا بدأ والدي تحقيقًا جادًا في “مَن محى الاسم”، هل سيفلت يولان من شبكته؟
كلما ازداد إيماني بكفاءة والدي، ازداد قلقي.
مزّقتُ مفرش الطاولة بأظافري لأهدئ قلبي المتأرجح.
بعد أن برد عقلي، نظرتُ إلى الوضع، ولخصتُه إلى:
“……يجب أن أقابل يولان مرةً أخرى. إذا حذرته من والدي مسبقًا، سيخفي نفسه بنفسه.”
لا أعرف لماذا يخفي يولان هويته ويعيش في الأزقة، لكن بما أنه تخلى عن كل امتيازات الأمير الثاني، فلا بد من سببٍ مظلم.
لذا سيحاول هو أيضًا تجنب جذب انتباه الدوق.
“في النهاية، تورط بسببي، أشعر بقليل مِن الذنب.”
كيف لم أعرف أن والدي يعرف شيئًا عن قدرة محو الاسم؟
رد فعله عندما ذكرتُ القدرة أول مرةٍ يدل على أنها ليست سرًا يُكتشف بسهولة…
“مهما كانت دوقية مارتيور، هذا عميقٌ جدًا. ما علاقة والدي بالعائلة الإمبراطورية؟”
بدأ الأمر ببساطة للتخلص من رايموند والهروب من الرواية وتجنب طريق الشريرة.
لكن بدل الفسخ، أُمرتُ بقضاء وقتٍ أكثر مع رايموند، وموقف والدي الغامض ملأني بالشكوك.
“ما مصيري؟ حياتي السعيدة كمحكومةٍ بالموت المبكر؟”
هل كان من الخطأ الذهاب إلى يولان مستندةً إلى معلومات الرواية؟
لكن بدون قوته، لا طريقة للتخلص من رايموند.
بما أن الأمور وصلت إلى هنا، لا خيار سوى بناء كذبةٍ أكثر دقة لخداع والدي تمامًا.
“آسف يا أبي! هذا كله من أجل دوقية مارتيور!”
اعتذرتُ في قلبي بخجل، ثم قلتُ لآنا التي عادت متأخرة.
“آنا، أعدي ورق رسائل. من الأفخم.”
أعرف متاجر نقابة يولان في رأسي.
كانت تظهر فجأةً في الرواية لتعطي ستيلا كل شيءٍ مجانًا.
في الرواية كانت لرفع مكانة ستيلا…
“سأستخدمها كصندوقٍ بريدي جيدًا.”
وأخدع والدي في الوقت نفسه.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《 قناة التيلجرام مثبتة في التعليقات 》
حسابي ✿ 《انستا: fofolata1 》
التعليقات لهذا الفصل " 16"