الفصل 11 :
“ها، من أين سمعتِ مثل هذا الكلام…”
عبس يولان قليلاً، ثم شقّ طرف فمه بازدراءٍ عنيف.
لكنها لم تشعر بأيِّ خوف أو رعب.
كانت قد رتبت أمرها في قلبها، وبما أن الأمور وصلت إلى هنا، فقد ازداد عزمها على النجاح مهما كلف الأمر.
رفعت يفغينيا عينيها إليه مباشرةً، وضحكت بسخريةٍ وسألت:
“لا تقل إن سمو الأمير الثاني لإمبراطورية أتروكس يتبين أنه أميرةٌ في النهاية؟”
لم يطل الرد على استفزازها، بل جاء فعلاً.
يده التي كانت تضغط السرير بهدوء صارت فجأةً على فخذها.
“آه……”
شعور يده الكبيرة وهي تعجن فخذها برفق أثار قشعريرة.
كان شعورًا غريبًا تمامًا.
شعور لا تستطيع وصفه بأيّ لغة تعرفها.
دغدغة وفي الوقت نفسه حرارة تشتعل في المكان الذي لامسه…
“آه، كفّى قليلاً……”
“لِمَ؟ هل هو مزعج؟”
“ليس، مزعجًا، فقط غريب……”
كان زخمها السابق قد خمد منذ زمن.
عندما تكلمت بصوتٍ زاحف، انفجر ضحكٌ خشن “ها” من رأس السرير.
‘هل قلتُ شيئًا مضحكًا؟’
احمرّ وجهها من الخجل.
ماذا تفعل، لم تعش هذا الموقف في حياتها كلها، بل حياتيها معًا؟
بينما تعض شفتيها، شعرت بقوةٍ أكبر في اليد التي تمسك فخذها.
“دوقة.”
“آ، نعم…؟”
“……جينيا.”
لقبٌ كانت تسمعه فقط في طفولتها المبكرة، عندما لم تكن تعرف حتى معنى دوق أو ماركيز.
في هذا… الوضع، هل أنا غريبةٌ عندما سمعت هذا اللقب بدى… فاحشًا جدًا؟
أغلقت فمها، فهل صعدت يده تدريجيًا إلى الأعلى؟
اللمس عبر قميص النوم الرقيق كان أكثر سريةً من اللمس المباشر على الجلد.
تقلص عنقها عندما لمس خصرها برفق.
لم تتحمل، فأغلقت عينيها بقوة وتمنت أن يمر كل هذا بسرعة، عندها:
“افتحي عينيكِ، جينيا.”
“……آه.”
“مهما كان فعلاً بلا عاطفة، فالقبلة تكون بعيونٍّ مفتوحة، أليس هذا الأدب؟”
ترددت يفغينيا، ثم فتحت عينيها ببطء.
رموشها الحمراء المرتجفة كانت تظهر كم استجمعت شجاعتها.
عندما أرادت عض شفتها السفلى من الخجل، مرّ إصبعٌ بارد عليها.
“ستجرحينها.”
إحساس لمس شفتها السفلى الناعمة بصوتٍ منخفض…
بسبب تركيزها الزائد على يولان، شعرت حتى بنظراته كأنها لمساتٌ على جلدها.
عندما صعدت نظراته من شفتيها وتقابلت عيناهما تمامًا، لم تتحمل فأدارت رأسها فجأةً.
“……لا، لا تنظر هكذا.”
“كيف أنظر؟”
أجابت بصوتٍ مضغوط عند سؤاله الممزوج بضحكٍ خفيف.
“تنظر…… بشدة.”
“هل أضع عصابة عينين؟ هل هذا ذوقكِ؟”
“مج، مجنون……”
هل أنا مخطئةٌ بشيء كبير؟
مهما كان، كيف يمكن لأميرٍ أن يقول كلامًا سوقيًا إلى هذا الحد؟
هل حان وقت سقوط الإمبراطورية فعلاً؟
“آه……!”
“ركزي، جينيا.”
أمسك يولان خصرها بقوةٍ عندما غرقت في التفكير.
رفعت عينيها إليه مذعورة، فكان قد قرّب المسافة فجأة، أنفه يلامس أنفها.
تبادلا النظرات طويلاً والأنفاس أختلطت، ثم لامس شيءٌ ناعم شفتيها الحارة.
كانت بداية ليلةٍ طويلة.
* * *
“لِمَ لا تنامين أكثر؟ جسدكِ لم يعد سليمًا على الأرجح.”
“……أن يقول هذا الشخص الذي جعلني هكذا، أليس فيه نقص ضمير؟”
أمسكت خصرها المؤلم بصعوبةٍ، ونهضت.
في اللحظة التي وضعت قدميها على الأرض، ارتجفت ساقاها كجديٍّ وليد.
من الذعر، كادت تسقط دون أن تمسك السرير، لكن من أمسكها – بلا ضمير – هو الشخص الذي جعلها هكذا.
“أرأيتِ؟ لا تستطيعين المشي حتى.”
“بسبب من هذا……”
كانت يده التي تدعم خصرها وترافقها إلى الأريكة مهذبةً إلى أقصى حد.
لا يبدو كالوحش الذي… كان يرهقها بلا رحمة قبل قليل.
استلقت على الأريكة نصف مستلقية، جسدها متراخٍ كما بعد رياضةٍ عنيفة.
فركت جبينها الحار وهي ترتب أفكارها، ثم رفعت رأسها فجأةً عند سؤالٍّ خطر لها.
“نوكس، كذبت، أليس كذلك؟”
“همم؟ أنا؟”
“أنا التي لا تعرف كثيرًا، لكنكَ كنت كذلك.”
لم تشعر بشيء غريب في القبلات.
كنتُ أنا أيضًا في أول مرة، وكنت مشغولةً بتحمل الإحساس الغريب الرطب الناعم…
لكن بعد ذلك، كانت حركاته كمن يطبق النظرية عمليًا لأول مرة.
يلمس هنا وهناك ويراقب ردود فعلي…
تأكدت عندما بدأ الأمر الجاد.
ضيّقت يفغينيا عينيها، ونظرت إلى ظهر يولان وهو يعد الشاي، وسألت:
“كانت أول مرةٍ لك، أليس كذلك؟ لِمَ كذبت؟”
للحظة بدا ظهره يرتجف.
لكن عندما عاد حاملاً طقم الشاي وجلس، لم يكن هناك أيُّ اضطرابٍ على وجهه.
نظرت إليه متشابكة الذراعين، فقدّم لها الكأس بأدبٍّ كامل.
“اشربي قليلاً، كيف حالكِ؟ غدًا قد يبح صوتكِ.”
“……”
“زبونةٌ صعبةٌ حقًّا.”
رفع يولان يديه استسلامًا أمام موقفها القوي، ثم اعترف بسهولة.
“نعم. وماذا؟”
“ها……! وقحٌ حقًّا. كذبت لعدم وجود شيءٍ آخر تكذب فيه…”
“كلامٌ مضحك.”
رفع يولان كأسه دون صوت، وعقد ساقيه.
موقفٌ متغطرس إلى أقصى حد، قال:
“لو قلتُ إنها أول مرة، هل كنتِ ستثقين وتسلمين جسدكِ؟”
“هذا……”
“الأهم شيءٌ آخر.”
أنزل رموشه السوداء التي كانت تخفي عينيه، ثم ظهرت عيناه الخضراوان اللامعتان.
كأنها تخترقني، فمددت يدي إلى الكأس دون إرادة.
في اللحظة التي شربت فيها الشاي بسرعة:
“لا تقولي إنكِ لم تستمتعي؟ كنتِ تحفرين ظهري من المتعة.”
“كح، كح، كح!”
“بفضل الدوقة عرفتُ. لم أكن أعلم أن لدي موهبةً في هذا…”
“ك، كفّة. حسنًا، كفّى!”
احمرّ وجهها كالدم.
تذكرت لحظة احتضان ظهره في الذكريات الضبابية.
ملمس جلده الناعم وعضلاتُه الصلبة…
‘استيقظي، يفغينيا روز مارتيور! هكذا سأبدو مسحورةً حقًّا!’
عضّت طرف لسانها سرًا لتستعيد عقلها.
شربت الشاي متتالية لتهدئ قلبها الذي يخفق بقوة، ثم قالت بأكثر جديةٍ ممكنة:
“……لن تقول إنني أخذت أول مرةٍ للأمير فعليًّا ويجب أن أتحمل المسؤولية، أليس كذلك؟”
“ها! من يقول كلام مَن.”
شعرت براحةٍ أكبر عند نبرته المستاءة.
يولان وسيم، لكن هذا مجرد “وسيم” بحد ذاته.
بعد التخلص من رايموند، لن أنظر حتى إلى حاملي كروموسوم XY وسأعيش حياتي.
“آه، الاسم! تحقق إن كان مُحي.”
“آه… حسنًا، المرآة…”
“لا، فقط انظر أنتَ أخبرني. بسرعة.”
كانت يفغينيا محمرة الوجه، دفعت شعرها المبعثر عند الترقوة إلى الجانب الآخر، ومدّت كتفها نحوه.
مع حركتها، انفتح رداؤها طبيعيًا.
في تلك اللحظة، رتّبت يد مهذبة رداءها فورًا.
“مُحي بالتأكيد. حرف L فقط، لكن هذا كافٍ، أليس كذلك؟”
“حقًا؟ كافٍ تمامًا! لحسن الحظ التئم الجرح السابق جيدًا. لو بقيت ندبةٌ وغطته لكنتُ غاضبة.”
إذا اختفى بهذا النظافة عند مجرد النظر، فهو ذريعةٌ مثالية للمطالبة بالفسخ مستندةً إلى الأسطورة.
بل إن ألم محو الاسم لم يعد يُذكر تقريبًا لأنها كانت في عالمٍ آخر – مهما كان الأمر مؤسفًا، لكنه كان بارعًا حقًا – فالصفقة مرضيةٌ تمامًا.
‘بالمناسبة، هكذا ماذا عن عمري؟’
في الرواية الأصلية، كان يُقال إن كل حرفٍ يُمحى بألم يأخذ 3 سنوات من العمر.
فماذا عن هذه… الطريقة… الهادئة؟
كانت فضوليةً، لكنها لا تستطيع السؤال مباشرةً.
لا فائدة من كشف أنها تعرف الكثير.
‘ليلةٌ واحدة لا تعني أنني أثق به.’
بردت عينا يفغينيا لحظة.
نظرت إلى الكأس الفارغة قليلاً، ثم سألت بلامبالاة:
“طريقة تمحو الاسم بلا ألم، مذهلة حقًا؟ لا عيوب على الإطلاق. ……لا يوجد عيب، أليس كذلك؟”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《 قناة التيلجرام مثبتة في التعليقات 》
حسابي ✿ 《انستا: fofolata1 》
التعليقات لهذا الفصل " 11"