4
كان من الجيّد أنّ غرفة الاستحمام خاليةٌ من النّاس.
لكن العيب الوحيد كان أنّني اضطررتُ إلى تنظيف جسدي بالاعتماد على شمعدانٍ واحد.
سمعتُ صوت شخيرٍ من السرير المجاور.
جيسيكا، زميلتي في الغرفة، لم تستيقظ رغم دخولي وخروجي مرّتين.
كان السرير مريحًا نوعًا ما.
رغم أنّ الوسادة تفوح منها رائحة غبارٍ قديم، إلا أنّ نفضها مرّةً واحدةً واستلقائي عليها لم يُعقني عن النّوم.
شعرتُ بالإحباط لأنّني تجسدتُ بخادمةٍ، لكن ربّما لن يكون الأمر سيّئًا كما توقّعت.
ألم يقولوا إنّه حتّى لو كنتَ عبدًا، فمن الأفضل أن تكون عبدًا في بيتٍ نبيل؟
بما أنّه قصر الدّوق الأكبر، فالمعاملة هنا ستكون أفضل من الخدم في البيوت الأخرى، أليس كذلك؟
‘غدًا، بمجرّد استيقاظي مبكّرًا، سأفرغ أمتعتي وأفكّر فيما يجب عليّ فعله لاحقًا.’
قرّرتُ تأجيل التّخطيط إلى ما بعد الرّاحة.
الآن، كنتُ متعبةً جدًا ومنهكة لدرجة أنّني لم أستطع فعل أيّ شيء.
أدخلتُ سدّادات الأذن التي أعطتني إيّاها الحاضرة في أذنيّ بإحكام، ثمّ استسلمتُ للنّوم.
تساءلتُ إن كنتُ سأتمكّن من النّوم في عالمٍ غريبٍ تمامًا، لكن ما الذي حدث؟
بسبب إرهاق الرّحلة الطّويلة، أغمضت عينيّ تلقائيًّا ببطء.
“أمم…”
غرقتُ في نومٍ عميق.
لكن بعد فترةٍ وجيزة،
-آآآآه! آآآآه!
استيقظتُ مفزوعةً وسقطتُ من السرير بسبب صرخةٍ مدوّية.
“ما… ما هذا؟ ما الذي يحدث؟”
فركتُ عينيّ المتعبتين ونظرتُ إلى السّاعة.
كانت السّاعة الثّانية فجرًا، وقتٌ مبكّرٌ جدًا للاستيقاظ.
فكّرتُ أنّني ربّما سمعتُ شيئًا بالخطأ، لكن الصّرخة انطلقت مجدّدًا.
ضغطتُ على أذنيّ بالوسادة كحلٍّ مؤقّت، لكن صرخة صبيٍّ اخترقت الوسادة.
“لا يُطاق! حقًا!”
إذا كنتَ ستستخدم النّاس، ألا يجب أن تتركهم على الأقلّ ينامون في الوقت المناسب؟
فتحتُ عينيّ المحتقنتين بغضب.
هل أخرج؟ هل أذهب وأقول كلمةً واحدةً على الأقل؟
“لا، إذا خرجتُ سأُطرد.”
أخذتُ نفسًا عميقًا لأهدّئ غضبي المتصاعد.
سواء صرخ أو لم يصرخ، يجب أن أنام لأتمكّن من العمل غدًا.
احتضنتُ الوسادة التي سقطت وعدتُ إلى السرير متثاقلة.
يقال إنّ أسرع طريقةٍ للنّوم هي عدّ الخراف.
الطّريقة التقليديّة مملّة، لكنّها دائمًا فعّالة.
تخيّلتُ مرجًا واسعًا.
استرخى جبيني المعبّس قليلاً.
تخيّلتُ خرافًا تأكل العشب بهدوء في المرج، وبدأتُ أعدّ ببطء.
خروفٌ واحد، خروفان، ثلاثة خراف…
‘آه، هكذا أشعر ببعض الهدوء…’
-آآآآه! آآآآه!
“…!”
هدوءٌ؟ الصّوت أصبح أعلى من ذي قبل.
رفعتُ الغطاء بعنف وانتزعتُ الشّمعدان.
بهذه الطّريقة، لن أستطيع النّوم أبدًا.
كان الالتزام بقواعد الحاضرة مهمًّا، لكن حقّي في النّوم كان لا يقلّ أهمّيّة.
‘طالما لم يرني العاملون الذين يقومون بالدّوريّات، سأكون بخيرٍ.’
سأخرج وأطلب منهم التّزام الصّمت بهدوءٍ ثمّ أعود.
حملتُ الشّمعدان وفتحتُ الباب بحزم.
كان الخارج مظلمًا كاللّيل الحالك.
شعرتُ بتردّد عند رؤية الممرّ الموحش مباشرة.
وقفتُ متردّدةً ممسكةً بالشّمعدان، ثمّ سمعتُ “ذلك الصّوت” مجدّدًا.
“آآآآآ…! آآآآه! أوووه… هئ… أوووه…”
واه، لا أستطيع تحمّل هذا حقًا.
قرّرتُ، يجب أن أقول شيئًا.
فتحتُ باب الغرفة على مصراعيه.
‘صوت البكاء يأتي من هنا؟’
إذا ذهبتُ بسرعة وعدتُ، سأتمكّن من النّوم لأربع ساعاتٍ على الأقل.
حملتُ الشّمعدان وتقدّمتُ بحذرٍ في الممرّ.
كلّما ابتعدتُ عن الغرفة، ازداد صوت النّحيب وضوحًا.
مررتُ بغرفة الاستحمام، وتجاوزتُ تمثال ماموث يرفع نابيه عاليًا، ومشيتُ لفترة.
ظهرت كنيسةٌ واسعة.
كان الصّراخ يأتي من داخلها.
فتحتُ باب الكنيسة بحماسٍ.
لا أعرف من هو، لكن يجب أن يكون هادئًا في اللّيل-
…
“ما هذا؟”
بمجرّد فتح الباب، توقّفت الصّرخات والبكاء تمامًا.
اختفى صوت النّحيب الذي كان يزعجني كما لو كان شبحًا.
وقفتُ ساكنةً على أمل سماع شيء، لكن السّكون ساد.
هل أعود الآن؟
بينما كنتُ أفكّر ممسكةً بالمصباح، سمعتُ ضجيجًا مشؤومًا يثير أذنيّ الحسّاستين.
جلجل، جلجل، جلجل، جلجل.
سمعتُ صوت المفاتيح تتصادم بانتظام مع خطواتٍ لعدّة أشخاصٍ يقتربون.
لم أحتج للتأكّد لأعرف من يقترب من الكنيسة.
لقد ضعتُ، إنّها الحاضرة.
من الخطوات والصّوت المقترب، بدا أنّها ستدخل الكنيسة قريبًا.
نظرتُ حولي بسرعة.
مكانٌ للاختباء، مكانٌ للاختباء!
بسرعة!
“سمعتُ الصّوت من هنا!”
“رأيتُ ضوءًا يتّجه إلى هنا.”
“كانت خطوات شخصٍ بالتأكيد!”
رفعتُ كعبيّ وركضتُ على الأرضية الرّخاميّة النّاعمة.
يجب أن أفكّر.
مكانٌ يصعب تفتيشه حتّى لو كانوا يبحثون عن شخص.
مكانٌ يتردّدون في تفتيشه رغم البحث في كلّ مكان.
‘بالقرب من المذبح!’
المذبح المزيّن بتماثيل ذهبيّة وتمثال أخر منحوتٍ بدقّة، لن يجرؤ أحدٌ على لمسه.
حتّى لو فتّشوا كلّ شيء، سيتردّدون مرّةً على الأقلّ لأسبابٍ دينيّة.
مررتُ بسرعةٍ بالتماثيل وركضتُ إلى المذبح.
“أرجو أن يكون هناك مكانٌ للاختباء، من فضلك.”
رفعتُ القماش المخمليّ الأسود الذي يغطّي المذبح وأدخلتُ جسدي تحته بصعوبة.
قبل أن تُحجب رؤيتي، التقطت عينيّ تمثال المرسوم على سقف الكنيسة.
آسفة جدًا.
بمجرّد إسدال القماش، فُتح باب الكنيسة بقوّة.
جفّ لعابي في لحظة.
غطّيتُ فمي بيدي لأمنع حتّى صوت أنفاسي.
“فتّشوا.”
“حاضر!”
“إذا كان هناك خادمٌ مختبئ، تعرفون ماذا تفعلون، أليس كذلك؟”
“نعم، سيدتي الحاضرة.”
لحظة، أليس مجرّد طرد؟ ماذا يعني “ماذا تفعلون”؟ ماذا سيفعلون بمن يُمسكون؟
“هل وجدتم شيئًا؟”
“لا، لا شيء.”
“ماذا عن قرب تماثيل الملائكة؟”
اقترب الخدم، الذين كانوا يفتّشون تحت المقاعد، من المذبح حيث أختبئ.
دخل حذاءٌ أسود فجأة في نطاق رؤيتي.
كانت إحدى الخادمات تفتّش بالقرب من مكان اختبائي.
“…!”
مع تضييق دائرة البحث حول المذبح، شعرتُ باختناق.
فجأة، سأل أحدهم:
“تحت المذبح؟ هل فتّشتم هناك أيضًا؟”
“آه، لكنني تردّدتُ في لمسه مباشرة… هناك تمثال الرئيسي، أليس كذلك؟”
“للتفتيش الدّقيق، يجب رفع المنصّة بالكامل.”
توسّلتُ في داخلي أن يتجاهلوا المكان وأنا ملتصقةٌ بالأرض حتّى لامست خدّي الأرضية، لكنّ نسمةً باردة مرّت فجأة على خدّي.
‘لماذا تهبّ الرّياح من الأرضية؟’
فحصتُ الأرضية بعناية، فلاحظتُ أنّ مادّتها مختلفة هنا فقط.
الكلّ رخام، لكن هنا الأرض خشبيّة خشنة.
مرّرتُ يدي على الأرضية الخشنة لفترة، ثمّ نقرتُ عليها بخفّة كما لو كنتُ أطرق.
تونغ، تونغ، تونغ.
سمعتُ صوتًا أجوف من تحت الأرضية.
ألصقتُ وجهي بالأرض مجدّدًا، فشعرتُ بنسمةٍ باردة.
لو كانت أرضيةً عاديّة، لما هبّت الرّياح.
يجب أن يكون هناك مكانٌ مخفي.
“هل كان هناك أحدٌ تحت المذبح؟”
“آه، لا، سيدتي الحاضرة. لم أتفقّده بعد، خشية أن يُغضب عليَ إذا لمسته بالخطأ.”
“بالتأكيد، ليس من الصّواب رفع المذبح المقدّس.”
كلامٌ صحيح جدًا.
سينقلبُ حظكِ بالتأكيد. أتركيهِ أرجوكِ.
هم كيف يجرؤون على وضع أيديهم تحت المذبح المقدّس؟ هذا تجديف!
رغم أنّ هذه ليست أفكار شخصٍ مختبئ تحت المذبح، إلا أنّني، وأنا جالسةٌ متكوّرة، وافقتُ بحماسٍ على رأي الخادمات.
لكن هل كان مبكّرًا جدًا أن أهدّئ قلبي المفزوع؟
كلام الحاضرة التّالي جعلني أشعر باليأس.
“لكن إذا كان هناك شخصٌ مختبئ تحت المذبح، فالأمر مختلف.
لا نريد بالتأكيد أن يُدنّس جرذٌ حقير المذبح المقدّس.”
شعرتُ بأنّ الخدم، الذين تجمّعوا في المنتصف، بدأوا يصعدون إلى المنصّة.
فتّشتُ الأرضية بيديّ بسرعة.
أين هو؟ إذا كان هناك ممرٌّ سرّي، يجب أن يكون هناك زرٌّ أو رافعةٌ ما.
أيّ شيءٍ يفي بالغرض.
من فضلك.
رغم أنّني لستُ متديّنة، كنتُ أحتاج إلى معجزةٍ الآن.
‘وجدتُها! رافعة!’
كن الخادمات قريباتٍ جدًا.
لم يعد هناك وقتٌ للتردّد.
بدلاً من أن أُمسك وأتعرّض لمعاملةٍ قاسية، قرّرتُ المغامرة.
جذبتُ الرّافعة بقوّة.
في تلك اللحظة، اختفت الأرضية.
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 4"