2
“لماذا أنا هنا بالضبط؟”
قبل خمس دقائق فقط كنتُ أؤدي امتحان القدرات الجامعية.
الجلسة الثالثة، تحديداً أثناء اختبار الاستماع لمادة اللغة الإنجليزية.
[مرحباً بكم في اختبار الاستماع لمادة اللغة الإنجليزية لامتحان القدرات الجامعية. سيبدأ البث التوجيهي في تمام الساعة 1:10……]
لكن عندما استعدت وعيي، اختفت ورقة الامتحان، ووجدت نفسي بين ذراعي جدتي المتوفاة منذ عامين.
“يونسو يا عزيزتي. حفيدتي الجميلة.”
ما الذي يجري بحق السماء؟
بالطبع كنت سعيدةً بلقائها من جديد، لكنه لم يكن وقتاً مناسباً للترحيب بها ببراءةٍ.
“يونسو يا صغيرتي. جدتك حكت لكِ قديماً حكاية أليس كذلك؟”
جدتي… الآن ليس وقت هذا! يجب أن أحل الأسئلة، اليوم هو يوم الامتحان المصيري!
فتحت فمي على عجل، لكن حلقي انغلق تماماً ولم أستطع نطقَ أي كلمةٍ.
“بنات عائلة لي الكبرى دائماً ما يدخلن يوماً ما داخل الروايات. في هذه الأيام يسمون ذلك……التجسيد أو الانغماس.”
“جدتي، ماذا تقصدين بالدخول إلى داخل رواية؟”
تحركَ فمي من تلقاء نفسه وطرح السؤال. يبدو أنني لا أستطيع قول شيء سوى ما هو محدد مسبقاً.
“تصبحين إحدى الشخصيات، ترين الأمير، تلتقين الأميرة…… أشياء من هذا القبيل.”
“حقاً؟”
“حتى جدتكِ، عندما كانت شابة، حدث لها ذلك. عندما ظهر أمامي أشخاص من كتاب قرأته، لم أصدق عينيّ أبداً.”
حدّقت جدتي في الفراغ بعينين حالِمتين كما لو كانت ترى حلماً بعيداً.
“لكن…… مهما كان الأمر رائعاً، يجب ألا تبقي هناك طويلاً!”
فجأة أمسكت بمعصمي بكل قوتها. كانت أصابعها النحيلة ترتجف وهي تشدني.
“إن بقيتِ طويلاً ستفقدين كل شيء! ولن تتمكني من العودة إلا إذا شاهدتِ النهاية المقررة. مهما حدث، يجب أن تري النهاية!”
“آآآااه!”
“إن لم تفعلي…… فلن تستطيعي العودة أبداً! هل تفهمين؟”
آه! كان معصمي يؤلمني بشدةٍ. وفي وسط ذلك، كانت جدتي تُلح عليّ بنظراتها كي أُجيب.
“عديني! مهما حدث، شاهدي النهاية وعودي إلى الواقع!”
هززت رأسي بقوة دون أن أعرف حتى ما يحدثُ.
بدأت يداي تُخدّران من شد قبضتها. شعرت وكأن معصمي سينكسر.
“حسناً! لا أعلم ما يحدث لكن… كل الخطأ عليّ!”
“غريتشين!”
“سوف ينكسر معصمي! أرجوك!”
“غريتشِين!!”
صفع!!
فجأة صفعني أحدهم بقوة على خدي. لم أرتكب أي خطأ، ومع ذلك ضُرِبت!
فتحت عيني باندهاشٍ لأجدَ نفسي……
فوق عربة تسير بسرعةٍ.
لم تكن جدتي من تمسك بمعصمي، بل فتاة ترتدي ثوباً أسود من الصوف.
عندما هدأت، تركت يدي أخيراً. بينما العربة تهتز بقوة.
“غريتشين، هل كنتِ تحلمين؟ بدا كابوساً. قبل قليل كنتِ ممدة كالميتة! يا إلهي، انظري لهذا العرق.”
أخرجت الفتاة منديلاً من جيبها وبدأت تمسحُ وجهي.
“شكراً…… لكن، من أنتِ؟”
“ماذا؟ لا تمزحي يا غريتشين.”
يبدو أن غريتشين معتادة على المزاح كثيراً، فابتسمت الفتاة مارِي بلا مبالاة.
“أنا جادةٌ. من أنتِ؟”
“أنا مارِي، مارِي سيلي.”
…… لكنني لم أغادر كوريا طوال تسعة عشر عاماً، فكيف لي أن أملك صديقةً أجنبية؟
كنت أنوي قول: شكراً لأنك أيقظتني، لكنك أخطأتِ في الشخص. لكن فجأة لاحظت أن ملابسي ليست ما كنتُ أرتديهِ.
كنت أرتدي ثوباً رمادياً خشناً ومعطفاً غامقاً مشابهاً لملابسها.
ماذا يحدث هنا بحق؟
ما زلت أظن أنني في حلم، حين وضعت مارِي يدها على جبيني فجأة.
“هل لديكِ حمى؟ هل تؤلمكِ معدتكِ؟”
“لا…… لا أشعر بألم.”
“حتى لو كنتِ مريضة، تحمّلي قليلاً. نحن على وشك الوصول إلى قصر الدوق فرانسيس. لا يمكنهم أن يطردوا خادمة مريضةً بقسوةٍ. لديهم طبيب رسمي أيضاً. سأطلب من كبيرة الخادمات أن تساعدكِ.”
فرانسيس……؟ لماذا الاسم مألوف؟
“أي فرانسيس تقصدين؟”
“هل نسيتي؟ إنه الشخص الذي سنخدمه من الآن فصاعداً. حتى الماركيزة كتبت لنا توصيةً باسمهِ.”
“آه، صحيح… ما اسمه كاملاً؟”
“صاحب السمو الدوق أدولف ليندال فرانسيس.”
“ليندال فرانسيس……؟”
اندمج صوت مارِي مع صوت أختي الصغيرة الذي سمعتهُ سابقاً:
“إنه كتاب، أختي. عن شاب نبيل وسيم يتزوج من جنية ويعيشان بسعادة.”
تذكرت ذلك الوصف الطفولي اللطيف الذي جعلني أبتسم حينها.
“واو، جنية؟ إذن ما اسم ذلك النبيل الوسيم؟”
“ثيودور. ثيودور ليندال فرانسيس الدوق.”
…… عندها أدركت.
هذا هو اسم بطل الرواية الذي ذكرته أختي.
لحظة. إذن… أنا داخل الرواية؟
هل كان كلام جدتي صحيحاً؟ أن بنات العائلة الكبرى ينغمسن في الروايات؟
وأنا الآن متجسدة شخصية لا أعرفها…… وفي يوم الامتحان المصيري بالذات؟
* * *
الجسد الذي تجسدتُ بهِ ينتمي إلى غريتشين ميلر، فتاة تبلغ 15 عاماً.
تماماً مثل مارِي، كانت تحمل رسالة توصية من الماركيزة للعمل في قصر الدوق.
وهذا المكان لم يكن كوريا.
بل “إمبراطورية أودير”، والتاريخ الآن هو العام 337 بالتقويم المحلي.
سألت مارِي عن كوريا، لكنها لم تسمع عنها قط.
كلما زادت التفاصيل التي أسمعها، كلما أيقنت أن امتحان القدرات قد ضاع مني بلا عودة.
كل ذلك الجهد في الكتب والدروس والاختبارات التجريبية…… تبخر!
لكنني تذكرت: قالت جدتي إن العودة ممكنة إذا رأيت النهاية.
جدتي نفسها عادت من رواية إلى الواقع. إذن يمكنني أنا أيضاً. الامتحان يمكن إعادة تقديمه لاحقاً.
الأمر أشبه بالانتقال إلى مدرسة جديدة. فقط… هذه المرة في عالم آخر تماماً.
“لااا! هل يُعقل هذا؟!”
الانغماس داخل رواية… مثل أحداث رواية رومانسية خيالية من الفصل الثاني؟
“حقاً، لا توجد كوريا؟ ولا جمهورية كوريا الجنوبية؟”
“قلت لكِ لا. أي كوريا؟ لو كان هناك بلد بهذا الاسم لتذكرتهُ منذ زمن.”
“إن كنتِ تمزحين، قولي لي فقط. وإن كنتِ تُصورين لموقع يوتيوب، هزّي جزرة مثلاً. سأتفهم كل شيء.”
ما زلتُ أتمسك بأمل أن يكون الأمر مجرد برنامج مقالب أو تصوير مخفي.
لكن مارِي تنهدت بيأس وهي تقول:
“منذ قليل وأنتِ تتمتمين
بأن هناك وحش كيميرا في السقف… كنت أعلم أن عقلك بدأ يختل!”
…… بينما كنت في الحقيقةِ أبحث عن “كاميرا تصوير”.
“الآن تطلبين مني أن ألوّح لكِ بجزرة. لا بد أنكِ أصبتِ في رأسكِ فعلًا.”
“إذا كان السيناريو لا يسمح، فأعيريني على الأقل هاتفكِ المحمول.”
لكن ماري لم تكن تعرف حتى ما هو الهاتف الذكي، ذلك الجهاز الضروري للناس في العصر الحديث، ولا سمعت من قبل بالـ”واي فاي”. راحت ماري تنظر إليّ بعين الشفقة.
“تتكلمين بلغةٍ غريبة كأنكِ كائن فضائي… لا بد أن الضربة كانت قوية. حين نصل، يجب أن تذهبي مباشرةً إلى الطبيب ليفحصكِ، فهمتِ؟”
“…….”
بين ردود فعل ماري المتوجسة، وبعد إنكار طويل للواقع، أدركت الحقيقة.
نعم… هذا واقعٌ ملعون.
مهما صفعتُ وجهي، أو توسلت إلى ماري، أو حاولت أن أغيّر الموقف، فإن شيئًا لا يتبدل. إذًا، هذا ليس حلمًا.
أيعقل؟! إذا كان لا بد أن أُقحم في هذا العالم، أليس من العدل أن أجد نفسي على الأقل في إحدى الروايات التي قرأتها؟!
لكن… إن لم أستطع الهرب، فعليّ أن أتأقلم.
بعد عدة جولات من الإحباط، بدأ عقلي يعود إلى رشده. أردت أن أستوعب الوضع، فسألت ماري:
“إذن يا ماري، إلى أين نحن ذاهبون الآن؟”
“إلى شمال الإمبراطورية. فالإمارة العظمى تقع في أقصى الشمال.”
“آه… إذًا إنه الدوق الشمالي.”
ذلك الرجل… من المؤكد أنه أسود الشعر.
أليس من المسلّم به أن دوق الشمال يجب أن يكون ذا شعر أسود؟
نعم، لمجرد سماع اللقب، يمكنني أن أتخيله ذا جسد عضلي ضخم، ووجهٍ صارم، وقلبٍ لم يعرف الحب بسبب حياته القاسية في ساحة الحرب.
لكنه، بطبيعة الحال، سيكون لطيفًا ورقيقًا مع امرأته الوحيدة.
هكذا تسير روايات الرومانس فانتازيا دائمًا.
بدأت أشعر وكأني أنهيت قراءة رواية رائعة للتو.
كان المشهد يرتسم في ذهني بوضوح: وسيم بارد الملامح يحمل سيفًا عظيمًا بكل قوة.
“لا بد أنه وسيم جدًا، صحيح؟ شعر أسود… وملامح شامخة، أليس كذلك؟”
سألتها بلهفة. لكن ماري أبدت تعبيرًا متردّدًا على وجهها.
“الناس يقولون إن مظهر الدوق مهيب فعلًا… لكن الحقيقةِ أنهُ أصلع.”
“…أصلع؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 2"