8
عِندما عَادت لِيانا بِمُفردها إلى مَنزلِ عَائلةِ كَاروتا، كان المنزلُ مُظلماً، وقد أُطفئت الأضواءُ تَماماً.
في الوقتِ الحَالي، لا يُوجد في منزلِ عائلةِ كَاروتا سوىّ عددٍ قليلٍ جداً مِنْ الخدمِ، وهُم جَميعاً مِنْ الأشخاصِ الذين خَدموا والديّها سَابقاً، لِذلك كانت تُخبرهم بالراحةِ مُسبقاً إذا تأخرت في العودةِ بسببِ حفلاتِ السهرةِ.
لِذلك، لم يكنْ هُناك مَنْ يَستقبل لِيانا عِندما عادت وحدها.
شَكرت السائقَ الذي قادَ العربة، ثُم دَخلت إلى المنزلِ المظلمِ.
وعِندما عَادت إلى غرفتها وبدّلت مَلابسها بنفسها، شَعرت فَجأةً بالإرهاقِ.
يَبدو أنَّها كَانت متوترةً أكثرَ مِمّا كانت تعتقدُ.
رُبما سَتستغرق أُختها وقتاً أطولَ قليلاً لِتعود.
وفي اللحظةِ التي فَكرت فِيها بأخذِ قسطٍ مِنْ الراحةِ، وقعت عَيناها على الفستانِ الموضوعِ في الغرفةِ.
(آه، لا يَزال هُناك شيءٍ آخر عليّ فِعلهُ مِنْ أجلِ أُختي…)
رُغم أنّ عائلة فيكونت هورد هي التي تَتولى الترتيب لحفلِ الزفافِ المزمع إقامته بعدَ عامٍ، إلا أنّ تحضيرَ الفستانِ مِنْ مَسؤوليتهم.
لِذلك، كانت لِيانا تَنوي تَعديلَ الفستانِ الذي ورثته مِنْ والدتها، وإضافة الزخارفِ والتطريزاتِ لِيُصبِحَ أكثرَ أناقة.
والآن، بعدَ إقامة حفلِ إعلانِ الخطوبةِ، بات مِنْ الضروري تَجهيز الفستان في أسرعِ وقت.
ورُغم أنَّها كانت متعبة، إلا أن توترها بعدَ أول حفل سهرة تُشارك فيه مَنعها مِنْ النومِ بسهولة.
لذا قررت لِيانا أن تقضي الوقت في خياطةِ الفستانِ حَتى تعود أُختها.
بإخلاصٍ ودعاء مِنْ أجلِ سعادة أُختها، بَدأت تعمل بالإبرة بخفةٍ واهتمام.
وبينما كانت تركز، مرّ الوقتُ بسرعة.
ثُم توقفت عربة أمام القصر، وعرفت أن أخُتها قد عادت، فوضعت الفستان جانباً ونهضت.
“مرحباً بعودتكِ”
عادت أختها وهي تَبدو في غايةِ السعادة، مُحاطة بتهاني الجميع، وتلقى حباً واهتماماً مِنْ ناريج.
لكن بِمُجردِ أن رأت لِيانا وهي تستقبلها، تبدّل ذَلِكَ الوجه المبتسم إلى تعبيرٍ كئيب.
رُبما تَذكّرت أن لِيانا شاركت في حفلِ إعلانِ الخطوبةِ بصفتها “المرأة الشريرة لانا” مِنْ أجلها.
“… أنا آسفة. هَذا كُلّه بِسببي”
“أُختي العزيزة،”
قَاطعتها لِيانا بابتسامةٍ.
“أَلستِ مُتعبة؟ يجب أن تَخلعي ملابسك وتَذهبي لِلنوم.”
ثُم دَفعتها برفقٍ إلى غرفةِ النومِ، لِتَمنعها مِنْ الاعتذارِ أكثر.
لَقد كانت أُختها تَستعد لِهذا اليوم مُنذُ وقتٍ طويلٍ، وكانت مُتوترة للغاية مُنذُ الصباحِ.
لا شكّ أنَّها سَتغفو سَريعاً مِنْ شدةِ الإرهاقِ.
ثُم عَادت لِيانا إلى غرفتها.
كانت تَود أن تبقى مع أختها حتى يوم الزفافِ، لكنَّها فَكرت أن مُغادرتها المنزلِ في أسرعِ وقت قد تكون الأفضل مِنْ أجلِ سَعادة أُختها.
(عَليّ أن أُنهي الفستان بسرعة…)
وَجهُ أُختها السعيد.
والذنب الذي رأته في عَينيها.
وذكرياتُ والديّهما الراحلين.
رُغم تَعبها، لم تستطعْ النومَ بِسبب كلّ هَذه الأفكار، فَقضت لِيانا الليلَ في تعديلِ الفستانِ حَتى الصباح.
—
بعدَ ذَلِكَ، حَضرت لِيانا عِدّة حَفلات سَهرة بِصفتها “لانا” إلى جانبِ أُختها وناريج.
وفي إحدى المرات، واجهها ناريج، الذي أصبح خَطيب أُختها رسمياً وأصبح يَتردد على منزلِ عائلة كاروتا كَثيراً، قائلاً:
“لماذا تتعمدين حضورَ نفس حفلات السهرة التي تحضرها إيسلي؟”
بالطبع، هدف لِيانا هو أن يعرف الجميع أن أختها و”المرأة الشريرة لانا” هما شَخصان مُختلفان. لكنّها لم تكنْ تَنوي شرحَ ذَلِكَ لهُ.
“أيّنما أذهب، فَهذا شأني وحدي، أليّس كذلك؟”
رَدّت عليه بابتسامةٍ مُتحدّية، وقد ارتدت زياً فاخراً خِصيصاً في ذَلِكَ اليوم.
“هَذا سَيُؤثر على سمعةِ عائلة كاروتا. عِندما أُصبحُ أنا رَبّ العائلةِ، لنْ أسمحَ لكِ بالتصرفِ كمّا تَشائين.”
قالَ ذلك بنظرةٍ صارمةٍ.
وهو مُحق. لكنّها كانت تَنوي مُغادرة المنزلِ قَبل أن يَحدُثَ ذَلِكَ.
“رُبما. لكنكَ لست ربّ العائلة بعد.”
كانت تفعل هَذا مِنْ أجلِ مُستقبل أُختها السعيد.
لم يكنْ ضَرورياً أن يفهمَ ناريج ذَلِكَ. لذلك رَدّت عليه بِهذا الشكلِ، لِيزدادَ نَظرهُ صرامةً.
“إيسلي عَانت كثيراً مِنْ أجلِ تسديدِ ديون والديّك، بينما أنتِ، تحت اسم ابنتهم الراحلة، خَدعتِ فيكونت تويت وعِشتِ حياة بذخ. ألَّا تَشعرين بالخجلِ؟”
اتّسعت عَيّنا لِيانا بدهشةٍ، فهي لم تكنْ تعرف أن هَذا هو ما يُقال عنها.
صحيح أن أختها تَحملت عناءَ تسديد الديون.
لكن مَنْ أطلقَ عليها اسم الابنة الراحلة كان الفيكونت تويت نفسه. وجميع الفساتين والزينة التي كانت ترتديها كانت تَخُص ابنته الراحلة.
كما أن تِلك الملابسِ المزخرفة التي تبدو فاخرة كانت قديمة، وكانت لِيانا حِينها لا تزال فتاة في الحادية عشرة.
لكن ناريج لم ينتبه لكلِّ ذلك.
ولن ينتبه لهُ أحد على الأرجحِ.
[فيبي:هما الناس دول بيشربوا ايه بجد،البطلة كان وقتها عندها 11سنة!!]
“هَذا لا يعنيك. ثُم، إن أسأت مُعاملتي كَثيراً، فَستحزن أُختي.”
لم يكن هَذا تهديداً، بلّ حقيقة: فكلّما وَبّخ ناريج لِيانا، ازدادت مشاعر الذنبِ في قلبِ أُختها.
لا تجرحْ أُختي.
فقط تَجاهلني.
هَذا ما أرادت أن تُوصله له، لكنّه فهم الأمر كأنّه تهديد باستخدامِ أُختها.
“تصرفٌ حقيرٌ. لا شكّ أن والديك الراحلين يشعرون بخيبةِ أملٍ مِنك.”
“… رُبما.”
ضحكت ليانا بسخرية، ثُم غادرت.
كانت كلماته مؤلمة، لكنّها تذكّرت أن أختها عانت مِنْ مِثلِ هذه الإهانات طوال خمس سنوات.
نظرات الاحتقار مِنْ الناسِ، ونظرات الطمع مِنْ بعضِ الرجالِ.
بما أن أختها تحملت ذلك، فعليّها هي أيضاً أن تتحمل.
مِنْ أجلِ سعادتها، لن يكون هَذا شيئاً كبيراً.
-ترجمة فيبي
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 8"