5
“أختي، هل أنتِ بخير؟”
رغم كل شيء، سألتها بقلق، فأومأت برأسها بقوة، قائلة “بالطبع”.
“لقد أحسنوا معاملتي كثيرًا. حتى أنّني قابلتُ شقيق ناريج، وقال لي أن أعتني بأخيه.”
كانت تتحدث بحماس واضح، وخداها الأبيضين قد احمرا قليلاً.
أختي الآن… سعيدة.
بلّ، وتوشك أن تصبح أكثر سعادة.
حين فكرت في ذلك، بدت كراهية ناريج ليّ شيئًا تافهًا.
“ناريج كان يهتمُ لأمركِ أيضًا، ليانا. قال إنّه يجب أن نبحثَ لكِ عن زوجٍ مناسبٍ.”
“ماذا؟”
لم تتوقع ليانا هذه الكلمات، فصاحت بدهشة.
“أنا؟”
“نعم. قال إنّك جميلةٌ ومتألقةٌ، وإن هناك مَن سيود اصطحابكِ معه بعد أن يُلبسكِ أبهى الثياب.”
قالتها أختها ببساطة وابتسامة، لكن كلمات ناريج كانت تنضح بنبرة خفية مِن السوء.
بدّا وكأنه يحاول إبعاد ليانا حتى قبل أن يتم الزواج رسميًا مِن أختها. أليّس هذا مجرد تفكير زائد؟
ثُم إن الحديث عن تزيينها وأخذها معه يوحي بمكانة عشيقة أكثر من كونها زوجة.
نظرت ليانا بسرعة نحو نافذة، وحدقت في انعكاس صورتها.
كانت ملامحها تُشبه أختها بلا شكّ، لكن الهالة التي تَبعثها كانت مختلفة تمامًا.
فعلى عكس أختها التي تُشع هدوءًا ورقة، كثيرًا ما تُرى ليانا كفتاة لامعة وجذابة.
وبسبب اهتمام الخياطين بدروز أختها فقط، كانت ليانا ترتدي فساتين قديمة أُعطيت لها مِن قبل ابنة الكونت تويت.
(رُبما ظنوا أنّني الأخت العابثة، التي تترك الأخت الكبرى تتحمل كل المسؤوليات بينما أنا أتزين وأتجول بلا هدف…)
إن كان الأمر كذلك، فإن نظرة ناريج المليئة بالازدراء تُصبح مفهومة.
لكن، إن كان يحكم عليّ من المظهر فقط، فهل مِن الحكمة تَرك أُختي في يده؟
ثُم إن نظرته تلك لم تستمر. لقد أخفاها ببراعة بعد ذلك.
وما يقلقها أكثر، أن أختها الحنونة قد تُفشي ماضي ليانا لناريج بدافعِ الحزن، وهذا سيكون كارثة.
وفوق كل ذلك، أختها تحب ناريج.
(لا بأس إذًا…)
كانت ريانا تُخطط للبقاء في منزلِ عائلتها عدة سنواتٍ بعد زواج أُختها، لمساعدتها.
ثُم، بعدما تطمئن على سعادتها، كانت تعتزم دخولَ دير.
فديون الوالدين ستُسدد خلال عدةِ سنواتٍ، لكن لا مدخرات ولا ثروات متبقية.
واستعادة اللقب والنُبل يتطلب أموالاً كثيرة لإدارةِ الأراضي.
ومَن يحملَ اللقب، عليّه الظهورَ في المجتمعِ الراقي، ممّا يتطلب ملابس فاخرة ومجوهرات. كمّا أنّ صيانة القصر في العاصمة وفي الإقليمِ، ورواتب الموظفين، كلها تكاليف كبيرة.
فمِن الأفضل توجيه المال لدعم مستقبل العائلة بدلًا من زواج ليانا.
وربما من الأفضل أن ترحل بسرعة مِن المنزل.
وكانت تنوي فعل ذلك بعد أن تشهد زواج أختها وناريج.
لكن، في يوم مِن الأيام…
عادت أختها من زيارة إلى منزل ناريج، وهي تبدو منهكة وكئيبة.
“أختي؟”
ظنّت ليانا أنّ مِن الأفضل ألَّا تظهر أمام ناريج، فلم تخرج لاستقباله حين وصل بعربته.
لكنّها، حين رأت أختها جالسة على الأرض في المدخل، هرعت من الدرج نحوها.
“ما الأمر؟”
لم تُجب الأخت، بل هزت رأسها كطفلة صغيرة، ثُم بدأت تبكي بصمت.
(أختي…)
“عليّ أن أفعل شيئًا… يجب أن أحميها”، فكرت ليانا وهي تُجلس أختها على أريكة في غرفة الاستقبال، وظلت تمسح على ظهرها حتى هدأت.
“ماذا حدث؟ هل قال لكِ أحد من عائلة ناريج شيئًا سيئًا؟”
وحين توقفت الأخت عن البكاء، سألتها ليانا بهدوء.
“لا… ناريج قال إنّه يحبني… وطلب يدي. كنت سعيدة، وكأنني في حلم، ووافقت فورًا.”
أخيرًا… ناريج طلب الزواج من أختها.
كانت تتوقع ذلك، لكن سماعه من أختها مباشرة جلب لها سعادة كبيرة.
لكن، إن كانت قد حصلت على ما كانت تأمله، فلماذا بكت هكذا؟
بدّا بكاؤها مؤلمًا للغاية، لا يُشبه دموع الفرح.
واصلت ليانا التربيت على ظهرها بلطف، حتى بدأت أختها تَروي ما حصل:
“قال إنّه سيُخبر والديه فورًا. لطالّما أخبرني أنّ والدته تُرحب بزواجنا، وكنت واثقة أنّهم سيفرحون، لكن…”
“هل رفضوا؟”
هزت الأخت رأسها نفيًا.
“لا، لقد فرحوا.”
وفعلاً، بدّا ذلك منطقيًا لليانا.
فـ ناريج هو الابن الثالث لعائلة هورد.
يعمل كموظف حكومي في القصر الملكي، ولم يكن يرغب في الزواج أصلًا، لكن والديّه بالتأكيد تمنيّا له السعادة.
ورغم أن أختها من عائلة فقدت والدَيها وتوشك على الانهيار، إلا أنّ الدين أوشك على الانتهاء.
ما تبقى فقط هو استعادة الأراضي والاعتناء بها. وناريج، بذكائه وخبرته، قادرٌ على إدارتها.
وفوق كل شيء، ناريج وأختها إيسلي يحبّان بعضهما.
العقبة الوحيدة كانت ليانا، وكانت تظن أن خروجها من المنزل سيُحل كلّ شيء.
إذن… ما الذي جعل أختها تبكي بهذا الشكل؟
-ترجمة فيبي
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل "5"