4
بعد ذلك بعدة أيام.
حضرت الأخت حفل زفاف إحدى صديقاتها، مرتدية الفستان الذي صممته لها ليانا.
وبحسب ما قيل، فقد سعدت صديقتها كثيرًا برؤيتها بعد غياب طويل.
كما التقت بصديقاتها من أيام الدراسة في أكاديمية أخرى، وتعرّفت على أحد الرجال، تمامًا كما كانت ليانا تأمل.
إنه “ناريج”، الابن الثالث لأسرة فيكونت هورد.
كان من أصدقاء العريس، وقد التقى بالأخت لأول مرة في حفل الزفاف، لكنّه وقع في حبها من النظرة الأولى، وبدأ يُغازلها بشغفٍ.
عندما سمعت ليانا ذلك لأول مرة، شعرت بالغضب وقالت:
“كيف يجرؤ على مُغازلة سيدة نبيلة في أول لقاء!”
لكن أختها دافعت عنه بشدة، وقالت:
“المغازلة كلمة مبالغ فيها. لقد قال فقط إن الفستان جميل جدًا، وإنه يناسبني كثيرًا.”
وبينما كانت تتحدث، احمرّ خداها وتألقت بجمال لافت، مما هدأ غضب ليانا تدريجيًا.
كلّ ما تريده هو سعادة أختها.
وإن كانت الأخت تُريده، فلا داعي لأن تعارضه.
بعد ذلك، بدأت ليانا تجمع معلومات عن أسرة فيكونت هورد بشكل غير مباشر، مِن خلال متجر الأزياء الذي تتعامل معهُ لتوريد تطريزاتها.
كانت تعلم جيدًا أن وضعها الاجتماعي لم يعد قويًا، هي وأختها بالكاد يحتفظن بلقب نبيلة، بعد أن أصبحت الأراضي والألقاب تحت وصاية العائلة المالكة.
ومع أنّها تدرك أنه ليس من حقها اختيار ما تشاء، فإنها كانت تتمنى من أعماق قلبها أن تجدَ أختها السعادةَ، بعد كل ما عانته.
لذلك أرادت أن تتأكد من أن “ناريج” يستحق ثقتها، وأنه سيجعل أختها سعيدة.
رغم أن لقب فيكونت أدنى قليلًا من بعض الألقاب الأخرى، إلا أنّ أسرة هورد عريقة جدًا، ووالد ناجيه يعمل في القصر الملكي، ووالدته أيضًا كانت تعمل هناك كوصيفة، وهما معروفان بجديتهما واستقامتهما.
أمّا ناريج، فهو الابن الثالث، يبلغ من العمر 24 عامًا، أي أكبر من أختي بعامين، ويعمل كموظف مدني في القصر مثل والده، ولم يكن ينوي الزواج سابقًا، لذا لم يكن له خطيبة أبدًا.
لمّا سمعَت أنَّه غازل أختها مِن أولِ لقاء، ظَنت أنّه شخصٌ لعوبٌ يُغازل كلّ مَن يُقابله، لكن يبدو أن الأمر ليس كذلك.
بل على العكس، هو شابٌ جادٌ، ولم تُذكر حوله أيّ إشاعات.
فإن كان هذا الشخص الجاد قد اقترب من أختها وقال لها كلمات إعجاب تُشبه المغازلة، فقد يكون جادًا في نواياه.
ليانا كانت تعرف أن شخصية أختها الحقيقية متواضعة وأنيقة، طيبة الملامح، وصادقة القلب.
ولن يكون من المستغرب أن يقع أحد في حبها من النظرة الأولى.
كما أن الثناء على الفستان الذي طرزته بنفسها لأجل سعادتها، أسعدها كثيرًا.
وإن كانت أختها تريدُ هذا الشخص، فإن ليانا قررت أن تدعمهما بكلِ قوتها.
بعد حفل الزفاف، استمرت الأخت في لقاء صديقتها، التي كانت تحاول أيضًا دعم العلاقة بينها وبين ناريج، فكانوا يزورون منزلها، ويخرجون معًا في مجموعات صغيرة.
وكان من الواضح أن الأخت تستمتع بهذه اللقاءات، ممّا ملأ قلب ليانا بالطمأنينة.
وعندما سمعت أن الأخت دُعيت لزيارة منزل أسرة فيكونت هورد، شعرت ليانا بالحماس وسارعت لتفصيل فستان جديد للأخت، مطرزٌ كالعادة بأناملها.
وقالت لها:
“بما أن أسرتهم عريقة وجدية، فإذا سألوكِ عن ديون والدينا، مِن الأفضل أن تقولي إن أغلبها تم سداده، وإننا ندرس الآن إدارة الأراضي.”
ثم أضافت بتحذيرٍ واضحٍ:
“لكن لا تُذكري أيّ شيء عن الكونت تويت. أنا ممتنةٌ لهُ، لكن لا أريد ربط أختي بـ(المرأة الشريرة لانا).”
أجابت الأخت بتردد:
“فهمتُ… لكن هل هذا جيد فعلاً؟”
فأجابت ليانا بحزم:
“طبعًا. أنا واثقة أنهم سيباركون لكِ سعادتك.”
ثم بدأت تنتظر مجيء ناجيه، الذي سيصطحب أختها.
كان لقاؤها الأول به، لذا أرادت أن تُلقي التحية بشكل لائق.
فوقفت إلى جانب أختها بانتظار عربة الفيكونت.
وبالفعل، وصلت عربة آل هورد.
كانت صغيرة نوعًا ما، لكنّها أنيقة وتدل على تاريخ الأسرة العريق.
وحِين نزل ناريج منها، لم يكن طويل القامة، لكنه بدا شابًا هادئًا وصادقًا.
بدّا مُتناسبًا مع أختها في الطباع والمظهر، لدرجة أن ليانا تخيلت فورًا أنهما سيكونان زوجين مناسبين.
لكن ما إن ابتسم بلطف للأخت، ونظر إلى ليانا، حتى ظهرت على وجهه علامة استياء طفيفة.
شعرت ليانا بالدهشة، ولم تفهم السبب، لكن بما أنه كان ينظر بمحبة إلى أختها، فلا يبدو أن هناك مشكلة بينهما.
قالت له بانحناءة:
“تشرفت بلقائك، أنا ليانا، شقيقة إيسلي.”
أجابها بتعريف نفسه، لكنه لم ينظر إليها بنظرة ودية.
بدا واضحًا أن استياءه موجه إليها.
قالت الأخت بفرح:
“ليانا تساعدني دائمًا.”
لكنها لم تلاحظ نظرات ناريج.
فقررت ليانا أن تتجاهل الأمر، وابتسمت وهي تودعهما.
غير أنها بقيت واقفة في مكانها حتى بعد أن غادرت العربة.
فكّرت:
من المقلق أن يكرهني شريك أختي المحتمل. هل يجب أن أبدأ بالتقرب منه بنفسي؟
أمّ أنَّه مِن الأفضل ألَّا أفعل شيئًا؟
(لا أعلم ما الذي أزعجه، لذا لا أعرف كيف أتصرف…)
تنهدت بخفة.
فحتى وإن كان ذلك أول لقاء، فإنّ نظرة الكراهية تلك لم تكن محض وهم.
لا بد أنّه كان هناك سبب.
لكن عندما عادت الأخت، كانت سعيدة جدًا، ولم يُظهر ناريج أيّ عداء مباشر لليانا.
ومع ذلك…
تأكدت ليانا أن تلك النظرة لم تكن مِن نسجِ خيالها، بلّ إنّه ببساطة كان بارعًا في إخفاء مشاعره.
كفؤ فعلًا، كما يُتوقع من موظف في القصر الملكي.
-ترجمة فيبي
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل "4"