2
كان الكونت تويت صديقًا لوالدي، وكان عمره يقارب عمر جدي الذي توفي قبل والديّ.
كان شريكًا لوالدي في العمل، وكان ثريًا للغاية.
كان يمتلك قصرًا ضخمًا في العاصمة الملكية، وكان عدد الخدم عنده يفوق ضعف عدد خدم عائلة كاروتا حين كان والداي على قيد الحياة.
ومع ذلك، كانت حياته الشخصية مليئة بالوحدة، فقد فقد زوجته وابنته في حادث قبل حوالي ثلاثين عامًا، ومُنذ ذلك الحين عاش وحيدًا دون أن يتزوج مرة أخرى.
ولأنَّه كان ثريًا جدًا، فقد جذبت ثروته الكثير من النساء الطامعات حتى بعد أن تقدم في السنِ، ممّا جعله يكره الناس بدرجة كبيرة.
ومع ذلك، فقد مدّ يد العون لي ولأختي إيسلي بعد وفاة والدينا، وكان لذلك سبب.
لم يكن فقط صديقًا لوالدي، بل إن سنة وفاة ابنته كانت نفس السنة التي وُلِدت فِيها أُختي، كما أنّه شاركنا في فقدان العائلة في حادث.
قدم لنا دعمًا ماليًا للمعيشة، وكرد للجميل أصبحت أختي تُرافقه وتُؤنسه بحديثها.
كانت تذهب فقط إلى قصره، وتستمع بهدوء إلى قصصه عن الماضي.
ورغم أن الكونت تويت كان عجوزًا صعب المراس، إلا أنه كان لطيفًا جدًا مع أختي، لأنَّه كان يرى فيها صورة ابنته الراحلة.
ويقال إن ابنته الراحلة، مثل أختي وليانا، كانت تمتلك شَعرًا فضيًا جميلاً. ولذلك، عندما يرى أختي، كان يتذكر ابنته كثيرًا.
ويبدو أن أختي قد شعرت بوحدة الكونت تويت، وأرادت أن تواسيه.
وفي أحد الأيام، خطرت لها فكرة أن ترتدي ملابس ابنة الكونت الراحلة أثناء الاستماع إلى حديثه.
كانت ابنته تُدعى لانا، وكانت امرأة جميلة ذات ذوق مائل للبذخ والزينة.
وكانت لوحة زوجته المتوفاة المعلقة في القصر امرأة جميلة أيضًا، مما يدل على أن لانا كانت تشبه والدتها.
لذلك، كانت فساتين لانا المتبقية فخمة جدًا في تصميمها، وقد شعرت أختي، الخجولة بطبعها، بالحرج عند ارتدائها في البداية.
لكن في وقت تم تجاهلنا فيه من قِبل جميع الأقارب، لم يُساعدنا سوىّ الكونت تويت، الذي لم يكن سوىّ صديق لوالدي.
ولرد الجميل، كانت أُختي ترتدي فساتين لانا وتقضي الوقت إلى جانبه.
ومع ذلك، فإن ملامح وجه أختي تختلف تمامًا عن ملامح لانا.
وكانت أختي ذات ملامح رقيقة وهادئة، لذلك لم تكن تناسبها الفساتين الصاخبة لـ “لانا.”
وعندما كان الكونت تويت يرى ذلك، كان يتنهد بحزن. ولتواسيه، بدأت أختي تضع مساحيق التجميل وتقلد لانا، مستعينة بصور زوجته وابنته، وحديث الخادمات القديمات.
وعندما بدأت أختي تشبه ابنته الراحلة، شعر الكونت بسعادة غامرة، وبدأ يناديها باسم “لانا”، ويأخذها معه إلى الحفلات الليليّة.
رُبما كان يفعل ذلك أيضًا مِن أجلِ أُختي، التي فقدت والديها ولم يعد بإمكانها دخول المجتمع الراقي.
ولكن الناس، عندما رأوا هذا الرجل العجوز الثري يصطحب فتاة شابة متأنقة، ظَنّوا أنَّها عشيقته.
خاصةً وأن وفاة ابنته حدثت قبل ثلاثين عامًا، ولم يعد أحد يتذكر شكلها أو اسمها.
وهكذا بدأت أختي تُعرف بين الناس بلقب “المرأة الشريرة لانا” التي تملقت الكونت العجوز الثري.
ولم يكن الكونت تويت يعلم أن أختي، التي كان يعتبرها كابنته، تُنعت بـ”الشريرة”.
ولأنه كان يتمتع بسلطة لا بأس بها، لم يجرؤ أحد على إخباره بذلك وجهًا لوجه، كما أنه لم يكن اجتماعيًا ولا يُتابع الشائعات.
بل رُبما كان يخطط لإيجاد زوج مناسب لأختي، عندما كان يصطحبها معه.
كانت ترتدي كلّ مرة فستانًا فخمًا مختلفًا، وتُزين نفسها بالجواهر الجميلة.
وتضعَ مساحيق التجميل بكثافةٍ، وتتصرف بأنانية وجرأة، حتى تُوحي بأنَّها فتاة متكبرة ومتعجرفة.
لكن أختي كانت تتصرف بهذه الطريقة فقط لأن ابنة الكونت كانت كذلك، وكانت تُحاول تقليدها.
وكان الكونت يُعاملها بلطف لأن كل ما يتذكره عن ابنته المتوفاة هو أنه كان يُوبخها بشدة، وكان يشعرُ بالندم.
لكن الناس لم يكونوا يعلمون شيئًا مِن هذه الخلفية، ولذلك أطلقوا على أختي لقب عشيقة الكونت، و”الشريرة التي أسرت الكونت العجوز الثري”.
هذه الشائعات الجارحة كانت تجرح مشاعر أختي.
وعندما كانت تعود من الحفلات، كانت تنعزل في غرفتها وتبكي.
وكان من المؤلم لـ ليانا أن تَرى أختها على هذا الحال، فطلبت منها بألمٍ: “دعيني أعمل بدلًا منك، فقط لا تذهبي مُجددًا إلى قصر الكونت تويت.”
لكن أختي قالت:
“لا يمكنني السماح لطفلة مثلك بالعمل. ثم إنَّنا تلقينا معروفًا، ويجب علينا أن نرده.”
كانت هذه إحدى الجمل التي كان يكررها والدنا باستمرار.
ويبدو أن أختي اعتبرت هذه العبارة وصية والدي الذي لم تستطع حتى توديعه.
—
ومضت خمس سنوات منذ وفاة والدينا.
وظلت أختي خلال تلك الفترة تؤدي دور “ابنة الكونت تويت”.
وانتشر لقب “الشريرة لانا” في أنحاء العاصمة الملكية، ولم يعد هناك من لا يعرفه سوىّ الكونت نفسه.
وفي ذلك الحين، وبفضل المكياج الثقيل والفساتين المزركشة، لم يتعرف أحد على أختي بأنها الابنة الكبرى لعائلة كاروتا، التي تركت الأكاديمية بعد وفاة والديها.
ولأن أختي كانت هادئة بطبعها، ولم تدرس في الأكاديمية سوىّ لستة أشهر، فلم يتذكرها أحد تقريبًا.
وربما كان ذلك أحد الأسباب أيضًا.
أما ليانا، فقد أصبحت في السادسة عشرة مِن عُمرها.
حاولت أختي أن تُدخلها إلى أكاديمية النبلاء، لكنها رفضت عرض أختها.
فكيف لها أن تعيش حياة هانئة في الأكاديمية، في حين أن أختها تُعاني هذا الألم؟ وما زالت الديون المتبقية كثيرة.
ثُم إن الدراسة في أكاديمية النبلاء ليست إلزامية.
يمكنها أن تدرسَ بنفسها، كما كانت تفعل من قبل، وتستمر في الأعمال المنزلية والعمل من المنزل.
وكانت أختها غير ماهرة نوعًا ما، فلم تكن تجيد الأعمال المنزلية ولا الخياطة، بينما كانت ليانا بارعة فيهما.
لذلك، بعد وفاة والديهما، ساعدت ليانا الخادمة الوحيدة التي بقيت معهما، في الغسيل والطبخ.
وفي النهار كانت تساعد الراهبات في الدير، أو تعمل في الخياطة، وعندما يحلّ الليل كانت تستعير كتب أختها وتدرس وحدها.
وكانت ليانا تشعر بالامتنان للكونت تويت أيضًا.
فلو لم يساعدهما، لما استطاعت العيش مع أختها كما تفعل الآن.
ولكن، كان يؤلمها أن ترى أختها الطيبة والمخلصة تُحتقر وتُلقب بـ”الشريرة”.
ولهذا، كانت تعمل بجد لتردّ ديون والديها، وتحرر أختها من لقب “الشريرة لانا”.
—
-ترجمة فيبي
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل "2"