15
«لـي أنـا؟»
«نعـم، لـكِ.»
أومأتْ الأختُ برقةٍ وابتسامةٍ على وجهها.
إن كان ناريج هو مَنْ تحدثَ عَن الأمرِ، فلا بُد أنَّ العرضَ جاءَ مِنْ دوقية كيرينا.
لكن بما أن أُختي تبدو سعيدة، فهي لا تعرفٌ أن الأمرَ زواجٌ صُوري على الأرجحِ.
تنهدتُ في سري مِنْ سذاجةِ ناريج الذي تحدث عن هذا في مكانٍ يُمكن لأختي أن تسمعَ فيه، لكن رؤية السعادة على وجه أختي أشعرتني بالراحةِ.
«مِنْ مَنْ تحديدًا؟»
«تخيلي، مِنْ دوقية كيرينا!»
«دوقية؟»
كُنْتُ قلقةً أن يكون الأمرُ مُختلفًا، لكن بما أنَّه نفس الطرف الذي عرض عليّ الزواج الصُوري، شعرت بالاطمئنان.
«ليانا ذهبتْ إلى عدة حفلات بمُفردها للقاء أصدقائها، أليّسَ كذلك؟ لا بد أنَّهم لاحظوكِ هُناك وأعجبوا بكِ!»
«هَلَ تعتقدين ذلك…؟ هَلَ يُمكن أن يكون…؟»
«رُبما يتحدث ناريج إليكِ قريبًا. وإن كنتِ سَتُصبحين سعيدة، فأنا أُؤيد هذا بكلِ قلبي.»
ابتسامةُ أُختي السعيدة زادت شُعوري بالذنبِ.
هي ليست فرحةً لأنَّ العرضَ مِنْ دوقية مُرموقة، بلّ لأنّها تَظنُّ أنّ هُناك مَنْ أُعجب بليانا وطلبَ الزواجَ مِنها.
«…نعم. أنا أيضًا أتطلعُ إلى الحديثِ معه.»
لذا، بادلتها ابتسامةٌ حاولتُ أن أبدو سعيدةً قدرً الإمكانِ.
وفي اليومِ التالي، كمّا قالتْ الأختُ، جاءَ عرض رسمي مِنْ دوقية كيرينا لـ ليانا بالزواجِ.
رافقها ناريج إلى بيتِ فيكونت هورد لسماعِ تفاصيلِ الخُطبة.
وبما أن فيكونت هورد سَيُصبحُ والدُ أختها بالتبني بعد زواجها، فقد استخدمه دوق كيرينا كوسيطٍ في طلبِ الخُطبةِ.
رغبتْ الأختُ في مرافقةِ ليانا، لكنها لم تكنْ في صحةٍ جيدةٍ، لذا بقيتْ في المنزلِ.
نظرَ ناريج إلى الأختِ السعيدة بحنانٍ، ثُمّ رمقَ ليانا بنظرةٍ ساخرةٍ، رُبما لأن الأخت سعيدة بخطبةِ أختها.
لكن ليانا لم تردْ يومًا أن تتفاخرَ بهذا. كانتْ تعرف أن أُختها ستفرح مِنْ قلبها لأجلها.
لذلك تجاهلتْ نظراتَ ناريج، وحدقتْ إلى الخارجِ مِنْ نافذةِ العربةِ.
وقد أحضرتْ معها أمتعتها التي أعدتها مسبقًا، تحسبًا لأن يُطلب منها البدءَ بإجراءات الزواجِ الصُوري مُباشرةً.
كان مِنَ المؤلمِ أن تتركَ أُختها، لكنها إن عادتْ إلى المنزلِ، فسوف تُسأل عن العريس، وعن مَوعدِ الزواجِ، بينما في الحقيقةِ، لا لقاء مُقرر مع الزوجِ ولا زفاف.
وإن عرفتْ الأختُ بذلك، فستعارضُ الزواجَ بكلِ تأكيدٍ.
لهذا، رُبما مِنَ الأفضل أن يتم الأمرُ بهذه الطريقة.
ما يُقلقها هو مرض أختها، لكنها رتبتْ مع الطبيبةِ إيسلي أن تُطلعها على حالتها في كلِ زيارةٍ.
ظلّتْ ليانا تنظرُ مِنْ نافذةِ العربةِ حتى اختفى المنزلُ الذي وُلدت ونشأتْ فيه، ومعه أُختها التي خرجتْ لتوديعها.
وعندما وصلوا إلى منزل فيكونت هورد، نزلَ ناريج مِنَ العربةِ دون أن ينتظرَ ليانا أو يُساعدها.
لكن السائق، وقد ضاق ذُرعًا مِنْ هذا التصرف، مَدَّ يدهُ لِيُساعدها.
سلوكُ ناريج هذا حتى النهاية كان باعثًا على الراحةِ بطريقةٍ ما.
كان فِراق الأختِ مُؤلمًا، لكن فكرة أنّها لن ترى ناريج مُجددًا كانتْ مُريحةً.
فهو وإن كان سيتزوج مِنَ أختها، ويأخذ على عاتقهُ مشاكل عائلة بارون كاروتا، إلا أنّ الحياةَ معهُ كانتْ مُستحيلة، وهو يكرهها بهذا الشكل.
حتى مِنْ دون مَرض الأخت، رُبما كانتْ ليانا ستغادر المنزلَ عاجلاً أم آجلاً.
رافقتها الخادمةُ إلى غرفةِ فيكونت هورد، وكان ناريج قد سبقها إليها.
لكن ليانا لم توجْه لهُ أيّ كلماتِ عٍتابٍ، بلّ اكتفتْ بالتحيةِ الرسميةِ للفيكونت، مُنتظرةً حديثهُ بصمتٍ.
تصرفُها الهادئ البعيد كلِّ البُعدِ عن “المرأة الشريرة” أربك كلاً مِنْ ناريج والفيكونت.
«أعتقدُ أنَّكِ سَمعتِ مُسبقًا، لكن دوقية كيرينا قدمتْ عرض زواج.»
قالَ الفيكونت ذلك، وأخذَ يشرحُ تفاصيلَ الزواجِ.
«نعـــــم.»
هذا الزواجُ الصُوري سينقذُ حياةَ أُختها.
بهذا التفكير، أومأتْ ليانا بجديةٍ.
«مُدةُ العقدِ سنة واحدة. وهذه هي المُكافأة. إن وافقتِ على الشروطِ، وقّعي هُنا.»
قدّمَ لها ورقةً، نظرتْ فيها ليانا، فوجدتْ كلّ ما تم شرحهُ مُسبقًا:
الزواجُ مُباشرةً بعد الخطبةِ، دون إقامةِ حفلِ زفافٍ.
عدمُ لقاءِ الزوجِ مُطلقًا.
المُشاركة في الحفلاتِ بمُفردها.
الزواجُ يستمرُ لسنةٍ واحدة، وبعد الطلاقِ، تُغادرُ منزلُ دوق كيرينا فَورًا.
شعرتْ بقلبها يَنقبضُ قليلًا، فهي مَنبوذةٌ مِنْ أهلِ الزوجِ، وناريج طلبَ منها ألاَّ تعودَ.
لكنها تماسكتْ، فهذا مِنْ أجلِ أُختها.
راجعتْ مبلغ المُكافأة أكثرَ مِنْ مرةٍ، ثُمَّ وقّعتْ وسلمتْ الورقةَ للفيكونت.
«قالوا إنَّهم يُفضلون أن تأتي في أقربِ وقتٍ.»
«نعـم، أنا جاهزةٌ. يُمكنني الذهابَ في أيّ وقتٍ.»
تفاجأ الحاضرون مِنْ ردها، لكنهم تواصلوا فورًا مع دوقية كيرينا لترتيبِ الاستقبالِ.
وطُلبَ منها الانتظار في غرفةِ الضيوفِ، فأومأتْ بالموافقةِ.
«أرجوكُـم، اعتنـوا بأُختـي.»
قالتْ هذه الجُملة أخيرًا، وانحنتْ، ثُمَّ غادرتْ الغرفةَ.
قد يُفسر ناريج كلامها بطريقة خبيثة أخرى، لكن هذا ما كانتْ ترغبُ في قوله.
وبعد قليلٍ، وصلَ مَوكبُ مِنْ دوقية كيرينا. شكرتْ ليانا الخادمةَ على خدمتها، وغادرتْ الغرفةَ.
كان السائقُ والخادمةُ المُستقبِلة مُحترمين للغاية، لكن لم ينطقْ أحد بكلمة.
كانتْ تتوقع ذلك، فلم تهتمْ، وركبتْ العربةَ.
(يا إلهي…)
كانتْ العربةُ أفخم وأكبر مِن منزلِ فيكونت هورد نفسهُ، لدرجةِ أنَّها لم تستطعْ الجلوسَ براحةٍ.
شعرتْ بالغرابةِ، وجلستْ بهدوءٍ في أحدِ أركان العربة.
ليانا ستذهبُ إلى هناك باسم “المرأة الشريرة، لانا”.
لا بُد أن هُناك مَن سَيُعاملها كمّا يفعلُ ناريج.
لكنها سنة واحدة فقط.
وإن صبرتْ، فستتمكن مِن إنقاذِ حَياة أُختها.
ومع هذا التفكير، شعرتْ بأنّها قادرةٌ على تحملِ أيّ شيءٍ.
—
ترجمة فيبي≽^•⩊•^≼
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 15"