14
“هَلَ… هَلَ أنتِ مديونة؟”
سألها ناريج، رُبما بسبب مدى تمسك ليانا الشديد بالمالِ.
“إن كان الأمر مُتعلقًا بالديون، فأُختي أيضًا كانتْ دائمًا مديونة.”
فَفِي الأساس، كانتْ عائلةُ كونت كاروتا غارقةً فِي الديونِ.
“أنتِ وإيسلي مُختلفتان. إيسلي فعلتْ ذلك لحمايةِ عائلةِ كُونت كاروتا، ولَكِ أيضًا. لكنكِ، خِلال كُلِّ ذلك الوقت، كُنْتِ تتسكعين بلا مسؤولية، أليّس كذلك؟”
لكن يبدو أن ناريج قد أساء الفهمَ وظنَّ أن ليانا استمرتْ فِي حياتها المُترفة حَتى بعد وفاة الكُونت تويت، ولم تستطعْ التخلي عَن تِلك العادات، فتورطتْ فِي ديونٍ لا تستطيع سدادها، ما جعلها توافق على مثلِ هذا الزواج بشروطٍ مُذلة.
“…”
كانتْ هذه نظرة خبيثة للغاية، لدرجة أن ليانا صمتتْ مِنَ الصدمةِ. بدا أن “الشريرة لانا” كانتْ مكروهةً بشدة مِنَ الناسِ.
وحمدتْ الله فِي سرها أن أُختها لم تتعرضْ لمثلِ هذا الحقد.
“أنتَ أيضًا تري أنّه مِن الأفضل أن أختفي بسرعة، أليّس كذلك؟ إذن، أرجوكَ وافق على هذه الخُطبة. فقط، لا تُخبر أختي بأنّه زواجٌ بعقدٍ مؤقتٍ.”
لأنّها لو عرفت، فالأختُ الطيبةُ سَتُعارض ذلك بالتأكيدِ.
وستقول لها إنّه لا داعي لأن تُجبِر نفسها على الزواجِ مِنْ أجلها، وإنّها تُفضل أن تبقيا معًا.
لكن يبدو أن ناريج أساءَ فِهمَ ذلك أيضًا.
“تُريدين التفاخر بزواجكِ مِن دوق رفيع المقام، لكن إيسلي لن تغار منكِ حتى لو كان خاطبك مِن عائلة دوق.”
“ماذا…؟”
لم تستطعْ ليانا أن تفهم ما يقصدهُ فورًا، فنظرتْ إليّه بدهشةٍ.
(ما الذي يتحدثُ عنه؟ هَلَ يعتقد أنّني أُريد أن أُخفي عَن أُختي مَوضوعِ الزواجِ بالعقدِ المُؤقت، فقط كيّ أتباهى بزواجي مِن دوق؟)
كانتْ ليانا تعلم أن ناريج يَكرهُها.
لكنّها ظنّت أنّهُ على الأقلِ كان يعلم، مِن خلالِ تفاعلاتهما، مدى قوة علاقتها بأختها.
لم تتوقعْ منه أن يُسيء الظنَّ بِها إلى هَذا الحد.
“مِن الأساس، مِنَ المقررِ أن يتم الطلاق بعد عام. لا تَعُودي إلى بيتِ عائلة كُونت كاروتا بعد الطلاق، فأنتِ سَتُكونين عارًا عليهم.”
قالَ ناريج ذلك لـ ليانا التي وقفتْ مذهولةً.
لكنها في الحقيقةِ لم تكنْ تَنوي العودةَ.
بعد مرور العام، وبعد أن تطمئن على شفاء أُختها، كانتْ تُخطط للذهابِ إلى ديرٍ بعيدٍ عَن العاصمةِ.
كلماتُ ناريج ذكّرتها مُجددًا بأنّ وريثَ العائلةِ الآن هو ناريج، ولم يعدْ بيتَ العائلةِ بيتُها بعد الآن.
“… فهمتُ. حتى لو طُلِّقتُ، لن أعودْ إلى هُنا أبدًا. هَلَ هذا يُرضيك؟ إذن تابع هذه الخُطبة.”
كانتْ تأمل أن تعودَ مرةً أخيرة لِترى أُختها بصحةٍ جيدةٍ بعد عامٍ مِن الزواجِ، لكنها أدركتْ الآن أن ذلك لن يحدثْ.
ولكن طالمَّا أن أُختها سَتتعافى وتُصبح سَعيدةً، فهذا يكفيها.
أخذتْ نفسًا عميقًا، ونظرتْ إلى ناريج بعزمٍ وهي تقولُ ذلك.
وكان يبدو أنّه لا يزال يُريد قولَ شيءٍ، لكن ليانا لم تنظرْ إليّه مُجددًا.
أعادها إلى القصرِ في صمتٍ، ولم تشكرهُ حتى.
كانتْ تِلك قلةَ ذوقٍ منها، لكنها لم تهتمْ. في النهايةِ، هي “الشريرة لانا”.
حتى لو شكرتْ أحدهم بلطفٍ، فسيفترضُ أنّها تُخطط لشيءٍ ما.
قِيل لها إن أختها قد ذهبت للنومِ، فذهبتْ إلى غُرفتها وبدلتْ ملابسها وحدها.
(عليّ أن أبدأ فِي تحضيرِ أمتعتي…)
نظرتْ حَول الغُرفةِ وفكرتْ في ذلك.
بعد خمسة عَشر يومًا، يجب أن تَدفعَ ثمنَ دواء أُختها لعامٍ كاملٍ.
لكن دوق كيرينا يُريد الزواجَ فور إعلانِ الخُطبة، وقد وعدها بالدفعِ بعد الزواجِ، لذا مِنَ المُفترضِ أن يكونَ التوقيتُ مُناسبًا.
لكن هذا يعني أنّها سَتُودع هذا القصر أيضًا.
فكرتْ فِي ذلك وشعرتْ بالحزنِ.
لكن بعد وفاة والديّها، حِين كانتْ في الحاديةِ عشرة فقط، كانتْ ذاكرتها عن انتظارها لِأُختها وحدها في المنزلِ أوضحَ مِن ذكرياتِ العيشِ السعيد مع العائلةِ.
وأختها على الأرجحِ تشعرُ بنفسِ الشيء.
ولكن مِنَ الآن فصاعدًا، ستُستبدل تلِك الذكريات بأيامٍ سعيدةٍ مع مَنْ تُحب.
(أُختي سَتُصبحُ سَعيدةً بالتأكيدِ.)
عِند التفكيرِ في ذلك، بدأ الحُزنُ يختفي.
تساءلتْ إن كان ناريج قد أرسلَ رده إلى دوق كيرينا.
بما أن الطلب جَاءَ مِن الدوق نفسهُ، فَمِنَ المُفترضِ أن تبدأَ الإجراءاتُ فور مُوافقة ليانا.
ولأنّها لا تعرفُ متى سيتم استدعاؤها، قررتْ أن تُحضّر أمتعتها مُسبقًا.
أخرجتْ حقيبتها الأكبر وبدأتْ بوضعِ أغراضها واحدةً تِلو الأُخرى.
لكن في الواقعِ، لم تكنْ تملكُ الكثيرَ.
فحتى المجوهرات التي ورثتها مِن والديّها، باعتها لتدفع ثمن دواء أختها.
وبما أنّها أصبحتْ أطولَ مِن أُختها، لم تعدْ تستطيعَ ارتداء ملابسها القديمة، وكانتْ مُؤخرًا تستعيرَ فساتين مِن ابنة كُونت تويت.
لذا، قررتْ استعارةَ بعض الفساتين للذهابِ بها إلى منزلِ الدوقِ.
(وماذا أيضًا…)
كلُّ ما تبقى كان ملابسُ الطفولة التي لم تعدْ تُناسبها.
كانتْ تحتفظ بها بدافعِ الحنين، فهي هدايا مِن والديّها الراحلين.
لكن بما أنّها ستفقد مكان سكنها قريبًا، لم يعدْ مِن العملي الاحتفاظ بها.
فكرتْ فِي التخلصِ منها، لكنها قررتْ أن تستخدمَ القماشَ لصنعِ ملابس لأطفالِ الميتمِ الذي سَتُساعد فيه.
لن يكون لديّها الكثير لِتفعلهُ هُناك، لذا قد تشغل نفسها بالخياطةِ.
وفي وقتٍ قصيرٍ، اكتملتْ أمتعتها في حقيبةٍ واحدةٍ فقط.
لم تستطعْ النومَ، فجلستْ تنظر إلى السماءِ مِن النافذةِ، وتُفكر في السنواتِ الست عشرة التي قضتها في هذا المكان.
وتحاول أن تتذكرَ ملامح والديّها التي بدأتْ تتلاشى بمرورِ الوقتِ.
—
جاء طلبُ الخُطبة رسميًا مِنْ منزلِ دوق كيرينا بعد عشرة أيام.
كانت تتوقع أن يأتي الردَ بسرعة، لذا أصابها القلق مِن مرور عشرة أيام كاملة دون خبر.
وبقي أمامها خمسة أيام فقط لدفع ثمن دواء أختها.
الدواءُ الجديدُ كان فعالًا، وبدأتْ أختها تستعيدُ عافيتها تدريجيًا. وإن استمرتْ على هذا النحو، فستُشفى تمامًا بلا شك.
(عليّ أن أُؤمن ثمن الدواء مهما كان…)
بالطبعِ، واصلتْ العملَ خلال تلك الأيام، وكلّ ما كسبتهُ كانتْ تدخره لسدادِ ديونها.
لكنها لا تزال بعيدة جدًا عن تحقيقِ المبلغِ المطلوبِ.
“ليانا، هَلَ يُمكنني الدخولَ؟”
بينما كانت ليانا مُنهمكةً في الخياطةِ في غُرفتها كعادتها، زارتها أختها فجأةً.
“أختي!”
منذُ أن مرضتْ، بالكادِ كانتْ تَخرجُ مِنْ غُرفتها. ففرحتْ ليانا كثيرًا برؤيتها، لكنها قلقت أيضًا على صِحتها، فركضتْ إليها بسرعةٍ.
“ما الأمرُ؟ كان يُمكنكِ مُناداتي بدلاً من أن تُتعبي نفسكِ.”
“أنا بخيرٌ، أشعرُ بتحسنٍ مُؤخرًا. وذلك بفضلِ الدواء الذي اشتريته لي.”
جلستْ الأختُ على الكُرسي الذي أعدته ليانا بسرعة.
“في الحقيقةِ، سمعتُ ناريج يتحدثَ قليلاً، وبدا وكأن هُناك مَنْ تقدمَ لِخُطبتكِ.”
“ماذا؟”
بينما كانتْ ليانا تَهُم بتحضيرِ الشاي لأختها، فاجأتها تِلك الكلمات وكادتْ تُسقط الفنجانَ مِن يدها.
—
-ترجمة فيبي≽^•⩊•^≼
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 14"