9
الفصل 9
حل الليل بعد أن نزل القمر محتلاً قلب السماء الزرقاء الداكنه.
كانت تريستيا غارقة في النوم ، مستلقية على سريرها الكبير.
سقطَ ظل اسود على هيئتها النائمه.
تم وضع يد كبيرة على اطراف شعرها ذات اللون الأخضر الداكن والكثيف.
كان مافريك واقفاً بالقرب من سريرها وينظر لها يتعابير وجهه الغامضة.
لم يكن يعرف كيف يعبر عن مشاعره بشكل طبيعي. لقد كان لديه وعي منذ أن كان صغيراً إن هناك مشكلة في عقله ولكنه استغل هذا الأختلاف لصالحه.
لقد كان ذكياً بشكل لا يصدق وقادراً على كشف أعدائه المختبئين ، وكان أيضاً بطبيعة الحال لا يظهر رحمة ابداً أثناء تعامله معهم.
لذا كان ملك قوي بالنسبة لجميع شعب إمبراطورية لورديس.
تعقد جبين تريستيا وفُتِحت عينيها ببطئ.
ظهر في مجال رؤيتها عيون حمراء فعندما توضح بصرها بالكامل ، كان مافريك هو من يقف بجانب سريرها.
ظهر الأنزعاج في عينيها فأستدارت برأسها ناحية النافذة ، فلاحظت أن الليل لا زال قائماً.
استدرات برأسها ناحيته وتحدثت بصوت حاد:
“ما الذي تفعله في غرفتي في مثل هذه الساعة المتأخرة؟”
ظهرت ابتسامة صغيرة على وجه مافريك فرفع كلا يديه عالياً في حركة آمنه.
“لم أفعل أي شيء. اردتُ فقط المجيء ورؤيتكِ لأني اشتقتُ لكِ يا تريسي.”
خرج تنهد واضح من تريستيا التي كانت تنظر له بشك، ثم بعد ثواني أدرات رأسها إلى الجانب الآخر قائلة بصوت هادئ ولكن يحمل لمحه من الحزم:
“ثم أذهب الآن بما أنه ليس لديك شيء لفعله.”
“لماذا؟”
ظهر صوت مافريك فجأة على مسامع تريستيا ، ولكن هذه المرة كانت نبرة صوته غريبة.
“ماذا؟..”
“لماذا ترفضيني دائماً؟ هل أنا غير جدير بالثقة بالنسبة لكِ؟”
عند قوله لكلماته بصوته الهادئ والودي، رفع يده ببطئ ولف أصابع يده حول خصله رفيعة من شعر تريستيا.
“كل ما أريده هو أن تثقي بي وأن تكوني معي إلى الأبد. ولكنكِ ترفضينني دوماً بشكل قاطع من دون وجود سبب واضح.”
كانت تريستيا تستمع لكلماته بصمت وكانت لا تزال تنظر بعيداً برأسها الذي كان على الجانب.
شعرها الأخضر الكثيف يغطي نصف وجهها لذا لم يكن تعابيرها واضح بالنسبة لمافريك الذي كان واقفاً على جانبها.
أزيحت يد مافريك ناحية خصله اخرى من شعرها فسحبها برفق بعيداً ليُظهر تعابير وجهها على مرئى من بصره.
سقطت عيون مافريك ذات اللون الأحمر على تعابير وجهها التي كانت كتومه للغاية وبدا أنها لم تكن تريد أن يتم معرفة افكارها الداخليه ابداً.
نظر مافريك إليها لثواني ثم فتح فمه مرة أخرى:
“متى سوف تسمحين لي بأن أكون بجانبكِ؟”
عند كلماته بدت عيون تريسيتا كما لو أنها تفكر في شيء ما أثناء نظرها بعيداً.
ثم بعد ثواني من الصمت فتحت تريستيا فمها ببطئ وخرج صوت حازم منها:
“ماذا لو اخبرتك أنه لن يكون هناك وقت مثل هذا؟”
سقط صمت خانق عند كلماتها وبدا أن الجو أصبح ثقيلاً أكثر من ما كان عليه من قبل.
أرادت تريستيا رؤية تعابير وجه مافريك كيف كانت في هذه اللحضه، فحولت نظراتها قليلاً ناحيته فتوسعت عينيها قليلاً في دهشه.
كان مافريك ينظر إليها بنفس تعابيره المعتاده ولكن كانت عينيه تحمل نوع من البرود والأفكار غير المعلنه وعير الواضحة بالنسبة لها.
فُتح فمه مافريك بهدوء وعاد صوته الهادئ والودي والمعتاد ولكن محتوى كلماته كان مختلفاً.
”حينها سوف تبقين في هذه الغرفة حتى اليوم الذي سنكون فيه معاً رسمياً.”
رغم كلماته العادية ولكن استطاعت تريستيا فهم ما كان يحاول قوله.
كان يعني إنه لن تكون هناك فرصة للخروج من هذه الغرفة حتى الوقت الذي توافق فيه تريستيا على عرضه بالزواج منه.
ستكون هذه الغرفة مثل سجن حقيقي بالنسبة لها.
عبست تريستيا عند كلماته فشدت قبضتها المرتجفه بسبب الأحباط على ملائات البطانية الحمراء الداكنه.
أصبحت اطراف اصابعها شاحبه بسبب قوة شدها وكانت نظراتها المحبطه والغاضبه متجهه ناحية مافريك بشكل مباشر.
“هل تضن أنك قادر على ذلك؟”
صمت مافريك قليلاً اثناء نظره إلى يدها المشدوده.
حول عينيه مرة أخرى ناحيتها، قائلاً بصوت لطيف وهامس والابتسامة لم تختفي من وجهه:
“بالطبع.”
“أنت لا تعرف ما أنا قادرة على فعله.”
لم يتأثر مافريك بكلماتها الحاده قائلاً بصوته الهادئ:
“حقاً؟”
“سأفعل أي شيء للهروب من هنا حتى لو كان يعني أن اخسر حياتي.”
اطلق مافريك تنهيده خفيه عند سماعه لكلماتها ثم اقترب ومسد رأسها بيده الكبيرة.
مثل والد يحاول تهدئة طفله.
صفعت تريستيا يده بعيداً وبحركة سريعة استلقت على السرير واخفت نفسها تحت البطانيه.
ضحك مافريك بهدوء عند رؤيته للمشهد الذي كان لطيفاً بالنسبة له، ثم استدار وغادر الغرفة بخطوات مسترخية غالقاً الباب خلفه.
هذه المرة تم سماع صوت قفل الباب يتم ختمه.
ارتجفت تريستيا من الغضب ثم حبست انفاسها واغمضت عينيها حتى حل الصمت مرة أخرى كما كان قبل مجيء مافريك.
****
داخل شوارع إمبراطورية لورديس التي يحكمها مافريك الذي هو ملك الشياطين ، كانت الاصوات صاخبه والشوارع مزدحمة ولا تختلف عن إمبراطورية البشر كثيراً.
ويليام كان جالساً على كرسيه بجانب أحد الطاولات داخل مقهى.
كان الرداء الأسود يخفي هيئته عن الشياطين الاخرى المحيطه به.
ولم يكن الرداء كافياً لأخفاء جنسه البشري لذا استخدم سحره لتشويش وجوده.
لم يكن صعباً عليه هو الذي كان أفضل ساحر في إمبراطورية البشر. ولم يكن ساحراً عادياً بل كان ساحراً اسوداً من الفئة التي من المفترض يتم يتم اعدامه من قبل إمبراطور البشر فوراً.
ولكنه كان ماهراً في أخفاء وجوده بسبب مكانة عائلته النبيلة التي كان لها شرف كبير في تأسيس الإمبراطورية منذ قرون.
امسك ويليام بالكأس الصغير الذي امامه ثم شربه مباشرة وبلعه بصعوبة.
لم يكن ويليام معتاد على شرب الحكول لذا كانت تعابير وجهه عابسه ومنزعجه تحت الرداء الذي يعطي نصف وجهه.
ومع حركة بطيئة وهادفة، أخرج ويليام قلادة كانت مخفية تحت ملابسه.
كانت القلادة عبارة عن إيطار بيضوي ذو حوافي ذهبية اللون، وكان يبدو إن هناك شيء داخل الكرة البيضويه.
مع حركة سريعة وسلسة، تحركت أظافر ويليام نحو الحوافي الحاده فضغظ عليها وأنفتحت الكرة البيضويه الى نصفين مرتطبين ببضهما.
ظهرت صورة صغيرة داخل الكرة البيضوية.
كان ويليام ينظر الى الصورة بعيون نصف مغلقة ونظراته كانت مركزة وغامضه.
في الصورة كانت تريستيا مرسومة هناك ولكنها بدت اصغر سناً بكثير.
ربما في الثالثه عشر أو الثانية عشر عاماً من عمرها.
انغلقت الكرة البيضويه بحركة سريعة من ويليام ثم اخافها مرة اخرى تحت ملابسه ونهض من كرسيه بخطوات حازمه وصامته.
وعندما وصل الى عتبة باب المقهى رفع رأسه عالياً وسقطت نظراته على القمر المحمر النابض في السماء الليليه المزرقة.
انزل رأسه الى الاسفل بتعابير وجهه الباردة نوعاً ما ثم ركز على المشي بعيداً متوجهاً الى مركز المدينة و الخطط الكبيرة تتجول داخل رأسه.
****
في صباح اليوم التالي انتشرت ضجة داخل عاصمة لورديس، محتواها أن الملك يريد الزواج من بشرية عادية.
كان الشعب غاضب ومحبط وكان النبلاء يثورون مظهرين احتجاجات حول مستقبل الطبقة النبيلة ومصير العائلة الامبراطورية.
داخل غرفة تريستيا الهادئة تماماً من كل هذه الأقاويل كانت تريستيا تجلس بصمت على كرسي بجانب النافذة وتنظر الى الحديقة التي بجانب الطابق الأول.
صوت طرق الباب ايقظ تريستيا من افكارهها فتوجه رأسها ناحية الباب ورأت الخادمة المعتادة على رفقتها تدخل إلى الداخل.
“سموكِ، جلالته أرسل لكِ بعض الكتب بهدف الاستمتاع بقرائتهم.”
كانت الخادمة تحمل حقيبه كبيرة وانيقة بيدها اليمنى وكانت الحقيبه تحوي على العديد من الكتب.
نظرت تريستيا إلى الحقيبه الكبيرة ثم الى يد الخادمة وفكرت في كيفية حمل الخادمة للحقيبه كما لو انها قطعة من القماش.
‘كما هو متوقع من شيطانه..’
عادت نظرة تريستيا الى وجه الخادمة ثم قالت بصوت هادئ :
“اعطيني كتاب واحد من بينهم.”
اومأت الخادمة بخضوع عند كلمات تريستيا ثم اخرجت كتابا ذو غلاف بني محمر اللون ووضعته على الطاولة أمام تريستيا.
ثم بخطوات حازمه نقلت الحقيبة الى داخل الخزانه وبعد أن انتهت من مهمتها خرجت من الغرفة واغلقت الباب خلفها.
بقيت تريستيا وحيدة مع الكتاب الذي أصبح بين يديها وغرقت في القراءة تحت الجو الصامت للغرفة.
بعد مرور ساعة من القراءة المستمرة بصمت، رفعت تريستيا رأسها للأعلى واغمضت عينيها بتعب ظاهر ثم فركت جانب رقبتها في تمسيد خفيف.
فجأة تم فتح الباب دون طرقه مثل المرات السابقه.
استدارت تريستيا بسرعة برأسها ناحية الباب وكان هناك رجل يمشي بخطوات واسعة ناحيتها.
عبست تريستيا لأن الرجل كان يرتدي الرداء من رأسه حتى قدمه كما تم أخفاء نصف وجهه.
أصبح الرجل الآن واقفاً على بعد خطوات قليله من تريستيا.
حاولت تريستيا الحفاظ على هدوئها لأنه لم يكن للصراخ أو لطلب المساعدة أي فائدة في حالتها.
رفع الرجل يده بحركة بطيئة ثم امسك بحافة غطاء الرأس وقام بأنزاله للخلف كاشفاً عن وجهه.
توسعت عيون تريستيا في صدمة لأنه كان ويليام هو من يقف أمامها الآن.
تجمد عقلها وتجمعت أفكار لا تحصى داخل رأسها عن كيفية وجوده في مكان لم يكن من المفترض أن تراه فيه أبداً.
تعقد حاجبيها معاً في عبوس وقلق وفكرت إنها ربما لا تعرف عنه شيئاً حقاً.
ظهرت ابتسامه صغيرة على وجه ويليام بينما كان لا يزال لم يقطع التواصل البصري مع تريستيا.
“اختي… لقد أشتقتُ لكِ. أنا آسف لأني تأخرت كل هذا الوقت للمجيء إليكِ.”
توقف عند كلماته وانخفض نظره ناحية جسد تريستيا ثم رفع نظره إليها مرة أخرى قائلاً بتعابير وجه عابسه ومظلمه:
“اختي أصبحتِ نحيفة أكثر من ما كنتِ عليه عندما رأيتكِ آخر مرة.. هل يقوم ذلك الحثالة بتجويعكِ أثناء حجزكِ هنا؟”
“ليس من شأنك.”
لم يبدو ويليام مصدوماً أو يعطي رد فعل سلبي ناحية كلماتها ولكنه بدلاً من ذلك، بدا إنه توقع رد الفعل هذا منها.
عادت ابتسامته الى وجهه مرة أخرى وتحدث بصوته المرح المعتاد:
“لا تقلقي يا أختي، سوف تعود معاً إلى القلعة الآن.”
احنى ويليام صدره للأسفل وبدا منه يستعد لحمل تريستيا بين ذراعيه، ولكن تريستيا اوقفت خطواته بسرعة بواسطة صوتها المرتفع والحاد:
“توقف!.. لا تلمسني وأخرج من الغرفة الآن، أنا لستُ بحاجة الى مساعدتك.”
نظر ويليام بهدوء نحو تريستيا التي تحدثت بصرامة ثم بعد ثواني من الصمت، فجأة أحيطت ظلال ذات لون احمر مألوف حول تريستيا وويليام.
استدار ويليام برأسه الى الجانب الآخر وكانت أبيجيل هي من جعلت هذه الظلال الخاصه بها تلتف حولهما.
“لقد وعدتني انك سوف تخرجها بأسرع وقت لكنك تماطل كثيراً لذا قررت مساعدتك.”
اعطت أبيجيل ابتسامه ناعمه قبل أن ترفع يدها وتلوح بهدوء لهما.
اختفى كل من ويليام وابيجيل بسرعة في الهواء مع الظلال التي كانت حولهما وحل الصمت مرة أخرى.
استدارت ابيجيل لمغادرة الغرفة وعينيها مليئة بالراحة لأنها وأخيراً استطاعت التخلص من تلك الشوكه التي كانت تعيق ايامها.
****
داخل غابة مليئة بالاشجار والنباتات العشبيه الكثيفه، ظهر على ارضها فجأة شخصان.
كانت تريستيا جالسه على الارض وظهرها ورأسها منحني بينما تستند على يديها.
رفعت نظرها قليلاً للأعلى ولاحظت ساقا ويليام وهو واقف أمامها على بعد امتار قليله.
اخفضت تريستيا رأسها مرة أخرى للأسفل وعضت شفتيها في عبوس وتوتر.
تقدم ويليام ناحيتها بخطوات هادئة وهادفه حتى توقف بالقرب منها، انحنى إلى الأرض حتى وصل الى مستواها ناظراً إليها بأبتسامه صغيرة.
“أختي… لماذا أنتِ تبدين هكذا حتى بعد رؤيتي؟..”
بدا صوته كما لو كان متأثراً وحزيناً من سلوك تريستيا ناحيته بعد كل ما فعله من أجلها.
ولكن تريستيا كانت تعلم منذ مجيئها إلى هذا العالم، أن ويليام لم يكن ذات عقلية طبيعية.
‘هذا المجنون… اللعنه…’
شتمت تريستيا تحت انفاسها وتجنبت النظر إليه. لقد أرادت أن يتركها حقاً ويذهب بعيداً.
رفع ويليام يده ببطئ وهدوء ووضعها على خد تريستيا الأيمن وبدأ بمسح اصابعه الطويله على خدها.
تجمدت تريستيا وتقطعت انفاسها عند سلوكه ناحيتها.
ورغم توتر تريستيا وعدم راحتها الواضحه ناحيته ألا إنه واصل البقاء بجانبها وفرك خدها بأصابعه بخفه.
‘ماذا يفعل الآن.. هذا مقزز..’
رفعت تريستيا نظراتها بحذر إلى الأعلى ولاحظت إن تعابير وجهه كانت غامضه ولم تستطع قراءة نيته.
تراجعت تريستيا بهدوء عن لمسة ويليام لكنه تقدم أكثر وهذه المرة امسك بمعصمها وقرب جسدها ناحيته.
التفت ذراعيه في عناق مفاجئ حولها.
لم تستطع تريستيا التحمل اكثر وبدأت بالتحدث بصوت مرتفع وحاد، كما حاولت الإبتعاد عنه بسرعة.
“ماذا تفعل..! دعني! أنت مجنون!! اااااهه!”
ورغم كفاحها بالإبتعاد عنه وصراخها الحاد ألا إنه لم يبدو أن لديه نية في تركها.
“أختي أنا مشتاق لكِ، لذا أنا سعيد فقط..”
“لقد وضعتَ يدكَ على خدي قبل لحضات والآن أنتَ تعانقني بشدة! هذا سلوك مريب وغير مريح!.. لذا توقف الآن!”
“..مريب؟”
بدت نبرة صوته هادئة جداً كما لو كان يسأل عن شيء لم يكن غريباً بالنسبة له.
استغلت تريستيا لحضات تعمقه في افكاره وبدأت بالزحف للخلف ببطئ وحذر مبتعده عنه.
توجهت نظرات ويليام ناحيتها ولاحظ نيتها في الهروب منه فأمسك بمعصمها مرة أخرى بقبضة أقوى.
“آهه.. دعني اذهب..”
“أختي أنا احبكِ منذ أن رأيتكِ لأول مرة.”
لفتت كلمات ويليام انتباه تريستيا فتوقفت عن التحرك وبدأت تستمع بصمت.
‘عند أول مرة؟..’
بدت كلمات ويليام كما لو أن تريستيا الحقيقه لم تعش معهم ولكنهم التقوا في فترة ما عند موقف معين.
“لقد كان عمرك أثنى عشر فقط ولكنكِ كنتِ الوحيدة المميزة بغض النظر عن الجميع.”
“….”
“أنتِ تشبهينني أيضاً من ناحية المظهر… أنا منجذب إلى ذلك…”
كان صوت ويليام متأثراً أثناء نظره بشدة إلى مظهر تريستيا مع ابتسامته الواسعة والودية.
شعرت تريستيا بالقشعريرة في عمودها الفقري عند سلوك ويليام وكلماته التي أصبحت غير مريحة ولكن بالرغم من هذا، كان عقلها يتجول بالعديد من الأسئلة.
فتحت فمها بحذر وحاولت السيطرة على شعورها بعدم الراحة:
“أنت تعني أنني لم أعيش في قصر المركيز منذ ولادتي؟..”
نظر ويليام بصمت وعيون مفكرة ناحية تريستيا.
فتح فمه بأبتسامته واسعة قائلاً بمرح:
“بالطبع يا اختي، أنتِ كنت تعيشين في بيت الأقارب البعيدين.”
“لماذا؟”
نظر ويليام بعيونه المنحنيه والمتسائلة حول موقف تريستيا الذي كان غريب بالنسبة له، ولكنه أستمر في الأجابة على اسئلتها بودية:
“لأن اختي ولدت هناك ولكن عائلتي قررت تبنيكِ لأنكِ وبسبب ظروف ما، أصبحتِ بلا والدين.. ولكن يا اختي.. لماذا تسألين عن هذا؟ هل نسيتي الذكريات القديمة بالفعل؟..”
بدا ويليام متحيراً من استجواب تريستيا المفاجئ له عن ماضيها.
‘هذا يعني.. أنه ليس اخي الحقيقي؟.. لكن لماذا لم يخبرني أحد عن هذا عندما أستيقظتُ لأول مرة في هذا العالم..؟…هل كان سراً مخفياً عن الجميع؟..’
بدت تريستيا غارقة في افكارها ولكن صوت ويليام ايقضها.
“أختي.. يبدو أنكِ نسيتي وعدكِ لي أيضاً عندما كان صغاراً.. لقد وعدتيني إنكِ سوف تتزوجيني.. نحن متلائمان لبعضنا حقاً..”
تقطعت انفاس تريستيا بسبب التوتر والصدمه عند سماعها لكلماته، وشعرت بالأشمأزاز.
حتى لو لم يكن شقيقها الحقيقي ألا أنهما عاشا معاً كأشقاء حقيقين.
عضت تريستيا على شفتيها ونظرت بعيداً، وكان رأسها مليئ بالأفكار.
اختفت ابتسامة ويليام عندما لاحظ سلوك تريستيا الذي بدا رافض تماماً عن ما قاله لها.
شعرت تريستيا أن الجو أصبح فجأة حاراً ومليئ بالتوتر فرفعت نظرها بسرعة ناحية ويليام ولاحظت تعابير وجهه الباردة والمنزعجه.
“….”
غلب التوتر على قلب تريستيا فنظرت للأسفل بسرعة دون وعي منها.
رفع ويليام يده للأعلى ببطئ متوجهاً ناحية تريستيا ولكنه توقف عن التحرك بعد أن شعر فجأة أن انفاسه أصبحت ثقيله.
بدأت ظلال سوداء مثل الثعابين تزحف حول جسد ويليام اللاهث.
علمت تريستيا لمن كانت تنتمي تلك الظلال السوداء.
إنه مافريك.
نظرت تريستيا حولها بسرعة باحثة عن مافريك ولكن دون سابق انذار، بدأت الظلال السوداء تلتف حول تريستيا أيضاً.
شعرت تريستيا بجسدها يطفو ببطئ وهدوء حتى شعرت إنها أصبحت بين أذرع أحدهم.
رفعت تريستيا رأسها والتقت عيونها ذات اللون الذهبي بعيون مافريك ذات اللون القرمزي.
حل الصمت الثقيل في الهواء حتى نظرت تريستيا بعيداً مقاطعة التواصل البصري الذي كان بينهم.
بعد ثواني قليله رفع مافريك انظاره بعيداً عن تريستيا وهذه المرة، نظر إلى ويليام الذي كان لا يزال بعيداً وراكعاً ارضاً على ركبتيه.
كانت الظلال السوداء لا تزال ملتفه حوله مثل القيود.
لم تكن هناك فائدة لقوته السحرية مقابل قوة مافريك الشيطانية.
نظرت تريستيا إلى ويليام أيضاً بصمت ثم فجأة تحدثت بهدوء ولكن بصوت مسموع بالنسبة لمافريك:
“لا تقتله.”
“….”
لم يرد مافريك أو يعطي أي رد فعل ولكنه بدا إنه يفكر في كلماتها.
“حسناً.”
أجاب مافريك بهدوء عند طلبها ثم استدار ناظراً إلى مستشاره براين الذي كان واقفاً على الجانب من مافريك.
اومأ براين بسرعة في فهم وخضوع ثم بعد لحضات قليله اختفى كلا من تريستيا ومافريك بعد أن أحاطت بهما تلك الظلال السوداء.
—✎✎✎✎✎—
نهاية الفصل
يتبع…
—✎✎✎✎✎—
التعليقات لهذا الفصل " 9"