4
الفصل 4
❗تحذير : جميع الاحداث في الروايه خياليه ولا تربط للواقع بصلة من ديانات او طوائف. بعضها تم اخذها من أساطير لحضارات قديمة وبعضها تمت من تأليفي الشخصي وتوليدي لأساطير جديدة.
﹌﹌﹌﹌﹌
هاديس، حاكم الجحيم، في إحدى زياراته للعالم البشري، وقع في حب امرأة بشرية كانت أسيرة لدى أحد اللوردات الإقطاعيين.
وبعد عدة لقائات شخصية مع نمو المشاعر بينهما اخذها معه الى وطنه الأصلي وعاشت في عالم آخر بعيد عن البشر حيث تتواجد فيه كائنات أخرى.
أنجب الزوجين طفلاً وكان الطفل هو أول نسل لـ عرق الشيطان.
هكذا تم إنشاء مملكة لودريس وهي مملكة الشياطين التي يحكمها مافريك الآن بعد مرور آلاف السنين.
طرق طرق–!
صوت طرق الباب ايقظ مافريك من أفكاره.
كان مافريك واقفاً بأستقامه جامعاً يده معا خلف ظهره بأريحيه.
يقف بالقرب من نافذة غرفته المغلقه.
كان الجو عاصف وممطر في الخارج والسماء ليلية للغاية.
“ما الأمر؟”
وعند سؤاله الخالي من المشاعر جاء صوت بيلا بخنوع وأحترام.
“سيدي اللورد. تم العثور على كنز لودافو، لقد عثرَ عليه جواسيسنا قبل ساعات قليلة… هل اخبرهم أن يستعدوا للمغادرة الليلة؟”
عند سماع مافريك للتقرير الحصري من بيلا تجعد جبينه في انزعاج مع عبوس غطى وجهه بالكامل.
لم ترى بيلا تعابير وجه سيدها ولكنها كانت متأكدة أنه لم يكن سعيداً بكلماتها.
كان سبب اضطراب سيدها هي تريستيا كما هو الحال في كل مرة.
اخفضت بيلا رأسها للأسفل في توتر بعيون مغلقه وبحركة احتراميه أثناء شعورها بالجو الثقيل، منتظرة كلماته التالية.
“اجلبي ديليا الى هنا.”
توسعت عينا بيلا في دهشه وعدم فهم لكنها اومأت بصمت وتراجعت ثم ذهبت بعيداً بخطوات سريعة.
“تريستيا..”
بصوته الهادئ والمتملك نادى مافريك على اسمها بعمق وتعابير وجهه كانت غامضة.
شد قبضته التي كان ممدودة للاسفل بينما تحولت تعابير وجهه الى البرود بشكل مخيف وجالب للقشعريرة.
فجأة تم طرق الباب وسط الجو البارد.
“سيدي اللورد، انا ديليا.”
تم سماع صوت انثوي وهادئ النبرة ويحمل القليل من التوتر.
أجاب مافريك بصوت بارد ولا مبالي:
“ادخلي.”
تم لف مقبض الباب ثم فُتِح، انتشر صوت خطوات ديليا الهادئة والبطيئة.
كان مافريك لا يزال يقف وظهره ناحيتها وتحدث بصوته اللامبالي:
“ارجعي الى مملكة لورديس وخذي معكِ كنز لودافو. سلميه الى المستشار ويند.”
لم تتوقع ديليا كلماته هذه لكنها اومأت برأسها بسرعة.
“نعم أيها اللورد، ثم سأغادر الآن.”
قبل أن تستدير ديليا للمغادرة اوقفتها كلمات مافريك الباردة.
“ماذا كنتي تفعلين مع ويليام؟”
ارتبكت ديليا مع توسع عيناها في صدمه لكنها قامت بتهدئة نفسها على الفور وحاولت التحدث بمرونه وعدم مبالاة:
“لا شيء خاص. كنتُ فقط مجتهدة في عملي لذا طلب مني ويليام أن ابقى بجانبه.”
تم اطلاق ضحكة مليئة بالسخرية من فم مافريك.
انخفضت حرارة الغرفة بسبب التوتر المنتشر بكثافة.
بلعت ديليا ريقها في توتر ونظرت الى الاسفل بوجه متصلب.
تحدث مافريك بصوت بارد متناقض مع الابتسامة المزيفة التي تعلو ملامح وجهه المسترخية.
“ديليا.. كم مرة كذبتي علي منذ مجيئكِ.. الى هذه المهمه؟”
“اه.. اه.. أنا لم اكذب ابداً في أي وقت سابق!..”
كان صوت ديليا مرتعش ولكن حازم.
“لا يعني بالضرورة أن يكون كذباً. انا اتكلم عن اخفاء الاشياء عني.”
توترت ديليا وقبضت اصابع يداها معا وبدأت في خدشهم بأظافرها حتى احمرت قليلا.
كرهت ديليا الشعور بالخوف اتجاه مافريك.
كان هذا متناقضا مع شخصيتها المعتادة القوية.
صرت على اسنانها ثم تحدثت بصوت مكتوم:
“أنا لستُ مذنبة. ذلك البشري هو من طلب مني أن ابقى بجانبه.”
توسعت ابتسامة مافريك في سخرية:
“همم؟ حقاً؟”
اومأت ديليا بصمت وعصبية.
“لماذا؟”
ترددت ديليا عند استفسار سيدها وتم فتح فمها عدة مرات ثم اغلاقه.
“تحدثي.”
صوته البارد جعلها تصر على اسنانها مرة اخرى وأجبرت نفسها على التحدث:
“أنه يبدو… أنه يبدو أنه يحب وجودي بالقرب منه.”
اصبح الجو باردا اكثر.
“هل اغويتيه؟”
“….”
خرج تنهد منزعج من فم مافريك.
“فقط عودي الى الوطن ولا ترجعي الى هنا مرة اخرى حتى اخبركِ بنفسي.”
“…نعم.”
أشار مافريك بيده، فأنحنى رأس ديليا في احترام ووجه خالي من التعابير ثم استدارت بسرعة لتغادر الغرفة واغلقت الباب خلفها بهدوء.
بقي مافريك بمفرده بالقرب من نافذته التي تحمل جو كئيب في الخارج.
اعطت عيونه الحمراء توهج خفيف وقد ساعدت الاضاءة المظلمه للغرفة على جعل الأمر أكثر رعباً.
—–
في تلك الليلة العاصفة كانت تريستيا مستلقية على السرير بصمت وتنظر الى السقف بوجه خالي من التعابير ومفكر.
اه.. عقد شيطان.. هل كان يمزح فقط؟..
هذا مستحيل. لقد بدا جدياً في كلماته. ثم هل حقا يجب أن اتزوج-….اهه!
وضعتُ الوسادة على وجهي بحركة سريعة ومنزعجة.
بذكر هذا.. هل حقاً هو معجب بي؟.. ربما فقط يريد الحصول على مكانة نبيلة من خلال الزواج بي.
اثناء تفكيري في الأمر بعمق جاءت فكرة ما الى ذهني.
رفعتُ يدي وامسكت بالحبل الذهبي الممدود والمعلق في سقف السرير الكبير ثم سحبته للأسفل.
وبسبب سحبي للحبل تم اصدار صوت جرس خافت في الخارج وربما الآن وصل الى صالة المطبخ التي يتجمع فيها خدم القصر.
بعد دقائق قليله من الصمت تم سماع صوت خطوات خفيفة ومتسرعة في الممر خارج غرفتي.
طُرِقَ الباب طرقتين ثم تم فتحه وظهرت هيئة لفتاة ترتدي زي الخادمة الرسمي وكانت ذات وجه غير مألوف.
توقعتُ إن بيلا من ستأتي لكن ربما هي مشغولة الآن.
رفعتُ ذقني قليلا الى الاعلى وتحدثتُ بلهجة حازمه:
“اجلبي الكرسي المتحرك لي وساعديني على الجلوس عليه، أريد اخذ نزهة قصيرة في الخارج.”
كان يجب أن اثبت نفسي كأبنة لسيد هذا المنزل لذا اضطررتُ أن اتصرف بحده.
كما أن السلوك الحاد كان جزء من طبيعتي لذا استطعت فعل ذلك بسهولة.
اومأت الخادمة عند كلماتي بصمت وتعبير وجه رسمي ثم سحبت الكرسي المتحرك بالقرب من سريري وساعدتني على الجلوس عليه.
وبعد أن اصبحتُ جالسة على الكرسي المتحرك وقفت الخادمة خلفي لتمسك بمقبض الكرسي الخلفي ثم سحبتني خارج الغرفة.
بينما كنا نمشي في الممرات الواسعة كانت النوافذ النوافذ الكبيره يظهر منها الجو الليلي الشديد والعاصف.
وكان من الجيد أنني ارتديتُ وشاح صوفي قبل خروجي الى التنزه.
خلال جلوسي على الكرسي المتحرك سمعتُ صوت غريب.
كان مصدر الصوت آتي من الحديقه المحيطه بالقصر.
شعرتُ بالفضول وطلبت من الخادمة التي كانت تسحب الكرسي أن تتوقف.
شعور ما أخبرني أنني يجب أن اتحقق من مصدر الصوت.. لذا كان يجب أن اثق بحدسي.
توقفت الخادمة عند طلبي وحل الصمت.
وبينما كنتُ انظر الى النافذة الكبيره داخل الممر الواسع بوجه خالي من التعابير وغير مألوف، فتحتُ فمي ببطئ وقلت بصوت لا مبالي:
“اعطيني المظله.”
ترددت الخادمة في البدايه لكنها اومأت برسمية وسلمتني المظله.
تحدثت الخادمة بتردد:
“سيدتي الشابة، هل ستذهبين الى الحديقة الخارجيه؟.. الجو لا يبدو جيداً..”
اجبتها بحزم وبوجه خالي من التعبير:
“لا بأس، غادري. أريد البقاء بمفردي.”
وقعت نظرة الخادمة على قدماي للحضات.
“لكن..”
“غادري.”
نظرتُ لها بعبوس وانزعاج ثم أدرتُ وجهي بعيدا وامسكت بعجلات الكرسي المتحرك وبدأتُ في دفع الكرسي الى الأمام عبر الممرات.
بعد ثواني نظرتُ للخلف ولاحضتُ أن الخادمة قد غادرت بالفعل.
استدرتُ الى الأمام مرة أخرى بأريحية وواصلتُ التقدم حتى وصلتُ الى الحديقه الخارجيه.
صوت المطر اصبح واضحاً مع تحرك الاشجار يميناً ويساراً بسبب الجو العاصف.
كانت الساعة التاسعة مساءاً لذا الجو كان مظلماً وليلياً والسماء تنتشر فيها الغيوم بكثافة.
امسكتُ المظله بقبضتي وحركتُ الكرسي بيدي الاخرى الى مصدر الصوت الغريب.
استطعت رؤية هيئة لخادمة شابة كانت واقفه بالقرب من الشجرة الكبيرة وكان هناك شيء مثل ظلال سوداء تنتشر حولها.
ما هذا..
بعد ثواني من التحديق عرفتُ هوية تلك الفتاة.
الفتاة المراهقة ذات الشعر الوردي المحمر التي أهانتني بشكل مباشر قبل ايام، هي من تقف بالقرب من الشجرة ويحيط بها ظلال سوداء.
نسيتُ ماذا كان اسمها لكني لم اهتم وركزتُ على الظلال السوداء المحيطه بها.
هل هي… ساحرة؟..
بينما كنتُ متعمقه في تفكيري بنظراتي الكثيفه للوضع، استدار رأس الفتاة ناحيتي بسرعة ونظرت لي بعيون متوسعة.
تجمدتُ أيضاً وشعرتُ بالتوتر بسبب كشفي.
حاولتُ تهدئة نفسي بسرعة ولم اقطع التواصل البصري.
بعد ثواني من النظرات المنتقله بيننا اختفت الظلال السوداء التي كانت محيطة بجسد الفتاة ذات الشعر الوردي وتقدمت ناحيتي بخطوات رشيقه حتى توقفت بالقرب من الكرسي المتحرك الذي كنتُ اجلس عليه.
كنتُ انظر الى الاعلى قليلا بوجه بارد ناحيتها وهي ايضا كانت تنظر الى الاسفل ناحيتي بوجه لا مبالي وابتسامه وخفيفه.
كانت تنظر لي بتكبر صريح مع عيونها المنحنيه للأسفل.
انتشر صوتها المليئ بالخبث والممزوج بالمرح في الهواء.
“سيدتي ماذا تفعلين هنا؟ هل كانت السيدة تلاحقني؟”
تجعد جبيني في انزعاج من سلوكها المتغطرس لكني تجاهلت الأمر وقلت بصوت بارد ومتشكك:
“ماذا كنتي تفعلين قبل لحضات؟.. تلك الظلال.. هل أنتِ ساحرة؟”
توسعت ابتسامتها ثم خرجت ضحكة مرحه وقصيرة من فمها.
وبعد أن توقفت عن الضحك رفعت نظرها الى السماء التي كانت مليئة بالغيوم بنظرة مفكرة بشكل مبالغ فيه.
وكان المطر قد توقف منذ وقت ليس بقصير من حديثنا لكني لاحضتُ شيئا غريباً وغير منطقي ابداً.
“ملابسك… كيف.. انها ليست مبلله…”
قبل أن أكمل كلماتي انحنت الفتاة ناحيتي واسندت يداها على مقابض الكرسي المتحرك الذي كنتُ اجلس عليه.
استطعت شم رائحة عطرها القوي فعبستُ في انزعاج، وعندما كنتُ على وشك التحدث قاطعتني بصوت هامس ومليئ بالخباثة والمرح.
“سيدتي، بما انني سأغادر قريباً سأخبركِ بسر. ما رأيكِ؟”
صمتُ عند كلماتها وشعرتُ أنه شيء يستحق الاستماع إليه.
حاولت التحدث بلا مبالاة ولم اقطع التواصل البصري:
“ما هو؟”
ابتسمت الفتاة بشكل أوسع عند موافقتي ثم انحنت اكثر هامسة بصوت يتخلله الجديه والحماس:
“ذلك الخادم الذي تثقين به كثيراً.. اه.. ربما سأعاني قليلا إذا كشفتُ الأمر لكني يجب أن اترك هدية تستحق الذكر قبل مغادرتي.”
مافريك؟.. ماذا بشأنه؟.. هل هو شيء كبير حقا؟ او متعلق بتريستيا الحقيقه..؟
كان ذهني يتجول بكل الأفكار اثناء نظري لها بلا مبالاة.
راقبت الفتاة المراهقه رد فعلي وتعابير وجهي ثم قالت بصوت مرح مع حزن مزيف:
“سيدتي انتِ مسكينه حقا.. يبدو أنه جعلكِ تثقين به.. لكن لا تقلقي لأني سأخبركِ بكل شيء.”
“….”
“أنه مجنون حقا في الواقع.. لقد قتل الكثير بلا مبالاة وكأنه يلعب لعبة ممتعه. لا أعرف سبب اعجاب سيدي بكِ.. أنه ليس من النوع الذي يشعر بالشفقه.. لكن بحسب معرفتي ربما السبب هو لأنكِ من عالم آخر لذا هو فضولي فقط.”
تجمدتُ في دهشه عند كلماتها التي أتت دفعة واحدة.
شددتُ قبضة يدي التي كانت على حضني محاولة السيطرة على هدوئي.
‘ليس الآن.. يجب أن اعرف المزيد..’
ازداد حماس ديليا في الكشف عن الأمر عند رؤيتها لوضعي.
انحنت متعمدة لتهمس بالقرب من أذني بصوت بطيء وواضح:
“هاها… أنه في الواقع… ملك الشياطين.”
“ماذا؟…”
غرقت تعابير وجهي وفقدتُ السيطرة على التحكم بنفسي.
فكرتُ أنني ربما لم استطع السماع جيداً لكن الكلمات الواضحة الأخيرة التي خرجت من فمها بقت تتكرر داخل عقلي.
ابتعدت الفتاة المراهقه برشاقه ووقفت بينما تنظر الى تعبيري البعيد في انتصار.
بعد ثواني من الصمت استدارت ثم اختفت مع الظلال السوداء التي التفت حولها.
بقيتُ بمفردي داخل الحديقه الواسعة ثم عضضتُ شفتي.
لم اعرف ماذا كنتُ أشعر بالضبط الآن.
ربما هي مشاعر الخيانه.. أو مشاعر الخيبة.. أو ربما الخوف؟..
سقطت قطرة ماء على وجهي.
رفعتُ رأسي الى الاعلى ببطئ ونظرتُ الى السماء المليئة بالغيوم الكثيفه.
كانت تعابير وجهي هادئة بشكل مخيف وكانت عيناي تحمل نظرة قاتمه.
صوت قطرات المطر الخفيفه عاد مرة اخرى ليوقضني فأمسكتُ بسرعة بالمظله وفتحتها ووضعتها فوقي.
امسكت بعجلات الكرسي بيدي الاخرى ودفعتُ الكرسي بعيدا حتى وصلتُ الى غرفتي.
—–
في صباح اليوم التالي اشرقت الشمس لتحل محل الجو الممطر الذي وقع ليلة امس.
كان مافريك يمشي داخل الممر الواسع للقصر الكبير حتى توقف أمام باب غرفة تريستيا.
طرق الباب طرقتين بخفة ثم ادار مقبض الباب وفتحه ودخل.
“سيدتي. صباح الخير، كيف تشعرين؟”
مع صوته المرح المعتاد دخل برشاقة ووقعت عيناه على تريستيا النائمه على السرير.
كانت البطانيه ملفوفه حول تريستيا من رأسها الى قدميها ولم تتحرك أو تتفاعل بعد مناداته.
“سيدتي؟”
تقدم مافريك ناحية سريرها بهدوء ووقف بالقرب من سريرها وما زالت كما هي.
امسك مافريك بحافة البطانية بهدوء وسحبها للأسفل ببطئ.
ظهر وجهها.
كانت لا تزال نائمه لكن وجهها كان محمر كما لو أنها محمومه.
رفع مافريك يده ثم وضع ظهر يده على جبين تريستيا واتضح أنها محمومه حقاً.
فتحت تريستيا عيناها ببطئ ووقعت نظرتها على وجه مافريك حيث كانت تعابير وجهه صامته ومركزة.
توسعت عيون تريستيا في صدمه ثم امسكت بحافة البطانيه بسرعة وغطت وجهها مرة اخرى.
تفاجئ مافريك من سلوكها.
“سيدتي…؟.. هل أنتِ بخير؟”
كان صوتها مكتوم بسبب كونها تحت البطانيه لكنه كان يحمل نوع من الحدة:
“أخرج!”
“….”
“غادر غرفتي!”
رغم انفعال تريستيا الشديد لكن مافريك تحدث بصوت هادئ وحزين مع تعبير مندهش:
“ما الأمر سيدتي؟.. هل فعلتُ شيء ازعجكِ؟ منذ متى؟”
لم اعرف ما إذا كان رد فعله الحالي هو تزييف أو حقيقي لكني كنتُ حازمه في افكاري.
كشفتُ عن وجهي أخيراً ونظرتُ له بعبوس وصرختُ في وجهه بغضب ممزوج بالتوتر والقلق:
“توقف عن التظاهر! هذه التمثيليه..! هذا مقرف!”
لم استطع منع ارتعاش يداي لذا شددتُ البطانيه البيضاء بأصابعي حتى أصبحت اصابع يداي شاحبة.
بدأ الصداع ينمو في رأسي فوضعتُ يدي على جبيني وانزلت رأسي قليلاً للأسفل في ألم ووجه منزعج.
راقب مافريك كل تحركاتي بوجه غير معروف ونظرات شديدة.
تحدث بصوت هادئ ولطيف كالعادة ولكن تعابير وجهه لم تكن مثل كل مرة:
“سيدتي، ماذا تعنين أنني اتظاهر؟”
انزلتُ يدي عن رأسي بهدوء ووضعت مرة اخرى على البطانيه.
شددتُ البطانيه بيداي لتخفيف توتري ثم قلت بصوت حاد وانا اتجنب النظر في عينيه:
“انت.. انت.. شيطان.. كيف.. اهه.. هذا غير منطقي لكن بعد أن اتذكر رؤيتي لتلك الظلال اتأكد من إن تلك الكلمات الموجهة ناحيتك صحيحة..!..”
توقفتُ عن التحدث بسبب شعوري بالمرض لكني واصلتُ التحدث مرة أخرى متجاهلة الصداع:
“ماذا يفعل ملك الشياطين هنا في هذا القصر المليئ بالبشر فقط؟ ثم أنت.. أنت تعمل.. كخادم شخصي لي!.. لماذا..؟!..”
كان الجو بارداً وثقيلاً بعد ذكري لهويته لكني تجاهلتُ ذلك لأن صداع رأسي وحالتي المريضه جعلاني افضح كل افكاري بسهولة.
رفعتُ نظري بعيون حادة ونظرتُ في عينيه بوجه رافض تماماً.
“هل حقاً أنتَ شعرتَ بالفضول ناحيتي كأنني لعبة من نوع ما لذا أنت اردتَ البقاء بجانبي؟!..”
كانت تعابير وجه مافريك عند رؤية كرهها له باردة لأول مرة.
دهشت تريستيا عند رؤيتها لتعبير وجهه لأول مرة بهذه الطريقه.
كان يبدو لقب ملك الشياطين مناسب له الآن.
“سيدتي، من اخبركِ؟”
كان صوته هادئاً أثناء تحدثه ولكن بدا أنه يحاول تهدئة نفسه وكبت شيء ما ولكني لم اهتم لذلك.
نظرتُ له بوجه عابس وبنظرة حادة.
لم اجيبه وكنتُ افكر فقط في ما يجب فعله.
لم استطع أن افكر في الهروب حتى وفقاً لحالتي.
الهروب؟.. نعم..
لأنه كان الشخص الوحيد الذي كنتُ اثق به هنا.
لكنني اكتشفتُ أنني لا اعرف عنه شيئاً ولا اعرف اي نوع من الأشخاص هو.
زممتُ شفتي في احباط شديد وظهر عبوس على وجهي المحمر.
“لقد عرفتُ من اخبر السيدة بكل هذا لذا لا داعي لأخباري ولكن…”
ايقضني صوته فرفعتُ رأسي ناحيته بسرعة بحذر ونظرت له بحده.
مشى بخطوات هادئة ناحيتي حتى وصل بالقرب مني ورفعني بين ذراعيه بلمح البصر.
أطلقتُ صرخة صغيره ومليئة بالدهشه وبدا تعبير وجهي مصدوم وقلق.
وقبل أن افتح فمي للتحدث، تحدث هو أولاً.
تحدث بصوت هادئ ولطيف كالعادة لكن تعبير وجهه كان بلا تعابير:
“أنا آسف سيدتي. لكنكِ ستعتادين على ذلك.”
“مـ..ماذا؟..!..”
تغير المحيط حولنا بسرعة واصبحنا داخل غرفة أخرى مختلفة تماما عن الغرفة التي كنتُ امكث فيها.
نظرتُ حولي في دهشة وتعابير وجه متوترة وعصبية.
مشى مافريك بخطوات هادئة ناحية السرير الكبير ذو الملاءات السوداء.
“لا أظن انه يصلح أن ابقى اناديكِ بلقب السيدة صحيح؟ ثم.. ماذا عن لقب تريستيا؟”
نبرة صوته كانت لطيفه كالمعتاد لكنه بدا غير مهتم لرفضي له.
وضعني بهدوء وخفة على السرير واستطعتُ الشعور بالوسادة خلف ظهري.
نظرت ناحيته من الاسفل بحدة ونظر هو ناحيتي بأبتسامة صغيرة.
“كما قلتُ سابقاً، سوف تعتادين على الحياة هنا في قصري. تستطيعين طلب أي شيء من الخدم وسوف يجلبوه لكِ.”
“هراء! أنا لا أريد البقاء معك! أريد العودة!”
تحدثتُ بوحشيه معه وصررتُ على أسناني في احباط.
رغم ثورتي ألا أن تعابير وجهه بقت هادئة كما لو أنه لم يسمع شيء.
“تريستيا. ماذا عن مناداتكِ هكذا؟ هذا أفضل.”
صوته اللطيف ولكن الحازم انتشر في ارجاء الغرفة، ومناداته لي جعلني اشعر بالقشعريرة.
نظرتُ إليه بحدة وحذر وأحكمتُ قبضتي على ملاءات السرير السوداء في توتر.
“….”
“….”
رد علي بعد ثواني من الصمت المقلق بصوته اللطيف المعتاد كما لو أنه يحكي قصة ما لطفل:
“ليس هناك عودة. ستبقين هنا.”
ابتسم اثناء تحدثه لتخفيف الجو المتوتر ثم بعدها مباشرة انحنى للأسفل ناحيتي.
لم يكن هناك وقت للشعور بالاحباط من كلماته بسبب سلوكه المفاجئ.
زحفتُ بخطوات قليله للخلف بينما كنتُ مستندة على يداي.
“مـ.. ماذا تنوي أن تفعل..!!..”
وضع يده على فروة رأسي بينما كان جسدي يرتجف بسبب التوتر والقلق.
وعندما كنتُ على وشك رفع يدي لأبعاد يده، شعرتُ برغبة شديدة في النوم.
رغم انني قاومتُ الرغ
بة في النوم بوجه عابس لكني لم استطع المقاومه اكثر وأُغلِقَتْ جفوني في النهاية ثم غرقتُ في نوم عميق.
امسك مافريك بجسد تريستيا الذي تراجع الى الوسادة دون وعي ثم عدل من وضعية جسدها وجعلها تستلقي على ظهرها وغطى جسدها الى رقبتها بالبطانيه السوداء.
حل الصمت أخيراً.
هدأ الجو عند وقوعها في النوم ورأى مافريك كم برز التعب على وجهها، ناظراً إليها بوجه بارد وغامض.
استدار بعدها مباشرة وغادر الغرفه ثم اغلق الباب خلفه بهدوء تاركاً الصمت ورائه.
°
°
—✎✎✎✎✎—
نهاية الفصل
يتبع…
—✎✎✎✎✎—
التعليقات لهذا الفصل " 4"