1
الفصل 1
في القرن الحادي والعشرين حيث كانت التكنولوجيا متطورة، كنتُ اعيش في ذلك العصر مصابه بالشلل في ساقاي منذ ولادتي مع تخلي والداي عني وارسالي الى دار الايتام بسبب ضائقتهم الماليه.
متُ عندما بلغتُ سن الخامسه عشر بسبب جسدي الضعيف. لكن يبدو ان الرب اشفق علي لأني استيقضتُ واصبح لدي جسد جديد في عالم مختلف.
ولكن الحظ السيء لاحقني مرة اخرى. لأني كنتُ مصابه بالشلل في ساقاي هذه المرة ايضا في حياتي الثانيه.
كنتُ جالسه على الكرسي المتحرك بوجه خالي من التعبير مع هويه اخرى وهي تريستيا ابنة المركيز الاولى التي كان من المعروف أنها مصابة بالشلل منذ الولادة لذا بين المجتمع النبيل لم تخرج في اي تجمعات ولم يكن لديها اصدقاء.
نظرتُ من النافذة بصمت الى الفرسان الذين كانوا يلقون التحيه الصباحيه الى والدي الذي من المفترض أنه سيغادر خارج الحوزة.
فجأة دخل الخدم غرفتي بصمت وهدوء وبدأوا في التنظيف وبعد ان انتهوا غادروا دون اي كلمات.
كنتُ جالسه على الكرسي المتحرك اراقب بصمت بوجهي الشبيه بالدمية لأنه كان بلا تعابير مثلما كنتُ عليه في حياتي الاولى عندما كنتُ اعيش في دار الأيتام.
ورغم انني في هذه الحياة مصابه بالشلل ايضا لكن يبدو أني اعيش مع أفراد يشاركوني نفس الدم بعكس حياتي الأولى حيث كنتُ اعيش في دار الايتام.
وايضا يبدو انني ثريه جدا ايضا ومن أصول نبيلة مرتفعه مثلما قال لي الخدم عندما استيقظتُ للمرة الأولى في هذا العالم.
ومع معرفتي لهويتي اكتشفتُ ايضا ان لدي اخ اكبر وهو الرئيس المستقبلي لهذه العائلة ويقال إنه متحفظ وصارم ولا يتم رؤيته إلا في ساحة المبارزة أو مكتبه الشخصي.
والدي ايضا يقال إنه مشغول ايضا. أما بالنسبة للمرأة التي من المفترض أن تكون أمي فهي قد توفت عندما ولدتني ولم يتم ذكرها كثيرا في انحاء القصر لأنها كانت في زواج سياسي فقط مع المركيز.
في النهاية يبدو ان تريستيا الحقيقيه قضت أيام وحيدة لذا هي كان لديها شخصية مهزوزة وضعيفه وغير واثقه لكنها كانت مثيرة للشفقه وبائسه ايضا. ولم يسعني سوا ان أشعر بتشابه وضعي السابق معها.
انتقلت نظراتي الى النافذة الشفافه بصمت ونزل شعاع الشمس على شعري ذو اللون الاخضر الشبيه بأوراق الشجر في الشتاء القارص مع عيوني الحاده التي كانت مشعه بلون ذهبي مثل لون الشمس عند بدأها في الغروب والاختفاء لأعطي جواً أثيرياً بسبب بشرتي البيضاء الشاحبة المتناقضه مع لون شعري المخضر الداكن.
المؤلفة مارفا: الجمال الأثيري هو مصطلح يعني:-
«خفيفة وجميلة للغاية؛ تبدو وكأنها تنتمي إلى عالم آخر أكثر روحانية».
عبستُ فجأة بسبب الخطوات المسرعه خارج غرفتي واستدرتُ ونظرتُ ناحية الباب وبعد ثواني قليله تم فتح الباب بسرعه ودخلن الخادمات.
تقدمت احداهن وتحدثت بلهجه رسميه ورأس منخفض قليلا مع نظرة صارمه:
“آنستي الشابه، سوف نهيئكِ بسرعه بحسب أوامر المركيز لأنكِ يجب ان تلتقي باللورد بيرك ابن الكونت روزانو بعد ساعة من الآن.”
قبل ان افتح فمي لأتكلم تقدمت الخادمات ناحيتي بخطوات سريعه وبدأوا في تحضيري برشاقه.
صمتُ مع شعوري بأيديهن تعتني ببشرتي وشعري وملابسي.
“آنستي الشابة نحن في عجله من أمرنا لذا سنحاول الإسراع لذا اتمنى ان تتحملي اذا شعرتِ بالانزعاج من أيدينا المسرعه.”
تحدثت رئيستهن مرة اخرى ونظرت الى الخادمات الصغيرات في اشارة لأكمال عملهن الحالي ثم انطلقت خارج الغرفة بسرعه حيث بدا أنها كانت مشغوله في عمل آخر.
مع اختفائها بدأت أيدي الخادمات حولي تصبح اكثر خشونه ومع لا مبالاة لأنزعاجي.
نظرتُ من المرآة الى إحداهن ورأيتها تحاول حبس ضحكتها غير السارة.
تجعد جيبي في انزعاج عندما رأيتُ المشهد الذي كان مقرفا بالنسبه لي وفتحتُ فمي قليلا بنية التحدث ولكن تم مقاطعتي بصوت احداهن الذي كان حادا:
“آنستي الشابة! انتِ تتحركين كثيرا! نحن في عجلة من أمرنا لذا كوني صبورة أكثر!.”
عبستُ ونظرتُ الى الخادمات الأخريات ويبدو أنهن غير قلقات لسلوك زميلتهن الوقح.
في النهاية صمتُ لأنه لم يكن لدي الرغبة في الجدال وصنع أعداء حاقدين مع وضعي الصحي غير الجيد لذا تجاهلتهم وكأنني لم أسمع شيء.
بعد أنتهائهم من تحضري نظرتُ الى نفسي حيث كنتُ جالسة أمام المرآة.
كنتُ أبدو جيدة حقا مع الفستان الازرق الفاتح المنتشر فيه نقاط متناثرة باللون الفضي، متماشياً جيدا مع بشرتي البيضاء الفاتحه مع ارتدائي للإكسسوارات ذات الطابع الفاخر التي كانت بنفس لون عيناي الذهبية.
بينما كنتُ اتفحص مظهري بصمت شعرت بيد إحدى الخادمات على كتفي الأيمن وفجأة جاء همس من خلفي قريب من أذني وبدا الصوت مرحاً وخبيثاً:
“آنستي الشابة المسكينة. يبدو أنه سيتم بيعكِ الى رجل نبيل لديه زوجة بالفعل. ما رأيكِ أن نرافقكِ الى منزل زوجكِ الجديد لنعلمكِ كيف تكونين عشيقة مثالية للسيد النبيل الشاب؟”
توسعت عيني في دهشه مع كل كلمة قالتها ونسيتُ مشاعر الخيبة التي يجب ان اشعر بها إتجاه عائلتي التي ستبيعني لأنني كنتُ مشغولة بأستيعاب كلماتها الأخيرة عن تعليمي كيف أكون عشيقة مثالية حيث شعرت بالإهانة الفضيعه.
مع فكرة انني لن اكون زوجة كما توقعت بل مجرد عشيقه امتلئ عقلي وقلبي بالغضب.
استدار رأسي ناحيتها فجأة وبحركه غير متوقعه رفعتُ ذراعي وصفعتُ خد الخادمة بكفي بعنف.
اندفع رأس الخادمة على الجانب بسبب الصفعه العنيفه وبدت مذهوله من الحركة المفاجئة.
حل الصمت في الغرفة وفتحت الخادمات الأخريات فمهن في دهشة، ثم بعد ثواني استدار رأسي الخادمة التي تم صفعها ونظرت ناحيتي الى حيث كنتُ جالسة على الكرسي أمام المرآة.
كانت نظرتها مجنونة مع الغضب المكبوت وانتقلت نظرتها الى ساقاي وفتحت فمها بسخرية ممزوجة بالجدية مع بقاء النظرة المجنونة على وجهها حيث بدت غير خائفة ابدا:
“آنستي الشابة، هل نسيتي إعاقتكِ؟ لقد كنتُ اسألكِ بلطف لأني شعرتُ بالحزن على حالتكِ التي لا تشبه حالة الفتيات النبيلات الأخريات. لكنكِ صفعتيني ردا على كلماتي المهتمه؟”
أصبح الجو بارد وصامت مع حديث الخادمة ذات الشعر الوردي والوجه الطفولي والتي بدت في أواخر المراهقة.
نظرت الخادمات الأكبر سنا في دهشة الى زمليتهن التي كانت جريئة ومجنونة بما فيه الكفاية لتتحدث بثقة وبلا خوف بعد أن تم صفعها من قبل سيدتها.
كنتُ مصدومه أيضاً وشعرتُ بالصداع وفكرتُ مرة اخرى ما اذا كان يتم معاملتي هكذا لأنني كنتُ مشلوله ففتحت فمي وقلت بحدة ونظرت في عين الخادمة التي كانت واقفه أمامي بلا خوف مع نظرتها المجنونة الى حيث كنتُ جالسة.
“هل فقدتِ عقلكِ بعد ان تم صفعكِ من قبلي؟ تقفين بلا خوف امامي وتتحدثين بالهراء…”
توقفتُ عند كلماتي بسبب شعوري بالغثيان بسبب الوضع واكملت كلماتي بغضب:
“ألا تخافين من أن يتم فصلكِ؟ أنا الابنة الوحيدة استطيع فصلكِ تماماً من وظيفتكِ او حتى إجباركِ على الهجرة الى مدينة اخرى.”
إستمعن الخادمات الأخريات الى كلماتي ونظرن الى الخادمة التي كانت تقف أمامي بحذر ومراقبة رد فعلها.
بدت الخادمة غير متأثرة تماما في تهديتاتي ومع محاولتها لفتح فمها والكلام فجأة أتتها ضربة على ظهرها من الخلف جعلتها تترنح، صرخت الخادمة الصغيرة في ألم وغضب واستدارت بعيون مشتعلة لكن عيناها توسعت على الفور مع رؤيتها لهوية الشخص.
تقدم الخادم بخطوات مرحة وابتسامة ثابتة ونظر بعينيه المغلقه قليلا والمنحنية في إبتسامة الى الخادمة الصغيرة التي كانت ترتجف فجأة قليلا واخفضت نظرتها بسرعة ناحية الأرض في فزع مع شفاه مزمومه ووجه شاحب.
نظرت باقي الخادمات الأخريات الى المشهد في صدمه وبدون حذرات لكنهن لم يستطعن ألا ان يحمروا في خجل عندما نظروا الى الخادم الذكر الذي كان مشهور بين الخدم الذكور بسبب وسامته وشخصيته.
بالرغم من أنهم شعروا بالدهشة والحذر بسبب التفاعل بين الخادم والخادمة المراهقة ألا أنهم لم يستطيعوا منع انجذابهم الثابت له.
راقبتُ المشهد بعيون هادئة ومتفحصه ولاحضت التناقض بين رد فعل الخادمة المراهقة الخائفة وبين رد فعل الاعجاب عند الخادات الأخريات ولم يسعني سوا ان أشعر ان هناك قصة ما.
التقت نظرتي المتفحصه بالخادم الذي كان يرتدي الزي الرسمي الخاص بالخدم الذكور.
هدأ الجو لثواني وتم نسيان وجود الخادمة المراهقة، تقدم الخادم الشاب وانحنى بأحترام مع تعبير اعتذاري منخفضاً رأسه قليلا بعيون مغمضه وقال بصوت هادئ مع ابتسامته الباقية:
”أريد ان أعتذر نيابة عن الخادمة الاصغر سنا التي كانت وقحه معكِ في السابق..”
رفع نظرته ناحيتي قليلا مبقياً انحنائه ورأسه المنخفض قليلا ومنتظرا كلماتي التالية.
نظرتُ له بوجه خالي من التعابير ولا مبالي واومأتُ قليلا كأشارة على أنه بخير ثم فتحتُ فمي قليلا بهدوء وتحدثتُ بثبات:
“لا أريد رؤية تلك الخادمة في مجال رؤيتي مرة أخرى وإذا رأيتها امامي فسآمر بطردها نهائيا من وظيفتها.”
ابتسم الخادم الشاب ذو الشعر الاسود الداكن بخفة لكلماتي واومأ بهدوء قائلا بنبرة ممتنة:
“الآنسة الشابة كريمة حقا في إتخاذ القرار. شكرا لعدم طردكِ للخادمة عديمة الخبرة بشكل نهائي.”
بعد انتهاء كلماته التقت نظرتي بنظرته بجو صامت ثم اومأتُ قليلا بهدوء رداً على كلماته.
توسعت إبتسامة الخادم الشخص مع عينيه ذات اللون الاحمر المنحنيه ووقف بأستقامة مرة اخرى وانحنى هذه المرة اقل من السابق قائلا بصوت مرح وحازم:
“لابد أن الآنسة الشابة تتسائل عن سبب وجودي هنا. لقد تم أمري بخدمة الآنسة الشابة من الآن.. اه. وبالنسبه للموعد المدبر مع اللورد بيرك فقد تم إلغائه بسبب وجود مشاكل معينه في المشاركه لذا لا داعي للقلق.”
استمعتُ الى كلماته بصمت ودهشت قليلا من حقيقية أنه سيكون خادمي الشخصي مع خبر إلغاء المشاركه مع عائلة الكونت روزانو.
استرخى تعبيري قليلا بعد سماع إلغاء خبر المشاركة لكن لم استطع الارتياح تماماً بسبب فكرة أنه سيكون خادم ذكر مسؤول عن خدمتي وليس خادمة.
لاحض الخادم تعبيري وبدا وكأنه قرأ افكاري ثم تحدث مرة اخرى بصوت هادئ اكثر مع ابتسامته التي لم تغادر وجهه:
“المركيز طلب مني شخصيا أن اعتني بالآنسة الشابة بما انني متفوق في عملي في العادة وسأكون قادراً على الاهتمام بالآنسة تماما…”
توقفت كلماته وبدا تعبيره حذر ثم تحدث مرة اخرى بصوت حذر ولكن ابقى مرحه ظاهراً لتخفيف الجو:
“الآنسة الشابة بحاجة الى رعاية خاصة وقفاً لحالتها الصحيه. الخادمة لن تستطيع مساعدة الآنسة الشابة أثناء المشي والانتقال من مكان لآخر بشكل مريح بسبب بنيتها الأقل قوة من بنية الخادم. لذا قرر المركيز توضيفي بما أنني اكثر الخدم كفاءة.”
عند قوله لكلماته الأخيرة بدا اكثر فخرا بقليل لكنه اخفى ذلك بسرعه تحت واجهة مبتسمة وهادئة.
بعد انتهائه من قول كلماته بدا انني اقتنعتُ بكلماته قليلا ثم فجأة اتتني موجة من الخيبة والانزعاج والنقص الذاتي بسبب حالة شللي النصفي لذا عبست قليلا لكني اخفيتُ مشاعري وبسرعة وقلتُ بهدوء بوجه خالي من التعابير:
“أريد الارتياح الآن فالتخرج الخادمات وأنت.. ساعدني على الاستلقاء على السرير.”
لم اكن أعرف بماذا اناديه لذا أشرتُ له ببساطة.
لاحظ الخادم الثواني التي عبستُ فيها لكنه تظاهر بعدم الملاحضة واومأ بتفهم مع ابتسامته الثابتة وأشار للخادمات الأخريات بالخروج.
خرجن الخادمات بصمت ثم خرجت الخادمة المراهقة بخطوات ثقيله وتجنبت النظر الى عيون الخادم مع الحرص على اخفاظ رأسها والخروج بسرعة من الغرفة واغلقت الباب خلفها بسرعة.
عم الصمت في الغرفة وتقدم الخادم الى حيث كنتُ جالسة على الكرسي ومتزينه.
صمت قليلا مع بقاء نظرته الصريحه ناحيتي وتحدث بصوت رسمي ولم تختفي لهجة المرح في صوته مع ابتسماته المعتادة:
“اعرفكِ بنفسي اولا يا آنسة. أسمي هو مافريك وابلغ من العمر تسعة عشر. رغم انني صغير في السن بالنسبة للخدم الذكور لكني كما قلتُ سابقاً انا اكثر كفائة لذا سأعتني بالآنسة بشكل جيد.”
اومأتُ في كلماته وفكرتُ انه اصغر مني بالفعل بسنتين لأني ابلغ من العمر واحد وعشرين عاماً لكني لم اهتم كثيرا للأمر ونظرتُ بعيدا وبدأت في خلع اكسسواراتي ثم قلتُ بهدوء:
“أخرِج ملابس النوم من خزانتي تلك.”
اومأ بطاعة مع نظراته الهادئة الى جميع تحركاتي ثم التفت بهدوء وانتقلت خطواته الى الخزانه واخرج بجامة النوم بصمت ثم انتقل الى جانبي وسلمها لي.
“سأنادي خادمة لتساعدكِ في تغيير ملابسكِ. لحضة من فضلكِ.”
ابتعد بحركات رشيقه وفتح الباب وخرج من الغرفة وبعد ثواني جاء ومعه خادمة بشعر احمر بضفر بوجه مستقيم وملامح صارمة ثم تقدمت وانحنت في حركة احترامية.
“أسمي هو بيلا وعمري ستة وعشرون. سأكون مسؤولة عن خدمة الآنسة الشابة في حال تغيير ملابسها أو تزيينها كما انني سأكون مسؤولية أيضا عن تحميمكِ والاعتناء بكِ في مثل هذه الاشياء الشخصية التي تتطلب وجود خادمة وليس خادم.”
اومأ الخادم بالموافقة في كلمات زميلته مع بقاء ابتسامته.
“افهم، بيلا.”
تحدثت بصوت هادئ ولم يبدو انني متأثرة في شيء.
راقب مافريك تعبيري بغموض وشعرتُ بنظرته فأستدرت ناحيته لكنه أرجع تعابيره المعتادة مبتسماً اكثر.
بعدها أدار الخادم مافريك ظهره ناحيتي معطيا مساحة خاصة. ثم تقدمت بيلا وبدأت في تغيير ملابسي الى بجامة النوم وانحنت بأحترام بعد ان أنهت مهمتها وخرجت من الغرفة مع غلق الباب خلفها ببطئ.
بعد ان بقيتُ مع مافريك لوحدي تقدم مارفيك ناحيتي حيث كنتُ جالسة وانحنى بشكل قريب جدا فتوسعت عيني وتراجعت للخلف بنظرة حذرة وبعدم فهم.
“اعذريني..”
همس بكلماته مع ابتسامته ونظرته المنخفضة وشعرتُ بعدها مباشرةً إنه تم حملي بين ذراعيه.
مشى بخطوات ثابته وعملية غير معير إهتمام لوزني او للموقف وتوجه ناحية السرير ووضعني عليه.
جمعتُ شتات نفسي بسرعه مع عبوس طفيف واستلقيتُ على السرير الناعم.
بقت ابتسامته على وجهه ثم اخذ طرف البطانيه بصمت وأنحنى ناحيتي قليلا وغطى جسدي الى رقبتي بهدوء.
أبتعد عني ووقف بأستقامة قائلة بنبرة رسمية مع ابتسامة:
“سأخرج الان يا آنستي. اذا أحتجتي أي شيء اسحبي هذا الحبل المتصل بسقف السرير العلوي وسآتي حينها فورا.”
اومأت بوجه خالي من التعابير وأدرتُ وجهي الى الجانب الآخر بعيدا عنه وأغمضتُ عيني.
لاحظ رد فعلي غير المريح ولمعت عيونه الحمراء بوهج غريب مع تعابير غير معروفه، حيث اختفت ابتسامته التي كان يضعها دوماً، ثم تراجع بخطوات هادئة وتوجه نحو الباب وخرج من الغرفة ليغلق الباب خلفه بحذر وهدوء.
عم الصمت في الغرفة وفتحتُ عيني بعد أن شعرتُ بمغادرته.
عبستُ مع قبض يداي على البطانية وكان وجهي مليئ بصراع من المشاعر المكتومه فأغمضت عيني بأنزعاج وحاولت إجبار نفسي على النوم.
لا يبدو ان الشخص الذي ارسلني الى هذا العالم يشفق علي حقا. لأنه لم يدع قدمي تمشي مثل الناس الذين حولي.
لم يسعني سوى أن أشعر بالغضب ممزوج مع الحزن.
غرق عقلي في النوم تحت الجو الصامت للأضاءة الخافتة حتى فقدتُ الوعي بالكامل.
كان مافريك واقفاً في الخارج ويستمع الى جميع أفكار تريستيا المليئة بالشؤم والبؤس.
كان هادئا بشكل غريب.
وبدت هالته بعيدة عن كونه مجرد خادم عادي. بل مختلف عن كونه شخص من بشر.
لأنه في الحقيقه لم يكن مجرد بشري عادي.
“ليست من هذا العالم.. أليس هذا مثير للأهتمام؟..”
لمعت عيونه في ابتسامة صامته مع كلماته الهامسه للشخص الذي يقف بجانبه.
الخادمة المراهقة كانت ترتجف وتعض شفتها السفليه.
أدار مافريك نظرته ناحيتها قائلا بصوت مشتكي مع وجه مبتسم:
“داليا.. لما لا تردين؟ همم؟ يجب ان تجيبي عندما يتحدث معكِ سيدكِ.”
تحدث مافريك بنبرة تأنيب مثل أب يوبخ طفله لكن تعابيره كانت تقول شيء آخر مما جعل داليا تعتذر بسرعه وتخفض رأسها بأحترام.
“..نعم أيها اللورد! آسفة..!..”
“اوه.. لما انتِ متوترة هكذا. انا حتى لم اضربكِ او أصرخ عليكِ. من يرانا سيقول انني اتنمر عليكِ.”
“…”
“والآن اذهبي الى غرفة الغسيل وستعملين هناك بدءا من اليوم. لا تجعلي الآنسة تراكِ واذا حصل شيء كهذا فلا استطيع أن اعدكِ حينها بجعل الأمر يمر بسلام. فهمتِ؟”
اومأت داليا سريعة البديهه بسرعه وابتعدت ماشية بعيداً بخطوات سريعة.
—✎✎✎✎✎—
نهاية الفصل
يتبع…
—✎✎✎✎✎—
التعليقات لهذا الفصل " 1"