3
4. خلال فترة العمل في القصر،
يُمنع الخروج إلى الخارج تمامًا.
سيتم توفير جميع احتياجات الحياة مجانًا من القصر.
أما الأغراض الأخرى التي قد تحتاجونها، فيمكنكم شراؤها من التاجر ذي الشعر الأزرق “نيك” الذي يزور القصر مرة كل شهر.
تذكّروا جيدًا: نيك ذو الشعر الأزرق فقط.
عائلة ريتشموند لم تُبرم عقود توريد مع أي تاجر آخر.
أي بضاعة تُشترى من شخص غير مرخّص سيتم مصادرتها.
5. يتم توفير غرفة نوم فردية لكل خادم في القصر.
هذا من أجل راحتكم، ويُمنع منعًا باتًا تغيير الغرفة بمحض إرادتكم.
كما أن كل غرفة مزوّدة بشمعدان نحاسي واحد.
إذا فقدتم هذا الشمعدان، لا تخبروا أحدًا بذلك أبدًا.
وننصحكم بشراء واحد جديد من نيك ذي الشعر الأزرق في أقرب فرصة.
لأنه إذا علم أحدهم أنكم فقدتم الشمعدان،
فسيشتهي بالتأكيد أن يعاقبكم.
6. من منتصف الليل حتى شروق الشمس وقت نوم، يُمنع الخروج من الغرفة. أغلقوا الباب جيدًا وناموا بعمق استعدادًا للغد.
إذا لم تتمكّنوا من العودة إلى غرفتكم قبل منتصف الليل، ابحثوا عن أقرب ساعة.
ربما ستكسبون بعض الوقت للعودة.
7. عائلة ريتشموند تُحب الضحك.
إذا طلب منكم أحدٌ أن تحكوا نكتة مُسلية، لا تتجاهلوا هذا الطلب.
ضحكة خفيفة تجعل الجميع سعداء.
إذا غضب منكم أحدهم بلا سبب، ابتعدوا بأدب قدر الإمكان.
نفس الشيء إذا تصرّف أحدهم بشكل مختلف عن المعتاد.
وإذا لم ينفع ذلك، قولوا فقط: “أريد أن أذهب لأراه”. عندها سيترككم بالتأكيد.
8. في حديقة القصر الخلفية يوجد متاهة ضخمة.
الحديقة جميلة، لكن بسبب حوادث الاختفاء المتكررة، الدخول إليها ممنوع تمامًا.
إذا دعاكم أحدٌ للذهاب معه، ارفضوا بأدب. فقد لا تعودوا إلى القصر أبدًا.
نذكّركم مجددًا أن هذه القواعد كُتبت لتأقلمكم السريع والآمن مع العمل. نرحب بكم في عائلة كونت ريتشموند، وإلى هنا وقد إنتهيناَ.]
“همم.”
أصدرتُ صوت همهمةٌ وأنا افكرُ.
لم أعرف شيئًا عن الراتب الذي كنتُ أتوق إلى معرفته، لكن على الأقل حصلتُ على معلومات مفيدة نوعًا ما.
مثلاً أن هذا المكان يلتزم بـ 52 ساعة أسبوعيًا وهو مكان عمل سليم!
من 8 صباحًا إلى 6 مساءً = 10 ساعات يوميًا، نطرح منها أوقات الطعام والراحة فيبقى حوالي 8 ساعات و40 دقيقة.
حتى لو حسبناها 9 ساعات تقريبًا، فخمسة أيام = 45 ساعة…
“انتظروا لحظة. هل هنا دوام 7 أيام في الأسبوع؟”
في ذكريات لينا، كانت تعمل حتى في عطلات نهاية الأسبوع مرة كل أسبوعين.
يبدو أن العطل نظام تناوب.
“تش… هذا غامض جدًا.
والقواعد صارمة أيضًا.”
مثلاً البند الثاني: ممنوع الأكل خارج أوقات الطعام.
يعني الحلوى ممنوعة منعًا باتًا.
والبند الرابع كذلك، لا يبدو أن الخروج مسموح بسهولة.
والعودة قبل منتصف الليل تذكّرني بحظر التجول في سكن الجامعة.
“لا يبدو مكان عمل مريح على الإطلاق.”
هل كانت لينا فعلاً تحاول الهروب من شركة سوداء؟
لا بد أن أجد عقد العمل…
بييينغ-.
“آخ.”
كنتُ أنوي البحث أكثر في الغرفة، لكن فجأة شعرتُ بصداع شديد.
غثيان وطنين في الأذنين.
يبدو أنه أثر الضربة في مؤخرة الرأس.
لا خيار، يجب أن أنام الآن.
تسللتُ إلى السرير ببطء.
الفراش ناعم جدًا، مختلف تمامًا عن مرتبة السكن الجامعي الرخيصة.
يا إلهي… جسمي يذوب. لو كان المكان هكذا، حتى لو كانت الشروط صارمة قليلاً، يمكنني العمل هنا.
لا، لا يجوز! قلبي بدأ يلين من اليوم الأول…
بينما يتلاشى وعيي، سمعتُ صوت ريح.
شعرتُ للحظة أنه ضحكةٌ لأحدٍ، ثم غرقتُ في النوم.
* * *
في وقت متأخر من الليل، غرفة نوم كونت ريتشموند.
“إذًا… الخادمة الجديدة حاولت الخروج من القصر.”
تمتم الكونت بصوت منخفض وهو يغيّر ملابسه بمساعدة الخادم الشخصي.
شعر فضي لامع يشبه ضوء القمر، وجه نادر الجمال.
بشرة بيضاء ناعمة تجعل من يراه يظنه ملاكًا.
والأكثر لفتًا للنظر هما عيناه:
أرجواني داكن نقي، يبدو أحمرًا قليلاً عندما يتمايل ضوء الشموع.
جمالٌ يثير الرهبة في الوقت نفسه.
“لقد عادت إلى غرفتها قبل أن تخرج من البوابة الرئيسية.”
قال الخادم الشخصي وهو يرتب أكمام قميص النوم.
ابتسم لينوكس ابتسامة خفيفة.
“لم تخالف القواعد إذًا؟”
“نعم.”
“تأتي بنفسها لأنها تريد العمل هنا، ثم تحاول الهرب بعد أسبوعين فقط.”
عائلة كونت ريتشموند كانت تنشر إعلانات توظيف بشكل دوري.
بالنسبة لهم، البشر دائمًا ناقصون مهما استُقدموا.
لينا تم توظيفها قبل أسبوعين فقط.
ولسوء حظها، كانت سريعة البديهة.
استطاعت أن تلاحظ الغرابة في أسبوعين فقط، وحاولت الهروب في اليوم الذي تكون فيه طاقة القصر أضعف.
“البشر يتغيرون بسهولة كبيرة. قلوبهم أخف من الريش. أليس كذلك يا ألفريد؟”
“بالضبط، سيدي.”
“همم.”
جلس لينوكس على طرف السرير.
مال برأسه كأنه يفكر في شيء، ثم طال صمته.
كلما طال صمته، بدأت الظلال تتراقص حول قدميه.
كبرت الظلال تدريجيًا حتى صارت على شكل أفاعٍ ضخمة.
والغريب أنها ليست واحدة بل عدة ظلال، وبرغم كونها مسطحة إلا أنها تبدو ثلاثية الأبعاد تمامًا.
“سيدي.”
ما إن ناداه الخادم حتى انفجرت الظلال التي وصلت إلى باب الغرفة بصوت “بووم”.
تناثرت كالسائل في كل مكان، ثم ارتجفت وتجمّعت مجددًا تحت قدمي لينوكس وامتصّت فيه.
رفع لينوكس رأسه ببطء.
رمش عينيه مرة أو مرتين، ثم ابتسم ابتسامة ناعمة منحنية عند زاوية العين.
“نعم.”
“هل تنامون الآن؟”
“أجل.”
تحرك الخادم ليطفئ الشموع.
نظر إليه لينوكس وقال:
“أحضر لي تلك الفتاة غدًا.”
“لينا تقصدُ يا سيدي؟”
“نعم. أريد أن أراها بنفسي مرة واحدة.”
حتى الآن، لم يسبق للينوكس أن اهتم بخادم واحد بعينه.
نزوة غريبة، لكن الخادم لم يسأل.
“حسنًا.”
كان مجرد خادم الكونت ومدير القصر، وهو يطيع أوامر سيده فقط.
الليل المظلم الذي لا يسمع فيه حتى نفس واحد يمرّ بهدوء.
* * *
في اليوم التالي، استيقظتُ مع بزوغ الفجر.
“هااا…”
فتحتُ الستارة قليلاً ونظرتُ من النافذة، الشمس بدأت تشرق.
خفتُ أن تكون النافذة مقفلة، لكن فتحتُ القفل ودفعتُها فانزلقت بسهولة.
هبت نسمة باردة قليلاً مع رائحة العشب الصباحية المنعشة.
“وااو، نمتُ نومًا عميقًا.”
حالتي ممتازة. منذ زمن لم أنم هكذا.
كنتُ أعمل ليلاً بجانب التحضير للوظيفة، فالحياة كانت بعيدة كل البعد عن النوم الجيد.
“أمم.”
الألم في مؤخرة رأسي اختفى تقريبًا.
نظرتُ إلى الساعة على المكتب، لا يزال هناك وقت كثير قبل وجبة الإفطار في السابعة.
“بما أنني استيقظتُ مبكرًا، لمَ لا أستكشف القصر؟”
ذكريات لينا موجودة في رأسي، لكن المشي بنفسي له طعم مختلف.
غيّرتُ ملابسي وخرجتُ من الغرفة.
طق-.
القصر في الصباح الباكر هادئ تمامًا.
لا أحد في الممر، ربما لأنني استيقظتُ مبكرًا جدًا.
“عائلة كونت ريتشموند…”
واضح أن لديهم مالاً كثيرًا.
أول انطباع وأنا أتجول: القصر يشبه المتحف تمامًا.
السجاد على الأرض، الستائر على النوافذ، كل شيء فاخر وقديم جدًا.
كأن الزمن توقف هنا.
الشيء الوحيد الغريب قليلاً هو كثرة الساعات في كل مكان.
“الخلفية هكذا، لكن مستحيل أن يكون تجسدًا من رواية ويب، أليس كذلك؟”
لقد تجسدتُ بعد قراءة منشور فكاهي في قسمَ الباحثين عن عمل.
إذًا على الأقل ليس النوع الأكثر شيوعًا: “تجسدٌ في رواية ويب عاديةٍ”.
التعليقات لهذا الفصل " 3"