يا تُرى، كيف تبدو أرواح عائلة كاردن؟ دفعني الفضول لأقترب من اللوحات الشخصية المعلقة على الجدران، كأنها بوابات لعالم آخر. كل لوحة كانت تحكي قصة، مرسومة بضربات فرشاة تحمل عبق التاريخ ونكهة الأساطير.
أفراد عائلة كاردن كانوا كنجوم تسطع في سماء واحدة؛ رجالًا ونساءً، يتشاركون شعرًا أسودًا كظلمة الليل العميقة، وعيونًا زرقاء تلتمع كجواهر البحر تحت ضوء القمر. ملامحهم؟ منحوتات فنية، كأن يد حاكم قررت أن تجعل الجمال قانونًا يحكمهم. كل ابتسامة، كل نظرة، كانت تحمل سحرًا يكاد يسرق الأنفاس.
ومن بين هذا الجمع الساحر، وقعت عيناي على رجل في منتصف العمر، يشع كاريزما كأنه ملك من زمن الأساطير. أناقته كانت تخطف القلوب، وشبهه بكاردن جعلني أتساءل: هل هذه رؤيا لكاردن في مستقبل بعيد؟ اقتربت من البطاقة التعريفية أسفل اللوحة، وقرأت: الدوق الكبير كافيل، والد كاردن.
لكن الكلمات التالية أصابتني كالصاعقة. لقد توفي قبل عشر سنوات.
عشر سنوات؟ كاردن كان آنذاك فتىً في السابعة عشرة، لا يزال يبحث عن ظل والده ليحميه من عواصف الحياة. لكن القدر لم يكتفِ بسرقة والده. كل أقرباء العائلة، واحدًا تلو الآخر، غادروا هذا العالم كأن لعنة ما تطاردهم.
آخر من رحل، قبل عام واحد فقط، كان العم بيرت. رجلٌ بنيته كالجبال، وجهه مزين بندبة سيف تحكي قصص معاركه البطولية، ونظراته تحمل صلابة لا تُضاهى.
يقال إن عائلة كاردن تربت على صوت السيوف وهدير الوحوش. منذ طفولتهم، كانوا محاربين، كأن دماؤهم ممزوجة بنار الشجاعة. لكن الآن… هل كاردن هو النجم الوحيد الباقي في سماء عائلته؟
حتى لو كان شريرًا يختبئ خلف قناع الغموض، قلبي لم يستطع إلا أن يشفق عليه. لا عائلة، لا أقارب، لا أحد يشاركه أحزان الماضي أو أحلام المستقبل.
وقفت أمام اللوحة، ذيلي متدلٍ كراية استسلام، وعيناي مغرورقتان بدموع صامتة. فجأة، سمعت خطوات خفيفة تقترب. كان كاردن، يحمل ابتسامة غامضة كعادته.
“شوشو، أراكِ غارقة في أحلام اليقظة. هل سحرتكِ اللوحات؟” قال بصوت عميق يحمل نكهة المرح المقنّع.
يا فتى، كم عانيت وحدك في هذا العالم القاسي. أظنني بدأت أفهم لماذا أنت بهذا التعقيد الساحر.
نظرت إليه بعينين تلمعان بالشفقة، أرسل له موجات من الحنان كأنني أحاول أن أعانق روحه. للحظة، بدا مرتبكًا. حاجباه انعقدا في لوحة من الدهشة المرحة.
“ما هذه النظرات المشفقة، أيتها الكرة القطنية؟ هل تعتقدين أنني بحاجة إلى عطفك؟” قال، وصوته يحمل لمحة سخرية لكنها رقيقة.
ثم استدار نحو صف الخادمات، عيناه الحادتان كالصقر تجوبان الوجوه المتوترة. “من منكن لها خبرة مع كلب أو قطة؟ خطوة إلى الأمام.”
من آخر الصف، تقدمت فتاة بخجل. كانت في العشرينيات، وجهها بسيط كالزهور البرية، مزين بنمش يرقص على أنفها كنجوم صغيرة.
“ما اسمك؟” سأل كاردن، صوته هادئ لكنه يحمل سلطة لا تُناقش.
“بـ… بيتي، سيدي،” أجابت، وصوتها يرتجف كورقة في مهب الريح.
“هل تستطيعين الاعتناء بها؟ إنها ثعلبة برية، روحها حرة ولم تُروَّض بعد.”
“عملتُ في مزرعة من قبل، أعرف كيف أتعامل مع الحيوانات،” قالت، ونظرتها تحمل وميضًا من الثقة رغم خوفها.
يا له من ظل قاسٍ! كم من القلوب أرعبها بحضوره؟ شعرت بغيظ يتأجج داخلي، فانقضضت على يده وعضضته! لم أرد إيذاءه، فقط أردت أن أذكّره أنني لست مجرد زينة!
“الدوق! هل أنت بخير؟!” صرخ كبير الخدم بذعر، بينما أسرعت الخادمات والخدم نحوهم في فوضى قلقة.
لكن كاردن؟ لم يتحرك. رفع يده بثبات، وأنا متدلية من إصبعه كقلادة حية، أسناني لا تزال متشبثة به.
“غمغمغم… (أنزلني فورًا! لا أريد أن أبدو كاللعبة!)”
لكنه لم يرمش حتى. ابتسامة ساخرة رقصت على شفتيه. “شوشو، إذا أردتِ العض، عليكِ أن تُتقنيه. الفريسة يجب أن تنزف، وليس أن تتذمر.”
“كغواااانغ؟! (هل يسخر مني هذا الشرير الماكر؟!)”
شعرت بالإهانة! كنت أظنها هجمة بارعة، لكنه لم يشعر بشيء! حسنًا، انتظرني يا كاردن، عندما تكبر أنيابي، سأجعلك تتوسل من الألم!
ثم ناولني إلى بيتي برفق. “من الآن فصاعدًا، أنتِ المسؤولة عن شوشو. اعتني بها كما تستحق.”
رفعت بيتي رأسها بدهشة، وأنا أيضًا شعرت بالذهول. خادمة خاصة لي؟ أنا؟ ثعلبة برية ولدت في الغابات؟ ظننت أنه سيستخدمني كجرعة سحرية أو تجربة غريبة، لكنه يمنحني هذا الاهتمام؟ ما الذي يدور في ذهن هذا الشرير الساحر؟
نظر إلي كاردن للحظة، عيناه تلمعان بسرٍ لم أستطع فك شيفرته، ثم غادر مع كبير الخدم كأن شيئًا لم يكن.
ما إن اختفى حتى أحاطتني الخادمات كأنهن فراشات تجذبها زهرة نادرة. عيونهن كانت تلمع بالإعجاب، وكأنني كنزٌ من اللطافة لا يُقاوم.
شعرت بالحرج. أنا، شوشو، ثعلبة خجولة بطبعها، محاصرة بكل هذا الحب؟
“يا إلهي، كم أنتِ رائعة! ثعلبة صغيرة ناعمة كسحابة قطن!” قالت إحداهن، وصوتها يرتجف من الحماس.
جثت بيتي أمامي، عيناها تلمعان بخجل ودفء. “السيدة شوشو، أتمنى أن نكون صديقتين. سأعتني بكِ بكل قلبي.”
يا إلهي، لقد أرعبنني هذا الحماس! حدقت بهن بعينين واسعتين، قلبي يدق كطبل صغير.
فتحت عينيّ المتلألئتين كجوهرتين سوداوين، وألقيت نظرة على الخادمات المحيطات بي كفراشات حول زهرة نادرة. كنّ يحدّقن بي بدهشة ساحرة، عيونهن تلمع كأنني لغزٌ ينتظر الحل.
“انظرن! ألا تبدو وكأنها تفهم كل كلمة نقولها؟ هذه ليست ثعلبة عادية!” قالت إحداهن، صوتها يحمل نغمة الإعجاب.
“بالضبط! ذكاؤها يلمع كنجمة في سماء صافية!” أضافت أخرى، وابتسامتها تكاد تكشف سرًا.
ثم تقدمت خادمة أكبر سنًا، ذراعاها متقاطعتان، وابتسامة ماكرة ترقص على شفتيها. “أن يختار الدوق كاردن ثعلبة برية لتكون رفيقته… لا بد أن هذه الثعلبة تحمل سحرًا خاصًا!”
كلماتهن كانت كسيل من النجوم ينهمر عليّ، لكن رأسي بدأ يدور وأذناي – الحادتان كأذني ثعلبة برية – تألمتا من ضجيجهن. من كان يظن أن أصوات البشر يمكن أن تكون عاصفة بهذا الحجم؟
لففت جسدي الصغير ككرة قطنية، وغطيت أذني بذيلي الكثيف، كأنني أحتمي من زوبعة. في تلك اللحظة، شعرت بأيدٍ رقيقة ترفعني بحنان. كانت بيتي.
“كفى، يا فتيات! السيدة شوشو قد تفزع! أصواتكن العالية قد تُرعب قلبها الصغير، فكُنَّ ألطف من فضلكن!” قالت بحزم، عيناها تلمعان بشجاعة لم أتوقعها.
يا إلهي، بيتي! منذ لحظات كنتِ ترتجفين أمام كاردن، والآن تقفين كحارسة شجاعة لحمايتي؟ لقد أصبحتِ بطلتي!
حملتني بيتي بين ذراعيها كأنني كنز ثمين، واتجهت إلى الحمام. هناك، بدأت تغسلني بعناية فائقة. رغوة الصابون الناعمة تداعب فرائي، وأصابعها تدلك رأسي بلطف كأنها ترسم لوحة من الراحة.
“كيااانغ… (الماء دافئ كحضن الشمس… كم هو ساحر!)”
أسندت رأسي على وعاء خزفي، عيناي نصف مغمضتين، وابتسامة حالمة ترتسم على وجهي. ضحكت بيتي برفق عندما رأتني هكذا.
فركت أنفي الصغير على شكل قلب في كفها، معبرة عن امتناني. ابتسمت وقالت: “طالما السيدة شوشو سعيدة، قلبي يرقص فرحًا. إنه شرف عظيم أن أكون خادمتكِ.”
جففتني بمنشفة ناعمة كالسحاب، ثم سرّحت فرائي حتى أصبح لامعًا كحرير، ورذاذ عطر الورد أضاف لي لمسة ساحرة. عندما رأيت انعكاسي في المرآة، توقف قلبي للحظة!
فروي ناصع كثلج الشتاء الأول، عيناي سوداوان تلمعان كنجمتين، أنفي الصغير يشبه قلبًا ورديًا، قوائمي رشيقة كراقصات الباليه، وذيلي؟ فخم كراية ملكية!
“آه، السيدة شوشو… أنتِ تحفة فنية! لم أرَ ثعلبة بهذا الجمال في حياتي!” تنهدت بيتي، يداها تضمان بعضهما بانبهار.
وتتابعت الخادمات بمديح يشبه الأنغام:
“عندما تميل رأسها، قلبي يذوب!”
“كأنها دمية سحرية حيّة!”
كنّ يسرّحن فرائي بسعادة طفولية، وأنا؟ بدأ أنفي ينتفخ قليلًا من الغرور. حسنًا، لا أنكر… أنا فعلاً ساحرة!
لكن فجأة، قالت إحدى الخادمات بجدية:
“أليس غريبًا أن يجلب الدوق كاردن حيوانًا أليفًا؟ هذه سابقة!”
“صحيح، إنه عادةً بارد كالجليد، لا يُظهر أي عاطفة!”
“لكن تلك النظرة التي ألقاها على السيدة شوشو… كانت دافئة كضوء شمعة!”
لا تنخدعن! إنه يخطط لاستخدامي كعلاج لانفجار السحر، لا أكثر!
“السيدة شوشو، حان وقت زيارة مكتب الدوق!” قالت بيتي، ورفعتني بحنان كأنني أميرة صغيرة. توجهنا إلى المكتب، حيث كان الحراس يقفون كتماثيل حجرية، سيوفهم تلمع تحت ضوء الشموع.
كما توقعت، الحراسة مشددة. الهروب من هنا يشبه تحدي تنين!
“أنا بيتي، خادمة السيدة شوشو. الدوق أمر بإحضارها إلى غرفة الاستقبال,” قالت بصوت واثق.
نظروا إليّ للحظة، عيونهم باردة كالصقيع. دون قصد، تدلت أذناي وارتجفت. يا إلهي، كم هم مخيفون!
“تفضلوا بالدخول,” قال أحدهم بصوت جاف.
دخلنا غرفة استقبال أنيقة، مزينة بطاولة خشبية وأريكة مخملية. على الجانبين، بابان غامضان كأنهما يخفيان أسرارًا.
همست بيتي: “اليسار يؤدي إلى قاعة الاجتماعات، واليمين إلى مكتب الدوق. لا تتجولي لوحدك، السيدة شوشو، مفهوم؟”
كييانغ… مفهوم تمامًا!
أجبتها، فأطلقت شهقة إعجاب صغيرة. “آه، لا أصدق ذكاءكِ! السيدة شوشو جوهرة نادرة!”
هدأت حماستها، ثم وضعتني على سجادة حمراء فاخرة، وفرشت لي وسادة ناعمة كالسحاب. “سأحضر طعامكِ. انتظري لحظة، سيدتي.”
غادرت بيتي، فبدأت أتمدد على الوسادة كأنني أميرة ثعلبية. لكن عينيّ كانتا تجوبان المكان بحذر. يجب أن أبدو كثعلبة عادية، أليس كذلك؟ لحست فرائي، مشطته بمخالبي الصغيرة، وأطلقت تنهيدة بريئة.
لكن عقلي كان يخطط. هل هناك مخرج؟ شيء غير الباب؟ تجولت بنظراتي، لكن الجدران كانت صلبة كحصن، والنوافذ مرتفعة كالسماء. لا أمل في القفز!
“كيييينغ… (ماذا لو بقيت أسيرة هذا الشرير إلى الأبد؟!)”
من القهر، انقضضت على رجل الطاولة الخشبية وعضضتها. لكن أسناني الصغيرة لم تترك سوى خدوشٍ تافهة. آه، يا للإحباط!
“كروو… (هل تظن أنني سأستسلم؟ سأهرب من وكرك الماكر، يا كاردن!)”
وبينما أنا أعض الطاولة بعزيمة مشتعلة، دوى صوت عميق: “شوشو، ماذا تقضمين هناك؟”
“كااانغ!”
قفزت من الفزع، فاصطدم رأسي بالطاولة.
“كياااه! كيييينغ… (مؤلم جدًا!)”
تدحرجت على السجادة، عيناي مغرورقتان بالدموع، وأنا أتأوه كطفلة مصابة.
“شوشو، هل أنتِ بخير؟” ركض كاردن نحوي، ورفعني بحركة سريعة كأنني ريشة. بدأ ينفث هواءً دافئًا على رأسي، وكأنه يحاول تهدئة عاصفة صغيرة.
غريب… حرارته جعلت الألم يتلاشى قليلًا.
“يجب استدعاء الطبيب! هل هناك أحد؟!” صرخ باتجاه الباب، صوته يحمل قلقًا لم أتوقعه.
دخلت بيتي مسرعة، تحمل صينية طعام. “سيدي الدوق، ما الذي حدث؟”
“شوشو ضربت رأسها بالطاولة! ربما هناك كسر! استدعي الطبيب فورًا!”
كييينغ… أنا بخير، حقًا…
عضضت كمه برفق، ونظرت إليه بعينين متوسلتين. عقد حاجبيه بدهشة. “حقًا؟ لا ألم؟”
أومأت بقوة. جمجمتي صلبة كثعلبة شجاعة! الألم لم يكن كبيرًا.
لكن بيتي، المسكينة، شحب وجهها وركعت أمام كاردن. “أعتذر، سيدي! كان عليّ مراقبة السيدة شوشو!”
هززت رأسي بسرعة. لا، لا! لا أسمح لهم بمعاقبة بيتي الطيبة بسببي! استدرت نحو كاردن، وأطلقت نظرة نارية، أنيابي الصغيرة بارزة.
“كرووو.. (إذا أذيت بيتي، سأعض ساقك بدل الطاولة، يا شرير!)”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 6"