في تلك اللحظة، انفتح باب صغير داخل المختبر. الشخص الذي خرج كان فتى نحيفًا.

كان لديه شعر أحمر مجعد، ونظارات بإطار قرني، وبعض النمش على طرف أنفه. بدا في حوالي الخامسة عشرة من عمره وكان يرتدي رداءً أرجوانيًا.

“سيدي الدوق، ما الذي جاء بك إلى هنا؟” سأل.

هذا الفتى ساحر؟ ساحر في مثل هذا العمر الصغير – هذا مثير للإعجاب.

وضعني كاردن على المكتب. فوجئت وجلست بهدوء فوق المكتب.

“رون، افحص هذا الثعلب،” قال كاردن.

دفع رون نظارته ذات الإطار القرني التي انزلقت على أنفه واقترب مني. نظرت إليّ عيناه الزرقاوان المليئتان بالفضول بتركيز، مما جعلني أشعر بالتوتر.

“أوه… إنه ثعلب صغير،” قال.

أغلق رون فمه بإحكام، وشد قبضتيه وقوّى نفسه. حتى احمرّت خداه قليلاً.

ما الخطب معه؟ هل يحتاج إلى استخدام الحمام؟

جمعت ساقيّ أمامي وأمِلت رأسي.

ارتجف رون كما لو أنه لم يعد يستطيع تحمل ذلك وصرّح أخيرًا، “آه! أنت لطيف جدًا! سيقانك القصيرة السمينة، وجسمك الممتلئ، وبطنك الوردية الممتلئة – أنت مثل كرة صغيرة لطيفة من الزغب!”

واو، لقد أفزعني ذلك. لكن هل هذا مدح أم إهانة؟

سأعترف أنني لطيف، لكن سيقاني ليست قصيرة جدًا، وأنا لست ممتلئًا جدًا.

“لم أرَ ثعلبًا بفراء أبيض كهذا في الأراضي الحدودية. من أين وجدته؟”

“في غابة البتولا. عندما كانت طاقتي السحرية خارجة عن السيطرة، عضني هذا الصغير. لا أعرف كيف حدث ذلك، لكن طاقتي السحرية استقرت بعد ذلك،” شرح كاردن.

رون، الذي كان يبتسم من الأذن إلى الأذن، تحول إلى جدي لأول مرة.

“هذا مثير للاهتمام. نوع يستطيع تهدئة الطاقة السحرية؟ هل يمكن أن يكون وحشًا إلهيًا أو روحًا؟”

أمسك كاردن بذقنه بعبوسٍ جدي. بعد أن غرق في التفكير، فتح فمه وقال، “قد يكون إنسانًا وحشيًا أيضًا.”

أمال رون رأسه بعجبٍ وسأل، “إنسان وحشي؟ لا يعيش أي نوع من الإنسان الوحشي في الأراضي الحدودية. من الغريب أن يكون ثعلب صغير وحده في منطقة حدودية مليئة بالوحوش.”

جلس رون القرفصاء على المكتب وواجه عينيّ. فحص أذنيّ وأنفي بعناية، ثم فتح فمه قليلاً ليتفقد أسناني أيضًا.

“كيينغ؟”

“آسف، سينتهي قريبًا.”

فحص رون قدميّ الوردية الناعمة بعناية كما يفعل الطبيب مع مريض.

“يا إلهي، باطن قدميه ناعمة جدًا.”

ارتجف رون وهو يضغط بلطف ويلمس أصابع قدميّ الوردية الصغيرة.

“با، باطن القدم لطيف جدًا.”

“كرر… (يا صغير، لمس باطن قدم سيدة هو قلة أدب.)”

“ركز، رون.”

ضرب كاردن يد رون بخفة. شعر رون بالحرج وسحب يده بسرعة إلى الخلف.

“إذا كنتِ تشعرين بالانزعاج، أنا آسف، أيتها الثعلبة.”

اعتذر رون لي بصدق. على الرغم من كونه ساحرًا، بدا لا يزال فتى خجولًا.

همم، بما أنه أصغر مني، سأتفهمه برحابة صدر كأخت كبرى.

“الأنواع الوحشية لديها عاطفة قوية ورابطة مع أقرانها، لذا لا تترك صغارها وحدهم. بما أن عددهم قليل، فإنهم يحمون صغارهم بأرواحهم. لكن أن يكون ثعلب صغير وحشي وحيدًا في غابة مليئة بالوحوش…”

أظلمت ملامح رون، فعبس كاردن بين حاجبيه.

كنت أنا أيضًا فضولية. إذن، لماذا يتردد؟ هذا محبط.

“إما أن شيئًا قد حدث لأقرانه… أو ربما تم التخلي عنه من قبل القطيع.”

“كيينغ؟”

صدمتني المفاجأة لدرجة أنني أطلقت صوت بكاء. كنت منشغلة جدًا بفكرة أنني تجسدت في ثعلب، ولم أفكر بجدية في الوضع الذي كان عليه هذا الثعلب الصغير.

لماذا تخلوا عن ثعلب صغير في غابة باردة ومخيفة؟ من الواضح أنهم طردوه ليموت.

أردت أن أعرف القصة وراء هذا الثعلب الذي تجسدت فيه.

“إنه يرتجف،” جاء صوت كاردن اللامبالي. كان وجهه لا يزال خاليًا من التعبير، مما جعل من الصعب معرفة مشاعره.

“يا كرة الزغب، أنتِ الآن بأمان. فلا ترتجفي.”

هل يعقل أنه يواسيني؟

مدّ كاردن يده الكبيرة ودلك رقبتي الصغيرة بلطف.

حاولت بشكل انعكاسي أن أدفع يده بعيدًا، لكن لمسه كان مريحًا جدًا لدرجة أنني لم أستطع مقاومته.

ها، لا مفر من ذلك. بما أنني ثعلب صغير، فمن الطبيعي أن أشعر بالراحة عندما يدلكون رقبتي.

أغمضت عينيّ وأغلقت فمي بإحكام.

روحي سيدة في العشرينيات، ومع ذلك أحب أن يدلكوا رقبتي.

إنه أمر محرج ومخجل ومهين، لكن لا يمكنني فعل شيء حيال ذلك. أنا الآن ثعلب صغير.

نظر إليّ رون بفضول وهو يحدق بي.

“سيدي الدوق، هل يمكن أن يكون هذا الثعلب الصغير يفهم كلام البشر؟”

“نعم، يبدو أنه يفهم كل شيء.”

“هذا مذهل. سأبحث عن الثعالب الوحشية. يجب أن تكون هناك معلومات عن الإنسان الوحشي في المخطوطات أيضًا.”

أضاءت عينا رون بحماس البحث وهو يتألقان.

“بالمناسبة، هل اخترت اسمًا له؟ لا يمكننا أن نواصل تسميته كرة زغب.”

“اسم، هاه…”

فكر كاردن للحظة وهو يستند بذقنه، ثم رفعني عاليًا.

شعرت بحدة عينيه وهو يتفحصني بعناية، مما أثار غريزة الحذر لدي.

حاولت التملص من قبضته.

“كيينغ، كيينغ. (أنزلني من هنا. ألن تفعل؟)”

“شوشو سيكون جيدًا.”

“كيو؟ (ماذا؟)”

شوشو؟ هذا اسم يناسب كلبًا أكثر. ذوق الشرير في اختيار الأسماء هو الأسوأ.

شعرت بانزعاج شديد. كشفت عن أسناني الوردية وهددت بزمجرة كوحش.

“كاررونغ. كرر. (ما هذا الاسم شوشو؟ كان بإمكانك اختيار اسم أكثر أناقة.)”

“سيدي الدوق، يبدو أن الثعلب يسب بعينيه.”

لكن كاردن، كشرير متمركز حول ذاته، لم يهتم بذلك على الإطلاق.

“أعتقد أنه يحب الاسم. أليس كذلك، شوشو؟”

فقدت الطاقة حتى للغضب. ما الفرق بأي اسم ينادونني؟ أنا لا أستطيع التحدث على أي حال.

افعلوا ما يحلو لكم.

أغمضت عينيّ وأدرت وجهي بعيدًا. احتضنني كاردن مرة أخرى.

“لنعد إلى المنزل الآن، شوشو.”

“كواانك؟ (نعود إلى المنزل؟ إلى أين؟)”

تفاجأ رون قليلاً وسأل، “سيدي الدوق، هل تعني أنك ستربيه في القصر؟ ألا يكون من الأسهل تربية الثعلب في معسكر تدريب الفرسان حيث يوجد ساحة تدريب؟”

“معسكر تدريب الفرسان؟”

رفع كاردن حاجبه الكثيف بعدم رضا.

“لا يمكنني ترك شوشو في مكان مليء بالرجال الخشنين.”

نظرت إلى كاردن بدهشة.

الإنسان الأكثر خطورة هو أنت، بالمناسبة.