رغم أني بالكاد لمسته، إلا أن كاردين توقّف كما لو شدته قوة عظيمة.
“ليس هذا ما أعنيه… ما رأيك بي أنت؟ هل أبدو جميلة في عينيك، يا صاحب السمو؟”
لم أصدق أني اضطررت إلى سؤال ذلك بنفسي، فعبست شفتي من الحنق.
سقط ضوء القمر من خلف النافذة الطويلة في هدوء، وكان وجهه مشدودًا كما لو كان يكبح شيئًا بداخله، وكأن قناع بروده المعتاد على وشك أن يتكسر.
ثم، خرج من بين شفتيه المكتنزتين، تنهد هادئ ممزوج بأنين خافت.
“شوفيليا…”
نادى اسمي بصوت خفيض، عميق كأصداء كهفٍ قديم، دافئ كنسيمٍ في ليالٍ خريفية. لم يكن سوى نُطق اسمي… لكنّه تسلّل إلى أعماقي، وأيقظ كل خليةٍ في كياني.
مدّ يده بهدوء واحتضن كفّي المرتجفة التي كانت تتشبث بثوبه، وكأنها تبحث عن مأوى. نظرت إلى أصابعه الكبيرة، المتينة، وهي تتداخل برفق بين أناملي الناعمة، كأنما يُشكّل من هذه اللحظة قسمًا أبديًّا لا يُنقض.
“صورتكِ البشرية… في عيني… هي أعجوبة.”
كانت يدي، الهشة كنسمة، تضيع في دفء راحته الكبيرة، وحين التقت أصابعنا في تداخل حميم، شعرت بومضةٍ كهربائية تجتاحني، كأن العالم توقف ليسمح لهذه اللحظة أن تخلّد.
لم يرفع عينيه عن يدينا المتشابكتين، ثم، ببطءٍ مهيب، رفعها نحو صدره، نحو قلبه الذي بدا وكأنه ينادي باسمي دون صوت.
وفجأة، قبل أن ألتقط أنفاسي، ضغط بكفّه الدافئة على يدي الصغيرة، ليجعلني أشعر بنبضه القوي يرتجف تحت جلدي.
دق… دق… دق…
كان قلبه يخفق كفرسٍ جامح، وكأنما يحمل حربًا بداخله، يخوضها من أجلي.
فتح شفتيه أخيرًا، ونطقت نبرته الساكنة بأعظم اعتراف:
“أنتِ… فاتنة لحدّ يجعلني أرغب في أن أُخفيكِ عن العالم، إلى الأبد.”
“…آه…”
لم تكن مجرد كلمات، بل كانت زلزالًا ضرب أعماقي، فاحمرّ وجهي وتخبّط قلبي بعنف، وكأنّ صدري لم يعد يتّسع لكل هذا الشعور.
سحبت يدي بسرعة، وكأن لمسة أخرى ستشعلني، وهربت داخل الملاءة كمن يهرب من قدره، من مصيره الذي صار فجأة قريبًا حدّ الخوف.
لكنه ظل يرمقني، بصمتٍ هائل، وعيناه الزرقاوان لم تعودا بحرين هادئين، بل أمواجًا عاتية تكاد تبتلعني.
هل هو… ينظر إليّ كامرأة حقًا؟ هل اختلف كل شيء لأنه رأى أنوثتي؟
قفزت من السرير واحتضنت الوسادة وبدأت أقفز بها فرحًا. تطاير الريش في الهواء، لكني لم أهتم.
في تلك اللحظة، فُتح الباب، ودخلت بيتي بابتسامتها الهادئة.
“شوشو، هل نِمتِ جيدًا؟”
“بيتي! تعالي! لم أتحوّل إلى ثعلبة هذا الصباح!”
“هوف، مبارك لكِ. الدوق أوصى أن تنامي جيدًا لأنكِ تحولتِ إلى بشر وقد تكونين مرهقة.”
“وأين نام هو؟”
“في غرفة نومه الخاصة المتصلة بمكتبه. فبما أن شوشو الآن امرأة، فقد أراد تجنّب النوم معكِ في سريرٍ واحد.”
“آه، ح-حسنًا… معكِ حق.”
حين كنت ثعلبة، كنت أنام في حضنه دون حرج…
لكن الآن وأنا إنسانة، أعلم أنه لا ينبغي لي ذلك، ومع ذلك، شعرت بوخزٍ خفي في قلبي.
وفي تلك اللحظة، دخلت بيتي ومعها عدة خادمات، كلٌ منهن تحمل الماء، أدوات التجميل، أو الفستان.
“مهلًا، ما الأمر؟ لماذا أنتن هنا جميعًا؟ هل هناك مناسبة اليوم؟”
“أجل، الدوق دعا الجميع للغداء اليوم. سيكون الغداء رسميًا ويحضره كل معاونيه. وبالطبع، يجب أن تكوني حاضرة. لذا سنجهزك بأجمل حُلّة.”
“حقًا؟ حسنًا، أُعوّل عليكِ، يا بيتي.”
أمسكت بيتي بيدي وسحبتني نحو طاولة الزينة. وضعت منشفة حول رقبتي وبدأت تغسل وجهي بنفسها بماء دافئ.
كل شيء تم بسرعة مذهلة، وها أنا أرتدي فستانًا أزرق مزينًا بشرائط بيضاء، وشوميز، وتنانير داخلية، وتسريحة شعر رائعة مع مكياج ناعم.
“أنتم مدهشون حقًا. تشبهون المحترفين. كيف أعددتنّ كل هذا بهذه السرعة؟”
“هاها، كنا ننتظر هذا اليوم بفارغ الصبر.”
“هم؟ لماذا؟”
“لم تكن هناك سيدات أو آنسات في هذا القصر من قبل. تجميل وتزيين من نخدمها هو شرفنا وسعادتنا.”
كانت عينا بيتي تلمعان بفخر حقيقي.
كنت قلقة من أن أكون عبئًا عليهن، لكن يبدو أن كل واحدة منهن تؤدي دورها بسعادة.
أمسكت بيد بيتي الخشنة بلطف، ثم التفتُّ إلى الخادمات واحدة تلو الأخرى، وابتسمت لهن.
“شكرًا لأنكن تعتنين بي. أنا ممتنة بصدق.”
“لا تقولي ذلك! نحن من نشعر بالسعادة لخدمة شوشو!”
ضحكت بيتي بحرارة وضغطت يدي بحنان.
لكن حين نظرت إلى يدها التي تمسك بيدي، لاحظت أنها كانت ترتجف.
هل هي مريضة؟ ما بها؟
“حين نكون مرهقات، يكفي أن نضغط على الكفوف الوردية لشوشو الصغيرة حين كانت ثعلبة، أو نشمّ عبيرها اللطيف، أو نسمع أنينها الناعم وهي نائمة… يكفي ذلك لننسى كل تعب العالم.”
“هاه؟ أ-أه، حقًا؟”
بيتي تنظر إلي وكأنها واقعة في حب شيء ما… بدأت أشعر بالخوف قليلًا…
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 43"
كل مرة اقراء هذه الروية احس انو الكاتبهة شاعر