كان اللقاء الأول بين “رون” والدوق كاردين قبل سبع سنوات من الآن.
وُلد “رون” في أسرة فقيرة من الفلاحين، وبعد أن توفي والداه إثر وباء مميت، وجد نفسه في عمر صغير يتيماً، يتسكع في الطرقات، يتسول لقمة العيش، ويكافح للبقاء.
وخلال حملة تطهير للمنطقة الحدودية من السحر الفاسد، التقى الدوق كاردين بذلك الصبي التائه، وحينها شعر بقوة المانا الفطرية التي تنبض بداخله.
فأخذه إلى قصر الشمال، وأمّن له مكانًا آمنًا، ومكّنه من تلقي التعليم الذي يرغب فيه.
كان “رون” يملك موهبة سحرية فطرية عظيمة، لكنه لم يكن يعرف كيف يستخدمها. إلا أنه، في الشمال، تعلم وأتقن السحر حتى أصبح الآن ساحرًا يُعترف به بكل فخر.
قال “رون” بابتسامة هادئة، بينما كان يحتضن كوب الشاي بكلتا يديه:
“بالنسبة للدوق… شوشو هي النور الوحيد.”
ولكن ما لم يقله بصوت مسموع، ابتلعه قلبه في صمت:
“كما أن الدوق… هو النور الوحيد لي.”
“أيها الصغير… لا تعشق النور كثيرًا.”
“هاه؟”
“من يحدّق في النور طويلًا… يُصاب بالعمى. حتى يفقد نفسه.”
لكن لمن وُجهت هذه الكلمات؟ لم تكن عينا فرانز تنظر إلى “رون”، بل إلى الأسفل، كأنها تغوص في بئر من الذكريات.
أراد “رون” أن يسأله عن المعنى، لكن قبل أن ينبس بكلمة، قفز فرانز من مقعده برشاقة تشبه الوثب نحو السماء.
“فرانز ! انتظر لحظة!”
حاول “رون” الإمساك به، لكن الثعلب الفضي كان قد اختفى بالفعل، قافزًا من النافذة المفتوحة، يعدو بخفة على سور القصر.
تأمل “رون” في ابتعاده، وهو يشعر أن قلبه مسحورٌ بهذا الثعلب اللامع.
* * *
في اليوم العاشر من تدريبات الجحيم… كنت أتلقى تدريبًا شاقًا، تمامًا كما لو كنت رياضية أولمبية في معسكر تايريونغ الرياضي.
لا أفهم لماذا عليّ كثعلبة أن أقفز فوق جذوع الأشجار، أو أتشاجر مع كلاب الصيد، أو أقفز من أغصان عالية، أو أتدرب على سرقة الطعام من المطبخ!
“كآآآااانغ! لم أعد أستطيع! كآآآااااانغ!! أنا استسلمت!”
صرخت بانفعال وأنا أهوى على الأرض في ساحة التدريب.
رغم محاولاتي المتكررة، كانت القدرة على التحوّل إلى بشر بشكل حرّ أمرًا بالغ الصعوبة. كنت أستطيع الحفاظ عليه لنصف يوم بالكاد، أما طوال اليوم… فهو شبه مستحيل.
“أنتِ بطيئة بشكل يثير الشفقة. في هذه المرحلة كان من المفترض أن تكوني قد أتقنتِ التحوّل.”
قال فرانز بسخرية ونظرة ازدراء جعلتني أغلي من الغضب.
“ربما المشكلة في طريقتك بالتعليم؟!”
“وما عساي أفعل بطبيعتكِ؟ أنتِ تحتاجين لامتصاص المانا كي تحافظي على شكلك البشري.”
“ولماذا أنا فقط؟! بقية ثعالب ‘أولفِس’ لا تحتاج للمانا كي تتحول!”
“لأنكِ حالة خاصة. أنتِ مختلفة. ولو أنكِ فقط شربت مانا الدوق، لانتهى كل شيء.”
“لا يمكنني أن أعتمد عليه إلى الأبد! أنا ثعلبة مستقلة!”
“هاه… مستقلة؟ أليس العيش هنا كحيوان مدلل قد راق لكِ أكثر من العيش كبشر؟”
حين قال ذلك بنبرة تهكمية، رغبت بلكمه على الفور!
“مدللة؟! سترى… سأتحول اليوم، وسأحافظ على شكلي البشري حتى الغد!”
“أراهن أنكِ لن تستطيعي.”
سأجعل غروره ينهار تمامًا. انطلقت فورًا نحو غرفة الدوق كاردين.
دفعت الباب الأمامي بقدمي الصغيرة ودخلت بحماسة، لكن لم يكن هناك أحد.
“ما هذا؟ لم يعد بعد؟”
كان دفء الموقد يملأ الغرفة، لكن السرير ظل مرتبًا كما هو.
“الدوق يعمل حتى وقت متأخر كل يوم… من المفترض أن ينام مبكرًا ليكون راشدًا صالحًا!”
قفزت فوق السرير ولففت ذيلي حولي واستلقيت. لا خيار سوى الانتظار حتى عودته.
السرير كان ناعمًا ودافئًا، والنعاس بدأ يثقل جفنيّ. ضممت ذيلي إلى أنفي وأغمضت عيني.
“سأغفو قليلًا… ثم أطلب من كاردين المانا حالما يأتي… أُمممم… ززز…”
لا أعرف كم نمت، لكن شعورًا غريبًا اجتاحني، وكأنني أطير في حلم دافئ وناعم.
فتحت عيني ببطء، فرأيت وجه كاردين المألوف يلوح أمامي من خلف الضباب.
وجدت نفسي بين ذراعيه، محمولة بدفء في حضنه المتين. شعرت براحة مذهلة… دفنت وجهي في صدره الصلب، ثم أدركت فجأة…
“آه! لا وقت لهذا الآن! الدوق كاردين!”
“أوه، استيقظتِ؟ لمَ كنتِ نائمة هنا؟”
كان يرتدي ملابس النوم، وشعره كان مبللًا قليلًا كأنه استحم مؤخرًا.
“في الحقيقة، لدي طلب صغير…”
“وما هو؟”
“أحتاج… لبعض المانا. كي أستطيع التحوّل مجددًا.”
“إذًا، التدريب وحده لم يكن كافيًا بعد.”
أرخت أذنيّ بضعف، متظاهرة بالشفقة.
“فقط القليل… أرجوك…”
“طلب؟ متى كنتِ بحاجة لأن تطلبي؟ يمكنكِ الأخذ متى شئتِ.”
ابتسم كاردين برقة وهو يرفع كمّه ويعرض ذراعه القوية أمامي.
“خذي ما تحتاجين، بقدر ما تشائين.”
الكلمات بدت… ذات إيحاء غريب؟ لكن كاردين نفسه بدا عاديًا تمامًا.
أمسكت بذراعه الصغيرة بحذر، وفجأة غطى عينيه بيده الأخرى وأدار وجهه.
“لمَ تغطي عينيك؟”
“لأنكِ حين تتحولين… ستكونين بلا ملابس. قد تشعرين بالإحراج.”
فتحت فمي الصغير وعضضت معصمه برفق. وما إن اخترقت أنيابي بشرته، حتى تدفقت المانا إلى داخلي.
لكن هذه المرة… لم أكن جائعة أو نهمة. بل حاولت امتصاص المانا بروية.
تحوّل فرائي الأبيض في لحظة إلى شعر فضي براق، وتحولت أقدامي إلى يدين ورجلين بشريتين. لم أعد أشعر بالألم المعتاد من نمو العظام والعضلات. سحبْتُ شرشف السرير بسرعة ولففت به جسدي.
رغم التوتر، تنفست بعمق. لقد نجحت! هذه المرة كانت إنسانيّتي أكثر طبيعية.
“شوشو… هل أنتِ بخير؟”
كان لا يزال يغطي عينيه، مما دفعني للضحك بخفة.
“أنا بخير، شكرًا لك. يمكنك أن تفتح عينيك الآن.”
لكن كاردين لم ينظر إليّ، بل استدار فجأة وذهب نحو غرفة الملابس. عاد بعد لحظة وهو يحمل فستان نوم عاجي اللون، مزين بالدانتيل وربطة عنق أنيقة.
“لقد طلبت من الخدم إعداد ملابس للطوارئ، وأحضروا هذا.”
“إنه جميل! شكله مريح للنوم.”
“بدّليه على راحتكِ، سأكون في غرفة الجلوس.”
وبينما ذهب إلى غرفة الجلوس المتصلة، أسرعت بارتداء الفستان.
شعرت بنعومة القماش تدغدغ بشرتي. ربما هذه أجمل قطعة ملابس ارتديتها منذ أتيت إلى هنا.
“انتهيت! يمكنك الدخول.”
دخل كاردين بهدوء، نظر إليّ، ثم… لم يبدِ أي ردة فعل. مرّ بجانبي إلى الطاولة الصغيرة، وملأ كوبًا من الماء.
“تعرّقْتِ كثيرًا. اشربي.”
أخذت الكوب بكلتا يدي… لكن يداي كانتا ترتجفان.
كاردين لاحظ فورًا، وأمسك بالكوب قبل أن يسقط مني.
“يبدو أنكِ لستِ معتادة بعد على الجسد البشري. دعيني أساعدك.”
جلس بقربي، وأمال الكوب بلطف نحو شفتيّ.
شربت قليلاً، وشعرت بأن الحياة عادت إليّ.
لكن الماء تساقط على ذقني دون قصد، وكنت على وشك مسحه…
“لقد سُكب…”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 42"