الفصل 36: الروبيان الغاضب يمزق ظهر الحيتان
“شوشو…”
كان صوت فرانزعميقًا وصافيًا، يحمل نغمة شابٍ تجاوز لتوّه عتبة المراهقة.
وحين لم أُجب، مال برأسه قليلاً، بنظرة جانبية مستغربة:
“ما الأمر؟”
“مفاجئ. لقد ناديتني باسمي بشكل صحيح.”
“على أي حال، أنتِ لا تتذكرين اسمك القديم. وأنتِ ما كنتِ لتريدي أن تُنادي به. لذا اخترت أي اسمٍ عشوائي فقط.”
قالها بنبرة خشنة وهو يدير رأسه بعنف، غاضبًا.
كان الجسد جسدًا كبيرًا، لكن الداخل ما زال صبيًا. حاولت كتم ضحكتي.
“كيف حال جسدك؟ هل أنت بخير؟”
زمجر فرانز، وهو يتلفت حوله بعينين تفيض بالريبة:
“هاه. هذه مجرد خدوش. أين هو ذلك الوغد الذي هاجمني؟ وأين نحن؟”
“نحن في غرفتي. أما هو، فاسمه كاردين، دوق الشمال وسيد هذا القصر، وقائده.”
ضحك فرانز باستهزاء، ساخراً من الكلمات:
“كنت أعلم منذ البداية أنه القائد سيئ السمعة، كاردين هيليد. لكن… لماذا أصبحتِ حيوانًا أليفًا لذلك الرجل؟”
“حيوان أليف؟! كاردين ليس سيدي!”
صرخت في وجهه وقد اشتعلت غضبًا.
حدق بي فرانز بشراسة، ثم سأل:
“إذًا، من يكون هذا الرجل بالنسبة لكِ؟”
تجمد لساني. لم أجد إجابة فورية.
فقلت، متلعثمة:
“مممم… خادم؟”
حدق بي فرانز مذهولًا، واتسعت عيناه:
“ماذا؟!”
“تعرف الخدم، أولئك الذين يعتنون بالقطط بكل حب؟ هو يشبههم. يعتني بي. لكنه ليس سيدي.”
بدت عليه علامات الفهم أخيرًا، وهز رأسه قليلاً.
“هممم، إذًا ذلك الصياد مجرد تابع لكِ؟”
“كاردين تابع؟… لا، هذا…”
كنت على وشك الاعتراض، لكن فجأة مرّ شريط من الذكريات أمام عينيّ:
هو يمشط فرائي كل يوم، يطعمني بيده، يركع أحيانًا ليغسل قدميّ، يحملني دومًا بين ذراعيه…
مهلاً، أهذا… ليس تابعًا؟ إنه تابع من الطراز الأول!
ثم اقترب مني فرانز فجأة، دون سابق إنذار، ومد لسانه ولعق شعري عند الجبين!
تجمدت في مكاني من الدهشة. شعور رطب ودافئ ومربك.
“كااانغ! ماذا تفعل؟!”
قفزت مبتعدة، بينما نظر إليّ بعينين مستنكرة:
“شعركِ كان متشابكًا. كنت تحبين أن أهتم بفرائك سابقًا، أليس كذلك؟”
أوه، صحيح. كان ثعلبًا. هل الثعالب تفعل هذا مثل القطط؟
“أنتِ لا تتذكرين، لكننا – نحن عشيرة وولفيس – ننتقل كل فترة من مكان إلى آخر. وقد حان وقت الانتقال. جئت لأخذكِ معي.”
“إلى أولئك الذين تخلوا عني؟ لا، شكرًا.”
رفضت بحسم، فتنهد فرانز بعمق:
“أعلم. أنا أيضًا لن أعود إليهم. أردت فقط أن أرحل معكِ أنتِ.”
كانت عيناه تلمعان بنور غريب، كما لو كان يحلم بمستقبل بعيد.
“قدراتكِ الخاصة تُبطئ نموك، لكن مع قدوم الربيع، ستنضجين. وسنكون قادرين على الزواج، ونبني منزلنا، ونرزق بأشبال ظريفة…”
… ما هذا؟ لماذا يحمر وجهه هكذا؟ يخطط لمستقبلنا الأسري بكل ثقة!
لكن قبل أن أرد، شعرت بشيء غريب خلفي.
قشعريرة، برد، شعور بخطر.
ثم جاء الصوت… باردًا كالسيف.
“هذا… لن أسمح به أبدًا.”
كان كاردين واقفًا عند باب الغرفة، متكئًا بذراعيه على صدره.
قميصه مفتوح يكشف عن صدره، وشعره الأمامي مبلل بعد الاستحمام.
تجهم وجهه بوضوح، وعيناه تقدحان شررًا باردًا:
“ما الذي يفعله هذا الحيوان في غرفتكِ؟”
نظراته نحو فرانز كانت كالسكاكين.
أحسست بالذنب رغم أنني لم أرتكب خطأ.
هل جرحه الذي سببته له لا يزال يؤلمه؟
أردت أن أرى يده، لكنها كانت في جيب سرواله.
“إنه من جنسي. لا يمكنني تركه بالخارج.”
“القصر مليء بالغرف. كان بإمكانكِ رميه في الإسطبل.”
همهم كاردين بازدراء، ليقفز فرانز فورًا، يظهر أنيابه ويزمجر:
“ماذا قلت، أيها الإنسان؟!”
“رائحته تملأ الغرفة. اغرب عن وجهي فورًا.”
“هذه غرفة شوشو، وليست غرفتك!”
مشهد مثير للشفقة: إنسان بالغ وثعلب مراهق يتشاجران كالحمقى.
فرانز مراهق عاصف، ولكن كاردين؟! ما عذره؟!
انفجرت صراخًا:
“كـاااانغ! كفاكما شجارًا! سأخرج أنا! سأنام في غرفة بيتي!”
أخذت وسادتي الصغيرة بفمي وانطلقت خارجًا، لكن كاردين وقف أمامي، يمنعني:
“شوشو تنام على سريري، والثعلب ينام هنا.”
صرخ فرانز بغضب:
“ماذا تقول؟ لن أسمح لخطيبتي أن تنام مع رجل غريب!”
كان صراخه يُشعل الصداع في رأسي.
ندمت على اصطحابه معي من الأساس.
ثم انتزع وسادتي من فمي، وبدأ هو وكاردين يتنازعان عليها كأطفال.
أردت التدخل… ولكن فجأة، بوووم!
اصطدمت وجهي بالوسادة. وفقدت أعصابي تمامًا.
يقولون: في صراع الحيتان، تنكسر ظهور الروبيان؟
كلا! هذا الروبيان غاضب بما يكفي لتمزيق ظهور الحيتان.
“اااااصمتااااااااااااا!”
خرج صوتي ليس همسة صغيرة من جرو، بل زئير هادر لمفترس مهيب.
لوّحت بذَيلي في الهواء، فاندفعت عاصفة ثلجية عنيفة.
تجمد الجميع، لكنهما تصرفا فورًا.
كاردين صدّ العاصفة بذراعه، وفرانتس استخدم ذيله السميك.
تناثر الجليد في أنحاء الغرفة، ووقفت أنا، بثبات، آمرةً:
“فرانز، امسح الجليد قبل أن يذوب.”
“آه؟ أ-حسنًا!”
بدأ ينظف بذيله كالمذنب، بوجه مرتبك.
ثم التفتُّ إلى كاردين، وصوتي بارد كالجليد:
“ألا يجدر بدوق عظيم أن يظهر بعض الوقار؟ عيبٌ على مقامك أن تتشاجر مع ثعلب.”
تجمد كاردين في مكانه، وأصبحت عيناه جامدتين.
ثم قال، بصدق:
“أجل… لقد تصرفتُ بعاطفية.”
خفض نظره، وشعره المبلل غطى جبينه، فجعل ملامحه تبدو أكثر لطفًا.
لقد بدا كجرو كبير مذنب أمام سيده.
ثم انحنى، والتقط وسادتي بلطف، ونفضها من الغبار، وسواها بعناية.
“الآن، كفى. كاردين ينام في السرير. فرانز، نم في الغرفة. وأنا… سأنام في السلة.”
“لكن، شوشو…”
“ششش!”
أبرزت أنيابي، فابتلع فرانز اعتراضه خائفًا.
“ننام أولًا، ونتحدث بعد الفطور، فهمت؟”
وفي لحظة، كان كاردين قد جهز سلّتي، مع بطانية دافئة.
قفزت داخلها، فشعرت بالدفء يغمرني كحضن أم.
ثم حملها كاردين بحرص، دون أن يهتز شيء.
ابتسمت رغمًا عني، لكنني خبأت وجهي بذَيلي، لا أريده أن يراني.
التعليقات لهذا الفصل " 36"