كم من الوقت مضى وأنا غارقة في سباتي؟ تباطأت خطوات الحصان، وصوت “كليب-كلاب” الرتيب أعادني تدريجيًا إلى وعيي. فتحت عيناي ببطء، وإذا بمشهدٍ آسر يتجلى أمامي.
في الأفق، برزت قلعة رمادية شامخة، تقف كحارس صامت على الحدود الشمالية. لم تكن القلعة ضخمة أو مزينة كقصور الملوك، لكنها بدت قوية، متينة، وكأنها تتحدى الزمن والعواصف.
“صاحب السمو الدوق الأكبر يعود! افتحوا البوابات!”
صدح صوت الجنود عند بوابة القلعة، ليعيدني إلى الواقع. لحظة تشتت فيها ذهني، متذكّرة أحداث القصة الأصلية. رأيت الجنود يتحركون بحزم لفتح البوابات الحديدية الضخمة التي بدأت تصدر صوت صريرها المهيب.
أمام البوابة، كانت النقوش والعلامات تروي قصة المعارك. آثار السيوف، وخدوش الوحوش، وبقع الدماء الجافة كانت شاهدة على حرب لا تنتهي.
“هيينغ؟ (لا يمكن أن يكون…)”
الآن تذكرت. هذه هي القلعة الشمالية، موطن الدوق الأكبر كاردين، أو كما يعرف بـ”الوحش المجنون للحدود”. مكان تعصف به المعارك مع الوحوش بلا هوادة. أنا الآن أدخل بوابات الجحيم… بقدميّ!
شعرت بجسدي يتجمد في أحضان كاردن كأنني حجر.
“كرة القطن، ما الذي يجري؟”
انحنى كاردن نحوي، يسألني بنبرة بدت وكأنها تحمل اهتمامًا خفيًا، لكنني كنت غارقة في رعب يبتلعني. عليّ الهرب… الآن! فتحت عيناي على وسعهما وبدأت أبحث عن مخرج، أي فتحة صغيرة، أي وسيلة للهرب من هذا المكان الجحيمي.
ميلر، الذي كان يركب بجوارنا، قطع أفكاري بتلعثمه وهو يقول.
“الثعلب الصغير يبدو متوترًا… إنه مثل تمثال… جامد تمامًا.”
كاردين، بنبرة تجمع بين السخرية والطمأنينة، ربت على رأسي بخفة، وكأنه يخبرني أن أهدأ. ولم أدرِ كيف، لكن تلك اللمسة دفأتني كنسيم ربيع مفاجئ.
“لا داعي للخوف، كرة القطن. هذه القلعة هي الدرع الذي يحمي مملكة أردن من الوحوش.”
كان في صوته شيء يشبه الفخر، لكنه بدا لي غريبًا وغير متوقع. هذا الرجل الذي ظننت أنه عاشق للدماء يمتلك في داخله ولاءً لمملكته.
دخل كاردين من بوابات القلعة، وعيوني تتسلل لتراقب المكان بحذر. كل شيء بدا غريبًا ومهيبًا.
الجدران الحجرية العالية، الأبراج الحصينة، والساحة الواسعة التي تعج بالحياة… لكنها ليست حياة عادية.
رأيت الحداد الضخم يطرق الحديد بشراسة، والخباز ذو العين الواحدة والندوب المروعة، وحتى المزارع الذي بدا مستعدًا لالتقاط رمح والدخول في معركة.
“كيييينغ… (هذا المكان وكر الأشرار الحقيقي. أنا خائفة.)”
مع ظهور كاردين، توقف الجميع عن العمل، انحنوا بعمق، وهتفوا بصوت قوي زلزل الأرجاء.
“القائد! لقد عدت!”
بدا المشهد مرهقًا ومخيفًا، وكأنهم يعبدون وحشًا أكثر من كونه قائدًا.
لكن الأصوات التي بدأت تهمس بين الجنود جعلت الدم يتجمد في عروقي.
“لماذا يحمل القائد كرة قطنية؟”
“لا، بالتأكيد هذا وحش صغير.”
“وحش؟ إذن يجب التخلص منه فورًا.”
أخرج أحدهم خنجرًا لامعًا، وكأنه على وشك أن يهاجمني.
“آه، فهمت. إنه ثعلب صغير. ذيله كثيف جدًا.”
“إذن، هل القائد يريد أن يصنع منه وشاحًا من الفراء؟”
اختبأت في أحضان كاردين، ولففت ذيلي حولي بخوف.
“كيك كيك… (أريد العودة إلى المنزل… هذا المكان ليس لي).”
وفجأة، شق صوت كاردين القوي الهدوء، يخاطب مرؤوسيه، وكأن عاصفة على وشك أن تبدأ.
“كلكم، اصمتوا! عودوا إلى مواقعكم فورًا!”
صرخة كاردين الحادة شقت الهواء كالسيف القاطع، متجاوزة صخب الجنود في ساحة التدريب. كان صوته أشبه بزئير قائد لا يُسمح بتحدي هيبته.
“ماذا؟ آه، نحن نعتذر بصدق، أيها القائد!”
توقف الجنود عن الحركة للحظات، وجمدت الصدمة ملامحهم. ثم، كأن الأرض قد أمرتهم بالطاعة، انحنوا بسرعة وهرعوا إلى أماكنهم دون جدال، وكأن كاردن ملكٌ يجلس على عرش غير مرئي.
“يبدو أنكِ خائفة.”
تسللت نبرة هادئة وثابتة من بين شفتيه، نبرة استطاعت، على نحو غريب، أن تهدئ اضطرابي. لكن سرعان ما تبدد هذا الهدوء، ليحلّ مكانه غضب مشوب بالخوف.
رفعت أنفي الصغير بفخر مُفتعل، نظرت إليه بجرأة، ولم أنسَ أن أكشر عن أنيابي كما يفعل الثعلب الماكر.
“كانغ، كاكانغ، كريررونغ! (أيها الشرير، هل تنوي حقًا أن تصنع مني وشاحًا؟)”
ابتسم ابتسامة باهتة، كأن كلماتي الطفولية لا تعنيه.
“لن أصنع منكِ وشاحًا، لذا لا تخافي.”
كانت نبرته مهدئة، تخلو من أي سخرية، وكأن الرجل كان يحاول فعلاً طمأنتي… لكن عقلي لم يستوعب.
كيف؟ هل يعقل أنه يفهمني؟ لا، هذا مستحيل. لابد أنه مجرد حذر، مراقب كل حركة مني كالثعلب الذي يحاول النجاة.
تابع كاردين سيره بلا تردد، يحملني بين ذراعيه كمن يحمل كنزًا صغيرًا. توقف أخيرًا أمام مبنى شامخ، بجدرانه الحجرية الرمادية الصلبة، ورمز الذئب الأزرق الذي يرفرف بفخر على رايته. خلف المبنى، كانت ساحة التدريب تمتد واسعة، تملؤها صرخات الفرسان وهم يتدربون كأنهم يستعدون لحرب عظيمة.
“هذه هي ساحة تدريب فرسان قلعة الشمال.”
بخفة مذهلة، قفز كاردن من على الحصان، ولا يزال يحملني كما لو كنت جزءًا من درعه.
“كرة القطن الصغيرة، دعيني أُعرّفكِ على فرسان الذئب الأزرق. قد تجدينهم ممتعين.”
دون أن ينتظر ردًا مني، رفعني بخفة ووضعني على كتفه العريض، كأنني وسام يعتليه بفخر.
وجدت نفسي في حالة ذهول مربكة، لم أجرؤ على المقاومة. تشبثت بكتفه بصمت، وعيناي تتجولان بقلق في المكان.
“هكذا ستتمكنين من رؤية كل شيء.”
“كانغ؟ كااانغ! (أنا أبدو كوشاح ثعلب! ألن تنزلني؟ ضعني على الأرض فورًا!)”
حاولت التحرك، لكن قبضته كانت ثابتة كالصخر. بجانبه، كان ميلر يحاول كتم ضحكاته بصعوبة، بينما يهتز جسده خلسة.
أما بيرك، فقد حدّق بي كأنني لغز غامض، عينيه تتوهجان بالفضول كذئبٍ يتربص بفريسته. شعرت بقشعريرة تسري في جسدي تحت نظراته الحادة.
لم أنتظر طويلًا. جمعت شجاعتي، قفزت من على كتف كاردين بخفة مذهلة، وهبطت على أرض الساحة بكل رشاقة.
“كيياااانغ! (الحرية!)”
ركضت بكل قوتي، ساقاي القصيرتان تتحركان بسرعة مذهلة، وكأن حياتي بأكملها تعتمد على هذه اللحظة.
لكن صوت كاردين الجليدي لحق بي كظل لا مفر منه:
“تغيير في التدريب. أمسكوا كرة القطن تلك.”
توقفت لثانية، غير قادرة على تصديق ما سمعته. استدرت ببطء لأجد الجنود جميعهم ينظرون نحوي، وكأنهم وحوش جائعة قد تم إطلاقها.
“ما الذي تنظرون إليه؟ تحركوا الآن!”
صرخ بيرك بأمر صارم، يقطع تردد الجنود.
وفي لحظة، تحول المشهد أمامي إلى كابوس. الفرسان، الذين كانوا قبل لحظات يتدربون بجدية، بدأوا بالركض نحوي بابتسامات مخيفة، كأنهم فقدوا عقولهم.
يا إلهي، هل جنّوا جميعًا؟! هذا ليس تدريبًا، هذا مطاردة!
ركضت بكل طاقتي، قلبي يخفق بجنون.
“كييييااااك! (أيها الأشرار! أنتم شياطين!)”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 3"