أملت رأسي جانبًا في حيرة، لأجده يركع على ركبة واحدة أمامي.
كانت عيناه الزرقاوان مكسوتين بحزن عميق. مدّ يده وربّت على ظهري بحنان، ثم همس بصوت منخفض مفعم بالشجن:
“شوشو، لا بدّ أن هذه أرضكِ الأم.”
“هاه؟”
لقد أساء فهم كل شيء. كل ما في الأمر أنني تلبّست جسد هذه الثعلبة الصغيرة، هذا المكان ليس موطني.
لكن لم أستطع إخباره بالحقيقة، لذا قررت الصمت.
أخذ كاردن نفسًا عميقًا، ثم قال بهدوء:
“إن رغبتِ، سأساعدك في العثور على بني جنسك، وأعيدك إلى موطنك.”
ارتجف جسدي برمّته من الذهول، وانتفش فرائي كمن أصابته صاعقة.
كنت على وشك الاعتراض، حين استرقت أذناي وقع خطوات تقترب من الخلف. كان مايلد يتقدم بسرعة، ينظر من حوله بيقظة.
“سيّدي الدوق، ها أنت هنا. لديّ تقرير عاجل بشأن الجدار الدفاعي.”
“فهمت، سآتي حالًا.”
ربّت كاردن على خدي بخفة، ونظر إليّ بتحذير لطيف:
“سأعود قريبًا. لا تبتعدي عن هذا المكان.”
وغادر مع مايلد، متوغّلين في الغابة. ظللت أحدّق في ظهره المتلاشي بشرود.
لقد صُدمت بكلماته، وكأنّ عقلي انطفأ تمامًا.
يبدو أنه يظن أنني أرغب بالعودة إلى عشيرتي الأصلية…
لكنني لا أفقه شيئًا في العيش وسط الثلوج!
اجتاحني القلق، وبدأ قلبي ينبض بسرعة. لم أفكر يومًا بالاستقلال. أنا أعيش مدلّلة في القصر الشمالي، محاطة بالدفء والراحة، كيف لي أن أعود إلى حياة القسوة والبقاء للأقوى؟ هذا مستحيل!
بَخ! بَخ!
استعدت وعيي لأجد نفسي أنبش الثلج بأطرافي الأمامية بجنون. يبدو أنني كنت أحفر بغير وعي، مدفوعة بالخوف.
نظرت إلى قدمي المغطاة بالطين والثلج، وتنهدت بأسى.
“كاوووون…”
لا بد من التنفس بعمق، التزام الهدوء، والتفكير بتعقل. عليّ إبلاغ كاردن أنني لا أريد العودة إلى أراضي الثعالب.
أنا فقط فضولية بشأنهم، لكن لا أرغب بالانتماء إليهم من جديد!
تُطُق.
سمعت صوتًا مفاجئًا جعلني ألتفت بفزع.
اتضح أنه مجرد ثلج تساقط من غصن شجرة مثقل بالبياض.
“يا إلهي، لقد أفزعتني!”
تنهدت بارتياح، لكن سرعان ما شعرت بحضور غريب.
أرهفت أذني والتفت إلى مصدر الصوت.
وراء أشجار البتولا، ظهر جسم أبيض واقف في سكون مريب.
ثم خرج من بين الأشجار، كاشفًا عن نفسه شيئًا فشيئًا. كان ثعلبًا ضخمًا بفراء فضي يلمع كالثلج تحت ضوء القمر.
في عينيه، رأيت ندمًا عميقًا، وشهقة مريرة انطلقت من صدره، يتبعها نفس أبيض تلاشى في هواء الشتاء.
“نعم، لقد تخلّت القبيلة عنكِ. كانوا يخشون قوتك، تلك التي تنمو بتغذّيها على السحر.”
توقف قلبي.
“أتغذى على السحر؟ وتنمو؟”
هل هذا يعني أن جسد الثعلبة ينمو كلّما امتص طاقة سحرية؟!
“ولماذا هذا خطر؟”
“قبل عقود، وُلد ثعلب يملك ذات قوتك. انفجر غضبه، وكاد يُفني العشيرة. ثم أطمع البشر بنا، فلاحقونا وصطادونا. تفرقنا من يومها.”
كانت صدمة هائلة.
“لا… لا أصدق…”
اللوم اشتعل في قلبي، لكنني فهمت أيضًا.
في عالم الغرائز، حيث البقاء للأقوى، ربما كان قرارهم منطقيًا.
أن يُضحوا بفردٍ لإنقاذ الجميع… أمر فظيع، لكنه مفهوم.
الآن، عرفت لماذا تُركت هذه الثعلبة الصغيرة وحيدة على الحدود.
أغمضت عيني، أكتم الألم، وأتنفس بعمق.
رفع فرانز رأسه، وصوته يرتجف بمشاعر لم تعد تحتمل الكتمان:
“لقد تخلّت العشيرة عنك.ِ.. لكنني أنا… لم أتخلّ عنك يومًا.”
“ماذا…؟”
وفجأة… خرج من خلف فرانز ظلّ هائل غيّر جو الغابة بأسره.
جسدي تصلّب من الرعب.
كان كائنًا جبّارًا، يقف على قدمين كوحش أسطوري.
عينا وحش صفراء تلمع، وأنياب تبرز من فمه الذي يسيل لعابه، ومخالب حادة كالسكاكين…
إنه “الويروولف”.
“ما، ما الذي يفعله هذا الوحش هنا؟!”
عجزي عن الحركة أصابني بالذعر. أردت الهرب، أردت الصراخ لكاردن، لكن ساقاي لم تتحركا.
“غررررر…”
اندفع الوحش نحو فرانز، فصرخت بأعلى صوتي:
“احذر!”
رفعت ذيلي، وأطلقت عاصفة من الثلج.
رجاءً… دعها تُفلح!
دوّامة من الثلوج غطّت الرؤية، أربكت الويرولف الذي راح يصرخ ويخبط الأرض.
وفي تلك اللحظة، انقضّ فرانتس عليه كالصاعقة.
أطلق عشرات السهام الجليدية من كفه، فاخترقت صدر الوحش واستقرت في قلبه.
“كراااااه!”
صاح المخلوق، ثم انهار، وتحلل إلى رماد أسود.
كنت أحدق، مذهولة.
فرانز، الذي ظننته مجرد ثعلب، كان محاربًا يُجيد استخدام الجليد كسلاح!
وبينما يلهث بتعب، صرخ في وجهي:
“هل جننتِ؟ لمَ لا تهربين؟!”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 27"