كنت قد استلقيت بهدوء، أُلفّ ذيلي حولي بينما أُصغي بذهول إلى حوارهم.
الهجوم المفاجئ للوايفرن اليوم، رغم خطورته، كشف لي أمرًا لم أكن أعلمه: امتلاكي قدرة لم أتخيلها قط… لقد استدعيت عاصفة ثلجية بذَيلٍ واحد!
تُرى… هل أملك قدرات أخرى أيضًا؟ لو وُجدت ثعالب أخرى مثلي، لسألتها.
لطالما سمعت أن المنطقة الشمالية تعجّ بمخلوقات وسلالات شتّى. تُرى، هل قد أجد من يشبهني هناك؟ أملي بات معقودًا على هذا الاحتمال.
لكن بينما كنت أفكر بجدّية في الأمر، اجتاحتني موجة من النعاس لم أقاومها، ففتحت فمي الصغير بتثاؤب كاد يمزّق وجهي من شدّته.
“هاااام~!”
ساد الصمت طاولة الاجتماع في الحال، وكأن الهواء قد تجمّد فجأة.
كان الجميع يحدّق بي بلا كلام، وبتلك الابتسامات الرائقة الغارقة في الإعجاب.
ما الأمر؟! هل هذه أول مرة ترون فيها ثعلبًا يتثاءب؟!
رجاءً، لا تنظروا إليّ بهذه الطريقة… فأن تكون محبوبًا بهذا الشكل مرهق بحد ذاته!
استيقظت فجأة من نومي العميق داخل السلة الدافئة على وقع خطوات خفيفة. كان الفجر يزحف ببطء خلف النوافذ الطويلة، والعتمة لا تزال تكسو السماء.
هل غفوت طويلًا؟! هل نحن بالفعل في صباح اليوم التالي؟
أين كاردين؟
رفعت رأسي بحذر من داخل السلة، وأخذت أتلفّت في أرجاء الغرفة… وهناك، أمام نافذة الغرفة، ظهر لي ظهره المهيب، يرتدي درعًا حديديًا، وتعلو كتفيه عباءة كحلية قاتمة تتوهّج بنور الفجر.
لقد أنهى استعداداته للرحيل…
وفي اللحظة ذاتها، التفت إليّ وكأنه أحس بي، رغم أنني لم أُصدر صوتًا. حساسية حواسي كحيوان متطورة، لكن كاردين تجاوز حتى إدراك البشر العاديين… كيف علم أنني استيقظت؟
“استيقظتِ إذن، شوشو.”
فركت وجهي الصغير بمقدّمة قدمي كما لو كنت أغتسل. إحدى ميزات أن تكون ثعلبًا؟ لا حاجة لغسول وجه أو أدوات تجميل—يكفي أن يكون فراؤك نظيفًا وجافًا.
قفزت من فوق السرير بخفة، ثم ركضت نحوه، واستقررت عند قدميه. جثا على إحدى ركبتيه، وربّت برفق على رأسي.
“سأتوجّه الآن إلى الجدار الشمالي. لقد أوصيت بيتي بأن تعتني بكِ جيدًا.”
“كاااانغ! تتركني؟ لماذا؟!”
ما إن نهض ليغادر، حتى سارعت بعضّ طرف سرواله بأنيني المتوسل.
“الذهاب معكِ خطير. انتظري هنا بهدوء.”
“لكنني أريد أن أذهب معك!”
تنهّد بصبر، ثم فكّ فكيّ الصغيرين عن ملابسه بلطف.
“كاااااانغ!”
“هذا المكان لا يصلح لكِ، أيتها الزغبة الصغيرة. لا تعاندي.”
نبرة صوته كانت حازمة، صلبة كالفولاذ.
من البداية، لم يكن ينوي اصطحابي معه إلى منطقة الحدود الشمالية الخطرة، المليئة بالوحوش والغموض.
استدار ليغادر الغرفة… ولكن لا، لا يمكنني البقاء!
يجب أن أذهب إلى هناك! المكان الوحيد الذي يحمل في طياته شظايا من ذاكرتي… الموضع ذاته الذي تخلّى فيه جنس الثعالب عن صغيرتهم.
ربما… فقط ربما… سأجد أحدًا من بني جنسي هناك.
“قد أجد أقربائي هناك…!”
توقف كاردين في منتصف الطريق، ثم استدار ببطء. ظهرت على وجهه علامات التأمل العميق، ثم أومأ.
“أجل، يجب أن تلتقي بذويكِ. فهمت مقصدك يا شوشو.”
اقترب مني وجثا مرة أخرى، وعيناه تشعّان بعاطفة دافئة.
“لكن عليكِ أن تبقي بجانبي دائمًا. المنطقة الحدودية محفوفة بالمخاطر، ولا يمكن توقع ما قد يحدث.”
“حاضر! سأظل ملتصقة بك تمامًا!”
قفزت بحماس شديد، وشرعت بذَيلٍ يهتز من الفرح.
ابتسم، ثم التقط قطعة قماش طويلة ولفّها بشكل مائل حول كتفه… كما يُلفّ الطفل في قماط الأمهات.
ما هذا؟ إحساس غريب بداخلي… لا يعجبني شكل هذا القماش…
“ادخلي هنا بهدوء، شوشو.”
بلمسة حانية، وضعني في القماط كما يُلفّ رضيع صغير بين يدي أمّه!
…ماذا؟! هل قوله “كوني بجانبي” كان يعني هذا؟! أن أُلفّ وأُحمل كالرضع؟!
“كاااانغ! أُنزلني فورًا! سأمشي بنفسي!”
تمايلت داخل القماط بحرجٍ شديد، لكن كاردين فقط ربّت عليّ وقال بهدوء:
“هذه أكثر وسيلة آمنة لحمايتكِ. تحمّلي الأمر حتى نصل.”
“الأمر ليس في كوني ضيقة… بل في أنه مُخجل للغاية!”
رجل بهذه الكاريزما، يطوف في ساحة المعركة وهو يحمل ثعلبًا في قماط كالأطفال؟! ألا يشعر بالحرج؟!
…أجل، إنه كاردين… الشرير، لا يعرف للحرج اسمًا!
وكالعادة… وحدي من أشعر بالخجل.
ركبنا الخيل وتوجهنا نحو بوابة القصر. الضباب الرمادي ينسدل فوق الأراضي بهدوءٍ آسر.
هناك، عند البوابة، كان نحو مئة جندي وفارس مصطفّين على صهوات خيولهم، جميعهم بكامل عتادهم، يحملون فؤوسًا مخصصة لقطع الأشجار على ظهورهم.
وفي المقدّمة، وقف كلّ من بيرك ومايلد، أوين ورون.
حين ظهر كاردين، انحنوا جميعًا بوقار.
“سيدي الدوق، الاستعدادات كاملة.”
لكن بينما كانت كلماتهم جادّة، تركزت نظراتهم فجأة على صدر كاردين… وتحديدًا، عليّ!
رجاءً توقفوا عن التحديق، أنا محرج للغاية! غطّيت وجهي بذَيلِي، وازددت انغراسًا داخل القماط.
“لقد أحضر شوشو داخل القماط… تبدو مرتاحة وآمنة.”
صوت مايلد الإيجابي كعادته صدح بتفاؤل.
…أفهمك، يا مايلد. لا يسهل انتقاد رجل كالـ دوق كاردين.
“إن أردت، يمكنني حمل شوشو. صدري واسع، وستشعر بالأمان معي.”
صوت بيرك الجهوري اخترق أذنيّ.
“آه، لقد تأخرت! كنت أنوي حملها في هذه السلة التي أعددتها.”
رفع رون سلّة مزينة بالدانتيل والشرائط. بدا كأن قلبه يتحطّم.
حتى أوين نظر إليّ بعينين دامعتين، وكأن روحه تغادره من الحزن…
هل كان هو الآخر يريد أن يحملني؟!
ثم هناك بقية الجنود… ينظرون إلى كاردين بعيون يغمرها الحسد!
ما هذا العالم؟! هل فقد الجميع عقولهم؟! ألا يوجد ردّ فعل طبيعي واحد؟!
الجنود هنا لا بد أن براغيهم مفكوكة… لا عجب، يعيشون في معارك دائمة.
…أجل، أنا فقط من يشعر بالخجل.
غصت أكثر في قماطي، مستسلمة لقدري.
رغم كل شيء… لم أستطع إنكار أن قماط كاردين كان… دافئًا، آمنًا… أشبه بحضن أم.
شققنا هواء الفجر البارد ونحن نمتطي صهوات جيادنا.
صوت ارتجاج الأرض تحت أقدام مئة حصان سرت في صدري كرجع الطبول.
أخرجت وجهي الصغير من القماط… المشهد أمامي كان خلابًا.
أرض ثلجية بيضاء تتماهى مع زرقة السماء، رقاقات الثلج تتراقص في الهواء، ترسم عالمًا من السحر.
“تُشاهدين منظر الثلج، أليس كذلك؟”
سألني كاردين بصوت خافت، عينيه معلقتان على الطريق.
“إنه مذهل… كأنني في مملكة ثلجية مسحورة.”
ربّت برفق على رأسي، لم أُرد الاعتراف بذلك، لكنّ لمسته… دافئة، تُشعرني بالاطمئنان.
نظرت إليه… عينيه كانتا تلمعان بحزن غريب وهو يحدّق في الأفق.
“أجل، الثلج… هو موطنكِ. لا بد أنك تشتاقين إليه.”
هل كان يقصد شيئًا أعمق؟…
تابعنا سيرنا بمحاذاة السور الشمالي الضخم. من مسافة قريبة، بدا السور أكثر ضخامة وهيبة، مصفوف من جذوع أشجار عملاقة، محفور عليه دوائر حمراء براقة—تعاويذ سحرية تصدر طنينًا كلما اقتربنا.
حاولت التمدد خارج القماط لكن كاردين أوقفني بسرعة:
“لا تقتربي من الحاجز. هذا جدار عازل ضد الوحوش، طاقة سحرية قوية تحيط به وقد تؤذيك.”
تشنّج جسدي تلقائيًا، ووقف شعري منتصبًا.
قلبي ينبض بعنف… شيء داخلي يصرخ: لا تقتربي… هذا الجدار خطر!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 24"