كان المشهد يحمل مزيجًا مدهشًا من الجلال والرعب، لا يليق بشيء أقل من كاردين الشرير، الدوق الغامض ذو السمعة التي تسبق ظله. ومع ذلك، تلك الابتسامة التي زينت وجهه… لم تكن متوقعة أبدًا.
تحدّقت في وجهه بذهول، بينما كنت لا أزال متشبثة بمعصمه، أنيابي الصغيرة مغروسة فيه.
أوه، هذا ليس الوقت المناسب لذلك. عليّ الهروب بينما هو غافل.
ولكن جسدي كان يخذلني. الحرارة اجتاحتني كما لو كنت قطعة جمر متوهجة، وقلبت كياني رأسًا على عقب.
عندما غرست أنيابي في معصمه، شعرت بشيء غريب يتدفق داخلي، كأنه تيار قوة غامضة… شيء لم أفهمه تمامًا.
“كيانغ؟”
خرج صوتي مرتعشًا.
‘ما الذي يحدث لي؟’
تراجعت بسرعة، أفلتت أنيابي من معصمه، لكن ما حدث بعد ذلك كان أشبه بإعصار. شعرت بقوة هائلة تسري في جسدي الصغير، وكأن دمي بدأ يتدفق عكس اتجاهه، وقلب صغيري يخفق بجنون.
“ما بالكِ يا صغيرتي؟”
رفعني كاردين بين ذراعيه بقليل من الحذر وكثير من الفضول، محدقًا فيّ بعينيه الزرقاوين العميقتين. نظرت إلى انعكاسي في حدقتيه المتألقتين: ثعلب صغير، فروه الأبيض الناعم يلمع تحت أشعة الشمس، وعيونه السوداء الواسعة تفيض بالخوف.
رغبت بشدة أن يضعني أرضًا، أن يتركني وشأني. لكن عوضًا عن ذلك، ارتسمت على شفتيه ابتسامة خبيثة، كانت أقرب إلى ابتسامة صياد يحدق بفريسته. كان هذا كافيًا لجعل فروي الصغير يقف بالكامل.
“رائع…”
قال بصوت منخفض يكاد يكون همسًا.
“ثعلب صغير يستطيع تهدئة طاقتي السحرية؟ لم أكن لأجد علاجًا كهذا لو قلبت القارة بأسرها رأسًا على عقب.”
الابتسامة اللطيفة التي رأيتها سابقًا؟ ألغِها تمامًا. لا بد أنني كنت في حالة وهم مؤقتة.
والآن… بات ينظر إلي بنظرة تفيض بالطمع، عيناه تلمعان بوهج مخيف وكأنه يخطط للاستيلاء علي بالكامل.
“كيانغ! (ماذا ستفعل بي؟)”
رد بابتسامة أكثر غموضًا.
“من الآن فصاعدًا، أنتِ علاجي الشخصي.”
“كروانغ! كروانغ! (لا أريد! لن أذهب! لن أكون لك!)”
تحركت بعنف في محاولة يائسة للهروب، لكن قبضته كانت كالصخرة، قوية ومستحيلة الكسر.
“همم، يبدو أنكِ تحبينني بالفعل.”
“كروانغ؟ كيانغ كيانغ! (أأنت أحمق؟ ألا ترى أنني أكرهك؟ أطلق سراحي، أيها الشرير!)”
رغم صراخي المستميت، بقي كاردين متمسكًا بي بسهولة مخيفة، كأنه يحمل ريشة.
“أنتِ خفيفة جدًا. هل لم تأكلي جيدًا؟ يبدو أننا بحاجة لإطعامكِ أولًا.”
عند سماعي لكلمة “طعام”، توقفت عن المقاومة للحظة. الجوع كان يمزقني منذ أن تحولت إلى هذا الجسد الصغير.
بطني الصغير أصدر صوتًا محرجًا، مما جعلني أغطي وجهي بمخالبي، في محاولة عبثية لإخفاء خجلي.
سمعت ضحكة مكتومة صادرة منه. نظرت إليه بحذر، لكنه كان قد عاد إلى ملامحه الخالية من التعبير.
أوه؟ هل تخيلت ذلك؟
قال بهدوء.
“لا تخافي. لن أؤذيكِ.”
رغم أنني لم أكن متأكدة من صدقه، إلا أنني شعرت أنه لا ينوي إيذائي الآن على الأقل.
بينما كنا ما زلنا نحدق في بعضنا، ظهر فجأة جيش من الفرسان المسلحين، يحيطون بنا كأنهم جيش أسطوري. دروعهم كانت مغطاة بالدماء، ووجوههم متجهمة وكأنهم خرجوا للتو من معركة مع وحوش شرسة.
تقدم رجل بشعر بني ونظارات، ملامحه كانت متوترة وقلقة.
“يا دوق! هل أنت بخير؟”
كان الفرسان يحدقون في كاردين بعيون تفيض بالاحترام والخوف. لكن لحظة… أليس هؤلاء هم “الذئاب الزرقاء”، الحرس الخاص الذي يوصف في الرواية الأصلية بأنهم بلا قلب؟
في تلك اللحظة، بدوا لي كإخوة ضخام، قلقين على أخيهم الأكبر، أكثر من كونهم وحوشًا بلا رحمة.
“مايلد، أنت تقلق بلا داعٍ. فوران الطاقة قد هدأ.”
جاء صوت كاردين هادئًا لكنه يحمل بين طياته هيبة كالصاعقة التي تتردد في أذن من يسمعها. ارتجف مايلد للحظة، كما لو أن الكلمات نفسها حملت قوة كافية لإخماد عاصفة.
“كيف…؟ كيف تمكنت من كبحه؟ هل استخدمت قوتك بنفسك؟”
لمعت عينا كاردين تحت ظلال رموشه الداكنة بابتسامة خفية، ثم أجاب وهو يرفع الثعلب الصغير الذي يحمله بين يديه كأنه كنز لا يقدّر بثمن.
“لا، هذا الكائن الصغير فعلها.”
تحوّلت الأنظار كالبحر المتلاطم نحوي، أنا الثعلب الصغير، المتدلّي في الهواء بين يدي الدوق. الأعين، مليئة بالدهشة والذهول، كانت كالسيوف التي تخترقني.
‘يا إلهي، ما هذا الإذلال!’
صرخت بصوت عالٍ وغاضب، بينما كنت ألوّح بأقدامي الصغيرة القصيرة وكأنني أحاول التحرر من هذا المصير الغريب.
“كيانغ! (ماذا تفعل؟ أطلقني فورًا! ألا تدرك أنني آنسة؟!)”
لكن كاردين لم يلقِ بالًا لاحتجاجاتي. كان مشغولًا بإثارة الحيرة في نفوس الحاضرين.
اقترب مايلد، ذلك الرجل ذو النظارات، محدقًا بعينيه المتسائلتين وراء زجاجها. كان مزيج من الاحترام والشك يتصارع على ملامحه.
“يا دوق… أرجو المعذرة، ولكن ما هذا الكائن الغريب الذي تحمله؟ هل هو مخلوق نادر اكتشفته حديثًا؟”
ساد الصمت كأن الزمن توقف.
كانت عينا كاردين أشبه ببحرين مضطربين، وشفتيه منحنية بخفة كأنه يستمتع بالإثارة التي أشعلها.
لكن لم يقل شيئًا.
‘أنت تمزح، صحيح؟’
فكرت بغضب مكتوم.
‘أخبرهم فقط أنني مجرد ثعلب صغير بائس عثرت عليه في الغابة! لماذا تصنع هذا المشهد العبثي؟’
بينما كان الغضب يتصاعد بداخلي، واصل مايلد دراسة المشهد بعينيه المتفحصتين، وكأن الأمر أمامه لغز محيّر يستحيل فك شيفرته.
لم يكن يعلم أنني، هذا الثعلب الصغير المعلق في الهواء، أحمل في داخلي سحرًا يكفي لقلب معادلات العالم… أو هكذا كانوا يظنون.
حاولت الانسحاب من ذراعي كاردين بكل ما أوتيت من قوة، لكن قبضته كانت كالفولاذ، ممسكًا بذيل فرائي الكثيف بمهارة تُغضب حتى أكثر الثعالب صبرًا.
“اهدئي، أيتها الكرة القطنية.”
“كرااا! كرخرخ! (أيها الوغد! أطلق ذيلي حالاً قبل أن أُضطر لاستخدام القوة!)”
تجمّدت الأنفاس للحظة، حين نظر مايلد بتمعن نحو جسدي الصغير. كانت تعابير وجهه مزيجًا من الشك والدهشة.
“آه… إنه شبل ثعلب صغير.”
رُفعت عيناه من خلف نظاراته، وكأن إدراكًا غريبًا تملكه فجأة. أما كاردين، فقد أعادني إلى حضنه كأنني كنز ثمين، مانعًا أي محاولة مني للهرب.
لم أستسلم بسهولة. بدأت ألتوي وأتلوى وكأنني إعصار صغير، أظهرت أنيابي الحادة تجاه مايلد، كتحذير أخير.
“كرررخ! (اقترب مني إن تجرأت، وسأمزقك إربًا!)”
تجمّد الفرسان، وعلى وجوههم ارتسمت علامات الحذر والارتباك. أها! وأخيرًا، أدركوا أنني لست كائنًا يمكن العبث معه.
لكن مايلد، رغم نظراته المرتبكة، فجّر الموقف بتعليق ساخر:
“همم… يبدو أنه شبل ثعلب شرس للغاية… لكنه لطيف.”
بدأ الضحك المكتوم يتسلل بين الفرسان، الذين كانوا قبل لحظات فقط يبدون كأشباح حرب لا تعرف الرحمة. بل إن بعضهم بدأ يمسك بصدره وكأنه يعاني من نوبة قلبية وهمية، بينما كانوا يحاولون كتم ضحكاتهم.
‘أيها الأغبياء، أهذا وقت المزاح؟’
بدا مايلد على وشك الانفجار ضحكًا، لكنه قاوم بصعوبة.
“دوق… من أين أتيت بهذا المخلوق؟”
“وجدته في الغابة.”
ردّ كاردين بهدوء، وكأن الإجابة لا تحمل أي أهمية. لكن ابتسامته الخفية جعلتني أشعر بالغضب يغلي داخلي. أيعتقد أنني لعبة؟!
لكن في لحظة غريبة، توقف كل شيء. مدّ كاردين يده، وخدش خلف أذني بلطف.
“كيوو…”
ما هذا الشعور؟ كأن لمسة أطراف أصابعه حملت معها نغمة خفية من الراحة. بدأت أشعر بسعادة لا أفهمها.
‘لا… لا يمكنني أن أستسلم!’
لكن اللذة كانت أقوى. غمرني دفء مريح، وأسلمت رأسي بين يديه، غير قادرة على المقاومة.
حين شعرت بالخزي، دفنت وجهي في يديه، محاولة إخفاء عار استسلامي.
“دوق، يبدو أن الثعلب مرهق. هل تظن أنه مريض؟”
جاء صوت مايلد مشوبًا بالقلق، لكن عينيه لم تخفيا فضوله الذي لا ينضب.
“لنعد إلى القصر. علينا أن نفحصه.”
“هل تعتقد أن لديه قدرة خاصة؟”
“عندما عضّني في الغابة، هدأت حالتي الهائجة تمامًا. يبدو أن لديه قدرة فريدة على تهدئة القوة السحرية.”
عمّ الصمت للحظة، قبل أن يهتف مايلد بفرحة لا تخفى:
“إذن… هذا الثعلب قد يكون علاجًا لحالة الدوق الهائجة!”
كانت كلماته مثل سهم مزّق ظلام تفكيري.
‘أنا؟ علاج؟’
شعرت بالحيرة والغضب يختلطان داخلي. لكن في أعماق تلك الفوضى، لم أستطع تجاهل بريق الحقيقة الذي بدأ يتسلل ببطء. هل أنا حقًا أكثر من مجرد ثعلب؟
راودني شعور مقلق، كأن عاصفة وشيكة تتجمع في الأفق البعيد.
في الرواية الأصلية، كانت أوليفيا البطلة الوحيدة القادرة على تهدئة قوة كاردين السحرية المتوحشة.
لهذا السبب، كان كاردين مهووسًا بها. هوسه لم يكن حبًا نقيًا، بل كان رغبة عميقة، قاتمة، في امتلاكها بأي ثمن. لم يكن هناك حدّ لما قد يفعله ليضمن بقائها بجانبه.
“سنعود إلى القصر فورًا.”
رنّ صوت كاردين بنبرة لا تقبل النقاش.
ردّ مايلد على الفور بأداء التحية العسكرية، وسرعان ما استجاب الفرسان للأمر. بدأوا بالتحرك بترتيب مثالي، بينما كان الهواء يحمل رهبة مهيبة من الانضباط العسكري.
أحاطني كاردين بذراعيه القويتين، ورفعني بخفة كأنني لا أزن شيئًا. بخطوة واحدة، صعد على صهوة جواده، بينما جذب اللجام بحركة واثقة، مُطلقًا الإشارة للرحيل. تبعه العشرات من الفرسان، أقدام خيولهم تضرب الأرض بعنف، كأن الغابة ترتجف تحت وطأة قوتهم.
كانت الأحصنة تعدو بسرعة، تاركة خلفها الغابة التي بدأت تتلاشى في الأفق كظل يبتعد.
“ما الذي سيحدث الآن؟”
كتمت أنفاسي، وقلبي مثقل بالتساؤلات. لقد وقعتُ بغير قصد في يد الشخصية المظلمة التي كان من المفترض أن تكون نهايتها العقاب.
عقلي كان يغلي بالأفكار المتشابكة، وكلها تتجه نحو مصير يبدو أكثر ظلمة من الغابة التي خلفناها. في القصة الأصلية، هذا الرجل كان رمزًا للشر، رجلًا لا يُمكن الوثوق به أو ترويضه.
رغم كل هذا، لم يكن لدي أي قوة تُذكر للهرب. بدأ الإرهاق يتغلغل في أطرافي، وشعرت بالثقل يغمرني تدريجيًا.
دفء حضن كاردين كان غريبًا، لكنه مخدر، كأنه يجرّني برفق نحو نوم لا أستطيع مقاومته.
“كووغ… (لا يمكنني أن أنام الآن. إن استسلمت، قد أجد نفسي في ورطة أكبر.)”
حاولت جاهدة أن أبقي عيني مفتوحتين، أن أقاوم الإغراء الذي يُثقل جفوني، لكن فجأة، شعرت بيده الكبيرة تلامس رأسي.
كانت حركته لطيفة على نحو مفاجئ، كأنها تعارض تمامًا ما أعرفه عنه. أصابعه انسابت برفق عبر شعري، تُهدئ من اضطرابي بطريقة غير متوقعة.
“نامي قليلاً، فالطريق إلى القصر ما زال طويلاً.”
رنّ صوته كأنغام بعيدة، منخفضة وهادئة، تحمل معها غطاء من السكينة.
رغبت، بكل ما تبقى من كبريائي، أن أعض أصابعه وأوقفه. لكن جسدي كان له رأي آخر. مع كل لمسة، كنت أغرق أكثر في بحر من الراحة لم أكن أعلم أنني أحتاجها.
استسلمت في النهاية، وأغمضت عيني، بينما أخذني دفء صوته وحنان لمسته إلى عالم من السكينة المؤقتة، بعيدًا عن المستقبل المظلم الذي ينتظرني.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 2"