بعد أن دخل كاردين وحده إلى الرواق المعتم، خيّم على من تبقى من حرسه شعور عميق بالذنب والتقصير. وما لبث أن تصدّى لهذا الشعور كلٌّ من بيرك ومايلد، فصاحا بحزم يوقظ الهمم.
“تماسكوا! علينا بناء خط دفاعي قبل عودة سموّ الدوق!”
“لا وقت لدينا! تحرّكوا بسرعة!”
وفي لحظة، انقلب الجو الموحش إلى ساحة من الحركة المنظمة. كوّن فرسان الفيلق حاجزًا دفاعيًا متينًا باستخدام دروعهم، فيما بدأ رون في رسم دائرة سحرية للحماية.
حتى أوين انضم إليهم، يراجع الأسلحة ويتأكد من جاهزيتها.
في هذا الزخم الصاخب من المهام المتسارعة، لم يلحظ أحدٌ غيابي.
(الفرصة سانحة الآن!)
ركضت بخفة إلى داخل الممرّ، متسلّلة عبر الظلال.
كان الخوف ينهشني من أن يُفضح أمري بسبب فرائي الأبيض، إلا أن ظلمة الممرّ كانت كفيلة بإخفائي كليًا.
في البعيد، تلاشى ضوء مصباح كاردين شيئًا فشيئًا، كأنما هو آخر شعلة تُنير ظلمة هذا الجحيم.
زممت شفتيّ، وبكل ما أوتيت من قوة، أسرعت خلفه بساقيّ القصيرتين.
لا أعلم ما الذي ينتظرنا في نهاية هذا الرواق المظلم…
لكن، مهما يكن، لم أكن أطيق أن أترك كاردين يواجهه وحيدًا.
لا أعلم كم ركضت.
لكن في نهاية الردهة، وسط السواد الحالك، كان كاردين واقفًا هناك.
وضع مصباحه على الأرض، وبدأ وهج ضوئه يرتجف كشمعة توشك أن تنطفئ.
أمام كاردين، كانت هناك بوابة مفتوحة بالكامل، لا يظهر خلفها شيء سوى السواد المطلق. كانت تبدو كممرٍ إلى جحيمٍ أبديّ، مرعب، غامض، شيطانيّ.
وفجأة—
“غررر…”
زمجرة وحش غاضب دوّت عبر الظلام، تعجّ بها نبرة من السخط والعذاب.
تصلّب كل ما في جسدي من رهبة.
ثم، صوت الحديد وهو يُجرّ على الأرض… كلنغ، كلنغ.
بدأت ملامح شيء ما تتشكل من خلف البوابة.
رغم ذلك، لم يتحرّك كاردين خطوة. لم يسحب سيفه. لم يتأهب.
كنتُ أنا فقط من غلي الدم في عروقي. من أراد أن يصرخ.
(أيا يكن ما هذا الشيء، يجب أن نهاجمه الآن! لماذا يقف متجمّدًا هكذا؟!)
وبينما كنت أتحرّق قلقًا، خرج رجلٌ من الظلال…
شعره متشابك، قذر، تغطّيه الأتربة. ثيابه ممزقة إلى خرق بالية. يديه ملطختان بالدماء، وأظافره طالت حتى أصبحت كالمخالب.
تحت وهج المصباح، رأيت عينيه الحمراء المتوحشة تبرق بجنون بين خصلات شعره الأسود الكثيف.
وما إن تبيّنت ملامحه حتى كاد قلبي يتوقف.
ندبة طويلة تعبر جبينه، وهيئة رجل في منتصف العمر يشبه كاردين بدرجة مدهشة.
(لا… هذا مستحيل…!)
لقد كان هو — بيرت هيلايد.
الدوق السابق… وعم كاردين الراحل حسب السجلات!
(مستحيل… ألم يُعلن عن وفاته؟ كيف يكون حيًّا هنا؟!)
انتابني رعب أشبه بالجليد. جمّد أطرافي.
لكن ما هو أفظع… هو أنه كان في حالة انفجار سحري.
تمامًا كما يُقال في الأساطير — حين يُفقد العقل، وتتحوّل القوة السحرية إلى وحش هائج لا يعرف سوى الدم.
وحين التقت عيناه بعينَي كاردين، انبعث منه زئير وحشي:
“غغغغأاا!”
اندفع بيرت بيده الملطخة بالدماء نحو كاردين، ملوّحًا بمخلبه المدوّي.
“احذر، سموّ الدوق!!”
لكنه تراجع بخفة، حركة واحدة كافية لتفادي الضربة.
“كغاااه!!”
أخذ بيرت يضرب الهواء بعنف. إلا أنه لم يتمكن من التقدم أكثر.
كلنغ! كلنغ!
نظرتُ بعناية، لأكتشف أنه مكبّل بسلاسل ضخمة في قدميه ويديه، مثبتة بجدران الغرفة.
(يا إلهي… على الأقل… هو مقيد…)
شهقت بارتياح، ثم سقطت جالسة في مكاني من شدة التوتر.
“شوشو… لماذا تبعتِني إلى هنا؟”
ارتجف كياني من صوت كاردين الهادئ كالصقيع.
كان واقفًا أمامي، يحمل نظرة باردة يخفي خلفها عاصفة من المشاعر.
“لأنك كنت ستواجه الخطر وحدك! وأنا الوحيدة القادرة على إيقاف شخص في حالة انفجار سحري… لا بد لي من أن أكون بجانبك!”
(أنا لم آتِ هنا لأكون عبئًا! أنت أول من أخفى الحقيقة!)
فرددتُ ذيلي، ونفشتُ فرائي، وصرخت:
“أهذا المهم الآن؟ لماذا أخفيت أن عمك لا يزال حيًا؟!”
تجمّد وجه كاردين فجأة.
(هل أصبتُ الوتر الحساس؟)
عاد بنظره إلى بيرت، الذي ما زال يزأر ويحاول الهجوم.
“غغغأاا…!”
كأنما رأى أمامه فريسة لا يُمكن أن يفلتها.
كاردين لم يرد، فقط نظر إليه بعينين غارقتين في الذنب والعجز.
“السبب الرسمي لوفاة العم… كان المرض.”
“المرض؟ ولكن…؟”
“رجال آل هيلايد لا يموتون إلا بطريقتين: إما في معاركهم ضد الوحوش، أو بسبب انفجار سحري داخلي.”
“انفجار سحري؟”
“نعم… سحرنا قوي للغاية لدرجة أن أجسادنا لا تحتمله مع مرور الوقت. وعندما نهزل، تنفلت طاقتنا وتحوّلنا إلى وحوش. حينها… يُسجَّل في السجلات أننا توفينا، ويُحبَس الجسد في الجناح الغربي. هذا هو قانون العائلة.”
كان كاردين يحدق في عيني بيرت. ذلك الوحش الذي كان يومًا ما إنسانًا… وعمًا، وأبًا ثانيًا.
“إنه لأمرٌ ساخر، أليس كذلك؟ أن تقضي حياتك تقاتل الوحوش… ثم تصبح واحدًا منهم في النهاية.”
ضحكة مرّة ارتسمت على شفتيه وهو يرفع سيفه.
شيننغ…
أضاءت شُفرة السيف حين خرجت من غمدها، وكأنها تستجيب لصاحبها.
رفعها إلى مستوى عينيه. انعكس وجهه على الفولاذ. وجه رجل اختلط فيه العزم باليأس.
“سموّ الدوق! ما الذي تنوي فعله؟!”
شهقت، قلبي انقبض.
(لا… لا يمكن!)
ركضت أمامه، أوقفته.
“تنحّي جانبًا. هذه مسؤوليتي.”
“مسؤوليتك؟!”
“حين يتحوّل سيد الجيل السابق إلى وحش، يتوجب على وريث آل هيلايد أن ينهي معاناته… ويحفظ شرفه بيده. هذه لعنتنا.”
(يالها من لعنة… أن تقتل من كنت تعتبره قدوتك…)
“لا… لا! لا يمكنك فعل هذا! لا بد من وجود طريقة أخرى!”
رجوته بعينين دامعتين، وأنا أعلم كم هو الألم الذي يحمله هذا القرار.
“لقد كان… معلمي.”
همس كاردين بصوت مكسور.
“علّمني كيف أمسك بالسيف، كيف أحمي مملكتي… كيف أكون وفيًّا.”
عضّ شفته السفلى، فانفجرت منها قطرة دم.
“كان بطلًا نبيلًا. لا يليق أن يُترك ليُمحى بهذه الصورة. شرفه… يجب أن يُصان.”
كان بيرت يزأر، يضرب الهواء، يحاول اقتلاع القيود.
وكاردين رفع سيفه بخفة، وهمس وهو يخطو نحوه:
“يا من كنت نور آل هيلايد… نم قرير العين.”
لكن قبل أن تهوي الضربة، قفزت في الهواء و…
غرستُ أنيابي في يد بيرت.
“شوشو!! هذا خطر!”
صرخ كاردين، لكنني تابعت. عانيت ألمًا جحيميًا حين اندفعت الطاقة السحرية الهائجة إلى داخلي.
أحسستُ أنني سأتمزق.
“كييااااه!!”
لكنني لم أفلت.
ثبت كاردين يد عمه ليساعدني، وفي تلك اللحظة… التهمتُ الانفجار السحري.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 19"