كانت لولو ترتدي قميصًا أبيض أنيقًا وفستانًا أحمر، وقد علّقت على كتفها حقيبة صغيرة على شكل بيضة مقلية، صنعتها لها السيدة ميري بخياطة يدوية.
وقفت أمام الباب وكأنها تنتظر أنجيلا منذ زمن، ثم أعلنت بنبرة جادّة.
“أختي… هل أستطيع الذهاب معكِ إلى السوق؟”
في الحقيقة، لم يكن إعلانًا بقدر ما كان سؤالًا… لكن ملابس الخروج كانت جاهزة منذ البداية.
حدّقت أنجيلا فيها بدهشة.
“لا، لا يمكنكِ…”
“هاه؟!”
“لولو الصغيرة ما زالت لا تتحكّم في عطسة النار.”
“لكن… لو بقيتُ مع الفارس وحدنا، ثم غضب مني، ماذا أفعل؟”
توقفت أنجيلا عند هذه النقطة، فهي لم تفكّر في الأمر من قبل.
وإن تُركت لولو مع الدوق فيليكس وحدهما… فصحيح أن فيليكس محتجز ولا خطر منه، لكن ماذا لو أن لولو، ببراءتها المعهودة، أعادت الحديث عن رايان واقتحمت المخزن مرة أخرى…؟
أمسكت أنجيلا يد الصغيرة بسرعة، وقد بدا على وجهها القلق.
من الأفضل أن تصطحبها، فهذا أهون من أن تثير المشاكل في البرج.
“حاضر!”
لم تكن أنجيلا تعلم حينها أن أكبر كارثة يمكن أن تتسبب بها هذه التنينة الصغيرة ليست عطسة نار… بل ما هو أعظم.
***
“واااو، إنها القرية!”
بعد ساعات من السير، خرجتا من ظلال الأشجار الكثيفة لتصلا إلى قرية تعلوها أسقف القرميد.
رأت لولو أناسًا يصلحون الأسوار والأبواب، وأطفالًا يتقاسمون رغيف خبز، ونافورة معطّلة… كان المكان كئيبًا في نظر أيّ شخص، لكن لولو كانت تنظر إليه بإعجاب وانبهار، فهي تزور القرية لأول مرة منذ عام كامل.
“أختي! أريد أن أذهب إلى هناك، اللوحة فيها كوب جميل!”
“تلك حانة، وأنتِ صغيرة على دخولها.”
“إذًا هناك! اللوحة فيها سيف رائع!”
“ذلك متجر أسلحة، وغالبية ما فيه مصنوع لقتل التنانين، لذا علينا تجنّبه تمامًا.”
“حسنًا… ماذا عن هذا المحل الذي على لوحته دائرة؟”
“ذلك بنك، ولا يُسمح بالدخول إلا لمن معه مال. هل معكِ مال لولو؟”
بالطبع لا.
لكن لديها أختها الأميرة…
“لكن أختي أميرة، والأميرات كثيرات المال!”
“الأميرة هربت من القصر ولم تأخذ شيئًا معها. لكن إن عدنا إلى القصر، فهناك سيكون الكثير…”
“أوه.”
بدت على وجه لولو ملامح جدّية مفاجئة.
لقد قاست في ذهنها بين منزلها الحالي في البرج، وبين القصر الفخم الذي قرأت عنه في كتب الحكايات… وكانت النتيجة واضحة.
“أختي، سأكون مُقتصدة.”
قبضت قبضتها الصغيرة بجدية جعلت أنجيلا تضحك.
“شكرًا يا عزيزتي.”
“بالطبع، فأنا لم أعد طفلة.”
كانت قد رأت الكتاب السري المخفي في القبو… وها هي الآن، في سن الرابعة، تتخذ ملامح شخص مدرك للواقع.
لكن جدّيتها سرعان ما تلاشت حين اهتزّت حقيبة البيضة المقلية.
– أيتها التنينة الصغيرة، لقد وصلتِ إلى القرية بسلام. لا شك أن بركة السماء رافقتك.
كان صوت الجوهرة داخل الحقيبة، وهي لا تُسمع إلا للولو.
“نعم، جئت مع أختي… لكن إلى أين نذهب الآن؟”
همست بصوت لا تسمعه أنجيلا.
في الحقيقة، كانت هذه خطّة لولو منذ البداية، التظاهر برغبتها في السوق، ثم استغلال الفرصة للبحث عن رايان وجمعه بالفارس.
– انتظري قليلًا… العثور على شخص غير مرئي أمر يحتاج بعض الوقت.
“حسنًا…”
صمتت الجوهرة وكأنها تركّز، لكن لولو لم تصبر طويلًا.
“أيتها الجوهرة؟”
وضعت أذنها على الحقيبة، لكن فجأة سمعت من يناديها.
“لولو؟”
التفتت بعينيها الياقوتيتين الواسعتين.
“السيدة ميري!”
“أوه! لقد كبرتِ كثيرًا في سنة واحدة! ما الذي جاء بكِ؟ كم مضى منذ رأيتك آخر مرة!”
“أجل، خرجنا في نزهة صغيرة.” قالت أنجيلا، ثم التفتت، “لولو، القي التحية.”
“آه، تشرّفنا!”
حين اقتربت السيدة ميري تصفق بيديها، همّت لولو بالانحناء…
– أيتها التنينة الصغيرة، ليس وقت التحيات! إن أثر رايان يقترب بسرعة أكبر وأكبر!
رفعت لولو رأسها فجأة، وأسرعت بالاختباء خلف ساق أنجيلا.
“هاها، يبدو أنها اصبحت تخجل بعد سنة.”
“ربما.”
لكنها لم تكن تخجل، بل كانت تستعدّ…
– اسمعيني جيدًا، من الآن فصاعدًا، أياً كان من يقترب منكِ، لا تترددي وأمسكي به. أثر رايان يركض نحونا بسرعة مرعبة.
“حقًا؟ ولماذا يركض؟”
بدأت تعدّ في رأسها.
واحد…
اثنان…
…ثلاثة!
“سارق خبز!”
صرخت السيدة ميري في الوقت نفسه الذي جاء فيه النداء من الجوهرة.
كان صبي أطول من لولو برأسين يركض بخفة، يحمل خبزًا سرقه لتوّه.
“يا إلهي، هذا الفتى يفعلها دائمًا! يبدو أن مجموعة الأيتام شكلوا عصابة، حتى بائع الفاكهة يشتكي منهم!”
“ألا يوجد حرس هنا؟” سألت أنجيلا بدهشة.
“لقد تركت المملكة هذا المكان، تفضّل إرسال الجنود لمواجهة الوحوش بدل حراسة القرية.”
“يا للكارثة…”
“أما أنا، فأشفق على الصبي، فالخبز ليس شيئًا عظيمًا لأبخل به عليه.”
لكن الصبي كان قد اختفى كقط هارب.
“لولو، اشترينا الخبز، فلنذهب الآن إلى بائع الخضار.”
لكن حين التفتت أنجيلا…
“لولو؟”
شعرت بانقباض مألوف في قلبها… نفس المشهد الذي رأته صباح اليوم. لولو تختفي فجأة من مكانها!
“أين اختفت مجددًا؟!”
***
في تلك اللحظة…
“رايان، هل تريد أن نلعب الغمّيضة؟ سأكون أنا الباحثة!”
كانت لولو تطارد الصبي سارق الخبز بوجه مفعم بالحماس.
“ما الأمر؟ أيتها الصغيرة، توقفي عن ملاحقتي!”
“يقولون إنك سرقت تفاحًا من بائع الفاكهة آخر مرة… هل نمسكه أم نتركه؟”
يبدو أن رايان كان مشهورًا، فكل من اصطدم به في طريقه أمطره بالشتائم.
وكان هو يهرب بخفة، يطلق سعالًا بين الحين والآخر.
“كيف… كيف لا تتعب هذه الطفلة؟”
بعد عشر دقائق من المطاردة، التفت رايان أخيرًا إليها.
أخيرًا وجدته! الآن أستطيع الحديث معه!
لوّحت له لولو بسعادة.
“رايان! عندي ما أقوله لك، هل يمكننا التحدث؟”
“من أين… تعرفين اسمي؟”
“أنت أخ الدوق فيليكس، أليس كذلك؟ سأعيدك إليه!”
“…ماذا؟”
ارتبك الصبي الوسيم، ثم ازداد ركضه سرعة.
“لقد نسيني منذ زمن! لم يأتِ لرؤيتي أربع سنوات، والآن يرسل طفلة لتأخذني؟ أنتِ خاطفة!”
“لستُ خاطفة… سأعيدك للفارس!”
“وهذا بالضبط ما تفعله الخاطفة!”
“أها، إذًا سأكون خاطفتك!”
“…كح! كح!”
شهق رايان وقد اختنق من الصدمة.
ما قصة هذه الطفلة؟
كانت نظيفة الملابس، مرتبة الشعر، من الواضح أنها من منزل كريم، لكنها تعرف اسمه، وتزعم أنها ستأخذه لأخيه…
لقد تعلّم رايان خلال أربع سنوات من النجاة وحيدًا أن لا وجود لكرم بلا مقابل.
وكان عليه التخلص منها.
لو أخذتها إلى أصدقائي عند البحيرة السوداء، سترتعب وتهرب بنفسها.
لكن…
“رايان، أنا أيضًا بلا أبوين. خذ هذا المعطف، وهذه الوشاح، أنا لا أشعر بالبرد.”
“…يا أصدقاء؟”
حين انتبه، وجد أن جميع أصدقائه قد تجمعوا حولها.
“شكرًا لكِ يا لولو!”
“أنتِ فتاة طيبة!”
وهكذا تحوّل الموقف إلى مشهد رشوة جماعي، حيث سقطت مقاومة الأصدقاء أمام دفء هداياها.
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 6"