استمتعوا
“وووونغنيييي!”
“ما الأمر؟ من ذا الذي أبكى صغيرتي؟”
انفجرت خيبةُ لولو المكتومة.
“أخـ… أختي… لِمَ جميعُ كبار البرج سعداءٌ؟ هُقبع! لولو… لولو يجب أن يحتضنَ الأصدقاء الحزينين… هُقبع! ولكن…!”
“هاه؟ صغيرتي، اهدئي وتكلّمي بهدوء، لا أفهم شيئاً.”
“هوووووووااااه!”
وهكذا، بعد ساعة كاملة.
غلغلة.
ارتشفَت لولو عصير البرتقال حتى مال رأسها إلى الوراء، ثم أطلقت زفرة راضية.
“ياااهـ، هذا هو الشعور الحقيقي!”
سَحبت أنفاساً.
ومسحت بشفتها الصغيرة على ظاهر كفّها، قبل أن تُعلن في وقار.
“لقد فهمتُ الآن سرَّ السعادة! إن نلتَ الدلال من أختكِ… وأكلتَ ما طاب من الطعام، صرتَ سعيداً!”
نعم.
فالتنينة الصغيرة كانت كائناً بسيطاً، يُسعدهل القليل، ويبهجها ما هو أيسر!
تدلّت ساقاها الممتلئتان وهي جالسة على الكرسي، تتأرجحان في الهواء.
“غير أنّ… لولو تريد أن تنجح في العناق لتحصل على عشِّ التنين… فمن بقي في البرج؟”
تأمّلَت برهةً، ثم انتفضت ضفيرتاها الصغيرتان كزنبركين.
“آه! تشيس! أين هو تشيس؟!”
لقد تذكرت أخيراً صديقها الغائب.
“الأمير تشيس كان مريضاً لبضعة أيام. لكنه بخير الآن، ستجده في ذلك الخِباء.”
“تشيس كان مريضاً؟! ما الذي أصابه؟”
“يبدو أنّه تناول خبزاً فاسداً.”
شهقت لولو، وراحت تدلّك ذقنها الصغير بجدّية.
“مَن الذي تجرّأ وأعطاه مثل ذلك؟!”
“لا ندري.”
“يا للشرّير!”
ونسيت المسكينة أنّ الشرير كان… هي نفسها.
زحزحت لولو طرف الخيمة، وأدخلت رأسها الصغير.
“نوك نوك!”
“…تنينة؟”
أجاب صوتُ تشيس فوراً، وقد عرفها.
اندفعت لولو إليه بلهفة.
“سمعتُ أنّك تناولتَ شيئاً فاسداً ومرضت!”
“لا أدري، الفرسان قالوا إن عليّ أن أرتاح في الخيمة.”
“لكن… ألم تقل إنّك أكلت خبزاً؟”
“نعم، قالوا إن الخبز قد فسد.”
تجمّدت شفاه لولو في الحال.
ذلك الخبز… كانت هي من أعطاه له!
بردَت أطرافها، وعرقَ جبينها البريء.
ارتجفت وهي تهمس.
“تـ… تشيس… هل أنت مريض لأنك أكلتَ الخبز الذي أعطتك إيّاه لولو؟”
ابتسم بهدوء وقال.
“لا بأس. كان الأمر ممتعاً.”
وانهارت لولو على ركبتيها، تبكي بحرارة.
“آسسسفة!”
“قلتُ لكِ لا بأس. كان ممتعاً أن آكل طعامك.”
***
لكن لولو لم تنسَ مهمّتها.
“إذن… تشيس. هل تودّ أن تعانق لولو؟”
رفع الفتى حاجبيه في حذر.
“ولماذا؟”
“لأنّ العناق يُنسي الحزن! أَسرِع، عانق لولو!”
فتحت ذراعيها بكل قوّتها، متهيئةً لاحتضان صديقها.
تردّد تشيس، ثم أطرق برأسه وقد عقد عزمه.
“حسناً، فلنجرب.”
“أجل!”
قفزت لولو ككرة صغيرة في حضنه، تعانقه بكل دفء.
لكن فجأةً، ارتجف جسد الأمير، ودفعها بعيداً.
“أبـ… ابتعدي! أشعر أنني… سأتقيء!”
وانطلق يركض إلى خارج الخيمة.
أما لولو، فبقيت على الأرض بعد أن سقطت على مؤخرتها، تهمس بصوت مخنوق.
“…قال ابتعدي؟”
احمرّت عيناها بالدموع، وارتجف صوتها.
“عـ… عناق لولو يجعلك تتقيأ؟”
وانفجرت بالبكاء المرير.
وفي الخارج، كان تشيس يلهث كمن فرّ من كابوس.
حين لامس جسده التنين، عادت الطلاسم السوداء المنقوشة على جلده لتخبو شيئاً فشيئاً.
ارتجف قلبه، وأدرك الحقيقة.
“لم يكن صدفة… هذه التنينة تمحو تلك اللعنة.”
لكن بدلاً من الارتياح، اجتاحه الرعب.
لأنّه إن زالت اللعنة، فسيعود ليشعر بالخوف والوجع الذي طمسه زمناً طويلاً.
شدّ قبضته وغمغم.
“لا بدّ أن أُنهي قائمتي بسرعة… قبل أن أغرق مجدداً في ذلك الجحيم.”
أما لولو، فكانت تجلس في البرج، منتفخة الخدّين، عازفة عن الحديث مع أحد.
“لولو لا تحب تشيس بعد الآن!”
لكن صوتاً غامضاً، يخصّ الحكاية نفسها، همس في قلبها.
“ايتها الصغيرة، ربما لذلك الصبي أسرار دفينة. جربي أن تقتربي منه مرّة أخرى.”
فأجابت بغضب.
“لا! لقد دفعني وقال ابتعدي! تشيس ليس صديقاً صالحاً!”
ومع ذلك…
لم يختفِ تشيس من حياتها طويلاً.
فبعد أيام قلائل، وفي وقت لم تتوقّعه، ظهر أمامها قائلاً.
“أريد أن أرافقكم.”
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات