استمتعوا
‘ايها الحجر، أرجوك!’
في تلك اللحظة، انبثقت من ظهر لولو أجنحةٌ صغيرة بفضل قوة الحجر الكريم.
“آتششــو!”
وما إن عطست بنارها حتى اشتعلت الشجرة الملقاة أرضاً، فانفتحت أفواه الفرسان ذهولاً.
“مـ… ماذا هذا؟!”
“النار! النار تخرج من فم الطفلة!”
“إنها تنين!”
ارتجف الفرسان عند رؤية التنين بأعينهم لأول مرة.
“…أوه؟ هه…”
خفضت لولو رأسها بحزن حين رأتهم يتراجعون عنها.
وكانت أنجيلا على وشك تهدئة الموقف إذ لمحت دموعها تتلألأ في عينيها.
لكن فجأة انطلقت من شفتي الصغيرة نغمة رخيمة.
“النار الدافئة تذيب البرد… وتشفي من الزكام…”
رفعت لولو رأسها، وعزيمةٌ مهيبة تعلو وجهها.
“بل وتذيب اللحم المجمّد أيضاً!”
نعم… لقد ازدادت قوة لولو.
فخلف ظهرها، يقف أصدقاؤها يسندونها.
“السلمندر الصغيرة تذيب البرد… وتشفي من الزكام… إنها صديقٌ لطيف، السلمندر الصغيرة!”
ثم خطت خطوةً إلى الأمام، تدوي على الأرض: “دُوم”.
“أيها الأعمام، ألا تعرفون هذه الأغنية؟!”
ولوّحت بقبضتيها احتجاجاً.
ساد الصمت، إذ عقد الخوف ألسنة الفرسان أمام شجاعة طفلة لا تبلغ نصف قامتهم.
عندها شقّ الصمتَ صوتٌ مألوف.
“بل نعرفها جيداً.”
“هـه؟”
اندفع العم ديل بين الفرسان مقترباً من لولو.
“لقد سمعتُ الأطفال في القرية يروون عن سلمندر طيب… ولم أكن أعلم أنها أنتِ.”
ثم جلس القرفصاء ومدّ يديه نحو النار مبتسماً.
“تذيب البرد والزكام؟ يا لها من نارٍ عجيبة نافعة!”
واستدار إلى رفاقه قائلاً.
“ماذا تفعلون واقفين؟ في الشمال، لا يوجد أغبى ممن يخشى النار أكثر من خوفه من نزلة برد!”
فقال أحدهم مرتبكاً. “لـ… لا، لم نقل إن النار مخيفة، لقد فوجئنا فحسب!”
اقترب الفرسان شيئاً فشيئاً، ومدّوا أيديهم لدفء لهيبها.
رمقتهم لولو بعينيها الواسعتين، وقد انعكس في بريقهما وهج النار ووجوه الفرسان المجتمعين حولها.
‘إنهم لم يعودوا يكرهون لولو!’
ارتفع وجنتاها الممتلئتان بابتسامة فرحة، ثم انزلقت وجلست بجانب ديل.
“عمي، أصدقائي يقولون إن نار لولو تشفي الزكام.”
“حقًا؟ حسنًا، إذن نار التنين شاملة لكل شيء، أليس كذلك؟”
“شاملة لكل- شيء؟ ما معنى ذلك؟”
“شاملة لكل شيء. نافعة هنا، نافعة هناك، كل شيء فيها مفيد.”
“أوه… نافعة حقًا؟”
انفجر ديل ضاحكاً.
“هاهاها، ما أطرف حديثك!”
فضحك الجميع من حولهم، وامتلأ المكان بالبهجة.
مدّ ديل يده في جيبه وأخرج شيئاً يتلألأ.
كانت ربطة شعر على شكل زهرة، خرزها يلمع بلونٍ عسليّ عذب.
فتعلقت عينا لولو بها، مأخوذة بجمالها.
“هل ترغبين بها؟ أظنها ستبدو رائعة على ضفيرتيك.”
وضعت يديها الصغيرة على شعرها بخجل، وهي تتخيل نفسها بها.
لكنها سألت بريبة.
“لكن… هذه ليست لك، أليس كذلك؟”
ارتسم ظلّ حزن على وجه ديل، ثم ما لبث أن ابتسم قائلاً.
“ليس الأمر كما تظنين… لكن خذيها، أظنها تليق بك أكثر.”
“حقاً؟ شكراً جزيلاً!”
لم تفهم كلماته تماماً، لكنها انحنت امتناناً.
غير أنّ بريق عينيها سرعان ما عاد إلى ربطة الشعر، وقد نسيَت كل شيء عدا لمعانها.
***
في اليوم التالي.
كانت لولو متجهة نحو الفرسان وهي تدندن بمرح، لكن فجأة جمدت في مكانها.
إذ رأت الفرسان، يتقدمهم ديل، يخرّون على ركبهم أمام أنجيلا، ويصرخون.
“نرجوكِ… اقتلينا!”
لقد عادت جلسة الأمس التي قاطعها وجود لولو، وبدأ الفرسان بالاعتراف بخطيئتهم.
“لقد أخلفنا عهد القسم! أيّاً كان السبب، فنحن مذنبون!”
ارتجفت عينا لولو بخوف، واختبأت خلف ساق فيليكس.
لكنها تماسكت، ورفعت عينيها نحو أختها.
كان وجه أنجيلا صارماً، لكنها لم تنفعل.
بل جمعت الموقف بحزمٍ وحكمة.
“إذن… الملك احتجز عائلاتكم رهائن وأجبركم على الصمت؟ وأدخلَكم في صفوف فرسان القصر تحت ذلك التهديد؟”
“نعم… هذا صحيح.”
لقد اتضح أن الملك استغلهم أبشع استغلال، مهدداً بقتل عائلاتهم إن خانوه.
“كان عليكم أن تخبروني.”
تنهدت أنجيلا، ثم أضافت.
“لكن… اللوم عليّ أيضاً، إذ لم أفطن إلى ما تمرّون به.”
ثم نظرت إليهم بعزم.
“كفى بكاءً. الآن، علينا أن نفكر في كيفية استعادة عائلاتكم.”
ساد الصمت المهيب، فالحقائق وإن كشفت، لم تعُد العائلات بعد.
حينها…
-أيتها الصغيرة، تحققي من كتاب الحكايات… فصلٌ جديد قد انفتح.
رنّ صوت الحجر الكريم المعلق في عنق لولو.
شهقت دهشة. ‘فصل جديد… في هذا الوقت؟!’
فتحت كتاب الحكايات بسرعة، وإذا بصفحة جديدة تتلألأ أمامها.
الفصل الأول. التنينة الصغيرة ليست مخيفة!
~ التودّد إلى الناس (8/00 شخص) ~
لقد انضمّ داعمٌ جديد إلى صفوفك!
والتنين الصغيرة نمت مرحلةً أخرى بفضل إيمانه بك.
“لقد… لقد كبرتُ!” صاحت لولو مبهورة.
أيقنت أن السر كان في صدق القلب.
“إذا بحتُ بما في قلبي… سأكسب أصدقاء.”
وهزّت رأسها الصغيرة بيقين جديد.
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 27"