استمتعوا
“مـ.. ماذا أفعل؟ يجب أن أرى ردّة فعل تشيس.”
لعلّه يقول هذه المرّة إنّها لذيذة.
بل وربما قد يضحك ذلك الوجه البارد كالجليد؟!
“أم.. ماذا أفعل… ماذا أفعل…”
لولو التي كانت تدور في مكانها استجمعت عزمها.
“آسفة. لولو ستعود حالًا!”
لولو في الآونة الأخيرة أخطأت كثيرًا، لذا عليها أن تُطيع الأوامر!
لأنّها إن لم تُطع، فهناك عقوبة قاسية جدًّا في انتظارها.
“أخـتتتتتتتتـي!”
خرجت لولو من الغرفة قبل أن تنتظر جواب تشيس.
أمّا خارج البرج.
كان هناك من يتجوّل حول البرج وهو يحمل سلة من الخيزران.
إنّه ديل.
“…ما هذه السلة؟”
سبب خروجه بدلًا من تشيس في هذا الوقت كان واضحًا.
فقد أكل تشيس من خبزٍ متعفّن مغطّى بعفنٍ مُحبّ، كان موضوعًا في درج لولو، فشحب وجهه دون أن يُدرك.
“آه، أيها الأمير!”
وفي النهاية، اكتشف الفرسان أثر العضّة من الأرنب ذي القرنين مع ملامح وجهه السيئة، فأُرغم على الاستلقاء في الخيمة لتلقّي العلاج.
“…لقد كنت أراقب عن بُعد ذلك الطفل الأبيض الشعر وهو يقوم بحركات مريبة.”
اتّسعت عينا ديل دهشةً.
إذ كانت في السلة قطعة لحم طيّبة المظهر.
“…لا يكون أنّها قد قدّمت لنا طعامًا؟”
رفع رأسه نحو البرج غير مُصدّق.
تلك الطفلة ذو الشعر الأبيض التي بدت مريبة إلى أبعد حدّ قبل قليل، بدت له الآن ملاكًا.
“…صغيرة ومع ذلك تملك قلبًا يحنّ على الأعداء… كخخ، لا بد أن نردّ هذا الجميل. يا رفاق! وليمة اليوم!”
وأخذ ديل والفرسان ينهشون اللحم ودموعهم تترقرق على وجوههم.
إنّه الطعام الحقيقي الأوّل الذي يتذوّقونه منذ زمن بعيد.
***
الفصل الأوّل: التنينة الصغيرة ليست مخيفة!
~ التقرّب من الناس (7.5/00 شخص) ~
“أوووه؟”
بعد أن عادت لولو من مهمّة بسيطة أوكلتها إليها أختها، أمالت رأسها بدهشة.
فقد قال لها الحجز أن تتحقّق من كتاب القصص، وحين فعلت وجدت أنّ شيئًا قد تغيّر بالفعل.
كان العدد سبعة، والآن أصبح سبعة ونصف.
“هممم… كأنّ شيئًا تبدّل.”
“لقد ظهر فم مستدير بين الأعداد!”
ذلك صحيح.
فلولو لم تكن تعرف شيئًا عن الكسور العشرية.
ابتسم الحجز ضاحكًا ثم فسّر برفق مراعيًا خيال الطفلة.
-يبدو أنّ أحدًا ما بدأ يُكنّ لك بعض الود.
“هاه؟”
-ثم إنك يا برعم المستقبل، ذات الخيال اللامحدود… قد تظنين أنّها فم، لكن عليك اعتبارها نقطة الآن.
“نقطة؟”
-إنّه يعني أنّ العدد ليس كاملًا ليصبح واحدًا، لكنّه أيضًا ليس صفرًا. أحدٌ كان يكره التنانين، غير أنّه بسببك نشأ في قلبه ودّ.
“هاه!”
إنّه خبر سار. لكن من يا ترى؟
-على أي حال، لتحويل ذلك الرقم المبهم إلى ثمانية، عليك أن تجدي صاحب هذا الود وتُبرهني له أنّ التنين ليس شريرًا.
واحد ناقص… لكنه ليس صفرًا.
“هوووه.”
أومأت لولو وكأنها فهمت.
“لا أفهم شيئًا!”
لكنها تظاهرت فقط.
“مع ذلك، عليّ أن أعرف من هو الذي يُحب لولو!”
وبعد أن استوعبت المعنى العام، دخلت غرفتها.
فوق كل شيء، كان عليها أن تتحقق من إن كان تشيس قد تناول الطعام.
غير أنّها وجدت شيئًا داخل السلة التي استعادتْها.
“هـ.. هذا…!”
كانت ورقة صغيرة.
[أيتها الصغيرة ذات الشعر الأبيض، طعامك كان لذيذًا للغاية. شكرًا لك. وسأردّ هذا الجميل يومًا ما.]
“وااه!”
شهقت لولو بقوّة حتى وقعت جالسةً على مؤخرتها، ثم أسرعت متعثّرة لتتأكّد من الورقة مجدّدًا.
كانت عيناها الواسعتان ترتجفان من شدّة الدهشة.
“لقد شكروا لولو! هذا لم يكن تشيس!”
فهو ما كان ليكتب كلامًا كهذا.
وفوق ذلك، من وصفها بالطفلة الصغيرة يتّضح أنّه بالغ!
لأنّ تشيس أيضًا طفل!
‘لا يكون… الفرسان الذين قال تشيس إنهم رهائن؟’
لا يهم من كانوا، فأصدقاء جدد مرحّب بهم دائمًا!
“هممم~ همهم~.”
وبفرحٍ كبير أمسكت لولو بالألوان وكتبت ردًّا على ظهر الورقة.
وكانت رسالة لولو الطفولية العجيبة قد وصلت كما هي إلى ديل.
[مرحبـا، بالمناسبة… هل أنتم حقًا رهائن؟]
“ولمَ أكون أنا رهينه…؟”
تساءل ديل رافعًا حاجبيه.
***
ساحة العاصمة الكبرى في مملكة ليديا.
يقف برج الساعة الهائل شامخًا، والناس مكتظّون كعادتهم.
نبلاء يتحدثون في مقاهي الشرفات. فتى من العامة يبيع الصحف. وفارس خجول ينتظر حبيبته.
كلّ الطبقات تتجمّع هنا، والأخبار والشائعات لا تنقطع.
“…ما هذا؟”
“إنّه أشبه بعربة ملكية!”
وطبعًا، ما كان ليُثير الضجّة في المكان أكثر من ظهور الملك نفسه.
توقّفت أمام الساحة عربة بيضاء مذهّبة، تحفّها عشرات الفرسان.
ونفخ الفارس المتقدّم بوقًا ليجذب الأنظار.
بوووو-
“ها هو شمس مملكة ليديا، وجلالة الملك داريشيه، سيد بنيڤرا! اركعوا جميعًا بخشوع!”
فجأة، توقّف كلّ من في الساحة وركعوا.
كان داريشيه، ملك مملكة ليديا، ذا سلطة وهيبة نادرة المثال بين الملوك.
ذلك لأنّه كان أوّل من وحّد بين العرش والدين.
وريث دماء الملوك، والذي نال أيضًا الأوراكل الإلهي.
في البداية، أبدى الناس مخاوفهم من أن يتجاوز الملك على قوة الدين.
لكنّ الأمور تغيّرت…
“أنا.. لقد نلت البركة من جلالة الملك ورأيت الحاكم بعيني. إنّه حقيقي!”
“أدركت أنّ الحاكم إلى جانبي. والملك هو من أظهره لي!”
ومع تكاثر من ادّعوا أنّهم نالوا بركته ورأوا الحاكم، انتشر أتباعه ومؤمنو بنيڤرا حتى سيطروا سريعًا على المملكة.
“لا بدّ أنّكم فوجئتم بقدومي المفاجئ. ارفعوا رؤوسكم.”
خرج الملك داريشيه من العربة بصوتٍ وديع.
رغم أنّه في الخمسين، بدا شابًا على نحوٍ لا يُصدّق.
بشرته ناعمة كالبورسلين.
شعره البلاتيني يغطي جبهته، وعيناه الزرقاوان رمز العائلة المالكة.
شبابٌ لا يُحافظ عليه المرء إلا إن كان مختارًا من السماء.
“أمّا سبب قدومي المفاجئ، فهو لألصق بنفسي لوحة في هذه الساحة.”
ارتفعت علامات الاستفهام في رؤوس الحاضرين.
لكن سرعان ما تعالت صرخات الذعر.
“آآه! لمَ وُضِع شيطان هناك؟!”
“أمّاه، إنّه مخيف…!”
على اللوحة: عينان شريرتان، قرنان مع أجنحة، أنياب ومخالب حادّة.
إنّه التنين.
أومأ الملك برأسه كأنّه يُقرّ مخاوف الناس.
“يا شعب مملكة ليديا. قبل عام، تعرّضنا لكارثة لم يُشهد مثلها من قبل: غزو التنانين. وبفضل شجاعة فرساننا وسحرتنا دحرنا ذاك الخطر… لكن.”
توقّف لحظة وأكمل.
“…مؤخرًا تبيّن أنّ تنينًا صغيرًا نجا ولم يمت، وقد اختطف أميرتنا.”
“يا للهول!”
الجميع يعلم أنّ الأميرة مفقودة. لكن سماع أنّها بيد تنين كان صاعقة!
“ولهذا، نرسل الفرسان في أنحاء المملكة للبحث عن التنين. ولكن كأبٍ لابنة، أعيش كلّ يومٍ بحزنٍ لا يُطاق.”
وانتشر خطاب الملك سريعًا في أرجاء المملكة.
“عاجل! إنّ الذي اختطف الأميرة تنين! اقرأوا الصحف!”
أخذ الصبية يركضون في المدن والقرى ناشرين الخبر.
“قالوا إنهم قضوا عليهم في الغزو! كيف بقي أحد؟!”
“وماذا سنفعل الآن؟ أعلينا أن نعيش مرعوبين من جديد؟”
تملّك الخوف الجميع حتى عجزوا عن النوم.
***
بعد أيام، في قاعة الاستقبال الملكية.
“جلالتك. في الجنوب الغربي، بدأ الشباب يُكوّنون جماعات ويُعلنون انطلاقهم لمغامرات بحثًا عن الأميرة والتنين.”
“جلالتك. وكذلك في الشرق. حتى النبلاء بدؤوا يتزاحمون على قراءة الكتب ليتعلموا كيف يقاتلون التنانين.”
“غير أنّ الشمال ما يزال متحفّظًا، ربما لأنّ نفوذ ديننا فيه أضعف.”
قدّم المستشارون تقاريرهم.
فجأة، دار الكرسي عند النافذة.
“آهاهاهاها!”
وانفجر الملك داريشيه ضاحكًا بجنون.
“الشمال يملك الفيلق الثالث! وبذلك، من الشرق إلى الغرب إلى الجنوب، الكلّ يبحث عن التنين!”
نهض من مقعده رافعًا كأس الخمر.
“لنخب ابنتي التي ستعود قريبًا، ولنخب تلك السحلية الصغيرة!”
وارتشف الكأس دفعة واحدة، ثم هوى على كرسيه مُترنّحًا.
وهكذا كانت تُدار المملكة.
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 25"