حين أفاق ديل متأخراً من صدمته، أصدر أوامره، فبدأ الفرسان يقتربون منهم.
أمسك فيليكس بمعصم أنجيلا وأجبرها على التراجع إلى الخلف.
“سمو الأميرة. لقد استنزفتِ قواك من شدة انفعالك، لذا اهربي. سألتقيك بعد قليل عند طريق الانسحاب.”
“أنا من سبّب كل هذه الفوضى، فإن كان لا بد من القتال فالأجدر أن أقاتل أنا.”
“عادةً، حين يطلب الفارس بجدية من الأميرة أن تهرب، فإنها تعده بألا تنسى فضله ثم تهرب، أليس كذلك؟”
“هذا يحدث في قصص الحكايات فقط.”
وعلى غير العادة، بدت أنجيلا هادئة رغم أن الموقف كان يسير ضدها.
“أما في الواقع، فحتى الأميرة عليها أن تدبّر عقلها جيداً لتبقى على قيد الحياة.”
وفي تلك اللحظة، أضاءت الحجارة الصغيرة التي كانت تمسكها بيدها بضوء أزرق.
ثم دوّى خلف الفرسان صوت انفجار هائل.
إنها الأداة المتفجرة التي كانت أنجيلا قد علّقتها مسبقاً بكل حرص.
قعقعة! دوّي!
“اللعنة! لا تتحركوا–!”
“الشجرة تنهار!”
فجأةً تجمّد الفرسان في أماكنهم.
إذ بدأت الأشجار الضخمة، التي علّقت عند جذوعها الأدوات المتفجرة، تتهاوى واحداً تلو الآخر محدثة دوياً يصم الآذان.
“وما نفع أن يقبضوا عليّ؟ فلن يستطيعوا الخروج من الغابة.”
ارتجّت الأرض مع كل سقوط لشجرة، كأن عملاقاً يخطو فوقها.
“!”
ارتاعت لولو ورايان من الهول وسقطا على ظهريهما.
بعد قليل، سدّت الأشجار المنهارة طريق انسحاب الفرسان.
“ما الذي…يحدث…”
حدّق ديل مذهولاً بالأشجار، ثم احمرّ وجهه شيئاً فشيئاً وصرخ بعروق نافرة في عنقه.
“يااا سممممووو الأميييرة!”
“كنت أعلم أنكِ صاحبة طبع قوي سموكِ، لكن لم يخطر ببالي أنك ستدمّرين غابة بأكملها! أجننتِ؟”
وبينما كان يتكلم، أطلّت لولو برأسها من خلف جذع شجرة، تساعدها يد رايان على النهوض.
‘واو! أختي صنعت جداراً ضخماً من الأشجار!’
خلفهم، تراصّت الأشجار المقطوعة كالأسوار، حتى حجبت السماء.
ومهما كانت قوة الفرسان، فعبور تلك الحواجز منذ مدخل الغابة شبه مستحيل.
“أتظن أن خدمة الأميرة أمر يسير؟”
قالت أنجيلا بلهجة راضية وهي تتأمل الجدار الخشبي، ثم تجاوزت ديل بابتسامة ساخرة.
“لا أرى جدوى من الكلام معك. سأعود إلى برجي، ولا تفكر بالاقتراب منه. فداخل البرج أدوات أعظم من هذه.”
“سـ، سموكِ…”
“نصيحة. لا تحاول.”
“سموكِ! أرجوكِ لنـ…”
لكنها مضت غير عابئة، فتنهد ديل بيأس. أدرك هو الآخر أن القبض على الأميرة لن يجدي، ما داموا محبوسين داخل الغابة.
“…تشه. اقطعوا الأشجار، لنفتح لأنفسنا طريقاً.”
“سيدي، تكلّم بلهجتك المعتادة، لا حرج.”
“أحتى هذا أحتاج أن أستأذنكم فيه؟ أسرعوا!”
“…أمرك!”
وبينما بدت الغابة كساحة قاحلة تملؤها الأشجار المقتلعة، ابتلع ديل ريقه وهو يتأمل جذوعاً أسمك من جسده.
‘لن نفرغ من هذا اليوم… سنضطر للتخييم هنا أياماً.’
***
بعد قليل، في البرج.
جلست أنجيلا على الكرسي واضعة ساقاً على أخرى بوقار.
وأمامها، انكمش كومة صغيرة من الفراء الأبيض على الأرض. كانت لولو.
“لقد أخطأت…”
“ماذا قلتِ؟”
“أ، أخطأت يا أختي.”
“لا أسمعك جيداً~.”
“لولو خرجت خلسة من دون إذنك… كان خطأ!”
انسدلت ضفيرتاها كأذني جرو مطأطئ الرأس.
‘…آه.’
كانت تتمنى الارتماء في حضن أختها، لكنها تعلم أن الخطأ هذه المرة منها تماماً.
رفعت ذراعيها الممتلئتين بالعزم إلى الأعلى، رغم ارتجافهما، دون أن تطلب منها أختها ذلك.
لكن أنجيلا لم تبدُ متأثرة.
‘لو أنني لم أذهب لرؤية أصدقائي… أو حتى عدت فوراً بعد لقائهم…’
ارتجفت شفتاها وهي تحبس دموعها.
“هيييك… هييييك…”
وبعينين دامعتين، انتظرت لولو الصفح بلهفة.
ومن ذا الذي لا يرقّ لهذا المشهد؟
استسلمت أنجيلا في النهاية.
“…لن تكرريها ثانية، صحيح؟”
“لن أكررها…”
“وإن حصل أمر غريب مجدداً، ماذا ستفعلين؟”
“أترك المكان وأعود إلى أختي!”
“أحسنتِ.”
وما إن فتحت ذراعيها حتى ارتمت لولو إلى حضنها، تضم ذراعها المتعبة.
“آه آه…”
“هل أنتِ تنين أم جرو صغير؟”
“ذراعي تؤلمني… لقد بقيت مرفوعة طويلاً.”
“أتريدين أن أدلّكها لكِ؟”
“نعم…”
ومع دفء جسد أختها، انفرج وجه أنجيلا بعد أن كان متجمداً.
لكنها لم تزل تفكر وهي تعبث بأداة التتبع.
“…لماذا لم تعمل أداة التتبع حينها؟ الآن تعمل جيداً. لولو، ماذا فعلتِ في الخارج؟”
“لم أهرب، خرجت في نزهة.”
“حسناً، وأين ذهبتِ؟”
“همم… التقيت بأصدقاء البحيرة السوداء…”
“وبعد؟”
تذكرت لولو شيئاً وقالت بفخر.
“كما أنني أنقذت إنساناً!”
“إنساناً؟”
“نعم. اسمه تشيس!”
“…؟”
لكن عوضاً عن أن تُسرّ أختها، تجمّد وجه أنجيلا.
“حقاً اسمه تشيس؟”
“نعم! نعم!”
فجأةً فتحت أنجيلا نافذة البرج. وصدقت لولو. كان هناك فتى أشقر الشعر بين الفرسان.
“…إذن، أداة التتبع…”
لقد تعطلت لأنها غمرها سيل هائل من الطاقة السحرية. وتشيس وُلد بطاقة لا يصدق مقدارها.
“……”
لكن بقي سؤالها. لماذا جاء إلى غابة الظلال؟
مع أنه ابن غير شرعي، فإن الملك نفسه كان يحميه لموهبته السحرية النادرة. بل حتى رجال الدين في بنيڤرا، رغم تشددهم ضد الأطفال غير الشرعيين، لم يجرؤوا على المساس به. بل ومنعوه حتى من دخول السراديب…
“…ما الذي جرى لك؟ لقد كنت مشرق الوجه، والآن بلا بريق في عينيك.”
نقرت أنجيلا بلسانها من الضيق. لا تعلم لمَ هو هنا، لكنها أيقنت أن الأمر مرتبط بقوته.
في تلك اللحظة…
“أختي!”
ضغطت لولو بأناملها السمينة البيضاء على أنف أنجيلا.
“لكن، ما معنى كلمة رهينة؟”
“الرهينة هو إنسان يمسكه الأشرار ليبتزوا به الآخرين. ولماذا تسألين؟”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات