استمتعوا
-هممم، يا له من فتى جريء بحقّ. وكأنّ قوّته السحرية، مثل شخصيته، ليست عادية أبدًا. من يكون هذا الفتى بحقّ؟ وإلى أين سيأخذ مصير هذا الصغير…!
“لولو، إلى أين تذهب الان؟”
-أيتها البطلة الصغيرة، هل تعرفين المثل القائل. خطوة إلى الوراء من أجل خطوتين إلى الأمام؟
أمالت لولو رأسها بدهشة من صعوبة العبارة.
“في كتب القصص لا يوجد مثل هذا الكلام.”
-بالطبع، فهو قول معقّد! ما أقصده هو أنّكِ تتظاهرين بالاستجابة لطلب الفتى فقط. فلا ينبغي أن تتحمّلي ذنب غيابه!
وكان كلام بوسوقي منطقيًا.
‘حقًا، من الجيد أنني سألت بوسوقي…’
“امموااه!”
وقد أعربت لولو عن امتنانها بقبلةٍ قوية، ثم عادت إلى الموقف نفسه.
ولا يزال الفتى مستلقيًا صامتًا كما لو أنّه فأر صامت.
‘إذا خدعها هذا الفتى بالتمثيل… فربما لولو قادرة أيضًا…!’
“هممممم…”
صوت مزعج قليلًا، جاهز!
شدّت لولو حاجبيها بعزمٍ وحركتهما للأسفل.
“لا مفر… إذا غلبتك هنا، فسأتصرف كالتنين الشرير… لكن سأستجيب لطلبك أولًا.”
“حقًا؟”
جلس الفتى فجأة منتصبًا.
اه!
بالطبع، لم تكن لدى لولو أي نية لإرسال الفتى إلى السماء.
لقد انخدع الفتى تمامًا بتمثيل لولو!
ابتسمت لولو ابتسامة ماكرة.
“حسنًا، إذاً أمسك بيدي.”
وفي اللحظة التي أمسك فيها الفتى يد لولو البيضاء.
“آه، يؤلمني! مخيف! توقف، أبي!”
توسّعت حدقة عين الفتى الرمادية المظلمة فجأة.
“تسك، هل ستبكي في كل مرة أسحب فيها السحر؟”
“إنه مؤلم! يؤلمني!”
شعور غريب ومخيف اجتاح المكان.
“جلالة الملك، الأمير تشيس… فقد غاب عن الوعي، إذا استمر الحال هكذا…”
“رغم معاملته برفق… إلا أنّه ضعيف لهذه الدرجة… اربطوه.”
“لـ، لا أريد!”
خطوات الأحذية القادمة للفرسان اقتربت.
خطوات الأحذية القادمة للفرسان اقتربت.
ظلّ ضخم.
عجز.
خوف من الموت.
وبينما تدفق الشعور بالرهبة، اجتاح شعور بالسكينة
“!”
انتفض الفتى فجأة، وانتزع يده من يد لولو.
اتّسعت عيناه الزرقاوان على نحو لم يحدث منذ عام كامل، إذ اجتاحه الرعب من جديد كما في كابوس البارحة.
بل كان الإحساس الأخير…
“كيف… فعلتِ ذلك؟”
خرج صوته متشققًا كقشرة شجرة.
“أوه، يبدو أنّك تألمتَ كثيرًا؟”
لم تكن لولو تدري شيئًا عن ماضيه، فرفعت ساعدها الأبيض الطريّ مفتخرةً.
“لولو قويّة!”
“ليس هذا ما أقصد…”
‘هممم؟ هل يفكر في شيء؟’
مالت لولو برأسها بدهشة.
شدّ الفتى حاجبيه وكأن شيئًا يزعجه.
ثم، عندما التقى بعيني لولو البرّاقتين النقيتين، أطلق تنهيدة أخيرًا.
“…حسنًا. صحيح أنّ الأمر يثير الانزعاج قليلًا… لكن لا بد أنّه مجرد صدفة. على أي حال، ستستجيبين لطلبي، أليس كذلك؟”
“نعم!”
“شكرًا.”
“لكن بشرط، أن ننجز قائمة الأمنيات أوّلًا.”
“…قائمة الأمنيات؟”
أومأت لولو بعينين متلألئتين، وقد بدا عليها الحزم.
‘لم يبقَ لي إلّا هذه الخطة…’
نعم، لقد كان ذلك حيلة منها لتأجيل تنفيذ طلبه.
‘أيمكن أن تُبعث الرغبة في الحياة في قلبه إن تحقّقت هذه الأمنيات؟’
وهكذا كانت قائمة الأمنيات للأطفال مكتملة كما يلي.
1. تناول خمس بيضات مقلية مكدّسة فوق بعضها البعض.
2. السفر إلى مكان لم يسبق لهم زيارته.
3. ارتداء ملابس جميلة والدوران حول النفس دورة كاملة.
4. تجربة مناداة الأم والأب بعد أن أصبحا موجودين.
5. النوم مع الأم والأب.
6. تكوين صداقة جديدة (باستثناء لولو!).
7. تربية حلزون.
8. رسم وجهي الأم والأب.
9. تبادل الهدايا مع الأصدقاء.
وما إلى ذلك.
نعم.
في الحقيقة، كانت تلك الأمنيات أمنيات لولو نفسها.
غير أنّ كتابة القائمة تعثّرت قليلًا.
“أمّا أنا فأريد قبل موتي… أن أموت بلا ألم. أن أموت في خمس ثوانٍ. أن…”
“سأكتبها أنا بدلك!”
كادت لولو تكتسب خبرة بعشرين طريقة للموت، لولا أنّها مسحت عرقها البارد قائلة.
‘لا، لا حاجة لهذه أبدًا!’
قرأ الفتى القائمة، ثم هزّ رأسه موافقًا.
“حسنًا. إذا أتممنا هذه البنود، فستحققين لي الأخيرة. الموت، أليس كذلك؟”
“مممم.”
لم تقل “نعم”، بل “مممم”، ومرّرت الخدعة بسلام.
في تلك الأثناء قال الفتى على غير عادته.
“أنا تشيس. وأنتِ؟”
اتّسعت عينا لولو الالماسية دهشةً.
‘إذن هو حقًّا جاد في تحقيق الأمنيات!’
شعرت كأنها تراقب فقاعات صابون تتفجّر بهدوء.
‘هذا الشعور… فخر؟’
نعم، لقد غمرها شعور بالفخر.
ابتسمت ببراءة وقالت.
“أنا لولو! سررتُ بمعرفتك!”
هكذا أنقذت روحًا واحدة، وعادت تغنّي فرحة وهي تدخل الغابة.
لكن…
“أيتها الفتاة! أين كنتِ؟ بسببك عجزنا عن الهرب ووقعنا في ورطة!”
“…اوه.”
جرّها رايان وهو يوبّخها، وفي تلك اللحظة تذكّرت…
أنّ أصدقاءها كانوا قد حذّروها قبل قليل من قدوم فرسان القصر.
***
غابة الظلال.
أجساد صغيرة ترتجف مختبئة خلف الأشجار.
كان الوضع على شفا الانفجار.
غطّت لولو فمها بكفّها لتكتم شهقتها.
‘كلّ هذا بسببي… لقد عرّضتُ أختي للخطر…’
مدخل البرج مطوّق بالفرسان.
ومن بين الأشجار لم يُرَ غير ظهر أختها وظهر فيليكس.
لا مهرب.
عندها صاح فارس مخاطبًا فيليكس.
“دوق فيليكس! في القصر قلتَ إنك لم تجد الأميرة، فما الذي تفعله هنا؟”
“لستُ أنا من وجد الأميرة. بل هي التي تعرّفت إليّ.”
“أتسمّي هذا جوابًا؟!”
زمجر الفارس، فوقف فيليكس حائلًا دون أنجيلا يحميها.
لكنها وضعت يدها على كتفه وتقدّمت.
كانت مهيبة كمن يوشك أن يزهق روحًا، لا كمن أُحكمت عليه الدائرة.
“كنتُ أعلم بقدوم الفرسان… لكن لم أتوقّع أن يكون الفيلق الثالث بالذات. فأنتم أدرى الناس بخفايا قصّتي.”
ارتبك الفرسان تحت وطأة اللوم، حتى قائدهم ديل.
كان أطول من فيليكس قامة، ضخم الجسد كالدب، وجهه يكسوه جرح مائل وعظم فكّ بارز.
غير أنّه بدا وكأنّه ينكمش أمام أنجيلا.
“سموكِ، لا نرغب في أذيّتك. جلالته يعدكِ، إن جئتِ طوعًا إلى القصر، فلن…”
“لا أثق بكلام الخونة.”
“…أميرتي.”
أغمض الرجل الجبل عينيه.
في الحقيقة، كان الفيلق الثالث تابعًا لمنزل كلوريا، عائلة والدتها الماركيزة.
ولهذا وثقت أنجيلا الصغيرة يومًا بديل وعدّته من القلائل في صفّها.
لكن ما إن شكّت الملكة في طموحات الملك المريبة، حتى لاقت حتفها في حادث عربة مدبّر.
ومنذئذٍ انقلب ديل وفيلقه واصبحوا فرسان الملك.
“لا بدّ أنكم تعلمون كيف ماتت سيّدتكم السابقة، أمي.”
وجوههم تلونت بالحرج.
“كان حادث عربة.”
“كان اغتيالًا مقنّعًا.”
“ثبت رسميًا أنه حادث سموكِ.”
كان ديل عازمًا على التظاهر بالجهل.
‘مهما قيل الآن فلن يغيّر شيئًا… لقد شهدوا ثم كتموا الحقيقة واصبحوا فرسان الملك.’
لكنها صاحت.
“ربما غيركم لا يعلم… أمّا أنتم فتعلمون جيّدًا ما يحدث في أعماق القصر!”
“قد أصبحتم كلابًا للملك… لكن إن كنتم أقسمتم يومًا بالولاء لأمي، فلا يحقّ لكم أن تأخذوني إلى القصر!”
ارتجّت الأرض بصوتها الغاضب.
“هذا المكان ليس للملك! فارحلوا أيها الكلاب!”
رفرفت الطيور من بين الأشجار، وارتجّت الأوراق السوداء كالأشباح، فابتلع الفرسان ريقهم.
حتى لولو المختبئة ارتعدت.
‘لم أرَ أختي غاضبة هكذا من قبل…’
مهما فعلت لولو من حماقات، لم تصرخ عليها أختها قط.
وحتى حين وبّختها، كان صوتها مغمورًا بالمحبّة.
‘… لولو، لن تثير المشاكل مره اخرى’
وبينما فكّرت بذلك، شدّت بيدها الصغيرة كفّ رايان بكل قوّة.
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 22"