استمتعوا
في اليوم التالي، وكعادتها بدأت الأخت صباحها بتمارين التمدد وقلي البيض، ثم التفتت إلى لولو توصّيها.
“لولو، اليوم سأذهب إلى السوق، لذا عليكِ ألّا تسببي المتاعب، ابقي هادئة ومطيعة، فهمتِ؟”
“اجل!”
‘لكن لولو اليوم ستُحدث فوضى!’
قالتها بصوت بريء، لكن داخلها كان يضجّ بخطة ماكرة، وابتسمت ابتسامة مريبة.
“تذكّري، اللعب يكون في الطابق الثالث فقط، ويُمنع منعًا باتًا دخول القبو، مسموح أم لا؟”
“لا!”
‘بل اليوم… ستدخل لولو القبو!’
“أحسنتِ، صغيرتي! موآه، موآه!”
الأخت، التي لم تشك للحظة واحدة، أغدقت على لولو بالقبل، فيما لم تفارق تلك الابتسامة الخبيثة وجه التنينة الصغيرة.
وهكذا، بعد توديع أختها، أصلحت لولو جواربها المنزلقة، وركضت بسرعة نحو الدرج المؤدي إلى الأسفل.
كان أسفل الدرج يخفي مخزنًا مظلمًا مطمورًا في عمق القبو—ذاك المكان المحرّم الذي نهتها أختها عنه مرارًا.
‘إن قرأت لي أختي الليلة أيضًا من ذلك الكتاب الممل، فقد أغفو إلى الأبد من شدة الضجر!’
وما إن خطرت لها تلك القصص المكررة حتى سمعت صوت أختها يتردد في ذهنها. “في قديم الزمان، كان هناك…” فارتجف جسدها الصغير دون وعي.
صحيح أن أختها أقفلت القبو بإحكام، لكنها استخدمت تعاويذ بدائية سهلة الفك، وكأنها ظنت أن لولو غير قادرة على كسرها.
‘لقد أعددتُ مسبقًا تعويذة لفك الحماية!’
استخرجت لولو ورقة سحرية رسمتها بتقليد غير متقن لأختها الساحرة البارعة، ثم وضعتها على كل أداة سحرية مثبتة بجانبي الباب.
وبمجرد أن فعلت-
تاب.
صدر عن المقبض المغلق صوت انفتاح خافت.
“هوووه! فعلتها-!”
تمتمت بلهجة تشبه أختها، ثم وقفت على أطراف أصابعها لتتمكن من إنزال مقبض الباب وفتحه.
قلبها يخفق… ذلك هو الباب الذي حرّمت عليها اختها فتحه.
وشعور بالذنب بدأ يتسلل… لكن فضولها كان أقوى.
“…آه!”
اتسعت عينا لولو، وانفتح فمها بدهشة.
أمامها لم يكن مجرد مخزن، بل مكتبة كاملة! مئات الكتب مصطفة بانتظام، تنتظر من يقرأها.
اقتربت، عيناها تلمعان، رفعت رأسها تتحقق من العناوين.
“كتب حكايات؟!”
كل هذا… ليس كتاب ‘الأميرة والتنينة الصغيرة’ الذي كانت تسمعه مرارًا وتكرارًا، بل مئات القصص الأخرى!
صوتها ارتجف من الفرح.
“كلّها كتب مختلفة! ليست الأميرة والتنينة الصغيرة فقط!”
قفزت من مكان إلى آخر تقرأ العناوين، حتى سحبت كتابًا يحمل عنوانًا شبيهًا. ‘الأميرة، الفارس، والتنين’.
“ياااه! سأقرأه قبل أن تعود أختي!”
ربما، لو قرأت هذه القصص المثيرة، ستتمكن من تحمّل رتابة قصة الليل!
فتحت الكتاب بحماس.
“في قديم الزمان، كانت هناك أميرة جميلة. وفي أحد الأيام… اختطفها تنين!”
توقفت يدها الصغيرة التي كانت تتبع السطور.
تنين اختطف الأميرة؟!
لكن… في قصص أختها، كانت الأميرة تعيش مع التنين، لا أكثر!
“الملك وعد الفارس بأن يزوجه الأميرة إن أنقذها. فحمل الفارس سيفه، وتسلق البرج، وهزم التنين… هِقّ!”
لكن عندما قرأت الجملة التالية، انقبضت أصابع لولو بدهشة.
“قام الفارس بهزيمة التنين وأنقذ الأميرة…؟”
هل التنين هو الشرير الشرير؟ ففي الكتاب الذي قرأته لها أختها، كان التنين الصغير طيبًا جدًا، وكان يتلقى المدح!
“…كتاب غريب. أريد أن أقرأ شيئًا آخر.”
قصة تصفها كشريرة مخيفة
سحبته جانبًا، وأخذ كتابًا آخر.
لكن…
“…تنين يختطف الأطفال؟”
ثم آخر.
“…تنين يحرق القرية؟!”
وضعت يدها الصغيرة على فمها بصدمة.
‘أحيانًا، عندما أتجشأ… يخرج اللهب…’
هل يعرفون عني؟!
“هل… هل التنين شرير حقًا؟ لكن لولو تنين…”
شهقة
“إذًا، هل لولو شريرة؟!”
دنغ
كأن جرسًا هائلًا دقّ في رأسها.
تلك كانت اللحظة التي أدركت فيها التنينة الصغيرة التي عاشت عمرها داخل برج منعزل… حقيقتها المرعبة.
***
“إذًا، ما العمل؟ لو كنتُ شريرة… سيلقي الفارس القبض عليّ!”
في عمر الأربع سنوات، اهتزت هوية لولو للمرة الأولى.
نظرت حولها بقلق، ثم بدأت تُعيد الكتب إلى أماكنها.
‘إن لم أرتّب الكتب… سأكون شريرة حقًا!’
“…لكن الأشرار الذين قرأت عنهم لم يكونوا مثلي… أنا صغيرة… أنا مجرد تنينة صغيرة…”
شحب وجهها، ويداها المرتجفتان تُدخلان الكتب بصعوبة.
كانت أختها دائمًا تقول.
“لولو، العالم بالخارج مليء بالأشرار الذين قد يؤذونكِ، لذا لا تخرجي حتى تكبري.”
وكلما نظرت لولو من النافذة، لوّحت أختها بسبّابتها قائلة.
“احذري!”
نعم، الأشرار الحقيقيون ليسوا صغارًا وضعفاء مثل لولو.
هم ضخام، أقوياء، وظهورهم دائمًا يُرافقه صوت انفجار مدوٍّ…
كواآآانغ!
“نعم! هذا هو الصوت! الأشرار يظهرون بهذه الطريقة!”
هزّت رأسها مؤيدة، ثم فجأة… اتسعت عيناها رعبًا.
“لحظة! منزلنا… ينهار؟!”
اهتزّ الأرض تحتها، وسُمِعت أصوات تحطم خلف باب القبو، تلتها دويّات متتالية. كُونغ، كُونغ، كُونغ.
شخص ما… اقتحم المكان.
‘لكن أختي قالت إن الحماية السحرية تمنع أي أحد من الدخول!’
عيناها الياقوتيتان ارتجفتا كأن زلزالًا أصابهما.
ابتلعت ريقها، ثم أخذت قدرًا من الزاوية ووضعته فوق رأسها، وأمسكت بمكنسة بحذر، وتقدّمت نحو الباب.
‘قالت أختي إنني صغيرة… لكنني سأحمي منزلنا!’
إن كان لصًا… فستنفث عليه النار!
هيّأت عينيها لتبدو مخيفة، وشفتاها تفتحتا استعدادًا للهجوم.
وصعدت بخطوات خفيفة…
“من هناك؟”
رنّ صوت عميق جهوري من الجانب.
لولو جفلت…
‘إنه هنا!’
‘لا، لولو لا تخاف!’
فتحت فمها لتصرخ.
“من أنت أيها الشرير…!”
لكنها تجمّدت.
رجل طويل، يرتدي درعًا لامعًا، له شعر أسود وعينان حمراوان مثل اللهب.
وسيم، مخيف، وكأنّه خرج من إحدى القصص.
‘…هااه’
نظرت لأعلى… إلى أعلى أكثر… كان طوله يقترب من مترٍ وتسعين.
ورغم مظهره المهيب، شعرت لولو فورًا أنه ليس شريرًا.
كان في عينيه شيء لطيف… ليست نظرات شرير أبدًا.
“…فارس؟”
خرجت الكلمة منها دون وعي.
رفع الرجل حاجبًا بدهشة، وأزاح خصلات شعره.
“…فارس؟ حسنًا، لنقل إنني كذلك. جئت لإنقاذ الأميرة.”
“هااه؟”
ثم جثى على ركبته، وحدّق في عيني لولو.
“إذًا أيتها الصغيرة… أين هو الشرير الذي اختطفكِ مع الأميرة؟ أقصد… التنين.”
‘…هااااه!’
انطلقت صافرات الإنذار في رأس لولو…
***
في نفس اللحظة، في بلدة شادوم قرب غابة الظلال.
“اشتريتِ كل ما تحبه لولو. ماذا عنكِ أنجيلا؟”
“لولو تأكل القليل، لذا أتناول الباقي. لا بأس بذلك.”
“على الأقل خذي شيئًا! لا أحد يأتي القرية بسبب الوحوش.”
“شكرًا لكِ يا خالة.”
“أي شكر؟ فقط شاركيني رأيكِ في المذاق.”
“همم، سأفكر في مدى المبالغة في المدح.”
ارتسمت ابتسامة على شفتيها، فانفجر الباعة بالضحك.
أنجيلا كانت غريبة عن هذه البلدة، لكنها سرعان ما أصبحت محبوبة.
لكن… لم يعرف أحد من أين جاءت، أو ماذا كانت تعمل.
ما عرفوه فقط.
أنها تعيش وحدها مع أختها الصغيرة قرب الغابة المخيفة،
وأن اسمها أنجيلا—وحتى هذا… لم يكن صادقًا.
“آه، أنجيلا…”
نادتها السيدة ماري من المخبز.
“نعم؟”
“أعرف أنكِ حذرة، لكن الليلة… أغلقي الأبواب جيدًا.”
“هل هناك خطر ما؟”
اتسعت عيناها بدهشة.
‘هل ظهرت وحوش الغابة مجددًا؟’
لكنها كانت تعرف أن تلك الوحوش لا تقرب البرج المحصّن بتعاويذها.
حتى الفرسان لا يجرؤون على دخوله.
“لا، هناك فارس… دخل الغابة بحثًا عن شخص ما.”
‘…فارس؟’
“قال إن الأميرة المخطوفة ربما تكون مع التنين. لم يسمع لأي تحذير.”
“…”
وفي تلك اللحظة…
وييينغ—
صدر صوت ارتجاف من داخل حقيبتها الجلدية القديمة.
نظرت إليها، فرأت الأداة السحرية تُضيء باللون الأحمر.
إشارة…
شخص ما اخترق الحاجز… ودخل إلى البرج.
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 2"